أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 61

جلسة 8 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوى، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وابراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وحسن على المغربي.

(15)
الطعن رقم 1298 لسنة 42 القضائية

(1، 2) غش. عقد توريد. إثبات. "قرائن. القرائن القانونية". جريمة. "أركانها". قصد جنائى. مسئولية جنائية. "المسئولية الفرضية".
(1) جناية الغش فى عقد التوريد المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر عقوبات. جريمة عمدية. قيامها مشروط بتوفر القصد الجنائى باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش فى تنفيذه. مع علمه بذلك.
(2) خلو المادة 116 مكرر عقوبات من النص على قرينة افتراض العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة.
(3، 4) مسئولية جنائية. "المسئولية الفرضية". قصد جنائى. جريمة. "أركانها". غش. ألبان. قانون. "تفسيره". إثبات. "قرائن. القرائن القانونية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تعديل وصف التهمة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". وصف التهمة.
(3) وجوب ثبوت القصد الجنائى فعليا. لكونه من أركان الجريمة.
المسئولية الفرضية. لا يصح القول بها إلا بنص صريح. أو باستخلاص سائغ من استقراء النصوص وتفسيرها وفقا للأصوال المقررة.
(4) مثال لتسبيب سائغ فى نفى القصد الجنائى فى جريمة المادة 116 مكرر عقوبات وإدانة المتهم طبقا للقانون رقم 48 لسنة 1941 أخذا بالمسئولية الفرضية. معدلة وصف التهمة.
(5) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". غش. قصد جنائى. إثبات. "بوجه عام".
النعى على المحكمة. إسقاطها النظر فى عذر أو دليل لم يطرح عليها. غير مقبول.
إيراد الحكم عبارة تنفى وجود دليل على توافر القصد الجنائى فى جريمة المادة 116 مكرر عقوبات. كفاية. ما دامت الطاعنة لا تدعى تقديمها دليل معين يتوافر به هذا الركن.
(6) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". غش. عقد توريد. ألبان. جريمة. "أركانها". قصد جنائى. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النتاقض الذى يعيب الحكم. ماهيته.
نفى الحكم اتجاه إرادة المتهم إلى الغش فى عقد التوريد مع علمه بذلك. وإدانته. فى الوقت ذاته. يجر بيع لبن مغشوش مع علمه بالغش أخذا بالقرينة المنصوص عليها فى القانون رقم 48 سنة 1941. لا تناقض.
1 - إن جناية الغش فى عقد التوريد المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر من قانون العقوبات هى جريمة عمدية يشترط لقيامها توفر القصد الجنائى باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش فى تنفيذه مع علمه بذلك.
2 - خلا سياق نص المادة 116 مكرر من قانون العقوبات من القرينة المنشأة بالتعديل المدخل بالقانونين الرقيمين 522 لسنة 1955 و 80 لسنة 1961 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 والتى افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة.
3 - من المقرر أن القصد الجنائى من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذ نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصها سائغا عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة فى هذا الشأن.
4 - من المقرر أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا على الوقائع الثابتة فى الدعوى ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المرفوعة بها أصلا، ومتى كان الثابت من مدونات الحكم أنه استخلص من الأوراق خلوها من دليل على اتجاه إرادة المطعون ضده للغش فى عقد التوريد ورتب على ذلك استبعاد الإتهام المسند إليه طبقا لنص المادة 116 مكرر من قانون العقوبات، وأنزل حكم القانون صحيحا على واقعة الدعوى فدان المطعون ضده بجنحة بيع لبن مغشوش مع علمه بذلك أخذا بالقرينة القانونية المنصوص عليها بالقانونين 522 لسنة 1955 و80 لسنة 1961 باعتبار أنه من المشتغلين بالتجارة وأخفق فى إثبات حسن نيته، فإن ما تثيره الطاعنة يكون غير سديد.
5 - من المقرر أنه لا محل للنعى على المحكمة بأنها أسقطت النظر فى عذر لم يطرح عليها أو فى دليل لم يقدم إليها. ولما كانت الطاعنة لا تدعى وجود دليل معين قدمته إلى المحكمة يتوافر به ركن القصد الجنائى فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 116 مكررا من قانون العقوبات فحسب المحكمة أن تورد فى حكمها عبارة تنفى بها وجود دليل فى الأوراق.
6 - من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، ومتى كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من عدم قيام دليل على اتجاه إرادة المتهم إلى إحداث الغش فى عقد التوريد مع علمه بذلك لا يتعارض البتة مع توافر أركان جريمة بيع اللبن المغشوش مع علمه بالغش الذى استقاه الحكم من القرينة الواردة بالمادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل، فإن ما تنعيه الطاعنة على الحكم بالتناقض يكون فى غير محله.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 21 مارس سنة 1970 بدائرة قسم المنيا محافظتها: بصفته متعاقدا من الباطن مع الجمعية التعاونية الاستهلاكية بالمنيا بتنفيذ عقد التوريد الذى بمقتضاه ارتبطت معه الإدارة الصحية بالمنيا على توريد ألبان لمستشفى المنيا العام ارتكب غشا فى تنفيذ هذا العقد بتوريده لبنا مغشوشا للمستشفى المذكور على النحو الوارد بتقرير التحليل وكان الغش راجعا إلى فعله. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك بتاريخ 17 فبراير سنة 1971. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا بتاريخ 13 ديسمبر سنة 1971 عملا بالمواد 2/ 1 – 2 و 7 و8 من القانون رقم 48 لسنة 1941 بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر والمصادرة ونشر الحكم على نفقته بجريدة الأهرام وذلك على اعتبار أن المتهم فى الزمان والمكان سالفى الذكر باع لبنا مغشوشا لمستشفى المنيا العام بنزع الدسم منه بنسبة لا تقل عن 13% مع علمه بذلك. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو الفساد فى الإستدلال والقصور والتناقض فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن الحكم المطعون فيه استبعد عن المطعون ضده جناية الغش فى عقد التوريد المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر من قانون العقوبات استنادا إلى أنها جريمة عمدية ينبغى أن يتوافر لها القصد الجنائى العام وهو اتجاه إرادة الجانى إلى الغش فى ذلك العقد ونفى عنه توافر هذا القصد بدعوى خلو الأوراق من دليل عليه وأنه لا يصح افتراض العلم بالغش فى هذه الجريمة ثم عاد ودان المطعون ضده بجنحة بيعه لبنا مغشوشا مع علمه بذلك تأسيسا على افتراض هذا العلم فى حقه بوصفه من المشتغلين بالتجارة إعمالا للقرينة القانونية المنصوص عليها فى المادة الثانية من القانون رقم 48 سنة 1941 المعدل بالقانونين 522 لسنة 1955، 80 لسنة 1961 والتى افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة بما يعيبه بالتناقض وبالإضافة إلى ذلك فإن الحكم لم يورد دليلا على نفى القصد الجنائى لدى المطعون ضده اكتفاء بما قرره من أن الأوراق خلت من ذلك الدليل مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان المطعون ضده بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال مفتش الأغذية وتقرير تحليل العينة ثم نفى القصد الجنائى العام لدى المتهم بالنسبة لجريمة الغش فى عقد التوريد المسندة إليه بخلو الأوراق من دليل على اتجاه إرادته إلى تعمد الغش فيه وقال بعدم جواز إعمال القرينة القانونية التى افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة فى مجال تطبيق المادة 116 مكرر من قانون العقوبات وانتهت إلى اعتبار الواقعة جنحة وفقا لنصوص القانون رقم 48 سنة 1941 المعدل بالقانونين 522 سنة 1955، 80 لسنة 1961 وأدان المطعون ضده بافتراض علمه بغش اللبن الذى عرضه للبيع ما دام أنه من المشتغلين بالتجارة وأخفق فى إثبات حسن نيته، وما انتهى إليه الحكم من ذلك سديد فى القانون ذلك بأن جناية الغش فى عقد التوريد المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر من قانون العقوبات هى جريمة عمدية يشترط لقيامها توفر القصد الجنائى باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش فى تنفيذه مع علمه بذلك. لما كان ذلك، وكان سياق نص المادة السابقة قد خلا من القرينة المنشأة بالتعديل المدخل بالقانونين الرقمين 522 سنة 1955، 80 سنة 1961 على المادة الثانية من القانون رقم 48 سنة 1941 والتى افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة، وكان من المقرر أن القصد الجنائى من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصها سائغا عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة فى هذا الشأن، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استخلص من الأوراق خلوها من دليل على اتجاه إرادة المطعون ضده للغش فى عقد التوريد ورتب على ذلك استبعاد الاتهام المسند إليه طبقا لنص المادة 116 مكرر من قانون العقوبات. وأنزل حكم القانون صحيحا على واقعة الدعوى فدان المطعون ضده بجنحة بيع لبن مغشوش مع علمه بذلك أخذا بالقرينة القانونية المنصوص عليها بالقانونين 522 سنة 1955، 80 لسنة 1961 باعتبار أنه من المشتغلين بالتجارة وأخفق فى إثبات حسن نيته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا على الوقائع الثابتة فى الدعوى ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المرفوعة بها أصلا فإن ما تثيره الطاعنة فى شأن خطأ الحكم فى تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أيضا أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضه ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من عدم قيام دليل على اتجاه إرادة المتهم إلى إحداث الغش فى عقد التوريد مع علمه بذلك لا يتعارض البتة مع توافر أركان جريمة بيع اللبن المغشوش مع علمه بالغش الذى استقاه الحكم من القرينة الواردة بالمادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل، ومن ثم فإن ما تنعيه الطاعنة على الحكم بالتناقض والخطأ فى تطبيق القانون يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لا تدعى بوجود دليل معين قدمته إلى المحكمة يتوافر به ركن القصد الجنائى فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر من قانون العقوبات فحسب المحكمة أن تورد فى حكمها عبارة تنفى بها وجود دليل فى الأوراق لما هو مقرر من أنه لا محل للنعى على المحكمة بأنها أسقطت النظر فى عذر لم يطرح عليها أو فى دليل لم يقدم إليها. ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة على الحكم فى هذا الخصوص فى غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.