أحكام النقض – المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 348

جلسة 31 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(76)
الطعن رقم 202 لسنة 44 القضائية

(1) حكم. "تسبيبه. بيانات التسبيب". عقوبة. "عقوبة مبررة". بطلان.
الخطأ فى رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق. مثال.
(2) عقوبة. "تقديرها". محكمة الموضوع. سلطتها فى تقدير العقوبة". نقض. "المصلحة فى الطعن". استيلاء على مال للدولة أو إحدى الجهات العامة. وصف التهمة.
تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التى قارفها المحكوم عليه لا الوصف الذى تسبغه المحكمة عليها. مثال.
(3) إستيلاء على مال للدولة أو إحدى الجهات العامة. جريمة. "أركانها". قانون. "تفسيره".
عبارة "الأموال والأوراق والأمتعة أو غيرها" الواردة بالمادة 113 مكرر عقوبات يدخل فى مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية. مثال.
(4) دعوى مدنية. "نظرها والفصل فيها". نقض. "المصلحة فى الطعن". "مالا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
تخلى الحكم المطعون فيه عن الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملا بالمادة 309 إجراءات جنائية. النعى على هذا الحكم لعدم قضائه بعدم الاختصاص فى تلك الدعوى. غير جائز.
(5) إشتراك. "طرقه". إثبات. "بوجه عام".
الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. هذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس. جواز الاستدلال عليها بأى دليل مباشر أو بطريق الاستنتاج أو من فعل لاحق للجريمة.
1 - من المقرر أنه لا يترتب على الخطأ فى رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها – وإذ كان ذلك – وكان الثابت من الاطلاع على الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه قد دان الطاعن بوصف أنه "اشترك بطريق الاتفاق والتحريض مع مجهولين من الشركة العامة للتعمير السياحى فى الاستيلاء على ملف المجنى عليه السابق تقديمه منه إلى مؤسسة تعمير الصحارى والتى سلمته بدورها إلى شركة المعمورة للتعمير السياحى وكان الفعل غير مصحوب بنية التملك "وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن إدلة استمدها من أقوال المجنى عليه ورئيس مجلس إدارة شركة المعمورة للتعمير السياحى – ومفادها أن أحد موظفى الشركة حصل على هذه المستندات ومكن الطاعن من تصويرها بإتفاق معه على ذلك لقاء منفعة عادت على الموظف – ومن أقوال ........... وكيل المحامى من أن الطاعن أحضر صور المستندات التى أودعت فى القضية المدنية المرفوعة منه ضد المجنى عليه والتى تبين من اطلاع المحكمة عليها أنها تطابق أصول المستندات المودعة بملف المجنى عليه المعهود إلى الشركة بحفظه. وكانت الواقعة على الصورة التى اعتنقها الحكم المطعون فيه تشكل الجنحة المنصوص عليها فى المواد 40/ 1 و2،41 ،113/ 1 ،2 مكرر من قانون العقوبات ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم المطعون فيه على الطاعن تدخل فى نطاق عقوبة هذه المادة، ومن ثم فان خطأ الحكم فى ذكره مادة العقاب بأنها المادة 113 بفقرتها الأولى بدلا من المادة 113 مكرر بفقرتيها من قانون العقوبات لا يعيبه.
2 - من المقرر أن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التى قارفها الطاعن لا الوصف القانونى الذى تسبغه المحكمة عليها وإذ كان ذلك – فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن خطأ الحكم فى تطبيقه على واقعة الدعوى حكم المادة 113 من قانون العقوبات وهى تستلزم للعقاب أن يكون المال المستولى عليه مملوكا للدولة أو إحدى الجهات التى عينتها هذه المادة ودخل فى ذمتها المالية كعنصر من عناصرها طالما أن الحكم قد أفصح فى مدوناته عن الواقعة التى دان الطاعن عنها بما ينطبق عليه حكم المادة 113 مكرر من قانون العقوبات التى لا تشترط أن تكون الأموال أو الأوراق أو الأمتعة المسلمة إلى المستخدم مملوكة لإحدى الجهات المنصوص عليها فيها وما دامت العقوبة التى قضى بها الحكم على الطاعن تدخل فى الحدود المقررة لهذه المادة.
3 - عبارة "الأموال أو الأوراق أو الأمتعة أو غيرها" الواردة بالمادة 113 مكرر من قانون العقوبات صيغت بألفاظ عامة يدخل فى مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية – لما كان ذلك – وكانت مستندات المجنى عليه المودعة بملفه – على فرض صحة ما أثاره الطاعن فى شأنها من أنها عبارة عن صور لأوراق عرفية – هى مما ينطبق عليه وصف الأوراق المشار إليها فى المادة المذكورة لما لها من قيمة ذاتية باعتبارها من الأوراق فضلا عن إمكان استعمالها والانتفاع بها بدلالة تقديمها من المجنى عليه لجهات الاختصاص كسند يشهد على ملكيته، كما أن الطاعن لا يمارى فى أنه قد حصل على صور منها قدمها فى دعواه المدنية كسند لدفاعه مما يؤكد ما لها من قيمة. فان مجادلة الطاعن فى هذا الخصوص تكون على غير أساس.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه لم يفصل فى الدعوى المدنية بل تخلى عنها باحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملا بالمادة 309 من قانون الإجراءات. فان منعي الطاعن على هذا الحكم لعدم قضائه بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية يكون مردودا بأنه فضلا عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة فى هذه الدعوى فمصلحته فيه منعدمة إذ أن الحكم لم يفصل فى تلك الدعوى أصلا.
5 - من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وإذ كان القاضى الجنائى – فيما عدا الأحوال الاستثنائية التى قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة – حرا فى أن يستمد عقيدته من أى مصدر شاء فان له – إذ لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره – أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التى تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغا وله من ظروف الدعوى ما يبرره. كما له أن يستنتج حصوله من أى فعل لاحق للجريمة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى يوم 3 مارس سنة 1970 بدائرة قسم العطارين: اشتركا بطريق الاتفاق والتحريض مع مجهولين من الشركة العامة للتعمير السياحى فى الإستيلاء على اللواء........ السابق تقديمه منه إلى مؤسسة تعمير الصحارى والتى سلمته بدورها إلى شركة المعمورة للتعمير السياحى وكان الفعل غير مصحوب بنية التملك. وطلبت معاقبتهما بالمواد 40/ 1 ـ2و41 و 113/ 1 - 2 و 119 من قانون العقوبات، وادعى – المجنى عليه – مدنيا قبل المتهمين والشركة العامة للاسكان والتعمير السياحى والسيد وزير الإسكان (المسئولين عن الحقوق المدنية) بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت بالتضامن بينهم. ومحكمة العطارين الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 20 مارس سنة 1972 عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم الثانى (الطاعن) ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وبراءة المتهم الآخر مما أسند إليه. وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة بالنسبة للمتهم الآخر. ومحكمة الاسكندرية الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 2 ديسمبر سنة 1972 بقبول الاستئنافين شكلا، وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ هذا الحكم. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن الجريمة التى دين بها الطاعن لا تقوم إذا ما انتفى عن الشئ صفة المال، وكذلك إذا ما تخلف شرط ملكية الدولة أو ما فى حكمها لهذا المال، وقد جاء الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك، إذ أن كل ما استحصل عليه الطاعن وشقيقه هو ثلاث صور فوتوغرافية منقولة من صورة عقد ابتدائى للمدعى بالحقوق المدنية ورسم تقريبى لموقع الأرض وطلب فحص وهى عديمة القيمة بالنسبة له وللغير وللطاعن، ولم ينشأ الضرر للمدعى عن فعل الاستيلاء على تلك الأوراق وإنما عن تقديمها للمحكمة، هذا فضلا عن أن المحكمة الجنائية لا تختص بدعوى الحقوق المدنية إلا إذا كان الحق المدعى به ناشئا مباشرة عن ضرر لحق المدعى من الجريمة المرفوعة بها الدعوى مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضى بعدم اختصاصها بالدعوى المدنية. ولا ينال من ذلك عدم إثارة هذا الأمر أمامها لتعلقه بولايتها وهى من النظام العام، كما أن الحكم لم يحفل بما أبداه الطاعن من أوجه الدفاع القانونية المتعلقة بأركان الجريمة وقد أخذت محكمة أول درجة بأقوال الشهود التى لا تؤدى إلى توافر تلك الأركان واعتنق الحكم المطعون فيه الأقوال المذكورة على ما شابها من عوار وهذا ليس بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه قد دان الطاعن بوصف أنه "اشترك بطريق الاتفاق والتحريض من مجهولين من الشركة العامة للتعمير السياحى فى الاستيلاء على ملف المجنى عليه السابق تقديمه فيه إلى مؤسسة تعمير الصحارى والتى سلمته بدورها إلى شركة المعمورة للتعمير السياحى وكان الفعل غير مصحوب بنية التملك وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن إدلة استمدها من أقوال المجنى عليه ورئيس مجلس إدارة شركة المعمورة للتعمير السياحى – ومفاده أن أحد موظفى الشركة حصل على هذه المستندات ومكن الطاعن من تصويرها بإتفاق معه على ذلك لقاء منفعة عادت على الموظف – ومن أقوال........... وكيل المحامى من أن الطاعن أحضر صور المستندات التى أودعت فى القضية المدنية المرفوعة منه ضد المجنى عليه والتى تبين من اطلاع المحكمة عليها أنها تطابق أصول المستندات المودعة بملف المجنى عليه المعهود إلى الشركة بحفظه. وكانت الواقعة على الصورة التى أعتنقها الحكم المطعون فيه تشكل الجنحة المنصوص عليها فى المواد 40/ 1 و2و41 و 113/ 1 و 2 مكرر من قانون العقوبات، وكانت العقوبة التى أنزلها الحكم المطعون فيه على الطاعن تدخل فى نطاق عقوبة هذه المادة، ومن ثم فإن خطأ الحكم فى ذكره مادة العقاب بأنها المادة 113 بفقرتيها الأولى بدلا من المادة 113 مكرر بفقرتيها من قانون العقوبات لا يعيبه ذلك انه من المقرر أنه لا يترتب على الخطأ فى رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها – وهى الأمور التى لم يخطئ الحكم تقديرها – وإذ كان تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التى قارفها الطاعن لا الوصف القانونى الذى تسبغه المحكمة عليها – فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن خطأ الحكم فى تطبيقه على واقعة الدعوى حكم المادة 113 من قانون العقوبات وهى تستلزم للعقاب أن يكون المال المستولى عليه مملوكا للدولة أو إحدى الجهات التى عينتها هذه المادة ودخل فى ذمتها المالية كعنصر من عناصرها طالما أن الحكم قد أفصح فى مدوناته عن الواقعة التى دان الطاعن عنها بما ينطبق عليه حكم المادة 113 مكرر من قانون العقوبات التى لا تشترط أن تكون الأموال أو الأوراق أو الأمتعة المسلمة إلى المستخدم مملوكة لإحدى الجهات المنصوص عليها فيها وما دامت العقوبة التى قضى بها الحكم على الطاعن تدخل فى الحدود المقررة لهذه المادة، لما كان ذلك، وكانت عبارة "الأموال أو الأوراق أو الأمتعة أو غيرها" الواردة بالمادة 113 مكرر من قانون العقوبات صيغت بألفاظ عامة يدخل فى مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية وكانت مستندات المجنى عليه المودعة بملفه – على فرض صحة ما أثاره الطاعن فى شأنها من أنها عبارة عن صور لأوراق عرفية – هى مما ينطبق عليه وصف الأوراق المشار إليها فى المادة المذكورة لما لها من قيمة ذاتية باعتبارها من الأوراق فضلا عن إمكان استعمالها والانتفاع بها بدلالة تقديمها من المجنى عليه لجهات الاختصاص كسند يشهد على ملكيته، كما أن الطاعن لا يمارى فى أنه قد حصل على صور منها قدمها فى دعواه المدنية كسند لدفاعه مما يؤكد ما لها من قيمة أما منعى الطاعن على الحكم لعدم قضائه بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية فمردود بأنه فضلا عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة فى هذه الدعوى فمصلحته فيه منعدمة، إذ أن الحكم لم يفصل فى الدعوى المدنية بل تخلى عنها باحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملا بالمادة 309 من قانون الإجراءات. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، وإذ كان القاضى الجنائى – فيما عدا الأحوال الاستثنائية التى قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة – حرا فى أن يستمد عقيدته من أى مصدر شاء فإن له – إذ لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره – أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التى تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغا وله من ظروف الدعوى ما يبرره. كما له أن يستنتج حصوله من أى فعل لاحق للجريمة يشهد به، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاستيلاء على الأوراق المسلمة إلى الموظف المختص بغير نية التملك المنصوص عليها فى المادة 113 مكرر من قانون العقوبات وأورد على ثبوت اشتراك الطاعن فيها بطريق الاتفاق أدلة كافية سائغة مما تنتفى به دعوى الفسا د فى الاستدلال والقصور فى التسبيب. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بقاله فساد استخلاصه للواقعة من أقوال الشهود التى لا تؤدى إلى ثبوت الجريمة فى حقه جاء مرسلا لم يحدد الطاعن فيه وجه الفساد مما يكون معه النعى مجهلا غير مقبول.
وحيث إنه لما سلف يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.