أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 311

جلسة 18 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة ،وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربى.

(68)
الطعن رقم 301 لسنة 44 القضائية

(1) سرقة. "باكراه" ظروف مشددة. فاعل أصلى. جريمة. "أركانها ". إكراه. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاكراه فى السرقة. ظرف عيني يتعلق بالأركان المادية للجريمة. سريانه فى حق كل من ساهموا فيه.
إثبات الحكم إتفاق الطاعن وآخرين وارتكاب الطاعن فعل الاختلاس بينما باشر أحدهم الاكراه تنفيذا لمقصدهم. إعتبار كل من ساهم منهم فى السرقة أو الاكراه فاعلا أصليا فى جريمة السرقة بالاكراه.
(2, 3, 4, 5) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل" إثبات "بوجه عام". "شهود". حكم. "مالا يعيبه". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
(2) كفاية إيراد الحكم من مؤدى الأدلة ما يكفى لتبرير اقتناع المحكمة بالأدلة.
مجادلة محكمة الموضوع فى سلطتها فى وزن عناصر الدعوى. لا تقبل أمام النقض.
(3) التناقض فى أقوال المجنى عليها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(4) وزن أقوال الشهود والتعويل عليها. تستقل بهما محكمة الموضوع.
(5) انفراد محكمة الموضوع بتقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم. حقها فى الاطمئنان إلى الأدلة بالنسبة إلى متهم وعدم الاطمئنان إلى الأدلة بالنسبة إلى آخر.
1 - من المقرر أن ظرف الإكراه فى السرقة إنما هو من الظروف العينية المتعلقة بالأركان المادية للجريمة وهو بهذا الوصف لاصق بنفس الفعل وسار فى حق كل من ساهموا فيه وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت اتفاق الطاعن وآخرين فيما بينهم على السرقة، ومباشرة أحدهم فعل الاكراه تنفيذا لمقصدهم المتفق عليه وارتكاب الطاعن فعل الاختلاس، فإن جريمة السرقة باكراه تكون قد تحققت فى كل من ساهم فى فعلة السرقة أو الإكراه المكونيين للجريمة ويكونون جميعا فاعلين أصليين فيها.
2 - لمحكمة الموضوع أن تورد فى حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفى لتبريراقتناعها بالأدلة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها فى تكوين عقيدتها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة فى بيان دليل الإثبات الذى استمده منها لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن التناقض فى أقوال المجنى عليه – بفرض صحة وجوده – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الأدلة من أقوالها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
4 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل فى ذلك أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهى حرة فى تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه فى حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها فى حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام يصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقا فى ناحية من أقواله وغير صادق فى شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها. وإذا كان الحكم قد دلل تدليلا سائغا على إدانة الطاعن وآخر بجناية السرقة بالاكراه، فإن قضاء الحكم ببراءة المتهمين الآخرين إستنادا إلى عدم الاطمئنان إلى أقوال المجنى عليهما والطاعن قبلهما وللأسباب التى أوردها – لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون فى غير محله.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى ليلة 18 ديسمبر سنة 1971 بدائرة مركز طنطا محافظة الغربية سرقوا الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة لـ ........... بطريق الإكراه الواقع عليها وعلى............. حالة كون المتهم الثانى يحمل سكينا والثالث يحمل مسدسا بأن توجهوا إلى مسكنها وقام المتهم الثانى بالإمساك بها من يديها فشل بذلك مقاومتها وتم الاستيلاء على المسروقات سالفة الذكر، وقام الأول بالإعتداء ضربا على المجنى عليه الثانى حالة محاولته الامساك به وذلك ليتمكن من الفرار بما معه من المسروقات وخلف الاعتداء الإصابة المبينة بالتقرير الطبى. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للمادتين 314/ 1 – 2 و 316 من قانون العقوبات. فقرر ذلك فى 13 فبراير سنة 1972. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 13 ديسمبر سنة 1972 عملا بالمادة 314/ 1 و 381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الثالث والرابع (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثانى بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات (ثانيا) ببراءة كل من المتهمين الثالث والرابع مما أسند إليهما. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثانى وإن قرر بالطعن فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقدم أسبابا للطعن فيتعين عدم قبوله شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان هذا الطاعن بجريمة سرقة بإكراه قد شابه قصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد فى الاستدلال وخطأ فى القانون ذلك بأنه استبعد ظرف الإكراه المنسوب إلى الطاعن دون أن يبين الرابطة بين فعل السرقة والإكراه الذى قارفه الطاعن الثانى والذى اكتفى به الحكم فى حق الطاعن، وأنه أغفل الرد على دفاع الطاعن بعدم وقوع سرقة أو إكراه على المجنى عليها، وبأنه لو صح ما نسب إليه فإنه لا يعدو جنحة دخول منزل بقصد إرتكاب جريمة فيه، كما أغفل الحكم بيان مكان وقوع الجريمة ونص القانون الذى أنزل بموجبه العقاب، وفاته كذلك إيرادا مؤدى الدليل الذى استمده من أقوال الشهود هذا إلى أن الحكم قد أغفل الرد على ما أثاره الدفاع من طعن عليهم وأخيرا فقد عول الحكم على أقوال المجنى عليها على الرغم من أنها جاءت متعارضة فى مواضع كثيرة وتضاربت مع أقوال الشاهد .............. وفى حين أنه أستند إليها فى تبرئه آخرين مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث أن البين من الحكم المطعون فيه أنه قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه فى ليلة الحادث بينما كانت المجنى عليها بمنزلها أحست بحركة داخلة وفوجئت بأربعة أشخاص يحيطون بها ثم أمسك بها أحدهم وهو الطاعن الثانى وكتفها ليشل مقاومتها بينهما قام الآخرون بسرقة بعض محتويات محل البقالة المملوك لها والكائن بإحدى غرف المنزل ثم فروا هاربين فلما جرت خلفهم تمكنت من الامساك بأحدهم وهو الطاعن الأول واستغاثت فحضر على استغاثتها .................. الذى أمسك بدوره بهذا الطاعن ووجده ممسكا بصندوق من المسروقات يحوى نقودا وعلى أثراستغاثة هذا الشاهد حضر................. وعاونه فى ضبطه ثم ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليها وهذين الشاهدين وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن ظرف الإكراه فى السرقة إنما هو من الظروف العينية المتعلقة بالأركان المادية للجريمة, وهو بهذا الوصف لاصق بنفس الفعل وسار فى حق كل من ساهموا فيه وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت اتفاق الطاعن وآخرين فيما بينهم على السرقة ومباشرة أحدهم فعل الاكراه تنفيذا لمقصدهم المتفق عليه، وارتكاب الطاعن فعل الاختلاس , فإن جريمة السرقة باكراه تكون قد تحققت فى كل من ساهم فى فعلة السرقة أو الإكراه المكونين للجريمة ويكونون جميعا فاعلين أصليين فيها ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها من أقوال شهود الإثبات على نحو أفصح فيه عن توافر ظرف الإكراه بقصد السرقة على الصورة التى قارفها كل من الطاعن وغيره من الجناه بما يكفى لإستجلاء عناصر الجريمة عرض للتكييف القانونى للواقعة فى قوله: "وحيث إنه لما تقدم يكون قد استقر فى يقين المحكمة أن المتهمين سالفى الذكر (الطاعنين) فى 18 ديسمبر سنة 1971 بدائرة مركز طنطا محافظة الغربية. سرقا الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة لـ..... بطريق الاكراه الواقع عليها بأن توجهوا مع آخرين مجهولين إلى مسكنها وقام المتهم الثانى – الطاعن الثانى – بالإمساك بها من يديها فشل بذلك مقاومتها وتمكنا بهذه الوسيلة من الاكراه من شل مقاومتها والاستيلاء على المسروقات سالفة الذكر، ويتعين لذلك معاقبتهما عملا بالمادة 314/ 1 عقوبات". ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم كافيا لإستظهار ظرف الإكراه فى جريمة السرقة وأن الجناه قد قارفوه من أجل ارتكابها وقد بين الحكم مكان وقوع الجريمة وأشار إلى نص القانون الذى طبقه على الواقعة وأنزل بموجبه العقوبة على الطاعن وصاحبه. وفضلا عن ذلك فانه قد عرض للتكييف القانونى للواقعة بما يدل على اطراحه ما أثاره الدفاع عن الطاعن حول وصف التهمة ومن ثم فان منعى الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله، لما كان ذلك , وكان ما يثيره الطاعن من أن سرقة لم تحدث وأن إكراها لم يقع على المجنى عليها فانما هو جدل موضوعى فى أدلة الدعوى وفى صورة الواقعة التى اعتنقها الحكم مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد فى حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفى لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها فى تكوين عقيدتها فإن ما يثيره الطاعن من منازعة فى بيان دليل الإثبات الذى استمده منها لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك , وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التى أوردتها فى حكمها إلى أن الطاعن ارتكب الجريمة التى دانته بها وكان التناقض فى أقوال المجنى عليه – بفرض صحة وجوده – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه كما هو الحال فى الدعوى لما كان ذلك , وكان فى اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجنى عليها وشاهديها ما يفيد أنها اطرحت جميع الإعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل فى ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقررأن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهى حرة فى تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه فى حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها فى حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام يصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقا فى ناحية من أقواله وغير صادق فى شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها وإذا كان الحكم قد دلل تدليلا سائغا على إدانة الطاعن وآخر بجناية السرقة بالإكراه، فإن قضاء الحكم ببراءة المتهمين الآخرين – إستنادا إلى عدم الاطمئنان إلى أقوال المجنى عليهما والطاعن قبلهما وللأسباب التى أوردها – لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون فى غير محله، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.