أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 425

جلسة 22 من أبريل سنة 1974

برئاسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(91)
الطعن رقم 356 لسنة 44 القضائية

(1) إثبات. "بوجه عام". "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
حرية محكمة الموضوع فى تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة الدعوى وعناصرها. لها الأخذ بقول الشاهد فى أى مرحلة وبقول متهم على آخر.
تناقض الشاهد أو المتهم فى أقواله. لايعيب الحكم مادام استخلص الحقيقة بما لا تناقض فيه.
(2و3) جريمة. "أركان الجريمة". سرقة. قصد جنائى. حكم "بيانات التسبيب".
(2) استخلاص المحكمة وقوع السرقة. كفايته تدليلا على توافر الاختلاس. تحدث الحكم عنه صراحة. غير لازم.
(3) القصد الجنائى فى جريمة السرقة. هو علم الجانى. وقت ارتكاب الفعل. بأنه يختلس منقولا مملوكا للغير عن غير رضاه بنية تملكه. عدم لزوم تحدث الحكم عنه استقلالا.
(4) نقض. "المصلحة فى الطعن". عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". "العقوبة المبررة". إرتباط . سرقة. الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود.
النعى على الحكم فى خصوص جريمة الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود. لا جدوى عنه. ما دام الحكم قد أثبت فى حقه جريمة السرقة وأوقع عليه. عملا بالمادة 32 عقوبات. عقوبة وحدة تدخل في نطاق تلك المقررة للجريمة الأخيرة
جريمة الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود أركانها. ؟
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع فى المواد الجنائية كامل الحرية فى تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى ما دام له أصل ثابت فى أوراقها ولها فى سبيل ذلك أن تأخذ بقول الشاهد فى أى مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليه ولو خالف قولا آخر له أبداه فى مرحلة أخرى. كما أن من حق المحكمة أن تعول فى تكوين معتقدها على أقوال متهم على آخر متى اطمأنت إليها ولا يعيب الحكم تناقض المتهم أو الشاهد وتضاربه فى أقواله أو مع أقوال غيره، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه.
2 - من المقرر أنه يكفى أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكى يستفاد توافر فعل الاختلاس دون حاجة إلى التحدث عنه صراحة.
3 - القصد الجنائى فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجانى، وقت ارتكابه الفعل، بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالا عن هذا القصد بل يكفى أن يكون ذلك مستفادا منه.
4 - لئن كان ما أورده الحكم فى مدوناته ليس فيه ما يتحقق به توافر أركان جريمة الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود – من الحصول على المبلغ بغير حق وأن يكون التهديد هو الوسيلة إليه والقصد الجنائى الذى يتمثل فى أن يكون الجانى وهو يقارف فعلته عالما بأنه يغتصب مالا حق له فيه إلا أنه وقد أعمل الحكم فى حق الطاعن المادة 32/ 2 من قانون العقوبات لما بين الجريمتين المسندتين إليه من ارتباط ولم يوقع عليه سوى عقوبة واحدة، وكانت العقوبة المقررة لكل من الجريمتين واحدة، وإذ كانت العقوبة المقضى بها – وهى الحبس مع الشغل لمدة سنة – تدخل فى نطاق العقوبة المقررة قانونا لجريمة السرقة مع آخرين المنطبقة على المادة 317/ 5 من قانون العقوبات التى أثبت الحكم توافرها فى حقه، فانه لا يجدى الطاعن ما يثيره فى صدد الجريمة الأخرى المرتبطة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 18 مارس سنة 1972 بدائرة منيا القمح محافظة الشرقية، (أولا) سرقوا الأغنام المبينة بالمحضر والمملوكة لـ.........، (ثانيا) الأول أيضا (الطاعن) حصل بالتهديد على مبلغ خمسة عشر جنيها من المجنى عليها سالفة الذكر فى نظير إعادة المسروقات إليها، وطلبت عقابهم بالمادتين 317/ 5 و326 من قانون العقوبات. وادعت المجنى عليها مدنيا بمبلغ خمسة عشر جنيها قبل المتهم الأول، ومحكمة جنح منيا القمح الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 6 مايو سنة 1973 عملا بمادتى الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بحبس المتهم الأول سنة مع الشغل والنفاذ عن التهمتين وبحبس كل من المتهمين الثانى والثالث ستة أشهر مع الشغل والنفاذ وبإلزام المتهم الأول بأن يؤدى للمدعية بالحق المدنى تعويضا قدره خمسة عشر جنيها ومصاريف الدعوى المدنية وخمسين قرشا مقابل أتعاب المحاماه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهمون هذا الحكم، ومحكمة الزقازيق الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت بتاريخ 4 يولية سنة 1973 (أولا) بسقوط الاستنئاف بالنسبة إلى المتهم الثالث. (ثانيا) بقبول الاستئناف شكلا بالنسبة للمتهمين الأول والثانى وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول وإلغائه بالنسبة للمتهم الثانى وبراءته مما أسند إليه بلا مصاريف. فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى السرقة والحصول بالتهديد على مبلغ من النقود قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه عول فى إدانة الطاعن على أقوال المجنى عليها التى جاءت متناقضة إذ أنها قررت فى أقوالها الأولى عند إبلاغها عن الحادث أن الطاعن هو الذى حضر إليها وطلب منها خمسة جنيهات لإعادة الأغنام المسروقة فأعطته له وأعاد لها المسروقات ثم عادت فى قول آخر لها لاحق وذكرت بأنها هى التى توجهت إلى الطاعن بمنزله وسلمته ذلك المبلغ، كما أن الحكم استند – من بين ما استند إليه – فى قضائه على أقوال التهم الثانى فى الدعوى مع أن تلك الأقوال تتعارض مع بعضها فى مراحل التحقيق المختلفة وتتناقض مع أقوال المجنى عليها وغيرها ممن استدل الحكم بأقوالهم، هذا فضلا عن أن ما أورده الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى لا تتوافر به أركان الجريمتين المسندتين إلى الطاعن – من فعل مادى وقصد جنائى، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن من المقرر أن لمحكمة الموضوع فى المواد الجنائية كامل الحرية فى تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى مادام له أصل ثابت فى أوراقها، وكان للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول الشاهد فى أى مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليه ولو خالف قولا آخر له أبداه فى مرحلة أخرى، كما أن من حق المحكمة أن تعول فى تكوين معتقدها على أقوال متهم على آخر متى اطمأنت إليها، وكان تناقض المتهم أو الشاهد وتضاربه فى أقواله أو مع أقوال غيره لايعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ولما كان الطاعن لا ينازع فى أن ما أورده الحكم من أدلة الثبوت له معينه الصحيح من الأوراق، وكان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض، فإن منعاه على الحكم فى هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان يكفى أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكى يستفاد توافر فعل الاختلاس دون حاجة إلى التحدث عنه صراحة، وكان القصد الجنائى فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجانى وقت إرتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالا عن هذا القصد بل يكفى أن يكون ذلك مستفادا منه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. وأنه وإن كان ما أورده الحكم فى مدوناته ليس فيه ما يتحقق به توافر أركان جريمة الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود – من الحصول على المبلغ بغير حق وأن يكون التهديد هو الوسيلة إليه والقصد الجنائى الذى يتمثل فى أن يكون الجانى وهو يقارف فعلته عالما بأنه يغتصب ما لا حق له فيه - إلا أنه وقد أعمل الحكم فى حق الطاعن المادة 32/ 2 من قانون العقوبات لما بين الجريمتين المسندتين إليه من ارتباط ولم يوقع عليه سوى عقوبة واحدة، وكانت العقوبة المقررة لكل من الجريمتين واحدة، وإذ كانت العقوبة المقضى بها – وهى الحبس مع الشغل لمدة سنة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة قانونا لجريمة السرقة مع آخرين المنطبقة على المادة 317/ 5 من قانون العقوبات التى أثبت الحكم توافرها فى حقه، فانه لا يجدى الطاعن ما يثيره فى صدد الجريمة الأخرى المرتبطة. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.