أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 1

جلسة أول يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(1)
الطعن رقم 1041 لسنة 42 القضائية

(1) إختصاص. "الاختصاص النوعى". نيابة عامة. تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". بطلان. إجراءات. "إجراءات التحقيق". قرارات وزارية. آداب. دعارة. حكم. "تسبيبه. "تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "اعتراف". دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". "الدفع ببطلان الاعتراف".
الأعمال الإجرائية تجرى على حكم الظاهر. عدم بطلانها من بعد. نزولا على ما ينكشف من أمر واقع. مثال فى إذن تفتيش قرار وزير العدل بانشاء نيابة ومحكمة بالإسكندرية من بين ما تختصان به جرائم البغاء والقوادة المنصوص عليها فى القانون رقم 10 لسنة 1961، هو قرار تنظيمى. عدم سلبه النيابات العادية اختصاصها العام. مثال.
(2، 3، 4) إثبات. "اعتراف". "بوجه عام". "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(2) تقدير قيمة الاعتراف وقيمة العدول عنه. من إطلاقات قاضى الموضوع بلا معقب. له الأخذ باعتراف المتهم فى محضر الاستدلالات ولو عدل عنه بعد ذلك.
(3) حق محكمة الموضوع فى الأخذ بأقوال متهم على آخر. ولو وردت فى محضر الشرطة. وإن عدل عنها.
(4) الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
1 - الأصل فى الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر، وهى لا تبطل من بعد نزولا على ما ينكشف من أمر واقع. ولما كان الإذن بالتفتيش قد صدر أخذا بما ورد بمحضر التحرى عن غياب المتهمة الرابعة من أن الطاعنة تحتفظ بملابس المبلغ عن غيابها وبمصاغها فى مسكنها بدائرة اختصاص نيابة باب شرقى، فإن الإذن بالتفتيش الذى أصدرته هذه النيابة يكون قد بنى على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر – حال اتخاذه – مقومات صحته فلا يدركه البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وإن تراخى كشفه، هذا فضلا عن أن قرار وزير العدل الصادر فى 26 سبتمبر سنة 1965 المعمول به اعتبارا من أول نوفمبر سنة 1965 بإنشاء نيابة جزئية ومحكمة جزئية لجرائم الآداب بمدينة الإسكندرية تختصان – ضمن ما تختصان – بما يقع بدائرة محافظة الإسكندرية من جرائم البغاء والقوادة المنصوص عليها فى القانون رقم 10 لسنة 1961 هو قرار تنظيمى لم يسلب النيابات بالمحاكم العادية اختصاصها العام، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص فى قضائه إلى اختصاص نيابة باب شرقى بإصدار إذن التفتيش لا يكون قد خالف القانون فى شئ، وبالتالى فلا محل لما تثيره الطاعنة بدعوى أن اعترافها فى التحقيقات كان نتيجة تفتيش باطل.
2 - لما كان تقدير قيمة الاعتراف وقيمة العدول عنه من المسائل الموضوعية التى يفصل فيها قاضى الموضوع بلا معقب، فلا على المحكمة إذا هى آخذت الطاعن باعترافها فى محضر جمع الاستدلالات رغم عدولها عنه بعد ذلك، ما دامت قد اطمأنت إليه وارتاحت إلى صدوره عنها.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر ولو كانت واردة فى محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها فى مراحل التحقيق الأخرى.
4 - متى كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة أو المدافع عنها قد دفع أى منهما بأن الاعتراف المنسوب إليها قد صدر منها نتيجة إكراه وقع عليها فى أثناء التحقيق معها، فلا يقبل منها أن تثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخرين بأنهم فى يوم 15 يونيه سنة 1970 بدائرة قسم المنتزه محافظة الإسكندرية: المتهمة الأولى (الطاعنة) (أولا) حرضت (المتهمة الرابعة) حالة كونها لم تبلغ الحادية والعشرين من عمرها على ممارسة الدعارة وسهلت لها ذلك بأن قدمتها للغير لارتكاب الفحشاء معها نظير أجر تتقاضاه. (ثانيا) استبقت (المتهمة الرابعة) بمسكنها المبين بالمحضر بأن خدعتها وأغرتها بالنقود وبإبلاغ الشرطة إذا ما غادرت المسكن المذكور، وكان ذلك بقصد تحريضها على ممارسة الدعارة حالة كونها لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها. (ثالثا) استغلت بغاء (المتهمة الرابعة) وأخريات على النحو المبين بالمحضر. المتهمان الثانى والثالث (أولا) سهلا دعارة (المتهمة الرابعة) وأخريات على النحو المبين بالمحضر. (ثانيا) استغلا بغاء (المتهمة الرابعة) وأخريات على النحو المبين بالمحضر. المتهمة الرابعة: إعتادت ممارسة الدعارة نظير أجر على النحو المبين بالمحضر. المتهمة الخامسة: سهلت دعارة (المتهمة الرابعة) بأن قدمتها للغير لارتكاب الفحشاء معها حالة كونها لم تبلغ الحادية والعشرين من عمرها، وطلبت عقابهم بالمواد 1/ (أ)، (ب) و 2/ (ب) و 4 و 9/ (ج) و 10 و 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961، ومحكمة الإسكندرية المستعجلة قضت فى الدعوى غيابيا للرابعة وحضوريا للباقين بتاريخ 9 نوفمبر سنة 1970 عملا بمواد الاتهام (أولا) برفض الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش المطعون عليه من المتهمة الأولى وبصحته. (ثانيا) وعن التهم الثلاث المسندة إلى المتهمة الأولى (الطاعنة) وعن التهمتين المسندتين إلى كل من المتهم الثانى والثالث بحبس كل منهم سنة مع الشغل والنفاذ للمتهمة الأولى والمتهم الثانى وكفالة للمتهم الثالث قدرها 25 ج وتغريم كل منهم مائة جنيه ووضع كل منهم تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة تبدأ من نهاية عقوبة الحبس فى المكان الذى يحدده وزير الداخلية. (ثالثا) بحبس المتهمة الرابعة ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف تنفيذ العقوبة وتغريمها 25 ج ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس فى المكان الذى يحدده وزير الداخلية. (رابعا) ببراءة المتهمة الخامسة مما أسند إليها، وذلك بلا مصروفات جنائية لكل من المتهمين. فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة بالنسبة للثالث، ومحكمة الاسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 17 يناير سنة 1971، (أولا) بعدم قبول استئناف المتهم الثالث شكلا للتقرير به بعد الميعاد. (ثانيا) بقبول استئناف الأولى والثانى والنيابة شكلا. (ثالثا) وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها (الأولى) فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجرائم التحريض على الدعارة واستغلال البغاء واستبقاء أنثى فى محل للدعارة قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الإستدلال ذلك بأن إذن التفتيش صدر من نيابة غير مختصة بإصداره هى نيابة باب شرقى الجزئية وكان ينبغى صدوره من نيابة الشئون المستعجلة باعتبارها صاحبة الاختصاص بالجريمة موضوع التحقيق، وقد عول الحكم فى الإدانة على اعتراف الطاعنة بمحضر الشرطة رغم بطلان ذلك الدليل المستمد من التفتيش الباطل فضلا عن أنه كان وليد إكراه وقع على الطاعنة، كما عول الحكم على الأقوال التى أبداها باقى المتهمين فى محضر الشرطة على الرغم من عدولهم عنها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية المكونة للجرائم التى دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها فى حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، عرض للدفع المبدى من الطاعنة ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "إن الحاضر مع المتهمة الأولى (الطاعنة) دفع ببطلان إذن التفتيش الصادر من نيابة باب شرقى بتفتيش مسكن المتهمة الأولى الكائن بالحضرة بقالة أن النيابة المختصة باصداره هى النيابة المستعجلة وهذا مردود بأن الأذن صدر من نيابة باب شرقى بضبط وتفتيش مسكن المتهمة الأولى الكائن بدائرة باب شرقى لضبط ملابس ومصوغات المتهمة الرابعة أى أن الإذن صدر عن جريمة تدخل فى الاختصاص النوعى والمحلى لهذه النيابة". وهذا الذى اعتنقه الحكم يتفق وصحيح القانون، ذلك بأن الأصل فى الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر، وهى لا تبطل من بعد نزولا على ما ينكشف من أمر واقع، وكان الإذن بالتفتيش قد صدر أخذا بما ورد بمحضر التحرى عن غياب …..... (المتهمة الرابعة) من أن الطاعنة تحتفظ بملابس المبلغ عن غيابها وبمصاغها فى مسكنها الكائن بالمساكن الشعبية بالحضرة الواقعة بدائرة اختصاص نيابة باب شرقى، فإن الاذن بالتفتيش الذى أصدرته هذه النيابة يكون قد بنى على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر – حال اتخاذه – مقومات صحته فلا يدركه البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وإن تراخى كشفه. هذا فضلا عن أن قرار وزير العدل الصادر فى 26 سبتمبر سنة 1965 المعمول به إعتبارا من أول نوفمبر سنة 1965 بانشاء نيابة جزئية ومحكمة جزئية لجرائم الآداب بمدينة الاسكندرية تختصان – ضمن ما تختصان – بما يقع بدائرة محافظة الاسكندرية من جرائم البغاء والقوادة المنصوص عليها فى القانون رقم 10 لسنة 1961 – هو قرار تنظيمى لم يسلب النيابات والمحاكم العادية إختصاصها العام، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص فى قضائه إلى اختصاص نيابة باب شرقى باصدار إذن التفتيش – وهو التفتيش الذى أجرى بناء على هذا الإذن – لا يكون قد خالف القانون فى شئ وبالتالى فلا محل لما تثيره الطاعنة فى طعنها بدعوى أن اعترافها فى التحقيقات كان نتيجة تفتيش باطل. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة أو المدافع عنها قد دفع أى منهما بأن الاعتراف المنسوب إليها قد صدر منها نتيجة إكراه وقع عليها فى أثناء التحقيق معها، فلا يقبل منها أن تثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان تقدير قيمة الاعتراف وقيمة العدول عنه من المسائل الموضوعية التى يفصل فيها قاضى الموضوع بلا معقب، فلا على المحكمة إذا هى أخذت الطاعنة باعترافها فى محضر جمع الاستدلالات رغم عدولها عنه بعد ذلك، ما دامت قد اطمأنت إليه وارتاحت إلى صدوره عنها، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم ولو كانت واردة فى محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها فى مراحل التحقيق الأخرى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا الرفض موضوعا.