أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 361

جلسة أول أبريل سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين/ حسن أبو الفتوح الشربينى، وابراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(78)
الطعن رقم 240 لسنة 44 القضائية

(1) حكم. "وضعه والتوقيع عليه". "بطلانه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بطلان.
المادة 312 إجراءات. ترتيبها البطلان إذا مضت ثلاثون يوما دون توقيع الحكم. ميعاد الثمانية أيام المنصوص عليها. لا بطلان على مخالفته.
(2) قصد جنائى. تموين. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحراز الكسب بقصد الاتجار. واقعة مادية يستقل بتقديرها قاضى الموضوع.
(3) قانون أصلح. تموين. عقوبة. نقض. "حالات الطعن. مخالفة القانون".
جريمة الاتجار فى الكسب بغير ترخيص. العقوبة المقررة لها بموجب المادتين 113 و 341 من قرار وزير الزراعة رقم 75 لسنة 1967 الصادر نفاذا لقانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966. أخف من تلك التى كانت مقررة لها بالقرار رقم 143 لسنة 1957 المعدل. صدور القانون قبل الحكم نهائيا فى الدعوى يوجب إعماله بالمادة 5/ 2 عقوبات. (4) نقض. "الحكم في الطعن" .قانون.[(1)]
كلما أوجب القانون على محكمة النقض تصحيح الحكم المطعون فيه. حظر عليها نقضه كله أو بعضه. تأصيل ذلك.
1 - إن قانون الإجراءات الجنائية تكفل فى المادة 312 منه بتنظيم وضع الأحكام والتوقيع عليها، لم يرتب البطلان على تأخير التوقيع إلا إذا مضت ثلاثون يوما دون حصول التوقيع. أما ميعاد الثمانية أيام المشار إليه فيها فقد أوصى الشارع بالتوقيع على الحكم خلاله دون أن يرتب البطلان على عدم مراعاته.
2 - من المقرر أن إحراز الكسب بقصد الاتجار إنما هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها ما دام أن يقيمها على ما ينتجها. ولما كان الحكم قد محص واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاتجار فى الكسب بغير ترخيص وأورد على ثبوتها فى حق الطاعنين أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق واستظهر توافر قصد الاتجار لديهما من إقرار الطاعن الأول فى محضر ضبط الواقعة ببيعه الكسب المصرح بصرفه للجمعية التى يرأسها إلى الطاعن الثانى مقابل ربح وقيام الأخير بتوزيعه إلى عدة جهات وأنه اعتاد شراء تصاريح صرف الكسب من أصحابها لهذا الغرض مطرحا دفاع الطاعن الأول فى تحقيق النيابة وإنكار الطاعن الثانى صلته به التى قام الدليل عليها من الورقة المحررة بخطه – فان النعى على الحكم بالقصور فى التسبيب فى هذا الصدد يكون فى غير محله.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استظهر عناصر جريمة الاتجار فى الكسب بغير ترخيص فى حق الطاعنين، وأعمل فى حقهما أحكام القانون رقم 21 لسنة 1957، وكان القانون رقم 53 لسنة 1966 هو القانون الأصلح للمتهمين بما جاء فى نصوصه من عقوبات أخف فيكون هو الواجب التطبيق عملا بنص المادة 5/ 2 من قانون العقوبات وذلك لصدوره قبل الحكم نهائيا فى الدعوى.
4 - متى كان العيب الذى شاب الحكم المطعون فيه مقصورا على الخطأ فى تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم، وكان قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قضى فى الفقرة الأولى من المادة 39 بأنه إذا كان الطعن مقبولا ومبنيا على مخالفة للقانون أو على خطأ فى تطبيقه أو تأويله، فإن المحكمة تصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون كما حظر فى المادة 40 نقض الحكم إذا اشتملت أسبابه على خطأ فى القانون أو فى ذكر نصوصه، وأوجب الاقتصار على تصحيح الخطأ متى كانت العقوبة مقررة فى القانون للجريمة، فى حين أنه قضى فى الفقرة الثانية من المادة 39 بنقض الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة التى أصدرته إذا وقع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فيه – فان مؤدى ما تقدم أنه كلما وجب تصحيح الحكم المطعون فيه حظر نقضه كله أو بعضه، ومن ثم لزم فى الطعن الماثل تصحيح الحكم على حالة وفق القانون دون نقضه عملا بالفقرة الأولى من المادة 39 سالفة الذكر.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى يوم 6 مايو سنة 1961: اتجروا فى الكسب بغير ترخيص من وزارة الزراعة. وطلبت عقابهم بالمواد 1/ 1 و 6 من القانون 21 لسنة 1957 المعدل بالقوانين 72 لسنة 1957 و 206 لسنة 1958 و 192 لسنة 1969. ومحكمة جنح المنيا الجزئية قضت حضوريا اعتباريا بتاريخ 27 ديسمبر سنة 1969 عملا بمواد الاتهام بحبس كل من الطاعنين ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ وتغريم كل منهما مائة جنيه ومصادرة المواد المضبوطة وبراءة الباقين. فاستأنفا، ومحكمة المنيا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بتاريخ 7 ديسمبر سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الوكيل عن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الاتجار فى كسب بذرة القطن بغير ترخيص من وزارة الزراعة قد شابه البطلان وانطوى على قصور فى التسبيب وخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكم لم يحرر شاملا لأسبابه ولم يوقع عليه فى خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره – هذا ولم يبين الحكم قصد الاتجار بيانا وافيا وأطرح دفاعهما الذى أبدياه فى التحقيقات كما أعمل الحكم فى حقهما أحكام قرار وزير التموين رقم 143 لسنة 1957 فى حين أن القانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 53 لسنة 1966 الذى صدر وعمل به قبل الحكم نهائيا فى الدعوى.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعنين وآخرين بوصف أنهم فى يوم 6 مايو سنة 1961 بدائرة بندر المنيا اتجروا فى الكسب بغير ترخيص من وزارة الزراعة. ومحكمة بندر المنيا قضت حضوريا اعتباريا عملا بالمواد 1/ 1 و 6 من القانون رقم 21 لسنة 1957 فى شأن تنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته المعدل بالقانون رقم 72 لسنة 1957، والقانون رقم 206 لسنة 1958، والقانون رقم 192 لسنة 1969 والمادتين 3 و 11/ 2 من قرار وزير التموين رقم 143 لسنة 1957 بحبس كل من الطاعنين ستة أشهر وبتغريم كل منهما مائة جنيه والمصادرة وبراءة الباقين، وإذ استأنف الطاعنان هذا الحكم قضت المحكمة الاستئنافية بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1972 برفض الاستنئاف وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان وكان قانون الإجراءات الجنائية إذ تكفل فى المادة 312 منه بتنظيم وضع الأحكام والتوقيع عليها لم يرتب البطلان على تأخير التوقيع إلا إذا مضت ثلاثون يوما دون حصول التوقيع أما ميعاد الثمانية أيام المشار إليه فيها فقد أوصى الشارع بالتوقيع على الحكم خلاله دون أن يرتب البطلان على عدم مراعاته بما يضحى معه النعى على الحكم فى هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد محص واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاتجار فى الكسب بغير ترخيص وأورد على ثبوتها فى حق الطاعنين أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق واستظهر توافر قصد الاتجار لديهما من إقرار الطاعن الأول فى محضر ضبط الواقعة بيعه الكسب المصرح بصرفه للجمعية التى يرأسها إلى الطاعن الثانى مقابل ربح وقيام الأخير بتوزيعه إلى عدة جهات وأنه اعتاد شراء تصاريح صرف الكسب من أصحابها لهذا الغرض مطرحا دفاع الطاعن الأول فى تحقيق النيابة وإنكار الطاعن الثانى صلته به التى قام الدليل عليها من الورقة المحررة بخطه – وإذ كان إحراز الكسب بقصد الاتجار إنما هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها ما دام أنه يقيمها على ما ينتجها – كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة فإن النعى على الحكم بالقصور فى التسبيب فى هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان قرار التموين رقم 143 سنة 1947 الذي أشار في ديباجته إلي المرسوم بقانون رقم 95سنة 1945 الخاص بشئون التموين والقانون رقم 21 سنة 1957 وإلى موافقة لجنة التموين العليا قد عنى بالهيمنة على خامات علف الحيوان وعلى تداوله بين صانعيه والمتجرين فيه ومستهلكيه عملا بحق وزير التموين بمقتضى نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 فى إصدار قرارات بموافقة لجنة التموين العليا باتخاذ تدابير لسلامة تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء لتحقيق العدالة فى توزيعها بينما عنى القانون رقم 21 سنة 1957 بتنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته ببسط رقابة على مركباته ومواصفاته وصناعته وتعبئته والاتجار فيه بما مؤداه أن لكل من القانون المذكور وقرار التموين سالف البيان مجاله وغايته – ولما كانت المادة الثالثة من القرار رقم 143 لسنة 1957 المعدلة بالقرار رقم 754 سنة 1957 المشار إليه يحظر بغير ترخيص من وزارة التموين الاتجار فى كسب بذرة القطن المقشورة أو غير المقشورة كما نصت المادة 11/ 2 منه بالعقاب على مخالفة حكم هذه المادة بالعقوبة الواردة فى المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 والتى تقضى بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه ومصادرة الأشياء موضوع الجريمة إلا أنه بتاريخ 8 سبتمبر سنة 1966 صدر القانون رقم 53 باصدار قانون الزراعة ونشر بالجريدة الرسمية فى 11 من سبتمبر سنة 1966 ونصت المادة الثانية من قانون اصداره على إلغاء القانون 21 سنة 1957 فى شأن تنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته – والذى أعمل الحكم المطعون فيه أحكامه في حق الطاعنين ـ وكذا القوانين المعدلة له وإلغاء كل حكم يخالف أحكامه. ونص فيه على العمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره ونص فى المادة 112 منه على أن يصدر وزير الزراعة قرارات فى مسائل من ضمنها إجراءات تراخيص الاتجار فى مواد العلف وشروطها والرسوم الواجب أداؤها وتنظيم بيع العلف المصنع ومواد العلف الخام وتداولها ونقلها من جهة إلى أخرى وقد صدر قرار وزير الزراعة رقم 75 سنة 1967 فى هذا الشأن كما نص فى المادة 113 منه على أنه لا يجوز الاتجار فى الكسب أو مواد العلف الخام التى يحددها وزير الزراعة أو العلف المصنع أو طرحها للبيع أو تداولها أو نقلها من جهة إلى أخرى أو حيازتها بقصد البيع بغير ترخيص من وزارة الزراعة، ونصت المادة 141 الواردة فى الباب الثالث من الكتاب الثانى من هذا القانون على أن مخالفة المادة 113 يعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ويجب الحكم بمصادرة المواد محل المخالفة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر عناصر جريمة الاتجار فى الكسب بغير ترخيص فى حق الطاعنين وكان القانون رقم 53 سنة 1966 هو القانون الأصلح للمتهمين بما جاء فى نصوصه من عقوبات أخف هو الواجب التطبيق عملا بنص المادة 5/ 2 من قانون العقوبات، وذلك لصدوره قبل الحكم نهائيا فى الدعوى، ولما كان العيب الذى شاب الحكم المطعون فيه مقصورا على الخطأ فى تطبيق القانون على الواقعة كما صادر إثباتها فى الحكم لما كان ذلك، وكان قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قضى فى الفقرة الأولى من المادة 39 بأنه إذا كان الطعن مقبولا ومبنيا على مخالفة القانون أو على خطأ فى تطبيقه أو تأويله، فإن المحكمة تصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون كما حظر فى المادة 40 نقض الحكم إذا اشتملت أسبابه على خطأ فى القانون أو فى ذكر نصوصه، وأوجب الاقتصار على تصحيح الخطأ متى كانت العقوبة مقررة فى القانون للجريمة، فى حين أنه قضى فى الفقرة الثانية من المادة 39 بنقض الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة التى أصدرته إذا وقع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فيه فإن مؤدى ما تقدم أنه كلما وجب تصحيح الحكم المطعون فيه حظر نقضه كله أو بعضه، ومن ثم لزم فى الطعن الماثل تصحيح الحكم على حاله وفق القانون دون نقضه عملا بالفقرة الأولى من المادة 39 سالفة الذكر.


[(1)] هذا المبدأ مقرر أيضا فى الطعنين رقمى 82 و134 بجلسة 22/ 4/ 1974 "لم ينشر".