أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثالث – السنة 8 – صـ 803

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، وفهيم جندى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(216)
الطعن رقم 375 سنة 27 ق

تجهيز. جواز توفره ولو عرضا من غير اتفاق سابق.
إن التجمع – وإن كان بريئا فى بدء تكوينه – إلا أنه قد يقع فيه ما يجعله مهددا للسلم العام فيأمر رجال السلطة بتفريقه، ففى هذه الحالة ينقلب إلى تجمهر معاقب عليه ويكفى فى حكم القانون حصول التجمهر ولو عرضا من غير اتفاق سابق – وكل من بلغه الأمر من المتجمهرين بالتفرقة ورفض طاعته أو لم يعمل به يكون مستحقا للعقاب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من – 1 – محمد على محمد، 2 – على محمد على، 3 – أحمد محمد على، 4 – سيد أحمد محمد على، 5 – محمد حسنين على، 6 – عبد العظيم طه جمعه، 7 – عبد الحليم طه جمعه، 8 ـ عبده عبد العزيز محمد، 9 ـ حسن أحمد حسن، 10 – أحمد حسن إمام – 11 – على عبد الحق بخيت، 12 – عبد العال دريدى مهران. بأنهم – أولا – المتهمون من الأول إلى الحادى عشر اشتركوا فى تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص كان الغرض منه ارتكاب جريمة منع وتعطيل تنفيذ القوانين واللوائح والتأثير على السلطات العامة فى أعمالها وكان ذلك باستعمال القوة والتهديد وحالة كونهم يحملون أسلحة وآلات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة ومع علمهم بأغراض التجمهر وذلك بأن تجمعوا مع غيرهم حاملين أسلحة نارية " بنادق" وعصيا وأحجارا وأحاطوا بنائب مأمور البدارى" الصاغ زكريا مصطفى طه" والقوة المرافقة له يعترضونهم ويهددونهم ويمنعونهم من اصطحاب المتهم الثانى عشر إلى مركز البوليس أثر ضبطه متلبسا بجريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص وكان أن وقع فى سبيل الغرض المقصود من التجمهر الجرائم الآتية: 1 – استعملوا القوة والعنف فى حق موظفين ومستخدمين عموميين ليحصلوا على اجتنابهم أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وذلك بأن أمسك المتهم الأول بضابط مباحث المركز مصطفى مصطفى داود وحاول انتزاع البندقية المضبوطة مع المتهم الثانى عشر منه وأطلق بعضا من المتجمهرين أعيرة نارية ناحية رجال القوة أثناء وجودهم بالبلدة وعند انصرافهم بالسيارة ومعهم المتهم الثانى عشر متوجهين إلى مركز البوليس وقذف البعض الآخر طوبا عليهم وعلى السيارة ولما اعترض خلف حمدان وكيل شيخ الخفراء طريق ملاحقتهم للقوة ضربه المتهمان الأول والسادس بعصى فأحدثا به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبى وكل ذلك بقصد إرغام القوة على إخلاء سبيل المتهم الثانى عشر وتمكينه من الهرب. 2 – أتلفوا مع قصد الإساءة السيارة الموضحة بالمحضر والمملوكة لمركز البدارى. 3 – ضرب المتهمان العاشر والحادى عشر محمد على رشوان عمدا فأحدثا به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبى والتى عولج من أجلها مدة لا تزيد على عشرين يوما وثانيا – المتهم الثانى عشر – 1 – أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا " بندقية" ذات ماسورة مششخنة تطلق الخرطوش (رامنجتون) حالة كونه سبق الحكم عليه بالأشغال الشاقة عشر سنوات لقتل عمد. و2 – أحرز ذخائر مما تستعمل فى أسلحة نارية ولم يرخص له باحرازها. و3 – أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض " خنجرا". ونيابة أمن الدولة طلبت من المحكمة العسكرية العليا معاقبة المتهمين المذكورين من الأول إلى الحادى عشر بالمواد 1 و2 و3 من الأمر العسكرى رقم 5 الصادر فى 27/ 1/ 1952 وبالمواد 103 و109 و110 و111 من قانون العقوبات المعدل بالقانون 69 لسنة 1953 والجنحة المعاقب عليها بالمادة 361/ 1 من قانون العقوبات والمتهمان العاشر والحادى عشر أيضا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات والثانى عشر بالمواد 1 و6/ 1 و9/ 4 و12 من القانون رقم 58 لسنة 1949 والجدول ب الملحق بهذا القانون والجنحة المعاقب عليها بالمواد 1 و5 و8 و10 و12 من القانون المشار إليه والجدول رقم 1 الملحق بهذا القانون. وقد أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة جنايات أسيوط بعد إلغاء الأحكام العرفية. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 3 من القانون رقم 10 لسنة 1914 والمواد 103، 109، 242/ 1، 361/ 1 من قانون العقوبات وبالمواد 1 و5 و6/ 1 و8 و9/ 1 - 2 و10 و12 من القانون رقم 58 لسنة 1949 والجدول رقم 1 الملحق بهذا القانون بالنسبة للمتهم الأخير مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات للأول والثانى والسادس والتاسع والعاشر والثانى عشر مع تطبيق المادتين 55 و56 من القانون المذكور بالنسبة لعقوبة الغرامة فقط بمعاقبة كل من محمد على محمد على وعلى محمد على وأحمد محمد على وسيد احمد محمد على ومحمد حسنين على وعبد العظيم طه جمعه وعبد الحليم طه جمعه وعبده عبد العزيز محمد وحسن أحمد حسن وأحمد حسن إمام وعلى عبد الحق بخيت وعبد العال دردير مهران بالسجن ثلاث سنين وبتغريم كل منهم عدا المتهم الأخير مبلغ ألف جنيه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة وأمرت بالمصادرة.
فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب ذلك أن الحكم اعتبر الطاعنين فى حالة تجمهر – وحملهم مسئولية ما وقع من جرائم – فى حين أن الثابت من مدونات الحكم أن هذا التجمع – وهو أمر عادى على ما هو معروف فى القوى – كان سابقا على وصول القوة – هذا وقد شاب الحكم الغموض والإبهام فى التسبيب – إذ أغفل الرد على ما أثاره الطاعنون من دفوع جوهرية وما طعنوا به على شهادة وكيل شيخ الخفراء من قيام ضغينة بينه وبينهم وأنه هو الذى أرشد عنهم دون غيره ولم تحصل عملية استعراف قانونية من جانب باقى الشهود وعلى ما أثاروه من أن الواقعة لا تعدو أن تكون اعتداء فرديا من جانب المتهم الثانى وحده وأنه بدأ مع وكيل شيخ الخفراء ومن معه بعد تحريك سيارة القوة وانصرافهم من مكان الحادث.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله " وحيث إن الثابت من أقوال الشهود أن المتهمين بدأوا يتجمهرون حول السيارة منذ اللحظة الأولى لوقوفها وكان عددهم يزيد عن الخمسة أشخاص ثم أخذ يتزايد عندما عاد الصول والمخبر ومعهما المتهم الأخير (الطاعن الأخير) والسلاح المضبوط حتى هذه اللحظة لم يكن قد تحدد الغرض من هذا التجمهر وكان يمكن أن ينتهى بسلام ويتفرق المتهمون وباقى المتجمهرين عندما أمرهم رئيس القوة الشاهد الأول بالتفرق إلا أنهم لم يأبهوا لهذا الأمر وتحدد الغرض الذى من أجله يتجمهرون عندما هب من بينهم المتهم الثانى (الطاعن الثانى) يثيرهم ويحرضهم على العمل لإفلات المتهم الأخير من أيدى رجال القوة واستعادة السلاح المضبوط بالقوة والغرض من هذا واضح وهو أن يحصل المتجمهرون على اجتناب رجال القوة أداء العمل المكلفين به وهو القبض على المتهم الأخير وتقديمه إلى السلطات المختصة ومعه السلاح المضبوط وظل المتجمهرون مع علمهم بالغرض الذى انتهى إليه التجمهر فى أماكنهم دون أن يتفرقوا أو يبتعدوا ولم يقتصر الأمر على ذلك فقد استجاب المتهم الأول لهذا التحريض بأن قاوم ضابط المباحث بالقوة والعنف كما تعدى بالضرب على وكيل شيخ الخفراء هو والمتهم السادس عبد المنعم طه جمعه (الطاعن السادس) وكذا أحمد حسن إمام المتهم العاشر – أما باقى المتهمين عدا الأخير فقد اشتركوا فى استعمال القوة والعنف فى حق رجال القوة للغرض ذاته الذى تجمهروا من أجله وذلك بأن قذفوا سيارة المركز بالأحجار فأحدثوا بزجاجها وطلائها تلفا وهكذا قارف المتهمون عدا الأخير جريمة التجمهر المنصوص عليها فى القانون رقم 10 لسنة 1914 وجريمة الإتلاف المعاقب عليها بالمادة 361/ 1 من قانون العقوبات كما ارتكب المتهمون الأول والثانى والسادس الجناية المنصوص عنها فى المادتين 103 و109 من قانون العقوبات كما ارتكب المتهم العاشر الجنحة المنصوص عنها فى المادة 242/ 1 من القانون المذكور. وأصبحوا جميعا عدا الأخير مسئولين أيضا عن هذه الجرائم وكلها وقعت تنفيذا للغرض الذى حصل التجمهر من أجله وأعلنه عليهم فى وضوح المتهم الثانى على ما سلف بيانه".
وحيث إن التجمع وإن كان بريئا فى بدء تكوينه – إلا أنه قد يقع فيه ما يجعله مهددا للسلم العام فيأمر رجال السلطة بتفريقه ففى هذه الحالة ينقلب إلى تجمهر معاقب عليه ويكفى فى حكم القانون حصول التجمهر ولو عرضا من غير اتفاق سابق – وكل من بلغه الأمر من المتجمهرين بالتفرقة ورفض طاعته أو لم يعمل به يكون مستحقا للعقاب – لما كان ذلك – وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جريمة الاشتراك فى التجمهر وأن الطاعنين كانوا على علم بالغرض الاجرامى – وأن وقوع ما وقع من جرائم إنما حصل أثناء اشتراك الطاعنين فى التجمهر وبقصد تنفيذ الغرض منه مما توجب مسئوليتهم قانونا عنها – وأورد على ثبوت ذلك فى حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها – وكانت محكمة الموضوع غير مكلفة بمتابعة المتهم فى دفاعه الموضوعى والرد على كل جزئية يثيرها بل يكفى أن يكون ردها عليه مستفادا من قضائها بادانته للأدلة التى أوردتها – لما كان ذلك فإن الطعن برمته لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.