أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 676

جلسة 19 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكى كامل المستشارين.

(183)
الطعن رقم 394 سنة 27 القضائية

(أ) دعوى مدنية. استئناف. رفع الدعوى المدنية أمام القاضى الجنائى. خضوعها فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها لأحكام قانون الإجراءات.
(ب) استئناف. دعوى مدنية. معنى الخطأ فى تطبيق القانون أو فى تأويله المنصوص عليه فى م 402 أ. ج. الاستئناف من المدعى المدنى تأسيسا على بطلان الحكم أو الاجراءات فى حكم غير جائز استئنافه لقلة النصاب. غير جائز. المواد 402، 403، 420 أ. ج.
1 – تخضع الدعوى المدنية أمام القاضى الجنائى للقواعد الواردة فى مجموعة الاجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها مادام يوجد فى تلك المجموعة نصوص خاصة، ومن ثم فلا محل لاستناد المدعى بالحق المدنى إلى ما هو مقرر فى المادة 396 من قانون المرافعات بشأن الاستئناف.
2 – بينت المادة 402 من قانون الاجراءات الجنائية الحالات التى يجوز فيها للمتهم والنيابة العامة رفع الاستئناف، ثم نصت على أنه فيما عدا هذه الأحوال لا يجوز الاستئناف من المتهم أو النيابة إلا بسبب خطأ فى تطبيق القانون أو فى تأويله، وقد فسرت محكمة النقض الخطأ فى القانون الوارد فى المادة 402 إجراءات بمعناه الواسع بحيث يشمل أيضا وقوع بطلان فى الاجراءات أو الحكم ويبين من نص المادة سالفة الذكر والمادتين 403، 420 أن قانون الاجراءات الجنائية عرض لحالة البطلان الذى يلحق الاجراءات أو يلحق الحكم، وخص المتهم والنيابة العامة وحدهما باستئناف الأحكام لتى تصدر مشوبة بالبطلان دون المدعى بالحق المدنى، ومن ثم فإذا كان الاستئناف قد رفع من المدعى بالحق المدنى عن تعويض يقل عن النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى، فإن استئنافه يكون غير جائز قانونا ولا يغير من ذلك ما طرأ أثناء نظر الاستئناف ولم يكن فى حسبان المدعى بالحق المدنى وقت رفعه الاستئناف من عدم إيداع الحكم الابتدائى أو التوقيع عليه فى الميعاد القانونى مما يلحق به البطلان إذ يشترط لجواز الدفع ببطلان الحكم أن يكون لمبديه حق استئناف الحكم ابتداء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: فى خلال خمسة شهور سابقة على يوم 9 من أكتوبر سنة 1954: سرق التيار الكهربائى المبين بالمحضر لإدارة الغاز والكهرباء وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. وادعت بحق مدنى إدارة الغاز والكهرباء وطلبت الحكم لها قبل المتهم بمبلغ 48 جنيها و781 مليما على سبيل التعويض مع مصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة الخليفة الجزئية قضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وإلزام المدعية بالمصروفات وذلك تطبيقا للمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية فاستأنفت النيابة هذا الحكم طالبة إلغاءه ومعاقبة المتهم بمادة الاتهام، كما استأنفه وكيل المدعية وطلب الحكم له بما طلبه من تعويض، وأمام محكمة مصر الابتدائية دفع الحاضر عن الحكومة " المدعية" ببطلان الحكم المستأنف لعدم التوقيع عليه فى مدى ثلاثين يوما من النطق به، فقضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وبإجماع الآراء ببطلان الحكم المستأنف وتحديد إحدى الجلسات لنظر الموضوع وقد نظرت محكمة مصر الابتدائية – موضوع الدعوى وقضت حضوريا وعلنا وبإجماع الآراء بالغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وبإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية 48 جنيها و781 مليما والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. طعن الطاعن فى الحكم الأخير بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن محصل الوجهين الأولين من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه الفساد فى الاستدلال إذ كذب شهادة شهود النفى الذين صادقوا الطاعن على أنهم يستعملون عدادات خاصة بهم، بمقولة إنه لا يوجد بالأوراق ما يدل على ذلك مع أن الطاعن قدم ما يدل على وجود عدادات لديهم بمنازلهم، كما شابه قصور فى أسبابه، إذ أغفل الرد على الدلائل التى ساقها الطاعن على براءته ومن هذه الأدلة مقدار استهلاكه التيار الكهربائى حسبما أثبته العداد الخاص به، والخلاف بين المهندس والكونستابل فى شأن وصف حالة صندوق (العهدات) مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم بعد أن أورد واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها فى حق الطاعن انتهى إلى قوله " وحيث إن الثابت من أقول كل من عبد الرازق مدبولى وعنتر السيد حمودة المقيمان بالمنزل رقم 4 بدرب أبو كيلة – آنف الذكر أن المتهم (الطاعن) يمدهما بالتيار الكهربائى مقابل 60 قرشا للأول عن استهلاك ست لمبات وراديو وبنفس القيمة للثانى عن خمس لمبات وراديو فى كل شهر. وحيث إن أقوال السيد المهندس إلياس نصيف المثبتة بمحضر جلسة 13/ 12/ 1956 أمام هذه الدائرة قاطعة فى أن المتهم يوصل التيار الكهربائى لمسكنى كل من عبد الرازق مدبولى السيد وعنتر السيد حموده عن طريق فردة واحدة للأرض خارجية، وليست من العداد، وهى ملفوفة حول ماسورة المياه بالمنزل آنف الذكر، والتى تتم الدائرة مع فردة الحرارة الخارجية من كوبس المتهم (الطاعن) وبذلك لا يسجل العداد هذا الاستهلاك، كما قطعت بذلك التجربة التى أجراها هذا الموظف الفنى المختص حين ضبط الواقعة وفى هذا ما يلغى كل ظل من الشك على قوة هذا الدليل الذى تطمئن إليه المحكمة وما تثبت معه التهمة قبل المتهم طبقا للمادة 318 من قانون العقوبات إذ أن اختلاس المتهم للتيار الكهربائى وبيعه للآخرين مقابل ثمن يختلسه لنفسه بإضافته إلى ماله اضرارا بالمدعية بالحق المدنى ما يتوافر به جريمة السرقة" ولما كان ما قاله الحكم يكفى فى توفر العناصر القانونية لجريمة السرقة التى دان بها الطاعن وكان لا يجدى هذا الأخير ما يدعيه من تقديمه الدليل على أنه استشهد شهودا لا يستمدون الكهرباء من محله أو أن مقدار استهلاكه زاد من 40 إلى 50 كيلو وات لأن ذلك غير مؤثر فى أصل الواقعة وهى سرقة الكهرباء بمد أسلاك لا تمر بالعداد بعد استبعاد سلك الأرض مما أثبته الحكم واستند فيه إلى المعاينة الفنية، وأقوال عبد الرازق مدبولى وعنتر السيد حمودة، من أنهما يستمدان كهرباء مسكنيهما من عداد الطاعن لقاء أجر شهرى – لما كان ذلك كله، فإن ما جاء بوجهى الطعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، ويكون هذا الجزء من الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن مبنى الوجه الباقى من الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون، وذلك بأنه كان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضى بعدم جواز الاستئناف بالنسبة إلى الدعوى المدنية لقلة النصاب، ولا يؤثر فى ذلك ما لحق الحكم الابتدائى الذى قضى برفض الدعوى المدنية من بطلان، فهو لا يكسب المدعية بالحق المدنى حقا فى رفع الاستئناف.
وحيث إن المدعية بالحق المدنى أقامت استئنافا عن الحكم الابتدائى الصادر ببراءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية قبله وأثناء نظر الاستئناف المرفوع منها وبعد أن انقضت فترة طويلة على رفعه تبينت خلالها أن الحكم الابتدائى لم يودع ولم يتم التوقيع عليه فى بحر ثلاثين يوما من صدوره، دفعت ببطلان الحكم لهذا السبب فقضت المحكمة ببطلانه ونظرت الدعوى ثم أصدرت الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه وفقا للمدة 266 من قانون الاجراءات الجنائية يتبع فى الفصل فى الدعاوى المدنية التى ترفع أمام المحاكم الجنائية الاجراءات المقررة بالقانون المذكور، فتخضع الدعوى المدنية أمام القاضى الجنائى للقواعد الواردة فى مجموعة الاجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها مادام يوجد فى تلك المجموعة نصوص خاصة بذلك، ولما كانت المادة 402 من قانون الاجراءات الجنائية قد بينت الحالات التى يجوز فيها للمتهم والنيابة العامة رفع الاستئناف، ثم نصت على أنه فيما عدا هذه الأحوال لا يجوز الاستئناف من المتهم أو النيابة إلا بسبب خطأ فى تطبيق القانون أو فى تأويله، وقد فسرت هذه المحكمة الخطأ فى القانون الوارد فى المادة 402 اجراءات بمعناها الواسع، بحيث يشمل أيضا وقوع بطلان فى الاجراءات أو الحكم ثم جاء نص المادة 403 من قانون الاجراءات الجنائية غير مجيز للمدعى بالحق المدنى أن يستأنف الحكم الصادر فى الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية، إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تزيد على النصاب الذى يحكم فيه القاضى الجزئى نهائيا – لما كان ذلك وكان يبين من نص المادتين سالفتى الذكر ونص المادة 420 أن قانون الاجراءات الجنائية عرض لحالة البطلان الذى قد يلحق الاجراءات أو يلحق بالحكم، وخص المتهم والنيابة العامة وحدهما باستئناف الأحكام التى تصدر مشوبة بالبطلان دون المدعى بالحق المدنى، فإن لا محل بعد ذلك للاستناد إلى ما هو مقرر فى المادة 396 من قانون المرافعات – لما كان كل ما تقدم وكان الثابت أن الاستئناف رفع من المدعى بالحق المدنى عن تعويض يقل عن النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى فيكون استئنافيهما إذن غير جائز قانونا، ولا يغير من ذلك ما طرأ أثناء نظر الاستئناف، ولم يكن فى حسبان المدعية بالحق المدنى وقت رفعها الاستئناف من عدم إيداع الحكم الابتدائى والتوقيع عليه فى الميعاد القانونى مما يلحق به البطلان، إذ يشترط لجواز الدفع ببطلان الحكم أن يكون لمبديه حق استئناف الحكم ابتداءا – وهو ما امتنع على المدعية بالحق المدنى قانونا – ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه سديدا، ويتعين نقض الحكم بالنسبة له والقضاء بعدم جواز استئناف المدعية بالحقوق المدنية.