أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 286

جلسة 17 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(63)
الطعن رقم 304 لسنة 44 القضائية

1 - مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". شهود. "محكمة الموضوع". سلطتها فى تقدير الدليل.
لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. مرجعه لمحكمة الموضوع. أخذها بأقوال الشهود مفاده أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها. لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل من يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقي.
2 - تلبس. قبض. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". مأمورو الضبط القضائى. "اختصاصهم". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ما لا يعيبه فى نطاق التدليل.
استدلال الحكم استدلالا سائغا على توافر حالة التلبس بالجريمة التى دان الطاعن بها أثره: صحة القبض على كل من ساهم فى إرتكابها وتفتيشه. استطراد الحكم بعد ذلك إلى القول بأن الضابط الذى أجرى القبض والتفتيش كان فى ظروف لا تمكنه من استصدار إذن من النيابة بالتفتيش لا أثر له. مثال فى جريمة إحراز مخدر.
3 - حكم. "تسبيبه "تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل فى القوة التدليلية لأقوال الشاهد. دفاع موضوعى. لا تلتزم المحكمة أساسا بالرد عليه.
4 - نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون".
إحراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى عقوبته السجن والغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة المواد 37و 38و 42 من القانون 182 لسنة 1960 – مجانبة الحكم المطعون فيه ذلك والقضاء بالأشغال الشاقة بدلا من السجن. خطأ فى تطبيق القانون.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلي محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها. ولها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الحقيقية التى تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهى ليست مطالبة فى هذا الصدد بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها ان تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقي.
2 - لما كان مفاد ما أثبته الحكم بيانا لواقعة الدعوى وإيرادا لمؤدى ما شهد به الضابط الذى باشر إجراءاتها أنه قام بما قام به التزاما بواجبه فى اتخاذ ما يلزم من الاحتياط للكشف عن جريمة اتجار فى المخدر وضبط المتهمين فيها وهو ما يدخل فى صميم اختصاصه بوصفه من مأمورى الضبط القضائي، وإذ نمى إلى علمه من أحد المرشدين أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة وأنه اتفق مع المرشد على لقائه فى وقت ومكان عينهما انتقل مع المرشد متظاهرا بأنه قائد السيارة الأجرة ولما حضر الطاعن وركب مع المرشد فى سيارته وأخرج له طربتين من الحشيش واطمأن إلي وجود النقود المتفق عليها أشار إلى المتهم الثانى كى يحضر باقى المخدر وعندئذ ألقى الضابط القبض عليه – فإن ما فعله يكون إجراء مشروعا يصح أخذ الطاعن بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله، وإذ كان الحكم قد استدل من ذلك على قيام حالة التلبس بالجريمة التى تجيز القبض على كل من ساهم فى ارتكابها، وتبيح تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة فان ما أورده الحكم تدليلا على توافر حالة التلبس وردا على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان التفتيش يكون كافيا وسائغا فى الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد استطرد إلى القول بأن ظروف الواقعة لا تمكن الضابط من استصدار إذن من النيابة بالضبط لأن ذلك لا يعدو أن يكون تزايدا لا تأثير له على سلامة الحكم ولا يغير مما أثبته من أن الضبط قد تم والجريمة متلبس بها.
3 - منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الضابط لا يعدو أن تكون دفاعا موضوعيا مما لا تلتزم المحكمة أساسا بالرد عليه.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن إحراز المحكوم عليه الثانى المخدر لم يكن للاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى وأعمل فى حقه حكم المواد 37، 38، 42 من القانون 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات والتى تعاقب على تلك الجريمة بالسجن وبغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة فإن الحكم إذ قضى بمعاقبة المطعون ضده بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات بدلا من عقوبة السجن يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه وفقا للقانون بالنسبة للعقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه بجعلها السجن ثلاث سنوات.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة (الطاعن) والمحكوم ضده الثانى بأنهما فى يوم 8 فبراير سنة 1969 بدائرة مركز قسم مصر القديمة محافظة القاهرة المتهم الأول – أحرز جوهرا مخدرا (حشيشا) وكان ذلك بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا – المتهم الثانى – أحرز جوهرا مخدرا (حشيشا) وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و 2 و34/ 1 و 37 و 38 و 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول/ 1 الملحق به، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا بتاريخ 14 ديسمبر سنة 1972 عملا بمواد الإتهام. (أولا) بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه. (ثانيا) بمعاقبة المحكوم ضده الثانى بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه. (ثالثا) بمصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض. بالنسبة إلى المحكوم عليه الثانى... الخ.


المحكمة

أولا – عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول:
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الإتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانونا قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال كما انطوى على خطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه رفض ما دفع به من بطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصولها بغير إذن من النيابة العامة بمقولة أن الجريمة كانت متلبسا بها وأن ظروف الواقعة ما كانت تيسر للضابط استصدار إذن بالضبط مع أن الحكم لم يدلل على توافر قيام حالة التلبس والمستفاد من أقوال الضابط أنه كان فى وسعه الحصول على إذن من النيابة بالضبط والتفتيش. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه وقد جعل من صعوبة استصدار أمر التفتيش مبررا للقبض يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون إذ أنه بذلك يبيح لرجل الضبط القضائى التحلل مما فرضه القانون من قيود هدف منها إلى الحفاظ على حرمة المساكن وحريات المواطنين هذا فضلا عن تخاذل الحكم وقصوره فى الرد على الدفع ببطلان القبض وما أثاره الدفاع حول تناقض أقوال ضابط الواقعة مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلي محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها. ولها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الحقيقية التى تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهى ليست مطالبة فى هذا الصدد بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقي. لما كان ذلك، وكان مفاد ما أثبته الحكم بيانا لواقعة الدعوى وإيرادا لمؤدى ما شهد به الضابط الذى باشر إجراءاتها أنه قام بما قام به التزاما بواجبه فى اتخاذ ما يلزم من الاحتياط للكشف عن جريمة اتجار فى المخدر وضبط المتهمين فيها وهو ما يدخل فى صميم اختصاصه بوصفه من مأمورى الضبط القضائي، وإذ نمى إلى علمه من أحد المرشدين أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة وأنه اتفق مع المرشد على لقائه فى وقت ومكان عينهما انتقل مع المرشد متظاهرا بأنه قائد السيارة الأجرة ولما حضر الطاعن وركب مع المرشد فى سيارته وأخرج له طربتين من الحشيش واطمأن إلى وجود النقود المتفق عليها أشار إلى المتهم الثانى كى يحضر باقى المخدر وعندئذ ألقى الضابط القبض عليه – فان ما فعله يكون إجراء مشروعا يصح أخذ الطاعن بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله. وإذ كان الحكم قد استدل من ذلك على قيام حالة التلبس بالجريمة التى تجيز القبض على كل من ساهم فى ارتكابها، وتبيح تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة، فان ما أورده الحكم تدليلا على توافر حالة التلبس وردا على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان التفتيش يكون كافيا وسائغا فى الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد استطرد إلى القول بأن ظروف الواقعة لا تمكن الضابط من استصدار إذن من النيابة بالضبط لأن ذلك لا يعدو أن يكون تزيدا لا تأثير له على سلامة الحكم ولا يغير مما أثبته من أن الضبط قد تم والجريمة متلبس بها. لما كان ذلك، وكانت منازعة الطاعن فى القوة التدليلية لأقوال الضابط لا تعدو أن تكون دفاعا موضوعيا مما لا تلتزم المحكمة أساسا بالرد عليه ،فان الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ثانيا – عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون. وحيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة الخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن الحكم المطعون فيه إذ دان المحكوم عليه الثانى بجريمة إحراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى قد قضى عليه بالاشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات فى حين أن العقوبة المقيدة للحرية المقررة لتلك الجريمة هى السجن طبقا للمادتين 37 و 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد انتهى إلى أن إحراز المحكوم عليه الثانى للمخدر لم يكن للاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى وأعمل فى حقه حكم المواد 37 و 38 و 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات والتى تعاقب على تلك الجريمة بالسجن وبغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. لما كان ذلك، فان الحكم إذ قضى بمعاقبة المطعون ضده بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات بدلا من عقوبة السجن يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه وفقا للقانون بالنسبة للعقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه بجعلها السجن ثلاث سنوات.