أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 685

جلسة 19 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل، مصطفى كامل، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(185)
القضية رقم 450 سنة 27 القضائية

إتلاف. إتلاف المنقولات. القصد الجنائى فى الجريمة المنصوص عليها فى م 361 ع.
لا تستلزم المادة 361 من قانون العقوبات قصدا جنائيا خاصا، إذ أن القصد الجنائى فى جرائم التخريب والاتلاف العمدية يتطابق فيما اعتبره القانون من الجنايات كالمادة 366 عقوبات، وما اعتبره فى عداد الجنح كالمادة 361 عقوبات، وهو ينحصر فى تعمد ارتكاب الفعل الجنائى المنهى عنه بأركانه التى حددها القانون، ويتخلص فى اتجاه إرادة الجانى إلى إحداث الاتلاف أو غيره من الأفعال التى عددتها النصوص مع علمه بأنه يحدثه بغير حق، وواقع الأمر أن عبارة " قصد الاساءة" التى تضمنها نص المادة 361 عقوبات لم تأت بجديد يمكن أن يضاف إلى القصد الجنائى العام فى جرائم الاتلاف العمدية المبينة فى القانون، لأن تطلب نية الاضرار حيث لا يتصور تخلف الضرر هو تحصيل لحاصل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 – على على مصطفى (الطاعن الأول) و2 – يوسف يوسف الباز و3 – على على البنا و4 – سعيد عبده منصور (الطاعن الثانى) و5 – عبده منصور مصطفى و6 – محمود يوسف الباز و7 – السيد راغب الجناينى (الطاعن الثالث) بأنهم: اشتركوا فى تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام فى خطر حالة كونهم يحملون عصيا، وكان الغرض منه ارتكاب جريمة إتلاف ونهب بضائع الغير والاعتداء على الآخرين مع علمهم بالغرض من التجمهر، وقد وقعت الجريمتان الآتيتان تنفيذا لهذا الغرض وثانيا: نهبوا وأتلفوا حانوتى محمود يس منصور ويس منصور محمد وما بهما من البضائع المملوكة لهما والمبينة الوصف والقيمة بالمحضر، وكان ذلك بالقوة الإجبارية. وثالثا: أحدثوا عمدا بمحمود يس منصور الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى لا تحتاج لعلاج. وطلب من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 2 و3 من القانون رقم 10 لسنة 1914 و366 و242/ 1 من قانون العقوبات، فقررت ذلك. وادعى بحق مدنى 1 – يس منصور و2 – محمود منصور، وطلبا الحكم لهما قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا أولا: بمعاقبة على على مصطفى وسعيد عبده منصور والسيد راغب الجناينى بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وبمعاقبة عبده منصور مصطفى بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد، وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعيين بالحقوق المدنية قرشا صاغا واحدا على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك تطبيقا للمواد 2 و3 من القانون رقم 10 لسنة 1914 و361/ 2 و242/ 2 من قانون العقوبات وثانيا: ببراءة المتهمين يوسف يوسف الباز وعلى على البنا ومحمود يوسف الباز ورفض الدعوى المدنية قبلهم عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية فطعن فى هذا الحكم بطريق النقض 1 – على على مصطفى و2 ـ سعيد عبده منصور و3 – السيد راغب الجناينى.... الخ.


المحكمة

.... من حيث إن الطاعن الثالث وإن قرر بالطعن فى الحكم فى الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثانى حاز الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه بنى على إجراء باطل، وأخطأ فى تطبيق القانون، إذ قضى برفض الدفع المقدم من الطاعنين ببطلان أمر الإحالة لصدوره من قاضى التحقيق بعد العمل بالمرسوم بقانون رقم 353 لسنة 1952 الذى ألغى العمل بنظام قاضى التحقيق ولأنه لم يثبت أن القاضى الذى أصدر أمر الإحالة قد ندب للتصرف فى التحقيق طبقا للمرسوم بقانون المعمول به وقتئذ. قضى الحكم برفض هذا الدفع بأسباب خاطئة. هذا إلى أن المحكمة قد أخلت بدفاع الطاعن بأن عدلت عند الحكم وصف التهمة من جناية منطبقة على المادة 366 من قانون العقوبات إلى جنحة إتلاف منطبقة على المادة 361 عقوبات دون أن تنبه المتهمين إلى هذا التعديل لتجرى المرافعة على أساسه وخاصة وأن الجريمة التى دين المتهمون على أساسها تستلزم قصدا جنائيا خاصا هو قصد الاساءة وأخيرا فقد دان الحكم المتهمين على أساس أن التجمهر كان مدبرا لغرض معين، مطرحا ما أبداه الدفاع من أنه وقع عرضا فى يوم عيد ووقت الظهيرة حيث تكثر الاجتماعات وهذا الذى ذهب إليه الحكم ليس له سند من الأوراق ولم يشهد به أحد وقد قصر الحكم فى التدليل عليه مما يعيبه بما يبطله.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن قاضى التحقيق باشر تحقيق القضية قبل إلغاء العمل بهذا النظام، ثم أصدر أمر الإحالة بعد إلغائه – لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يقطعا فى أسباب طعنهما بأن انتدابا ما لم يصدر للقاضى الذى تصرف فى التحقيق، بل ذكرا أنه لم يثبت صدور مثل هذا الندب ولما كان المرسوم بقانون رقم 353 لسنة 1952 وإن جعل التحقيق من اختصاص النيابة كقاعدة عامة، فقد خوله لقاضى التحقيق فى حالات معينة وكان الوقوف على حقيقة الأمر فيما يتعلق بالندب يحتاج إلى تحقيق لا تلزم محكمة النقض بإجرائه – ولما كان البحث فى بطلان أمر الاحالة لما أورده الطاعن من أسباب إنما يكون عند تخلف الندب، وهو ما لم يثبت – لما كان ما تقدم، وكانت الواقعة المادية التى اتخذتها المحكمة أساسا للوصف الجديد لم تتغير عما كانت عليه فى أمر الاحالة، وهى بعينها التى دارت عليها المرافعة بالجلسة، ولما كانت المادة 361 من قانون العقوبات لا تستلزم قصدا جنائيا خاصا، إذ أن القصد الجنائى فى جرائم التخريب والاتلاف العمدية يتطابق فيما اعتبره القانون من الجنايات كالمادة 366 عقوبات، وما اعتبره فى عداد الجنح كالمادة 361 عقوبات، وهو ينحصر فى تعمد ارتكاب الفعل الجنائى المنهى عنه بأركانه التى حددها القانون ويتلخص فى اتجاه إرادة الجانى إلى إحداث الاتلاف أو غيره من الأفعال التى عددتها النصوص مع علمه بأنه يحدثه بغير حق – وواقع الأمر أن عبارة " قصد الاساءة" التى تضمنتها نص المادة 361 عقوبات لم تأت بجديد يمكن أن يضاف إلى القصد الجنائى العام فى جرائم الإتلاف العمدية المبين فيما سبق، لأن تطلب نية الإضرار حيث لا يتصور تخلف الضرر وهو تحصيل لحاصل – لما كان ذلك، وكان واجب الدفاع يقتضيه أن يتناول كل ما يمكن أن توصف به الواقعة فى القانون وكانت المحكمة لم تضف إلى الواقعة المادية شيئا وقد آخذت المتهمين بالجريمة الأخف فإن دعوى الإخلال بالدفاع تكون على غير أساس – لما كان كل ذلك، وكان للمحكمة أن تبين الوقائع على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى وصفه الصحيح استنادا إلى الأدلة المطروحة عليها مستعينة فى ذلك بحكم العقل والمنطق وكان ما انتهت إليه المحكمة فى تصويرها للحادث الذى رأت أنه وقع نتيجة تدبير إنما هو تصوير سائغ فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.