أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 295

جلسة 17 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفه، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(65)
الطعن رقم 306 لسنة 44 القضائية

(1) دعارة. جريمة. "أركانها". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل" و إثبات. "بوجه عام". إعتراف".
ركن الاعتياد فى إدارة محل للدعارة على موجب حكم المادة العاشرة من القانون 10 لسنة 1961 خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. لا تثريب على المحكمة إن هى عولت فى إثباته على اعتراف المتهمين. علة ذلك. إن القانون لم يستلزم طريقا معينا لإثباته. مثال لتسبيب غير معيب.
(2) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها. إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائز. مثال لتسبيب غير معيب فى جريمة إدارة محل للدعارة.
(3، 4) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "إعتراف". "شهود". "بوجه عام".
(3) لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك طالما اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. مثال.
(4) لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود. أخذها بشهادة شاهد مؤداه أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لها أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تتق بما شهدوا به. عدم التزامها بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها.
1 - من المقرر أن القول بتوافر ثبوت ركن الاعتياد فى إدارة محل للدعارة من الأمور التى تخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع – لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مؤدى أدلة الثبوت استظهر ركن الاعتياد على إدارة الطاعن مسكنه للدعارة بقوله "ولا شك فى أن ركن الاعتياد فى جريمة إدارة مكان للدعارة المسندة إلى المتهم متوافر فى حقه من ذات أقوال كل من زوجته و.... بمحضر ضبط الواقعة والتى جاء بها أن المتهم قد دأب على إحضار الرجال والنساء بمسكنه لارتكاب الفحشاء مقابل أجر وأن إحداهما وهى ....... دأبت على الحضور إلى مسكن المتهم كل يوم أو كل يومين لترتكب الفحشاء مع من يحضرهم المتهم من الرجال إلى مسكنه لقاء ثلاثين قرشا عن كل مرة " فهذه الأقوال – والتى اطمأنت إليها المحكمة – تقطع بأن مسكن المتهم يعتبر محلا للدعارة فى حكم المادة العاشرة من القانون 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة لأنه يستعمل عادة لممارسة دعارة الغير، وما أورده الحكم فيما تقدم كاف وسائغ فى استظهار هذا الركن، ولا تثريب على المحكمة إن هى عولت فى إثباته على اعتراف المتهمين الذى اطمأنت إليه طالما أن القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة فى الإثبات، ومن ثم يكون النعى على الحكم بعدم استظهار ركن الاعتياد فى غير محله.
2 - من المقرر أنه ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها او الرد على دفاع لم يثره أمامها ولا يقبل منه التحدى بذلك الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض – لما كان ذلك، وكان البين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بأن اعتراف المتهمين كان وليد إكراه وقع عليهم ولم يتقدم بأى طلب فى هذا الصدد، فان نعيه على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون مقبولا.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ومتى كان ذلك – وكانت المحكمة قد استظهرت فى الحكم مؤدى اعتراف المتهمين فى محضر الضبط وخلصت إلى سلامة الدليل المستمد من هذا الاعتراف لما ارتأته من مطابقة للواقع، فأن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون مقبولا.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود، ومتى أخذت بشهادة شاهد فان ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تتق بما شهدوا به، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها – ومتى كان ذلك – فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة (الطاعن) وآخرتين بأنهم فى يوم أول أبريل سنة 1971 بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة – المتهم الأول – (أولا) أدار المكان المبين بالمحضر للدعارة (ثانيا) سهل دعارة المتهمة الثالثة (ثالثا) استغل بغاء المتهمين الثانية والثالثة (رابعا) حرض ............ على ارتكاب الفسق – الثانية والثالثة – اعتادتا ممارسة الدعارة. وطلبت معاقبتهم بالمواد 1/ 1 و 4 و 6/ ب و 7 و8/ جـ و 9/ جـ و10 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة الآداب الجزئية قضت بتاريخ 11 مايو سنة 1971 حضوريا للمتهم الأول (الطاعن) وغيابيا للمتهمتين الثانية والثالثة عملا بمواد الاتهام والمادة 32/ 1 من قانون العقوبات (أولا) بحبس الطاعن ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريمة ثلاثمائة جنيه وبوضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المقضى بها (ثانيا) بحبس كل من المتهمين الثانية والثالثة ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ وبوضعهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المقضى بها ووضعهما بعد انقضاء مدة العقوبة فى إصلاحية خاصة إلى أن تأمر الجهة الإدارية بإخراجهما. فاستأنف (الطاعن) هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 15 يونيه سنة 1971 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض، وقضى فيه بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتحكم فيه من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة المذكورة ـ مشكله من هيئة استئنافية أخرى – قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية...الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إدارة مسكنه للدعارة وتسهيلها لأنثى واستغلال بغائها والتحريض على الدعارة، قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه لم يستظهر توافر ركن الاعتياد فى شأن الجريمة الأولى، واستند فى إدانته إلى الاعتراف المعزو للمتهمين فى محضر الضبط مع أنه وليد إكراه وقع عليهم وعدلوا عنه أمام النيابة، ولم يعن ببيان مؤدى هذا الاعتراف والتحقق من صحته، كما عول فى استدلاله على أقوال الشاهد .......... والضابط محرر المحضر مع تناقضهما واطراح أقوال شاهدى النفى دون بيان مؤداها، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شاهد الإثبات واعتراف المتهمين ومن محضر الضبط. وبعد أن أورد الحكم مؤدى أدلة الثبوت استظهر ركن الاعتياد على إدارة الطاعن مسكنه للدعارة بقوله "ولا شك في أن ركن الاعتياد فى جريمة إدارة مكان الدعارة المسندة إلى المتهم متوافر في حقه من ذات أقوال كل من زوجته........ بمحضر ضبط الواقعة والتى جاء بها أن المتهم قد دأب على إحضار الرجال والنساء بمسكنه لارتكاب الفحشاء مقابل أجر وأن إحداهما وهي ....... دأبت على الحضور إلى مسكن المتهم كل يوم أو كل يومين لترتكب الفحشاء مع من يحضرهم التهم من الرجال إلى مسكنه لقاء ثلاثين قرشا عن كل مرة فهذه الأقوال – والتى اطمأنت إليها المحكمة – نقطع بأن مسكن المتهم يعتبر محلا للدعارة فى حكم المادة العاشرة من القانون 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة لأنه يستعمل عادة لممارسة دعارة الغير" ولما كان توافر ثبوت ركن الاعتياد فى إدارة محل للدعارة من الأمور التى تخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا فى استظهار هذا الركن، ولا تثريب على المحكمة إن هى عولت فى إثباته على اعتراف المتهمين الذى اطمأنت إليه طالما أن القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة فى الإثبات، فان النعي على الحكم بعدم استظهار ركن الاعتياد فى غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بأن اعتراف المتهمين كان وليد إكراه وقع عليهم ولم يتقدم بأى طلب فى هذا الصدد، فإنه لا يكون له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها او الرد على دفاع لم يثره أمامها ولا يقبل منه التحدى بذلك الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. وكانت المحكمة قد استظهرت فى الحكم مؤدى اعتراف المتهمين فى محضر الضبط وخلصت إلى سلامة الدليل المستمد من هذا الاعتراف لما ارتأته من مطابقته للواقع، فأن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود، ومتى أخذت بشهادة شاهد فان ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تتق بما شهدوا به، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها. ولما كان ذلك، وكان تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته ما دام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها فى تكوين عقيدته – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.