أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 447

جلسة 29 من أبريل سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

                                                 (95)
                                   الطعن رقم 1254 لسنة 43 القضائية

(1) دعوى مدنية. "سبب الدعوي". تعويض. قتل خطأ. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
سبب الدعوى. هو الواقعة التى يستمد منها المدعى حقه فى طلب التعويض. المطالبة بالتعويض عن واقعة القتل الخطأ. القضاء به عن الإصابة الخطأ. لخلو الأوراق مما يفيد أنها أدت إلى الوفاة. عدم اعتباره تغييرا لسبب الدعوى.
(2) دعوى مدنية. "نظرها والحكم فيها". تعويض. اختصاص "الاختصاص الولائى". ضرر. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طالب التعويض. جواز أن يكون غير المجنى عليه. حق المضرور فى المطالبة به أمام المحاكم الجنائية. ما دام الضرر ناشئا مباشرة عن العمل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية.
المطالبة بالتعويض الناشئ عن وفاة المجنى عليه نتيجة اصابته التى أحدثها به المتهم. اتساعه لطلب التعويض عن الإصابة ذاتها التى رفعت بها الدعوى الجنائية.
(3) مسئولية مدنية. دعوى مدنية. تعويض. ضرر. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المسئولية المدنية. ايجابها تعويض كل من لحقه الضرر. سواء كان الضرر ماديا أو أدبيا.
(4) مسئولية مدنية. تعويض. دعوى مدنية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه" . نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم بيان الحكم وجه الضرر المادى والأدبى. لا يقدح فى سلامة الحكم بالتعويض ما دام قد أثبت وقوع الفعل الضار بما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية.
1 - من المقرر أن سبب الدعوى هو الواقعة التى يستمد منها المدعى الحق فى الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى يستند إليها الخصوم فى دفاعهم. وإذ كان حق التعويض المطالب به ناشئا عن فعل الإصابة فى ذاته، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القضاء بالتعويض عن تلك الإصابة فى حين أن دعوى المدعين بالحقوق المدنية تتضمن المطالبة بالتعويض عن الوفاة التى نشأت عن تلك الإصابة، فان الحكم يكون قد استند كما استندت مطالبة المدعين إلى ذات السبب وهو الفعل الضار أى الإصابة مما يكون معه النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون لتغييره سبب الدعوى فى غير محله.
2 - الأصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية. وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية. ولما كان القانون لا يمنع أن يكون المضرور أى شخص ولو كان غير المجنى عليه ما دام قد ثبت قيام هذا الضرر وكان الضرر ناتجا عن الجريمة مباشرة, وكانت مطالبة المدعين بتعويض الضرر الذى لحق بهم نتيجة وفاة المجنى عليه المترتبة على إصابته التى تسبب فيها المتهم خطأ يتسع لطلب التعويض عن الضرر الناشئ عن الإصابة الخطأ التى هى موضوع الدعوى الجنائية فإن الدعوى المدنية تكون مقبولة أمام المحكمة الجنائية، ويكون الحكم إذ فصل فيها لم يخالف قواعد الاختصاص الولائى فى شئ.
3 - الأصل فى المساءلة المدنية وجوب تعويض كل من أصيب بضرر يستوى فى ذلك الضرر المادى والضرر الأدبى. ولما كان مفاد ما أورده الحكم أنه قضى للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض عن الضرر المباشر الذى أصابهم من الجريمة موضوع الدعوى الجنائية وليس عن الضرر الذى أصاب المجنى عليه شخصيا وانتقل لهم الحق فى التعويض بصفتهم ورثته، وكان الحكم قد انتهى إلى تعويض المدعين بالحقوق المدنية – وهم زوجته وأولاده القصر – عما لحقهم من ضرر مادى وأدبى مباشر، عن إصابة المجنى عليه لا من جراء موته، فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت وقوع الفعل الضار وهو بيان يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية مما يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض، فلا تثريب على المحكمة إن هى لم تبين الضرر بنوعيه المادى والأدبى الذى حاق بالمدعين بالحقوق المدنية لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعى بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت الذى طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذى سيطالب به بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذى ارتكب الفعل الضار المسند إليه، فهذا يكفى لتبرير التعويض الذى قضت به. أما بيان الضرر فإنما يتسوجبه التعويض الذى يطالب به فيما بعد، وهذا يكون على المحكمة التى ترفع أمامها الدعوى به. لما كان ذلك، فان ما يعيبه الطاعن على الحكم من أنه لم يبين وجه الضرر المادى والأدبى الذى أصاب المدعين بالحقوق المدنية لا يكون مقبولا.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة.............. بأنه فى يوم 4 نوفمبر سنة 1962 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: تسبب من غير قصد ولا تعمد فى إصابة........... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه، وذلك بأن قاد الترام بحالة ينجم عنها الخطر بأن رجع للخلف فجأة وقبل أن يتأكد من خلو الطريق فصدم المجنى عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة فى التقرير الطبى، وطلبت معاقبته بالمادة 244 من قانون العقوبات، وادعت......... عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المجنى عليه مدنيا قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة النقل العام بالقاهرة بصفته المسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ 51 جم على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الساحل الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 3 يناير سنة 1965 عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ وإلزامه هو والمسئول عن الحقوق المدنية بصفته أن يؤديا متضامنين للمدعية بالحقوق المدنية واحد وخمسين جنيها ومصاريف الدعوى المدنية. فاستأنف كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1966 بقبول الإستئنافين شكلا، وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بصفته بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن المسئول عن الحقوق المدنية فى هذا الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى الدعوى المدنية وإحالة القضية بالنسبة للطاعن (المسئول عن الحقوق المدنية) وإلى المتهم إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وألزمت المطعون ضدها بالمصاريف المدنية، ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية أخرى قضت فى الدعوى حضوريا من جديد بتاريخ 24 فبراير سنة 1973 بقبول الاستئنافين شكلا ورفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت كل من المستأنفين المصاريف الاستئنافية. فطعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن المسئول عن الحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى فى الدعوى المدنية بالزام الطاعن بصفته – بوصفه المسئول عن الحقوق المدنية – متضامنا مع المتهم – بأداء تعويض مؤقت للمدعين بالحقوق المدنية قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب، ذلك بأن المدعين وهم ورثة المجنى عليه طالبوا بتعويض عن وفاة مورثهم وليس عن جريمة الإصابة الخطأ المرفوعة بها الدعوى الجنائية والتى دين بها مما يجعل المحكمة الجنائية غير مختصة ولائيا بنظر الدعوى المدنية على هذا السبب – وهى لا تملك تغييره هذا فضلا عن أن الحكم لم يبين وجه الضرر المادى الذى أصاب الورثة كما قضى بالتعويض عن الضرر الأدبى على خلاف ما تقضى به المادة 222 من القانون المدنى.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق والمفردات المضمومة أن أرملة المجنى عليه – عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر – ادعت مدنيا قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية مؤسسة دعواها على أنه ترتب على فعل المتهم وفاة مورثها وأنها أصيبت من جراء ذلك بأضرار مادية وأدبية، وقد خلص حكم محكمة أول درجة بعد أن انتهى إلى توافر الخطأ قبل المتهم إلى القول بأن رابطة السببية متوافره بين هذا الخطأ وبين وفاة المجنى عليه متأثرا بجراحه التى أصيب بها من جراء الحادث وبذا تكون الدعوى المدنية قائمة على أساس صحيح، وقضى بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بأداء مبلغ التعويض المؤقت المطالب به، وقد أحال الحكم المطعون فيه – الذى اقتصر على نظر الاستئناف المرفوع من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالنسبة للدعوى المدنية طبقا لحكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 16 من أكتوبر سنة 1967 فى بيان الوقائع إلى حكم محكمة أول درجة كما أيده فيما انتهى إليه من نتيجة من أن خطأ المتهم هو الذى أدى إلى مصادمة المجنى عليه وإحداث إصابته المبينة بالتقرير الطبى وأضاف أن الأوراق خلو مما يفيد حصول الوفاة نتيجة هذه الإصابات وأن الواقعة المتيقن أمرها فى حق المتهم تكون هذه الإصابة الخطأ المعاقب عليها بمادة الاتهام وهى 244 من قانون العقوبات وهى متوافرة فى حق المتهم من الخطأ الثابت فى حقه وحدوث أصابات المجنى عليه نتيجة مباشرة للفعل الحاصل من المتهم وتكون الدعوى المدنية مستندة إلى سبب يبررها وهو الإصابة الخطأ ثم قال "وحيث إن الادعاء المدنى قد تضمن طلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية من الفعل الخطأ المسند للمتهم ولا شك أن المدعين بالحقوق المدنية وهم زوجة وأولاد المجنى عليه أن يطالبوا بالتعويض عما أصابهم من ضرر بنوعيه عملا بالمادة 222 من القانون المدنى. وترى المحكمة أن مبلغ 51 جنيها يدخل فى نطاق التقدير المؤقت لهذه الأضرار ومن ثم تقضى به المحكمة للمدعية عن نفسها وبصفتها وتأييد الحكم المستأنف فى هذا الشأن بالرغم من إعتبار سبب التعويض هو الإصابة الخطأ دون القتل الخطأ وباعتبار المتهم مسئولا عن هذا التعويض ويسأل عنه أيضا متبوعه". لما كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم بيانه أن المدعين بالحقوق المدنية قد طلبوا الحكم لهم بالتعويض المؤقت عن وفاة المجنى عليه نتيجة إصابته الحاصلة بفعل المتهم أى عن واقعة القتل الخطأ – وقد قضى الحكم المطعون فيه بأحقيتهم فى التعويض عن الإصابات الحاصلة بالمجنى عليه والتى أورى أن الأوراق جاءت خلوا مما يفيد أنها أدت إلى وفاته أى عن واقعة الإصابة الخطأ، فإن ذلك لا يعدو تغييرا من الحكم المطعون فيه لسبب الدعوى، ذلك بأنه من المقرر أن سبب الدعوى هو الواقعة التى يستمد منها المدعى الحق فى الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى يستند إليها الخصوم فى دفاعهم وإذ كان حق التعويض المطالب به ناشئا عن فعل الإصابة فى ذاته وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القضاء بالتعويض عن تلك الإصابة فى حين أن دعوى المدعين بالحقوق المدنية تتضمن المطالبة بالتعويض عن الوفاة التى نشأت عن تلك الإصابة، فإن الحكم يكون قد استند كما استندت مطالبة المدعين إلى ذات السبب وهو الفعل الضار أى الإصابة مما يكون معه النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص بالخطأ فى تطبيق القانون لتغييره سبب الدعوى فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الأصل فى الدعاوى المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية، وكان القانون لا يمنع أن يكون المضرور أى شخص ولو كان غير المجنى عليه ما دام قد ثبت قيام هذا الضرر وكان الضرر ناتجا عن الجريمة مباشرة, ولما كانت مطالبة المدعين بتعويض الضرر الذى لحق بهم نتيجة وفاة المجنى عليه المترتبة على إصابته التى تسبب فيها المتهم خطأ يتسع لطلب التعويض عن الضرر الناشئ عن الإصابة الخطأ التى هى موضوع الدعوى الجنائية, فإن الدعوى المدنية تكون مقبولة أمام المحكمة الجنائية، ويكون الحكم المطعون فيه إذ فصل فيها لم يخالف قواعد الاختصاص الولائى فى شئ, لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه إنه قد قضى للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض عن الضرر المباشر الذى أصابهم عن الجريمة موضوع الدعوى الجنائية وليس عن الضرر الذى أصاب المجنى عليه شخصيا وانتقل لهم الحق فى التعويض بصفتهم ورثته وكان الأصل فى المساءلة المدنية وجوب تعويض كل من أصيب بضرر يستوى فى ذلك الضرر المادى والضرر الأدبي، وكان الحكم قد انتهى إلى تعويض المدعين بالحقوق المدنية وهم زوجته وأولاده عما لحقهم من ضرر مادى وأدبى – مباشر – من إصابة المجنى عليه لا من جراء موته – فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت – على النحو سالف البيان – وقوع الفعل الضار وهو بيان يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية مما يستوجب الحكم على مقارفة بالتعويض – فلا تثريب على المحكمة إن هى لم تبين الضرر بنوعيه المادى والأدبى الذى حاق بالمدعين بالحقوق المدنية لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعى بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت الذى طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذى سيطالب به بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذى ارتكب الفعل الضار المسند إليه فهذا يكفى لتبرير التعويض الذى قضت به، أما بيان الضرر فإنما يستوجبه التعويض الذى يطالب به بعد وهذا يكون على المحكمة التى ترفع أمامها الدعوى به. لما كان ذلك، فان ما يعيبه الطاعن على الحكم من أنه لم يبين وجه الضرر المادى والأدبى الذى أصاب المدعين بالحقوق المدنية لا يكون مقبولا. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا الرفض موضوعا.