أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 378

جلسة 7 من أبريل سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(82)
الطعن رقم 264 لسنة 44 القضائية

(1و 2) مواد مخدرة. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". "مأمورو الضبط القضائى". "اختصاصاتهم". "إثبات". "خبرة ". جمارك. تهريب جمركى.
(1) حق موظفى الجمارك فى تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود نطاق الرقابة الجمركية. مناطه.
(2) قيام الطبيب بناء على طلب مأمور الضبط باخراج المخدر من موضع إخفائه بجسم المتهم. تعرض يقتضيه تفتيشه. عمل الطبيب فى هذه الحالة من أعمال الخبرة.
(3) دفوع. "الدفع بالجهل بكنه المادة المخدرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائى. مواد مخدرة.
استخلاص الحكم علم المتهم بأن ما يحرزه مخدرا. بما يسوغه. كفايته ردا على الدفع بانتفاء هذا العلم.
(4) إثبات. "اعتراف". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف" إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة الدفع بأن الاعتراف كان وليد أكراه أو خوف لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) جلب. مواد مخدرة. قصد جنائى. قانون. "تفسيره". جريمة. "أركانها".
متى تتحقق جريمة جلب الجواهر المخدرة المعاقب عليها بالمادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. مثال.
1 - المستفاد من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى فى أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعى الشك فى البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ولم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش فى تلك المناطق حالة تنم عن شبهة فى توافر التهريب الجمركى فى الحدود المعرف بها فى القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها.
2 - من المقرر أن ما يتخذه مأمور الضبط القضائى المخول حق التفتيش من إجراءات للكشف عن المخدر بمعرفة طبيب المستشفى فى موضع إخفائه من جسم المتهم – لا يعد أن يكون تعرضا للمتهم بالقدر الذى يبيحه التفتيش ذاته. كان أن قيام الطبيب فى المستشفى باخراج المخدر من الموضع الذى أخفاه فيه المتهم لا تأثير له على سلامة الإجراءات ذلك أن قيامه بهذا الإجراء إنما يجرى بوصفه خبيرا ولا يلزم فى القانون أن يكون الخبير من رجال الضبطية القضائية أو أن يباشر عمله فى مكان معين أو تحت إشراف أحد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه دلل على علم الطاعن بكنة المادة المضبوطة معه استنادا إلى ما شهد به شهود الإثبات فى التحقيقات والجلسة من أن المتهم اعترف أمامهم بحمل الأمبولات الثلاثة التى تحوى الأفيون فى مستقيمه قبل قيامه باخراجها من جسمه اخراجا طبيعيا – بعد أن اطمأنت المحكمة إلى تلك الشهادة وأخذت بها مدعمة بالتقرير الفنى فإن النعى على الحكم بقالة القصور فى التسبيب فى هذا الصدد يكون فى غير محله.
4 - لما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد تهديد أو خوف من رجال الضبط فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب فى المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دلل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظا فى ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركى قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات فى المجتمع الدولى. وهذا المعنى يلابس الفعل المادى المكون للجريمة ولا يحتاج فى تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصى أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطى لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوى والاصطلاحى للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه فى الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديدا للمعنى المتضمن فى الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه – لما كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب 449 جراما من مادة الأفيون أخفاها الطاعن فى أمبولات داخل مكان حساس من جسمه فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به فى القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر فى التعامل.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 2 مارس سنة 1972 بدائرة قسم الميناء محافظة الاسكندرية: جلب إلى أراضى جمهورية مصر العربية جوهرا مخدرا "أفيونا" دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و3 و33/ 1 و26 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمى 206 لسنة 1960 و40 لسنة 1966 والبند/ 1 من الجدول رقم/ 1 المرافق. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه، أذ دان الطاعن بجريمة جلب جوهر مخدر، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إجراءات التفتيش لحصولها خارج الدائرة الجمركية بمستشفى الطلبة الجامعى ولأن سلطة مأمورى الضبط القضائى داخل هذه الدائرة لا تمتد إلى ندب طبيب لتفتيش المتهم خارجها، كما دفع بجهله لكنه المادة المضبوطة معه – إلا أن الحكم رد على دفاع الطاعن بما لا يسوغ به الرد عليه، وعول على اعترافه مع بطلان ذلك الاعتراف لأنه كان وليد خوف واستسلام لرجال الضبط ونتيجة إجراءات باطلة، وأخيرا فإن الظاهر من ظروف الدعوى أن الطاعن لم يكن إلا مجرد ناقل للمخدر مما كان يتعين معه تطبيق المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 على واقعة الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه لما أن دلت تحريات الرائد .......... رئيس وحد ة مكافحة المخدرات بادراة شرطة ميناء الاسكندرية على أن الطاعن قادم من بيروت محرزا مواد مخدرة بأمتعته وداخل أماكن حساسة من جسمه أبلغ ذلك إلى رجال الجمرك، ولدى وصول الطاعن إصطحبه إلى المستشفى الجامعى، ولما بدأ الطبيب فى فحصه أبدى الطاعن رغبته فى إخراج المخدر من المكان الحساس بجسمه وتبين أن مادة الأفيون التى أخفاها فى ثلاث أمبولات من المطاط وتزن 447 جراما. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان إجراءات التفتيش ورد عليه فى قوله "أنه مردود بأن التفتيش تم فى نطاق الرخصة الممنوحة لرجال الجمارك بمقتضى قانون الجمارك التى تبيح لهم تفتيش الركاب والأمتعة والبضائع بحثا عن أية ممنوعات أو سلع مهربة. ولما كانت ثمة إخبارية قد وصلتهم بأن المتهم يخفى المخدرات فى أجزاء حساسة من جسمه استدعى الأمر لضبطها الالتجاء إلى طبيب مختص فى مقر عمله بالمستشفى الذى يعمل به بامكانياتها غير المتوفرة بالدائرة الجمركية، فلا يعيب إجراءات التفتيش أن تتم بمستشفى الطلبة الجامعى الذى يقع خارج الدائرة الجمركية خاصة وأن المتهم ظل تحت إشراف رجال الجمارك المتمتعين بصفة الضبطية القضائية قانونا" فان هذا الذى أورده الحكم سديد فى القانون ذلك بأن المستفاد من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى فى أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعى الشك فى البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، ولم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش فى تلك المناطق حالة تنم عن شبهة فى توافر التهريب الجمركى فى الحدود المعروف بها فى القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها. أما ما يتخذه مأمور الضبط القضائى المخول حق التفتيش من إجراءات للكشف عن المخدر بمعرفة طبيب المستشفى – فى موضع إخفائه من جسم المتهم – فانه لا يعد أن يكون تعرضا للمتهم بالقدر الذى يبيجه التفتيش ذاته. كان أن قيام الطبيب فى المستشفى باخراج المخدر من الموضع الذى أخفاه فيه المتهم لا تأثير له على سلامة الإجراءات، ذلك أن قيامه بهذا الإجراء إنما يجرى بوصفه خبيرا ولا يلزم فى القانون أن يكون الخبير من رجال الضبطية القضائية أو أن يباشر عمله فى مكان معين أو تحت إشراف أحد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على علم الطاعن بكنه المادة المضبوطة معه بقوله "أما عن إنكار المتهم علمه بأن محتويات الأمبولات الثلاثة هى مخدر الأفيون بمقولة "أن الشخص الذي عهد إليه بالأمبولات لإخفائها فى مستقيمه أفهمه أنها تحوى نقودا ورقية أجنبية فيجحده ما أوضحه شهود الإثبات فى التحقيقات والجلسة من أن المتهم اعترف أمامهم بحمل الأمبولات الثلاثة التى تحوى الأفيون فى مستقيمه قبل قيامه باخراجها من جسمه اخراجا طبيعيا. وترى بعد أن اطمأنت إلى أقوال شهود الواقعة وأخذت بها مدعمة بالتقرير الفنى أن ذلك الدفاع من المتهم ليس إلا مجرد محاولة منه للمباعدة بينه وبين الإتهام خشية عقوبته المغلظة". وكان ما أورده الحكم فى رده على هذا الدفع من وقائع الدعوى وظروفها سائغا وكافيا فى الدلالة على ما انتهى إليه من إثبات علم الطاعن بكنه المادة المضبوطة، فان النعى على الحكم بقالة القصور فى التسبيب فى هذا الصدد يكون فى غير محله. ولما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد تهديد أو خوف من رجال الضبط، فانه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب فى المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دلل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظا فى ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركى قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات فى المجتمع الدولي. وهذا المعنى يلابس الفعل المادى المكون للجريمة ولا يحتاج فى تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصى أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطى لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوى والاصطلاحى للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه فى الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديدا للمعنى المتضمن فى الفعل مما يثيره عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب 449 جراما من مادة الأفيون أخفاها الطاعن فى أمبولات داخل مكان حساس من جسمه فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به فى القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر فى التعامل. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.