أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 317

جلسة 24 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(69)
الطعن رقم 160 لسنة 44 القضائية

(1) تبغ. مأمورو الضبط القضائى. "سلطاتهم". إستجواب. إثبات. "إعتراف".
(1) لمأمور الضبط القضائى أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلا. المادة 29 إجراءات جنائية. للمحكمة أن تعول على اعتراف المتهم بمحضر ضبط الواقعة المحرر بمعرفته متى اطمأنت إليه. مثال فى جريمة تهريب تبغ.
(2، 3) إثبات "بوجه عام". اعتراف. "حكم". "تسبيبه. تسبيب معيب". "بطلانه".
(2) خضوع الاعتراف فى المسائل الجنائية كسائر الأدلة لتقدير محكمة الموضوع. لها الأخذ به أو إطراحه حسبما يتراءى لها. طالما كانت الأسباب التى أوردتها سندا لذلك غير متنافرة مع حكم العقل والمنطق. لمحكمة النقض مراقبتها فى ذلك. مثال.
(3) عدم جواز ابتناء الحكم إلا على العناصر والأدلة المستمدة من أوراق الدعوى. اعتماده على أدلة أو وقائع استقاها من أوراق معينة أخرى لم تكن منضمة للدعوى المحكوم فيها ولا مطروحة على بساط البحث تحت نظر الخصوم. أثره. بطلان الحكم. مثال.
1 - لمأمور الضبط القضائي عملا بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلا، ومن ثم فانه إذا كان الثابت مما أورده الحكم أن مفتش الإنتاج – وهو من مأمورى الضبط القضائى فى شأن الجرائم التى تقع بالمخالفة للقانون رقم 92 لسنة 1964 طبقا لقرار وزير العدل الصادر فى 9 مارس سنة 1965 – قد أثبت فى محضره أن المطعون ضده حضر عقب ضبط شجيرات التبغ فى حقله ولما سأله اعترف بما نسب إليه فلا تثريب عليه إن أثبت هذا الاعتراف فى محضره وللمحكمة أن تعول عليه فى حكمها ما دامت قد اطمأنت إليه.
2 - الاعتراف فى المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه دليلا من أدلة الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة – إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التى من أجلها اخذت به أو اطرحته، فانه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤديا لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل والمنطق ويكون لمحكمة النقض مراقبتها فى ذلك.
3 - من المقرر أنه يجب ألا تبنى المحكمة حكمها إلا على العناصر والأدلة المسندة من أرواق الدعوى المطروحة أمامها فان اعتمدت على أدلة ووقائع استقتها من أوراق قضية أخرى لم تكن مضمومة للدعوى التى تنظرها للفصل فيها ولا مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم فان حكمها يكون باطلا – لما كان ذلك – وكان ماقاله الحكم المطعون فيه تبريرا لإطراحه لاعتراف المطعون ضده فى الدعوى من "أن المحكمة لا تطمئن لصحة صدور اعتراف من المتهم بالتهمة وذلك لما تبين لها من قضايا الدخان أنه قد نسب اعتراف لجميع المتهمين بلا استثناء وجميع من حضر منهم بلا استثناء أنكر ونفى صدور الاعتراف منه فضلا عن عدم ظهور الحكمة من ضرورة إصرار رجال الإنتاج على سؤال المتهمين بمعرفتهم رغم غيبتهم وقت الضبط مما يجعل المحكمة تلتفت عن هذا الاعتراف" فضلا عن فساده إذ استقاه الحكم من أوراق قضايا أخرى لم تكن مضمومة للدعوى المطروحة وبالتالى لم يكن فى وسع الخصوم مناقشتها فانه ليس من شأنه أن يؤدى إلى مارتبه عليه، ذلك بأن عدول المتهمين – فى القضايا المماثلة – عن الاعترافات المسندة إليهم فى المحاضر المحررة بمعرفة رجال مكتب الإنتاج ليس من شأنه أن يشكك فى اعتراف المطعون ضده بمحضر الضبط الذى لم يجحده فى الدعوى المماثلة، وقد كان على المحكمة إن استرابت فى أمر ذلك الاعتراف – وحتى يستقيم قضاؤها – أن تجرى تحقيقا تستجلى به حقيقة الأمر قبل أن تنتهى إلى ما انتهت إليه، أما وهى لم تفعل فان حكمها يكون معيبا بالقصور والفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه والإحالة فى خصوص الدعوى المدنية.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 27 من أغسطس سنة 1970 بدائرة مركز الغنائم محافظة أسيوط زرع الدخان المبين بالمحضر بدون تصريح من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت معاقبته بالمواد 1 و2/ 1 و3 من القانون رقم 92 لسنة 1964، وادعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهم بمبلغ 750 جنيها على سبيل التعويض. ومحكمة صدفا الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 20 مايو سنة 1971 عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعتها المصروفات. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما استأنفته المدعية بالحق المدني. ومحكمة أسيوط الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا اعتباريا بتاريخ 23 نوفمبر سنة 1971 بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع وباجماع الآراء برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصادرة. فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن مصلحة الجمارك فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة (مصلحة الجمارك) المدعية بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه – إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة زراعة التبغ وبرفض الدعوى المدنية المقامة منها ضده – قد شابه فساد فى الاستدلال، ذلك بأنه أطرح بغير سند مقبول وبما لا أصل له فى الأوراق – اعتراف المطعون ضده فى محضر ضبط الواقعة بالتهمة المسندة إليه – مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أنه نمى إلى علم مفتش إنتاج أسيوط من التحريات أن المطعون ضده يزرع تبغا فى حقله، فانتقل وبرفقته عدد من ضباط الشرطة ورجال مكتب الإنتاج إلى حقل المطعون ضده وتبين وجود بعض شجيرات التبغ مزروعة فى مساحة خمسة قراريط فقام بنزعها وأرسل عينة منها للتحليل، وإذ ضبط المطعون ضده فقد ساله عن التهمة المسندة إليه فاعترف بها، وتبين من تقرير التحليل أن العينة المضبوطة من شجيرات الدخان الأخضر، ثم أقام الحكم قضاءه بالبراءة على سند من القول "أن المحكمة لا تطمئن لصحة صدور اعتراف من المتهم بالتهمة وذلك لما تبين لها من قضايا الدخان أنه قد نسب اعتراف لجميع المتهمين بلا استثناء وجميع من منهم بلا استثناء أنكر ونفي صدور الاعتراف منه فضلا عن عدم ظهور الحكمة من ضرورة إصرار رجال الإنتاج على سؤال المتهمين بمعرفتهم رغم غيبتهم وقت الضبط مما يجعل المحكمة تلتفت عن هذا الاعتراف..." لما كان ذلك وكان لمأمور الضبط القضائى عملا بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلا، ومن ثم فانه إذا كان الثابت مما أورده الحكم أن مفتش الإنتاج – وهو من مأمورو الضبط القضائى فى شأن الجرائم التى تقع بالمخالفة للقانون رقم 92 لسنة 1964 طبقا لقرار وزير العدل الصادر فى 9 مارس سنة 1965 قد أثبت فى محضره أن المطعون ضده حضر عقب ضبط شجيرات التبغ فى حقله ولما سأله اعترف بما نسب إليه فلا تثريب عليه إن أثبت هذا الاعتراف فى محضره، وللمحكمة أن تعول عليه فى حكمها ما دامت قد اطمأنت إليه، لما كان ذلك وكان الاعتراف فى المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه دليلا من أدلة الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة – إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التى من أجلها أخذت به أو أطرحته، فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به، مؤديا لما رتب عليه من نتائج، من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل والمنطق، ويكون لمحكمة النقض مراقبتها فى ذلك، لما كان ذلك وكان من المقرر أيضا أنه يجب ألا تبنى المحكمة حكمها إلا على العناصر والأدلة المستمدة من أرواق الدعوى المطروحة أمامها فان اعتمدت على أدلة ووقائع استقتها من أوراق قضية أخرى لم تكن مضمومة للدعوى التى تنظرها للفصل فيها ولا مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم فان حكمها يكون باطلا، لما كان ذلك وكان ماقاله الحكم المطعون فيه تبريرا لإطراحه لاعتراف المطعون ضده فى الدعوى فضلا عن فساده إذ استقاه الحكم من أوراق قضايا أخرى لم تكن مضمومة للدعوى المطروحة وبالتالى لم يكن فى وسع الخصوم مناقشتها فانه ليس من شأنه أن يؤدى إلى مارتبه عليه ذلك بأن عدول المتهمين – فى القضايا المماثلة – عن الاعترافات المسندة إليهم فى المحاضر المحررة بمعرفة رجال مكتب الإنتاج ليس من شأنه أن يشكك فى اعتراف المطعون ضده بمحضر الضبط الذى لم يجحده فى الدعوى المماثلة، وقد كان على المحكمة إن استرابت فى أمر ذلك الاعتراف – وحتى يستقيم قضاؤها أن تجرى تحقيقا تستجلى به حقيقة الأمر قبل أن تنتهى إلى ما انتهت إليه، أما وهى لم تفعل فان حكمها يكون معيبا بالقصور والفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه والإحالة فى خصوص الدعوى المدنية.