أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 258

جلسة 11 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطيه، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديواني وعبد الحميد محمد الشربينى.

(58)
الطعن رقم 227 لسنة 44 القضائية

(1) محكمة الإحالة. إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الإعادة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
[(1)] نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة بالحالة التى كانت عليها قبل صدور الحكم. عدم امتداد هذه القاعدة إلى وسائل الدفاع.
النعى على محكمة الإحالة عدم استجابتها للطلبات المبداة فى المحاكمة الأولى أو الرد عليها. فى غير محله. ما دام الطاعن لم يتمسك بها أمام محكمة الإحالة.
(2، 3) زنا. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
(2) زنا المرأة جواز إثباته بطرق الإثبات كافة. مثال لتسبيب سائغ.
(3) حق محكمة الموضوع فى تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى. مجادلتها فى ذلك أمام النقض لا تجوز.
1 - متى كان يبين من مراجعة الأوراق أن الطاعنة، وإن كانت قد طلبت فى المحاكمة الأولى إجراء معاينة ودفعت بأن الشاهدة أدلت بأقوالها تحت تأثير إكراه وقع عليها، إلا أنها لم تثر فى دفاعها لدى محكمة الإحالة شيئا يتصل بهذين الأمرين، أو ما يشير إلى تمسكها بدفاعها السابق فى شأنهما، ومن ثم فإنه لا يكون لها أن تتطلب من المحكمة الأخيرة الاستجابة إلى تحقيق دفاع لم يبد أمامها أو الرد عليه، ولا يغير من ذلك أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة بالحالة التى كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، لأن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التى لا مشاحة فى أن ملاك الأمر فيها يرجع أولا وأخيرا إلى المتهم وحده يختار منها – هو أو المدافع عنه ما يناسبه ويتسق مع خطته فى الدفاع ويدع منها ما قد يرى – من بعد – أنه ليس كذلك، ومن هذا القبيل مسلك الطاعنة فى الدعوى فى المحاكمة الأولى ولدى محكمة الإحالة.
2 - من المقرر أن إثبات زنا المرأة يصح بطرق الإثبات كافة وفقا للقواعد العامة. ولما كان يبين من مطالعة الحكم الابتدائى المؤيد لاسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الزنا التى دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها فى حقها أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه وباقى شهود الإثبات، كما عول فى الإدانة أيضا على إقرار الطاعنة والمتهم الآخر وما تضمنه الخطاب الموجه منه إليها، وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى أن وجود المتهم الآخر بغرفة نوم الطاعنة فى منزل الزوجية مرتديا "بنطلون بيجاما وفانله بدون أكمام" ووجود الطاعنة لا يسترها سوى قميص النوم وكون باب الشقة موصدا من الداخل، وسعى الطاعنة والمتهم الآخر إلى استعطاف المجنى عليه بعدم التبليغ يدل على أن جريمة الزنا قد وقعت فعلا منهما وأنه مما يؤيد وقوعها ما سطره المتهم الآخر فى خطابه للطاعنة من عبارات دعاها فيها إلى انتظاره فى موعد لاحق تعويضا عما فاته فى موعد خالفته فإن النعى يكون فى غير محله.
3 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى ولها أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بصحتها. ولما كانت الأدلة التى اعتمد عليها الحكم فى قضائه أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، فان ما تثيره الطاعنة ينحل إلى جدل موضوعى لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخر بأنهما فى يوم 26 من أغسطس سنة 1966 بدائرة قسم الجمرك محافظة الاسكندرية (الأولى) وهى زوجة .......... ارتكبت جريمة الزنا مع المتهم الثانى حال كون ضبط هذا الأخير بمنزل مسلم فى المحل المخصص للحريم وكتابته إقرارا كتابيا بارتكابه الجريمة مع المتهمة مع علمه بقيام الزوجية. وطلبت عقابهما بالمواد 273 و 274 و 275 و 276 من قانون العقوبات. وادعى زوج المتهمة مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الجمرك الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 21 يناير سنة 1968 عملا بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لكل لوقف التنفيذ وإلزامهما بأن يدفعا إلى المدعى بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنفا. ومحكمة غرب الاسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بتاريخ 28 مايو سنة 1968 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع فى الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل وفى الدعوى المدنية بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بشأنها، فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض، وقضى فيه بتاريخ 19 مارس سنة 1972 بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخري. ومحكمة الاسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية أخرى) قضت فى الدعوى حضوريا من جديد بتاريخ 20 يونيه سنة 1973 بقبول الاستئناف شكلا وفى موضوع الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف وحبس كل من المتهمين ثلاثة شهور مع الشغل وفى الدعوى المدنية بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به فى شأنها مع إلزام المتهمين مصاريفها. فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.....الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الزنا قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة لم تجب الطاعنة إلى طلبها الذى أبدته بجلسة 14 من مايو سنة 1968 بمعاينة منزل الزوجية للتحقق من إمكان فتح بابه الخارجى بالطريقة التى رواها المجنى عليه رغم غلق الباب من الداخل بلسان القفل والترباس ووجود مفتاح بداخله ومقعد خلفه مما يكذب تلك الرواية وبفرض صحتها فإن وجود نافذة خالية من القضبان بغرفة النوم وكون المنزل بالطابق الأرضى مما يتيح للمتهم الآخر الهرب منها خلال الفترة التى استغرقها المجنى عليه فى فتح الباب، وقد أغفل الحكم مناقشة هذا الدفاع فلم يورده أو يرد عليه. كما أن الحكم لم يعرض لدفاع الطاعنة الذى أبدته بالجلسة المشار إليها والمؤسس على أن الشاهدة ........ أدلت بأقوالها تحت تأثير الإكراه الذى وقع عليها، واستند فى الإدانة إلى وجود الطاعنة وقت الحادث بقميص النوم وإلى خطاب قيل بأن المتهم الآخر بعت به إليها فى حين أن وجود الزوجية فى منزل الزوجية مرتديه قميص النوم أمر عادى فى فصل الصيف وفى مثل البيئة التى تعيش فيها، أما الخطاب فقد نفت الطاعنة أنه موجه إليها. هذا إلى أن كلا الأمرين لا يفيد أن حصول الوطأ الذى قصر الحكم فى استظهاره، كل ذلك من شأنه أن يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن الطاعنة، وإن كانت قد طلبت فى المحاكمة الأولى إجرء المعاينة ودفعت بأن الشاهدة أدلت بأقوالها تحت تأثير إكراه وقع عليها، إلا أنها لم تثر فى دفاعها لدى محكمة الإحالة شيئا يتصل بهذين الأمرين، أو ما يشير إلى تمسكها بدفاعها السابق فى شأنهما، ومن ثم فانه لا يكون لها أن تتطلب من المحكمة الأخيرة الاستجابة إلى تحقيق دفاع لم يبد أمامها أو الرد عليه، ولا يغير من ذلك أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة التى كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، لأن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التى لا مشاحة فى أن ملاك الأمر فيها يرجع أولا وأخيرا إلى المتهم وحده يختار منها – هو أو المدافع عنه – ما يناسبه ويتسق مع خطته فى الدفاع ويدع منها ما قد يرى – من بعد – أنه ليس كذلك، ومن هذا القبيل مسلك الطاعنة فى الدعوى فى المحاكمة الأولى ولدى محكمة الإحالة. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الزنا التى دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها فى حقها أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه وباقى شهود الإثبات، كما عول فى الإدانة أيضا على إقرار الطاعنة والمتهم الآخر وما تضمنه الخطاب الموجه منه إليها وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى أن وجود المتهم الآخر بغرفة نوم الطاعنة فى منزل الزوجية مرتديا (بنطلون بيجاما وفانله بدون أكمام) ووجود الطاعنة لا يسترها سوى قميص النوم وكون باب الشقة موصدا من الداخل، وسعى الطاعنة والمتهم الآخر إلى استعطاف المجنى عليه بعدم التبليغ، يدل على أن جريمة الزنا قد وقعت فعلا منهما وأنه مما يؤيد وقوعها ما سطره المتهم الآخر فى خطابه للطاعنة من عبارات دعاها فيها إلى انتظاره فى موعد لاحق تعويضا عما فاته فى موعد خالفته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إثبات زنا المرأة يصح بطرق الإثبات كافة وفقا للقواعد العامة، وكان من المقرر أيضا أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى ولها أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بصحتها وكانت الأدلة التى اعتمد عليها الحكم فى قضائه أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، فان باقي ما تثيره الطاعنة في طعنها ينحل إلى جدل موضوعى لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض ويضحى الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


[(1)] هذا المبدأ مقرر أيضا فى الطعن رقم 132 لسنة 44 ق الصادر بجلسة 4/ 3/ 1974 "لم ينشر".