أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثالث – السنة 8 – صـ 832

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، وعثمان رمزى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(225)
الطعن رقم 850 سنة 27 ق

(أ) اثبات. شهادة. سلطة المحكمة فى الأخذ بقول للشاهد ولو خالف قولا آخر له.
(ب) اجراءات. شهادة. عدم التزام المحكمة بتلاوة أقوال الشاهد الغائب.
1 – للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول للشاهد أدلى به فى إحدى مراحل التحقيق أو المحاكمة، ولو خالف قولا آخر له أبداه فى مرحلة أخرى، دون أن تبين العلة، إذ المرجع فى ذلك إلى ما تقتنع به ويطمئن إليه وجدانها، كما أن تناقض الشاهد أو تضاربه فى أقواله لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
2 – من المقرر أن تلاوة أقوال الشاهد هى من الاجازات التى رخص بها الشارع للمحكمة عند تعذر سماعه لأى سبب من الأسباب وليست من الاجراءات التى أوجب عليها اتباعها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب محمد محمود حجازى عمدا بجسم صلب راض " قطعة من الحديد" على رأسه وجسمه فأحدث به الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى نشأ عن إحداها وهى إصابة مؤخرة رأسه عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد عظمى بالجمجمة " العظم المؤخرى" لا ينتظر أن يملأ بنسيج عظمى فى المستقبل وسيبقى السحابا والمخ عرضة للاصابات البسيطة وتجعله عرضة للمضاعفات الخطيرة كالالتهابات والأنزفة السحائية والمخية والصرع الجكونى وأكثر تأثرا بالتقلبات الجوية عما كان قبله وتقلل قدرته على العمل بما لا يمكن تقديره بنسبة مئوية لما قد يطرأ من مضاعفات. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهم المذكور إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات، فقررت الغرفة بذلك، وادعى المجنى عليه محمد محمود حجازى بحق مدنى قبل المتهم بقرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا. وأمام محكمة جنايات الزقازيق طلب الحاضر مع المتهم اعتبار المدعى بالحق المدنى تاركا لدعواه المدنية لأنه لم يحضر يوم الجلسة، وبعد أن أتمت المحكمة نظرها قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. أولا – بمعاقبة المتهم حكمت حسن محمد الشهير بأحمد بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. وثانيا – فى الدعوى المدنية برفض طلب اعتبار المدعى بالحق المدنى تاركا دعواه مع حفظ الحق له بالسير فى دعواه المدنية أمام الجهة المختصة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن للمجنى عليه روايتين أبدى إحداهما أمام البوليس وفى تحقيق النيابة العامة مؤداها أنه لم ير الضارب وذكر الأخرى أمام قاضى التحقيق فقرر أنه رأى الجانى، فكان من المتعين على المحكمة إزاء هذا التضارب أن تستدعيه لتسمع شهادته وتناقشه فيها، ولكن المحكمة مع تسليمها بأنه لم يعلن إعلانا صحيحا مضت فى محاكمته ثم قضت بإدانته لأنها أخذت بقول المجنى عليه أمام قاضى التحقيق دون قوله أمام البوليس وفى تحقيق النيابة من غير أن تبين علة ذلك هذا إلى أنها أغفلت تلاوة أقواله فى التحقيق الابتدائى يضاف إلى ذلك أن المحكمة دانت الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة مع أن التحقيقات التى أجرتها أثبتت أنه كانت هناك مشاجرة أصيب فيها عديدون من الرجال والنساء وأن شهادة شقيق المجنى عليه فوق أنها تدل على أن الطاعن لم يقترف بالجريمة، فانها محل شك وريبة كما أن الشاهد مصطفى يوسف قرر فى تحقيق النيابة بأنه لم يشاهد الحادث، غير أن المحكمة اطرحت هذه الشهادة وأخذت بروايته أمام قاضى التحقيق هذا فضلا عن أن شهادة الشهود فى مجموعها لا تؤدى إلى إدانة الطاعن ولم تبين المحكمة فى حكمها ما أسفرت عنه تحقيقات البوليس والنيابة ولم تفند دفاع الطاعن وترد عليه ردا سديدا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه بينما كان المجنى عليه يسير فى الطريق قاصدا بلدة أو كبير لبعض شئونه، وبرفقته أخوه السيد محمد حجازى ومصطفى يوسف خلف، إذ تشاحنت معه زوجة الطاعن ووالدتها بسبب مشاجرة جرت بينهم فى اليوم السابق وانتهت صلحا. وتدخل الطاعن فى هذه المشاحنة وجرى خلف المجنى عليه وضربه بقطعة من الحديد على رأسه من الخلف فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى نشأ عن إحداها عاهة مستديمة هى فقد عظمى بالرأس فى الجزء المؤخرى وأورد الحكم على ثبوت حصول الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه فى التحقيق الابتدائى ومن أقوال السيد محمود حجازى ومحمد السيد سالم الشهير بزغلول فى ذلك التحقيق، وبجلسة المحاكمة وهى أقوال مطابقة للواقعة المتقدمة ومستمدة أيضا من التقرير الطبى الشرعى الذى أثبت إصابة المجنى عليه من جسم صلب راض ثقيل كقطعة من الحديد، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم – ولما كان للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أم تأخذ بقول للشاهد أدلى به فى إحدى مراحل التحقيق أو المحاكمة – ولو خالف قولا آخر له أبداه فى مرحلة أخرى دون أن تبين العلة إذ المرجع فى ذلك إلى ما تقتنع به ويطمئن إليه وجدانها وكان تناقض الشاهد أو تضاربه فى أقواله لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه، ولما كانت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة بسماعها أقوال شهود الإثبات الذين حضروا جلسة المحاكمة، وكان لا يبين من محضر تلك الجلسة أن الطاعن طلب سماع شهادة المجنى عليه الذى تخلف عن حضور الجلسة أو طلب تلاوة أقواله فى التحقيق الابتدائى فليس له أن ينعى على المحكمة عدم استدعائه أو عدم تلاوة أقواله وكان من المقرر أن تلاوة الشهادة هى من الأجازات التى رخص بها الشارع للمحكمة عند تعذر سماع الشاهد لأى سبب من الأسباب وليست من الإجراءات التى أوجب عليها اتباعها، ولما كانت المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على ما يثيره المتهم من أوجه دفاع موضوعية إذ الرد عليها يكون مستفادا ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت التى أوردتها، لما كان كل ذلك فإن ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يكون له محل ولا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير أدلة الإثبات ومبلغ كفايتها للادانة مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.