أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 565

جلسة 24 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، وأديب نصر، وحسين صفوت السركي.

(109)
الطعن رقم 711 لسنة 33 القضائية

تأميم. شخصية اعتبارية. أهلية التقاضي. دفوع. دعوى. دعوى مدنية. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون".
لم يشأ المشرع انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى القانون 117 لسنة 1961. اتجاهه إلى الإبقاء على شكله القانوني واستمرار ممارسته لنشاطه مع إخضاعه لإشراف الجهة الإدارية التي يرى الحاقة بها. هذا الإشراف لا يعنى زوال شخصية المشروع المؤمم - بقاء شخصيته الاعتبارية التي كانت له قبل التأميم. أيلولة أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المؤممة إلى الدولة، لا يمس شكلها القانوني.
تأميم الشركة - مالكة السيارة موضوع الجريمة محل التعويض - بمقتضى القانون المذكور. إلحاقها بالمؤسسة المصرية العامة للنقل الداخلي التي من بين أغراضها الإشراف على الشركات الملحقة بها إشرافاً لا يفقدها شخصيتها الاعتبارية أو أهليتها في التقاضي. قضاء الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل هذه المؤسسة لرفعها على غير ذي صفة - خطأ في تطبيق القانون. وجوب نقضه وتصحيحه بالقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها.
مؤدى نصوص القانون رقم 117 لسنة 1961 - بتأميم بعض الشركات والمنشآت - ومذكرته الإيضاحية أن الشارع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون بل رأى الإبقاء على شكله القانوني واستمرار ممارسته لنشاطه مع إخضاعه لإشراف الجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها، وهذا الإشراف لا يعنى زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له الشخصية الاعتبارية التي كانت له قبل التأميم، كما أن أيلولة أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المؤممة إلى الدولة - مع تحديد مسئوليتها عن التزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم - لا يمس الشكل القانوني الذي كان لها. ولما كانت الشركة - مالكة السيارة موضوع الجريمة محل التعويض - من بين الشركات المؤممة بمقتضى القانون المذكور، وقد ألحقت بمؤسسة النقل والمواصلات ثم بالمؤسسة المصرية العامة للنقل الداخلي، وكان من بين أغراض المؤسسة الأخيرة الإشراف على الشركات الملحقة بها التي تتكون منها أموالها ذلك الإشراف المخول للمؤسسات العامة على الشركات التي ألحقت بها بمقتضى القانون سالف الذكر، وهو ما لا يفقد هذه الشركات شخصيتها الاعتبارية أو أهليتها في التقاضي. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المؤسسة المصرية العامة للنقل الداخلي لرفعها على غير ذي صفة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يتعين معه نقضه وتصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المؤسسة المذكورة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة محمد إسماعيل أحمد مهنا بأنه في يوم 10/ 8/ 1960 بدائرة مركز بنها " تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل زينب حسن السيد وفى إصابة "خليل محمد خليل" وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأنه قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر وأراد أن يتقدم سيارة كانت تتقدمه دون أن يتأكد من خلو الطريق فصدم المجني عليهما فأصيبا بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياة الأولى" وطلبت معاقبته بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات. وقد أدعى مدنياً المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على ولديه القاصرين محمد وعبد الله قبل المتهم ومؤسسة النقل البرى بمبلغ 1500 جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة بنها الجزئية دفع الحاضر عن المسئول بالحقوق المدنية بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذي صفة ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 26/ 11/ 1962 عملاً بمادتي الاتهام: أولاً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذي صفة. ثانياً - حبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ بلا مصروفات جنائية. ثالثاً - إلزام المتهم والمسئول بالحقوق المدنية متضامنين أن يدفعا للمدعى بالحق المدني عن نفسه وبصفته مبلغ 1500 جنيه والمصروفات المدنية ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم وفى أثناء نظر الاستئناف أمام محكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - تدخل القاصر محمد خليل في الدعوى مقرراً أنه بلغ سن الرشد وطلب - القضاء له شخصياً بالتعويض. وقضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 16/ 3/ 1963 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع أولاً بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة والاكتفاء بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل بلا مصروفات جنائية. ثانياً - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وألزمت كلا مصاريف استئنافه المدنية ومقابل أتعاب المحاماة. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل الطاعن بوصفه مسئولاً عن الحقوق المدنية لرفعها على غير ذي صفة، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه على أن شركة أتوبيس الشرق التي يعمل لها المتهم بجريمة القتل الخطأ موضوع الدعوى المدنية قد دخلت القطاع العام وانتقلت شخصيتها إلى مؤسسة النقل البرى التي استفادت منها مادياً ومعنوياً من هذا الانتقال وأصبحت المالكة لمنشآت الشركة ومن بينها السيارة التي وقع منها الفعل الضار موضوع المطالبة بالتعويض وبذلك تلتزم بأدائه. وما ذهب إليه الحكم غير صحيح قانوناً، ذلك بأن مؤدى نصوص القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت التي أممت الشركة سالفة الذكر بمقتضاه هو أن هذه الشركة لا تزال بعد التأميم محتفظة بشخصيتها المستقلة وبشكلها القانوني وذمتها المالية المستقلة وأن المؤسسة المسئولة عن الحقوق المدنية لا تلتزم بعد التأميم بالتزامات الشركة قبله إلا في حدود ما آل إليها من الأموال والحقوق في تاريخ التأميم وأن إشراف المؤسسة عليها هو إشراف إداري، يؤكد هذا النظر ما تضمنه القرار الجمهوري رقم 1614 لسنة 1962 في شأن المؤسسة المصرية العامة للنقل الداخلي من أحكام مؤداها أنها حين حلت محل المؤسسة العامة للنقل البرى والإنشاءات فيما لها من اختصاصات وحقوق وما عليها من التزامات يكون لها الإشراف الإداري على الشركات دون أن يكون لها صفة في تمثيلها أمام القضاء وأنها تحتفظ بميزانية مستقلة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد أدلتها انتهى إلى توافر الخطأ في حق المتهم قائد سيارة الأتوبيس التي صدمت المجني عليها الأولى والمدعى بالحقوق المدنية الأول فأودت بحياة الأولى وتسببت في إصابة الثاني ودانه على هذا الأساس، ثم عرض إلى الدعوى المدنية وخلص إلى مساءلته والمسئول عن الحقوق المدنية "الطاعن" وألزمهما متضامنين التعويض المطالب به وتناول الحكم ما أثاره المدافع عن المسئول عن الحقوق المدنية من دفع بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أن "مؤسسة النقل البرى لا تمثل شركة النقل العام لأوتوبيس الشرقية إذ أن صلة المؤسسة بالشركة تنحصر في أنها الهيئة الإدارية التي تشرف على الشركة وليس لها حق تمثيل الشركة" ورد الحكم على هذا الدفع في قوله "فالمسلم أن الشركة المذكورة دخلت القطاع العام ولم تصبح لها شخصية معنوية مستقلة بل انتقلت شخصيتها هذه إلى مؤسسة النقل البرى التي استفادت مادياً ومعنوياً من هذا الانتقال فقد أصبحت المؤسسة هي المالكة لمنشآت الشركة ومن بينها السيارة التي وقع منها الحادث، كما أصبح المتهم تابعاً لها وما دامت المؤسسة قد استفادت مادياً من أرباح الشركة ومعنوياً من سيطرتها على عدم تحكم رأس المال ولحماية الجمهوري فعليها عملاً بنظرية الغرم بالغنم أن تعوض الإضرار التي تقع من سياراتها وبفعل عمالها وانتهى الحكم إلى رفض الدفع. وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم غير سديد ويجافى التطبيق الصحيح للقانون، ذلك بأنه يبين من الإطلاع على المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت أن السير بخطة التنمية الاقتصادية نحو الأهداف الموضوعة لها تطلب توسيع قاعدة القطاع العام بما يكفل المضي بها قدما وتحقيقاً لذلك أعد هذا القانون "وقضت المادة الأولى منه بأن تؤمم جميع البنوك وشركات التأمين في إقليمي الجمهورية كما تؤمم الشركات والمنشآت المبينة في الجدول المرافق لهذا القانون - ومن بينها شركة أوتوبيس الشرق مالكة السيارة موضوع الجريمة محل التعويض - وتؤول ملكيتها إلى الدولة". واستطردت المذكرة الإيضاحية إلى القول "ولما كان هذا التأميم يهدف إلى الإعانة على تحقيق أغراض التنمية مع التحرر من الأوضاع الروتينية فقد عملت المادة 4 من المشروع على تحقيق ذلك، بأن قضت بأن تظل الشركات والبنوك المشار إليها في المادة الأولى محتفظة بشكلها القانوني عند صدور هذا القانون وتستمر الشركات والبنوك المشار إليها في مزاولة نشاطها. كما حددت المادة 4 أيضاً مدى مسئولية الدولة عن التزامات تلك الشركات والبنوك فقضت بأن تستمر البنوك والمنشآت المشار إليها في مزاولة نشاطها دون أن تسأل الدولة عن التزاماتها السابقة إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم" . ومؤدى ما تقدم أن الشارع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون بل رأى الإبقاء على شكله القانوني واستمرار ممارسته لنشاطه مع إخضاعه لإشراف الجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها، وهذا الإشراف لا يعنى زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له هذه الشخصية الاعتبارية التي كانت له قبل الـتأميم، كما أن أيلولة أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المؤممة إلى الدولة - مع تحديد مسئوليتها عن التزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم - لا يمس الشكل القانوني الذي كان لها إذ ذاك. لما كان ذلك، وكان القرار الجمهوري رقم 1202 لسنة 1961 بتحديد الجهات المختصة المنصوص عليها في القرارات بأرقام 117 و118 و119 لسنة 1961 قد قضى بتوزيع الشركات المؤممة على المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي القائمة وقت التأميم وألحقت "شركة أوتوبيس الشرق" بمقتضاه بمؤسسة النقل والمواصلات، ثم انتهى الأمر بهذه الشركة إلى إلحاقها بالمؤسسة المصرية العامة للنقل الداخلي طبقاً لما ورد بالجدول المرفق بالقرار الجمهوري رقم 1899 لسنة 1961 بإنشاء المجلس الأعلى للمؤسسات العامة التي أنشئت بالقرار الجمهوري رقم 1614 لسنة 1962 وحلت محل المؤسسة العامة للنقل البرى والإنشاءات التي سبق إنشاؤها بالقرار الجمهوري رقم 1324 لسنة 1961 التي حلت بدورها محل المؤسسة العامة للنقل والمواصلات التي أنشئت بالقرار الجمهوري رقم 1174 لسنة 1961 ويبين من مطالعة القرار رقم 1614 لسنة 1962 أن من بين أغراض المؤسسة المصرية العامة للنقل الداخلي الإشراف على الشركات المشار إليها في مادته الثانية التي تتكون منها أموالها، ذلك الإشراف المخول للمؤسسات العامة على الشركات التي ألحقت بها مقتضى القانون رقم 117 لسنة 1961 وهو ما لا يفقد هذه الشركات شخصيتها الاعتبارية أو أهليتها في التقاضي. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل الطاعن لرفعها على غير ذي صفة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ثم يتعين قبول النعي عليه ونقضه وتصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية قبل الطاعن مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات المدنية.