أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 670

جلسة 17 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكى كامل والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(181)
الطعن رقم 471 سنة 27 القضائية

إثبات. اعتراف. تقدير الدليل المستمد من اعتراف المتهم فى التحقيق الادارى. موضوعى.
تقدير الدليل المستمد من اعتراف المتهم فى التحقيق الادارى هو من المسائل الموضوعية التى يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بدد المبالغ الموضحة القدر بالمحضر والمملوكة لشركة سكة حديد وجه بحرى وكانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضرارا بالشركة، وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى بحق مدنى محمد الجوهرى بصفته مدير شركة سكة حديد وجه بحرى، وطلب الحكم له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة ومحكمة دكرنس الجزئية قضت حضوريا تطبيقا لمادة الاتهام والمادتين 55 و56 من قانون العقوبات المعدلتين. أولا – بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائيا. وثانيا – بإلزام المتهم بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية بصفته قرشا صاغا على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليه، ومحكمة المنصورة الابتدائية نظرت هذا الاستئناف وقضت حضوريا فى 12 يونيه سنة 1956 بقبوله شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمته بالمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه فى الحكم الأخير بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى وجهة الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة التبديد قد أخل بحقه فى الدفاع وشابه القصور فى البيان، ذلك أن الدفاع عن الطاعن دفع بجلسة المحاكمة بأن الاستمارتين المقول بتبديد قيمتها، قد صرفتا فعلا إلى موظف مصلحة التليفونات الذى صدرت الاستمارتان باسمه، وقيد ثمنهما بدفاتر الشركة خصما على حساب مصلحة التليفونات مما ينفى عن الطاعن جريمة التبديد وطلب ندب خبير لفحص هذه الدفاتر، فلم تجبه المحكمة إلى طلبه وردت عليه ردا قاصرا. هذا فضلا عن استناد الحكم إلى التحقيق الإدارى الذى أجراه مأمور الشركة رغم قيام خصومة بينه وبين الطاعن على النحو الذى أشار إليه فى التحقيق مما كان يقتضى من المحكمة ردا على هذا الدفاع.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين الواقعة فقال: " إن المتهم يعمل ناظرا لمحطة منية النصر التابعة للشركة وقد أرسل لإدارة الشركة بالمنصورة عملية اليومية عن يوم 31/ 8/ 1954 وقد وصلت للإدارة يوم 1/ 9/ 1954، وبالاطلاع على هذه الأوراق من مراجع الحسابات فى الشركة تبين أن المتهم أثبت بحافظة إيراد محطة منية النصر عن يوم 31/ 8/ 1954 بخانة النقدية 50 مليما وبخانة الاستمارات 770 مليما ومجموع ذلك الإيراد 820 مليما والحقيقة أنه تحصل على 490 مليما نقدا، وليس 50 مليما وأنه اختلس مبلغ 440 مليما، وأراد تغطية هذا الاختلاس، بأن أرسل ضمن أوراق عملية اليوم المذكور استمارتين الأولى رقم 246 بتاريخ 5/ 5/ 1954 بعدد ستة ركاب من المنصورة إلى دكرنس أثبت بها المتهم مبلغ 240 مليما قاصدا بذلك قيمة الاستمارة الثانية برقم 250 فى 6/ 5/ 1954 بعدد عشرة ركاب من الطاهرى إلى دكرنس، أثبت عليها المتهم بخطه 200 مليم قيمة هذه الاستمارة وثبت للشركة عدم صحة هاتين الاستمارتين لأن محطتى القيام والوصول ليستا محطة المتهم ولأن تاريخ الاستمارتين قديم لا يجيز استعمالهما فى يوم 31/ 8/ 1954، إذ الأولى فى 5/ 5/ 1954 والثانية فى 6/ 5/ 1954 وقد مضت عليهما المدة القانونية لاستعمالهما وأنها أخذت أقوال المتهم فى محضر تحقيق إدارى وقدمته للمحقق، واعترف فيه المتهم باستلامه هذا المبلغ وتقديمه الاستمارتين بدلا من المبلغ المذكور وأنه مستعد لرده". ثم أورد الحكم الأدلة القائمة قبل الطاعن وهى شهادة مأمور الشركة، وناظر محطة الطاهرى، وناظر محطة المنصورة واعترافه فى التحقيق الإدارى، ثم عرض لما أثاره الطاعن من دفاع موضوعى، ورد عليه بما يفنده، كما عرضت المحكمة الاستئنافية للرد على طلب ندب خبير الذى أثير أمامها فقالت " إن المحكمة لا تلتفت لما ذهب إليه الدفاع من ضرورة تعيين خبير للانتقال لمصلحة السكة الحديد للتحقق مما إذا كانت الاستمارات التى نسب للمتهم أنه اختلس قيمتها قد استعملت أم لا، لأن الجريمة المسندة إليه قد تمت بجميع أركانها بمجرد إرسال المتهم الاستمارتين من المحطة التى كان معينا فيها وهى محطة منية النصر، ضمن إيراد يوم 31/ 8/ 1954.... مع أن كلتا الاستمارتين لا تبيح لمن صرفت له على فرض استعمالها القيام أو الوصول من المحطة التى كان يعمل بها وهى محطة منية النصر، وبعد أن ثبت أنه لم يكن يعمل فى أى من المحطتين محطة القيام أو الوصول الواردتين بالاستمارتين مما يقطع فى أنه أراد من إرسالهما أن يغطى اختلاس قيمتهما، كما يقطع بذلك أيضا أنه أرسلهما بعد أن انقضت مدة صلاحيتهما للاستعمال". وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغا، ويكفى للرد على طلب الدفاع باعتباره غير منتج فى الدعوى – لما كان ما تقدم وكانت الأدلة التى أوردها الحكم، واستند إليها فى القضاء بالإدانة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها وكان تقدير الدليل المستمد من اعتراف الطاعن فى التحقيق الادارى هو من المسائل الموضوعية التى يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها، فإن ما يثيره الطاعن فى وجهى الطعن لا يكون له محل متعينا رفضه موضوعا.