أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 438

جلسة 29 من أبريل سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن أبو الفتوح الشربينى ، وإبراهيم أحمد الديوانى ، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(94)
الطعن رقم 386 لسنة 44 القضائية

([ 1 ]) (1و2 ) خطف. جريمة. "أركان الجريمة". إكراه. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". قصد جنائى. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
1- جريمة خطف أنثى يزيد عمرها عن ست عشرة سنة بالتحيل أو الاكراه. تحققها بإبعادها عن مكان خطفها. أيا كان. بقصد العبث بها. باستعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بها وحملها على مواقعة الجانى لها. أو أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب ارادتها. المادة 290 عقوبات. مثال لتسبيب سائغ على توافر الجريمة.
2- ركن التحيل أو الاكراه فى جريمة الخطف. تقدير توافره. موضوعى.
3- إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
3- ندب المحكمة محاميا ترافع فى الدعوى. لتخلف المحامى الموكل عن الطاعن. لا اخلال. ما دام الطاعن لم يبد اعتراضا ولم يتمسك بطلب التأجيل لحضور محاميه الموكل.
4- إجراءات المحاكمة. إثبات. "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على المحكمة عدم سماعها شاهد النفى. لا يقبل. ما دام الطاعن لم يسلك الطريق المرسوم لذلك فى المواد 185 و186 و177 اجراءات.
5- خطف. جريمة. "أركانها". قانون "تفسيره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد الشارع من العقاب على جريمة خطف الأنثى التى يزيد عمرها عن ست عشرة سنة. هو حماية الأنثى ذاتها من عبث الخاطف. مكان الخطف. لا أثر له على الجريمة.
6- محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. تستقل به محكمة الموضوع.
7- حكم. "مالا يعيبه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فى تسميته أقوال المتهم اعترافا لا يقدح فى سلامته. مادامت المحكمة لم ترتب عليها الأثر القانونى للاعتراف.
1 - تتحقق جريمة خطف الأنثى التى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها فى المادة 290 من قانون العقوبات بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذى خطفت منه أيا كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجنى عليها وحملها على مواقعة الجانى لها أو باستعمال أية وسائل مادية او أدبية من شأنها سلب إرادتها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادى للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائى فى هذا الجريمة وتساند فى قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه وكان ما أورده الحكم بيانا لواقعة الدعوى تتحقق به كافة العناصر القانونية لسائر الجرائم التى دان الطاعن بارتكابها كما هى معرفة به فى القانون فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير توفر ركن التحيل أو الإكراه فى جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليما.
3 - من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامى الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محاميا آخر ترافع فى الدعوى فان ذلك لا يعد إخلالا بحق الدفاع ما دام لم يبد أى اعتراض على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل. ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قرر فى بدايتها أن والده قد وكل له الأستاذ.............. المحامى وأنه طالما أن هذا المحامى لم يحضر فإنه يكتفى المحامى المنتدب مدافعا عنه وقد ترافع هذا الأخير فى الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ولم يرد بهذا المحضر أن الطاعن اعترض على حضور المحامى المنتدب أو أن طلب التأجيل لحضور المحامى الموكل فان ما يثيره فى هذا الشأن لا يكون له ولا وجه لما يتحدى به الطاعن من أن المحامى المنتدب لم يكن ملما بوقائع الدعوى إذ أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
4 - متى كان الطاعن لم يسلك من جانبه بالنسبة لشاهد النفى الذى طلب سماعه الطريق الذى رسمه القانون فى المواد 185 و186 و187 من قانون الإجراءات الجنائية لا تثريب على المحكمة أن هى فصلت فى الدعوى دون سماعه.
5 - أن المادة 290 من قانون العقوبات تعاقب على الخطف أيا كان المكان الذى خطفت منه الأنثى إذ الغرض من العقاب بمقتضى هذه المادة حماية الأنثى نفسها من عبث الخاطف لها وليس الغرض حماية سلطة العائلة كما هو الشأن فى جرائم خطف الأطفال الذين لم يبلغ سنهم ستة عشرة سنة كاملة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن الثانى عقد العزم هو وزميلاه الطاعن الأول والمتهم الثالث – على اختطاف المجنى عليها عنوة بقصد مواقعتها واعترضوا طريقها وأمسك هذا الطاعن بها من يدها مهددا أياها بمطواه طالبا منها أن تصحبه مع زميليه وإنها سارت معه مكرهة وأنه والمتهم الثالث هددوا رواد المقهى الذين حاولوا تخليصها واقتادها ثلاثهم تحت تأثير التهديد بالمدى إلى مسكن المتهم الرابع فان ما أثبته الحكم من ذلك تتحقق به جريمة خطف الأنثى بالإكراه كما هى معرفة به فى القانون.
6 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
7 - متى كان الطاعن لا ينازع فى صحة ما نقله الحكم من أقواله فى التحقيقات فانه لا يقدح فى سلامة الحكم تسميته لهذه الأقوال اعترافا طالما أن المحكمة لم ترتب على هذه الأقوال وحدها الأثر القانونى للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى يوم 16 فبراير سنة 1972 بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية (المتهمين الثلاثة الأول) خطفوا بالإكراه......... التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة بأن أقتادوها عنوة من الطريق إلى مسكن المتهم الرابع بعد أن هددوها بمدى كانت معهم وكان ذلك بقصد مواقعتها. (المتهم الأول أيضا) (الطاعن الأول) (أولا) شرع فى مواقعة المجنى عليها بغير رضاها وكان ذلك بأن خلع عنها ثيابها وطرحها عنوة وحاول إتيانها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مقاومة المجنى عليها، (ثانيا) هتك عرض المجنى عليها سالفة الذكر بالقوة وكان ذلك بأن أمسك بصدرها كرها عنها على الوجه المبين بالتحقيقات (المتهمين الأول والرابع) حبسا المجنى عليها سالفة الذكر دون أمر من الحكام المختصين بذلك وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45 و46 و267/ 1 و268/ 1 و280 و290 من قانون العقوبات، فقرر ذلك، ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت فى الدعوى حضوريا بالنسبة للثلاثة الأول وغيابيا للأخير بتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1972 عملا بمواد الاتهام (أولا) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة عشر سنوات عن التهم الأربع المسندة إليه. (ثانيا) بمعاقبة كلا من المتهم الثانى (الطاعن الثانى) والثالث بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات عن التهم المسندة إليهما، (ثالثا) بمعاقبة المتهم الرابع بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات عن التهم الثلاث المسندة إليه. فطعن المحكوم عليهما الأول والثانى فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

(أولا) عن الطعن المقدم من الطاعن الأول.
حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم خطف أنثى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالإكراه والشروع فى مواقعتها بغير رضاها وهتك عرضها بالقوة وحبسها بدون أمر من الحكام وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا قد شابه قصور فى التسبيب وخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على فساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الثابت من الأوراق ومن المناقشة التى دارت بجلسة المحاكمة أن المجنى عليها صحبت الطاعن باختيارها دون أن يكرها على ذلك وأنه لم يقم بخطفها. وقد جاء الحكم قاصرا فى استظهار أركان الجرائم التى دان الطاعن بها وتساند فى إثباتها إلى أسباب غير مقبولة كما أن المحكمة رفضت تأجيل نظر الدعوى لحضور المحامى الموكل عن الطاعن وندبت محاميا آخر ترافع فيها دون أن يكون ملما بوقائعها، كما رفضت سماع شهود النفى، وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "أنه فى حوالى الساعة الثالثة والنصف عصر يوم 12 فبراير سنة 1972 بدائرة قسم محرم بك محافظة الإسكندرية كان المتهمون الثلاثة الأول – الذين تربطهم صلة الصداقة يسيرون معا بشارع محرم بك فى الوقت الذى كانت تمر به.......... البكر التى جاوزت السادسة عشرة من عمرها ولم تبلغ السابعة عشرة بعد وما أن وقع بصرهم عليها حتى عقدوا العزم على اختطافها عنوة بقصد مواقعتها، فاعترضوا طريقها وأمسك من يدها (المتهم الثانى) ........... (الطاعن الثانى) وهو يهددها بمدية (مطواه) طالبا منها أن تصحبه وزميليه اللذين كانا يتبعانهما مباشرة فسارت معه مكرهة إلى أن تمكنت من الإفلات منه والدخول إلى إحدى المقاهى (بوفيه) طلبا للنجدة حيث أغاثها بعض الرواد الذين حاولوا تخليصها ولكنهم عجزوا إزاء تهديدهم من المتهمين الثانى والثالث بالاعتداء عليهم بما معهما من مدى وعندئذ قام المتهم الأول .......... (الطاعن الأول) بجذبها من يدها واقتادها مع زميليه كرها عنها وثلاثتهم يهددونها كل بمطواه كان يحملها وساروا بها إلى حيث استقلوا معها سيارة أجرة إلى مسكن المتهم الرابع........ الكائن بشارع تانيس رقم 22 بكامب شيزار قسم باب شرقى فصعد بها إليه المتهم الأول بعد أن صرف زميليه سالفى الذكر وأدخلها هذا الأخير إحدى حجرات المسكن وقام بتجريدها من ملابسها وطرحها على الفراش عنوة محاولا مباعدة ساقيها ليواقعها بغير رضاها ولكنها استماتت فى مقاومته دفاعا عن عرضها فحك قضيبه فى فخدها حتى أمنى عليها، ثم تركها بالمسكن وانصرف مع المتهم الرابع بعد أن أغلقا عليها بابه من الخارج، وبعد حوالى النصف ساعة عاد إليها هذا الأخير بمفرده وحاول أن يخلع عنها ملابسها ليواقعها كرها عنها ولكنها لم تمكنه من نفسها بعد أن كان قد طرحها بالقوة على الفراش وتمكن من خلع سترتها "الجاكت" وأمسك بثدييها بغير رضاها وظلت هى فى مقامها بالمسكن مكرهة تحت تأثير تهديد المتهم الأول الدائم لها بالمطواه التى كانت معه بقصد منعها من محاولة الفرار أو الاستغاثة، إلى أن تمكن هذا المتهم فى اليوم التالى من الهرب لحظة وصول رجال الشرطة حيث عثروا عليها أمام باب المسكن بعد أن دفعها المتهم الرابع خارجه فى تلك الآونة. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليها وباقى شهود الإثبات ومن ضبط ملابس الطاعن وبطاقته الشخصية بمسكن المتهم الرابع أثر هروبه عقب الحادث وما دلت عليه معاينة المسكن المذكور، ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية ومن التقرير الطبى الشرعى ومن شهادة ميلاد المجنى عليها ومن ظروف الدعوى وقرائن الأحوال وهى أدلة كافية وسائغة لا يجادل الطاعن فى أن لها مأخذها الصحيح الثابت بالأوراق.
لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف الأنثى التى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل أو بالإكراه المنصوص عليها فى المادة 290 من قانون العقوبات بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذى خطفت منه أيا كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجنى عليها وحملها على مواقعة الجانى لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادى للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائى فى هذا الجريمة وتساند فى قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان ما أورده الحكم بيانا لواقعة الدعوى تتحقق به كافة العناصر القانونية لسائر الجرائم التى دان الطاعن بإرتكابها كما هى معرفة به فى القانون، وكان تقدير توفر ركن التحيل أو الإكراه فى جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، ما دام استدلالها سليما، وكان الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الشاهد الوحيد الذى مثل أمام المحكمة وجرت مناقشته قد جاءت أقواله بما يوفر هذا الركن خلافا لما يدعيه الطاعن فى طعنه، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أيضا أن الطاعن قرر فى بدايتها أن والده قد وكل له الأستاذ.............. المحامى، وأنه طالما أن هذا المحامى لم يحضر فانه يكتفى بالمحامى المنتدب مدافعا عنه وقد ترافع هذا الأخير فى الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ولم يرد بهذا المحضر أن الطاعن اعترض على حضور المحامى المنتدب أو أن طلب التأجيل لحضور المحامى الموكل. ولما كان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامى الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محاميا آخر ترافع فى الدعوى فإن ذلك لا يعد إخلالا بحق الدفاع ما دام لم يبد أى اعتراض على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل ولا وجه لما يتحدى به الطاعن من أن المحامى المنتدب لم يكن ملما بوقائع الدعوى، إذ أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يسلك من جانبه بالنسبة لشاهد النفى الذى طلب سماعه الطريق الذى رسمه القانون فى المواد 185 و186 و187 من قانون الإجراءات الجنائية، فانه لا تثريب على المحكمة إن هى فصلت فى الدعوى دون سماعه. لما كان ما تقدم فان الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ثانيا: عن الطعن المقدم من الطاعن الثانى:
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه على الرغم من عدم ثبوت تعمد الطاعن انتزاع المجنى عليها من بيتها وقطع صلتها بأهلها ووقوع الجريمة فى دائرة ذات القسم الذى يقع فيه محل إقامة المجنى عليها وعلى مقربة من منزل المتهم الرابع وهى أمور تنفى توافر القصد الجنائى لدى الطاعن فقد دانه الحكم بارتكاب جريمة الخطف، هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يهدد المجنى عليها وإن حمله للسكين من مقتضيات مهنته، وقد جاء تصوير الحكم للواقعة مخالفا لطبيعة الأمور، إذ وقع الحادث نهارا فى مكان مكتظ بالسكان والمحال العامة وزاخر برجال الشرطة ولم يصدر من المجنى عليها أية استغاثة، وأخير فان وصف الحكم لأقوال الطاعن فى التحقيقات بأنها اعتراف ينطوى على استدلال خاطئ، إذ أنها لا تنبئ عن أنه ساهم فى ارتكاب الجريمة بل يؤخذ منها أنه كان موجودا وقت وقوعها فحسب. وحيث إنه لما كانت المادة 290 من قانون العقوبات تعاقب على الخطف أيا كان المكان الذى خطفت منه الأنثى، إذ الغرض من العقاب بمقتضى هذه المادة حماية الأنثى نفسها من عبث الخاطف لها وليس الغرض حماية سلطة العائلة كما هو الشأن فى جرائم خطف الأطفال الذين لم يبلغ سنهم ستة عشرة سنة كاملة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت وعلى ما سلف بيانه - أن الطاعن الثانى عقد العزم هو وزميلاه الطاعن الأول والمتهم الثالث – على اختطاف المجنى عليها عنوة بقصد مواقعتها واعترضوا طريقها وأمسك هذا الطاعن بها من يدها مهددا أياها بمطواه طالبا منها أن تصحبه مع زميليه وإنها سارت معه مكرهة وأنه والمتهم الثالث هددوا رواد المقهى الذين حاولوا تخليصها واقتادها ثلاثتهم تحت تأثير التهديد بالمدى إلى مسكن المتهم الرابع، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن أدلة سائغة سبقت الإشارة إليها فى الرد على أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول وهى كافية لحمل قضاء الحكم ولا يجادل الطاعن فى أنها ترتد إلى أصول صحيحة ثابته بأوراق الدعوى، فان ما أثبته الحكم من ذلك به جريمة خطف الأنثى بالإكراه كما هى معرفة به فى القانون ويضحى النعى عليه فى هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن تصوير الحكم للواقعة يجافى طبيعة الأمور مردودا بأن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وإذ كانت الصورة التى استخلصتها المحكمة من أقوال المجنى عليها وسائر الأدلة التى سلفت الإشارة إليها لا تخرج عن الاقتضاء الفعلى والمنطقى، فان نعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن يكون فى غير محله إذ هو فى حقيقته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغا كما هو الحال فى واقعة الدعوى فلا يجوز منازعتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع فى صحة ما نقله الحكم من أقواله فى التحقيقات فانه لا يقدح فى سلامة الحكم تسميته لهذه الأقوال اعترافا طالما أن المحكمة لم ترتب على هذه الأقوال وحدها الأثر القانونى للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


[(1)] هذا المبدأ مقرر أيضا فى الطعن رقم 178 لسنة 44 ق – الصادر بجلسة 22/ 4/ 1974 "لم ينشر".