أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 327

جلسة 25 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(71)
الطعن رقم 171 لسنة 44 القضائية

(1 و 2 و 3) إثبات. "اعتراف". "بوجه عام". محكمة الموضوع . "سلطتها فى تقدير الدليل". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه . نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) النعى لأول مرة أمام النقض ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه. لا يقبل.
(2) محكمة الموضوع. حقها فى تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من عناصر الدعوى وأدلتها.
(3) الاعتراف فى المواد الجنائية. عنصر من عناصر الدعوى. تقدير صحته ومطابقته للحقيقة وقيمته من إطلاقات محكمة الموضوع.
(4) سلاح. جريمة. "أركانها". قصد جنائى. باعث. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منه ". مسئولية جنائية.
جريمة إحراز سلاح نارى بغير ترخيص. يكفى لتحققها الحيازة المادية ولو قصرت مدتها. لا تأثير للباعث فى قيامها. مثال[(1)].
1 - متى كانت الأقوال التى عول الحكم عليها فى إدانة الطاعن لم يدفع أحد بأن صدورها من أى ممن صدرت منه كان وليد إكراه وقع عليه، فإنه لا يكون للطاعن من بعد النعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها، ولا يقبل منه التحدى بذلك الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى طالما لها مأخذها الصحيح من الأوراق.
3 - من المقرر أن الاعتراف فى المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وقيمته التدليلية على المعترف وغيره من المتهمين.
4 - من المقرر أنه يكفى لتحقيق جريمة إحراز سلاح نارى بغير ترخيص مجرد الحيازة المادية للسلاح – طالت أو قصرت – أيا كان الباعث على حيازته ولو كان لأمر عارض أو طارئ. ومن ثم فإنه – حتى مع ما يزعمه الطاعن فى طعنه من أنه كان يحفظ السلاح النارى لديه كأمانة – فإن جريمة إحراز السلاح النارى بغير ترخيص تكون متوافرة فى حقه ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون إذ دانه عنها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى ليلة 31 يناير سنة 1966، (المتهمون الستة الأول) بدائرة مركز ديروط محافظة أسيوط. (أولا) وهم أكثر من شخصين سرقوا الأسلحة والذخيرة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لـ............ حالة كون أولهم يحمل سلاحا مخبأ. (ثانيا) أحرزوا وحازوا ذخيرة مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصا لهم فى حيازة السلاح إو إحرازه، (المتهمون الباقون) بدائرة محافظة المنيا. (أولا) أخفوا الأسلحة سالفة الذكر حالة كونها متحصلة من جناية مع علمهم بذلك. (ثانيا) أحرزوا وحازوا بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 44/ 2 مكرر و316 عقوبات و 1/ 1 و 6 و26/ 2 – 4 و30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 سنة 1954 و 75 سنة 1958 والجدولين 2، 3 فقرر ذلك فى 3 فبراير سنة 1969، وادعى........ المجنى عليه مدنيا قبل المتهمين جميعا بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنايات أسيوط قضت فى الدعوى حضوريا للمتهمين الأول والثانى والرابع والسادس والعاشر والثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر والعشرين والثانى والعشرين وغيابيا للباقين بتاريخ 5 ديسمبر سنة1972 عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من الأول والثانى والثالث والرابع والخامس والسادس بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات عما أسند إليهم. (ثانيا) بمعاقبة كل من المتهمين السابع والثامن بالحبس مع الشغل مدة سنتين وبتغريم كل منهما مبلغ عشرين جنيها عما أسند إليهما. (ثالثا) بمعاقبة المتهم الرابع عشر بالحبس مع الشغل مدة ستة أشهر عما أسند إليه. (رابعا) بمعاقبة باقى المتهمين بالحبس مع الشغل مدة ثلاثة أشهر وبتغريم كل منهم عشرة جنيهات ومصادرة السلاحين المضبوطين لدى كل من ............ و.......... وأمرت برد باقى الاسلحة المضبوطة للمجنى عليه. (خامسا) وفى الدعوى المدنية بإلزامهم جميعا عدا العشرين والحادى والعشرين بأن يدفعوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية فطعن المحكوم عليهم الأول والثانى والرابع والسادس والعاشر والرابع عشر والعشرين والحادى والعشرين فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الأول والثانى والثالث والرابع والسادس وإن قرروا بالطعن فى الميعاد القانونى إلا أنهم لم يودعوا أسبابا لطعنهم، فيكون الطعن المقدم منهم غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الخامس والسابع والثامن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن الطاعن الخامس ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى إخفاء أشياء متحصلة من جريمة سرقة وإحراز سلاح نارى غير مششخن بغير ترخيص قد شابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن جيمع المتهمين دفعوا بجلسة المحاكمة بأن الأقوال المنسوبة لمن اعترف منهم جاءت وليدة إكراه وقع عليهم بيد أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيرادا وردا، كما أنه كان من بين ما عول عليه الحكم فى إدانة الطاعن اعترافه مع أن هذا الاعتراف غير مطابق للحقيقة، هذا فضلا عن أن حيازته للسلاح النارى كان لأمر عارض هو حفظه لديه كأمانة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد ان بين واقعة الدعوى – أورد على ثبوت ما أسند إلى الطاعن أدلة مستمدة من تقرير فحص السلاح النارى المضبوط ومن اعترافه بتحقيقات النيابة العامة بأن المتهم السابع فى الدعوى حضر إليه بصحبة المتهم التاسع عشر فى الدعوى وسلمه البندقية المضبوطة لحفظها لديه كأمانة ثم حضر إليه ذلك المتهم ثانية وطالبه بتلك البندقية فاصطحبه إلى المتهم الثانى والعشرين وأحضرها من عنده، وحين عرض الحكم لأقوال المتهم السابع فى الدعوى أورد أنه اعترف بتحقيقات النيابة العامة بأنه اشترى أربع بنادق من المتهم الأول فى الدعوى – الذى اتهم مع آخرين بسرقة أسلحة وذخيرة من محل بيع الأسلحة المملوك للمجنى عليه المدعى بالحقوق المدنية – وأنه باع ثلاث منها لآخرين أرشد عنهم وضبطت لديهم، كما أورد الحكم أن المتهم التاسع عشر فى الدعوى اعترف بتحقيقات النيابة العامة بأنه كان حاضرا بيع المتهم السابع إحدى البنادق إلى الطاعن وأشار الحكم إلى أن المتهم الثانى والعشرين اعترف بتحقيقات النيابة العامة باحرازه للبندقية المضبوطة لديه وأن الطاعن هو الذى أودعها لديه. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المتهمين السابع والتاسع عشر تخلفا عن حضور جلسات المحاكمة ومن ثم فليس لهما دفاع وصدر الحكم بالنسبة لهما غيابيا وأما الطاعن والمتهم الثانى والعشرين فان أيا منها أو الدفاع عنه لم يثر أن اعتراف غيره من المتهمين الثلاثة الآخرين المذكورين قد صدر أثر إكراه وقع عليه، فإنه لا يكون للطاعن من بعد النعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها، ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى منعي الطاعن على الحكم فى هذا الصدد ولا محل له. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى طالما لها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وقيمته التدليلية على المعترف وغيره من المتهمين، وكانت الأدلة – السالف بيانها – التى استخلص منها الحكم إدانة الطاعن – ومن بينها اعترافه – هى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان الطاعن لا ينازع فى أن ما أورده الحكم من أدلة الثبوت له معينه الصحيح من الأوراق، وكان ما يثيره فى خصوص الحكم عدم مطابقة اعترافه للحقيقة لا يعدو جدلا موضوعيا حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة فى الدعوى مما تستقل به ولا يجوز معاودة التصدى له لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفى لتحقق جريمة إحراز سلاح نارى بغير ترخيص مجرد الحيازة المادية للسلاح – طالت أو قصرت – أيا كان الباعث على حيازته ولو كان لأمر عارض أو طارئ، فإنه – حتى مع ما يزعمه الطاعن فى طعنه من أنه كان يحفظ السلاح النارى لديه كأمانة – فإن جريمة إحراز السلاح النارى بغير ترخيص تكون متوافرة فى حقه، ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون إذ دانه عنها، ولا يكون محل للنعى عليه فى هذا الشأن لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانوينة للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن الطعن المقدم من هذا الطاعن يكون برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنان السابع والثامن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز سلاح نارى غير مششخن بغير ترخيص قد شابه التناقض والقصور فى التسبيب، ذلك بأن الطاعنين دفعا الاتهام المسند إليهما بأن كلا منهما يملك البندقية التى ضبطت لديه وانه مرخص له بحملها وعلى الرغم من تسليم الحكم بأن البندقية المضبوطة لدى كل منهما ليست من بين تلك التى سرقت من محل المجنى عليه ومع إقراره بأنه مرخص لكليهما باحراز سلاح نارى فإنه عاد ودانهما – بطريق الظن – عن جريمة إحراز سلاح نارى بغير ترخيص استنادا إلى ما ورد بتقرير فحص هاتين البندقيتين من أن الأرقام التى كانت مثبتة على كل منهما قد محيت وحلت محلها أقام تطابق أرقام السلاح المرخص بحمله دون أن يبين الأرقام التى كانت موجودة ومحيت حتى يمكن تبين أنه ليس السلاح الصادر عنه الترخيص، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى صدد ما أسند إلى الطاعنين السابع والثامن فى قوله ".... كما ضبط مع كل من المتهمين العشرين (الطاعن السابع) والحادى والعشرين (الطاعن الثامن) بندقية غير مششخنة الماسورة، لم يثبت أنها من الأسلحة المسروقة، غير أن أرقامها وجدت مزورة لتطابق الأرقام المثبتة برخصة السلاح التى يحملها ومن ثم تكون حيازته لها بغير ترخيص طالما لم تكن هى بذاتها البندقية المرخص له بحملها". ثم أورد الحكم الدليل على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعنين بقوله "... واعترف المتهم العشرين... بتحقيقات النيابة العامة بأن البندقية المسروقة من محله – مملوكة له والتى ثبت أن أرقامها الأصلية قد محيت وأعطى لها أرقاما جديدة لتطابق أرقام السلاح المرخص له بحمله دون وجه حق. واعترف المتهم الحادى والعشرين .... بتحقيقات النيابة العامة بحمله البندقية المضبوطة لديه وملكيته لها، وقد ثبت باقرار المجنى عليه أنها ليست من الأسلحة المسروقة من محله، غير أنه ثبت أن أرقامها الأصلية قد محيت وأعطى لها أرقاما جديدة لتطابق أرقام السلاح المرخص له بحمله دون وجه حق"، ولما عرض الحكم لما تضمنه تقرير فحص الأسلحة المضبوطة اكتفى بالقول بأنها – ومن بينها البندقيتين المضبوطتين لدى الطاعنين – جميعها بنادق خرطوش غير مششخنة الماسورة وأنها صالحة للاستعمال، ولما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة وما ضبط لدى كل منهما من سلاح مرخص له به بترخيص قائم وأنه لا مصلحة لأيهما فى تغير أرقام سلاح آخر غير الصادر عنه الترخيص – وكان القانون يوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت ويذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله تطبيقا صحيحا على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بادانة الطاعنين على ما ثبت من محو فى الأرقام الأصلية للبندقية المضبوطة فى حيازة كل منهما وإثبات أرقام عليها تطابق أرقام البندقية المرخص له بحملها دون أن يبين سنده فى هذا الذى أورده – سواء فى بيانه لواقعة الدعوى أو فى سرده لأدلة الثبوت فيها – فى هذا الصدد، إذ أنه حين عرض لما ورد بتقرير فحص البندقيتين اقتصر على ما تضمنه عن نوعهما وصلاحيتهما للاستعمال، وبذلك لم يكشف عن وجه استشهاده بذلك التقرير ومدى تأييده فى هذا الخصوص للواقعة التى اقتنعت بها المحكمة، هذا فضلا عن أنه – بفرض أن ما أورده الحكم قد نقله عن التقرير المشار إليه – فان مجرد محو الأرقام الأصلية التى كانت موجودة على كل من البندقيتين – التى لا جدال فى ملكية كل من الطاعنين لما ضبط لديه منهما – وإثبات أرقام البندقية المرخص بها لا يؤدى بطريق اللزوم العقلى إلى ما ذهب إليه الحكم من أن البندقية المضبوطة ليست هى بذاتها التى صدر عنها الترخيص، ولا يصلح ذلك وحده لأن يقام عليه ما خلص إليه الحكم من ثبوت ما أسند إلى كل من الطاعنين، ذلك بأنه حتى يكون هذا الاستخلاص سائغا ومقبولا ومستندا إلى ما يؤدى إليه فانه يتعين أن يثبت – حتى ولو استدعى الأمر الإستعانة بأهل الخبرة – أن البندقية المضبوطة فى حيازة كل من الطاعنين هى غير تلك التى صدر عنها الترخيص وأن إثبات الأرقام الوارده عليها لم يكن من صنع المختص بذلك عند إصدارالترخيص وأن المحو للأرقام الأصلية التى كانت مثبتة على كل منهما قد قصد به إثبات أرقام البندقية المرخص بها على بندقية أخرى ليست هى التى رخص بحملها. لما كان ما تقدم، فان الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم، بما يستوجب نقضه والإحالة بالنسبة لهذين الطاعنين.