أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 72

جلسة 8 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوى، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وإبراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الحميد محمد الشربينى.

(17)
الطعن رقم 1306 لسنة 42 القضائية

(1) تزوير. "فى محررات رسمية". جريمة. "أركانها". موظفون عموميون. إثبات. "أوراق".
العبرة فى اعتبار المحرر رسميا. هى بما يؤول إليه المحرر لا بما كان عليه أول الأمر.
صدور المحرر ابتداء من موظف عمومى. ليس بشرط لاعتبار التزوير فيه واقعا فى محرر رسمى. جواز أن يكون المحرر عرفيا. أول الأمر. ثم ينقلب إلى محرر رسمى بتداخل الموظف العام فيه. إنسحاب الرسمية إلى ما سبق من إجراءات.
(2) حكم. "بياناته. بيانات التسبيب". "بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب معيب". تزوير. نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
بيانات حكم الإدانة فى جرائم تزوير المحررات.
مثال لتسبيب قاصر تدليلا على صيرورة محرر عرفى محررا رسميا بتداخل موظف عام فيه.
(3) حكم. "بياناته. بيانات التسبيب". بطلان.
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلا. المادة 310 إجراءات. المراد بالتسبيب المعتبر.
1- من المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى أن يكون هذا المحرر قد صدر من موظف عمومى من أول الأمر، فقد يكون عرفيا فى أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمى بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته، ففى هذه الحالة يعتبر واقعا فى محرر سمى بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق من الإجراءات، إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر لا بما كان عليه فى أول الأمر.
2- يجب للإدانة فى جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحرر المقول بتزويره وما انطوى عليه من بيانات ليكشف ماهية تغيير الحقيقة وإلا كان باطلا. ولما كان الحكم المطعون فيه عند إثباته ما تبين من الاطلاع على المحرر المزور وإيراد أقوال المدعى بالحقوق المدنية، لم يكشف إلا عن المحرر عندما كان عرفيا فى أول الأمر وذلك باصطناع الطاعن محررا نسب صدوره زورا إلى المدعى بالحقوق المدنية عن إقراره بأن مقدم الطلب (الخفير الخصوصى) مستمر فى العمل بالدائرة التى ورث المدعى بالحقوق المدنية بعض الأطيان التى تتكون منها وأنه يوافق على تجديد الترخيص له بحيازة السلاح النارى، وأما ما جاء تاليا لذلك فلم يفصح عنه الحكم، فلم يبين الحكم الصورة التى تداخل بها أحد الموظفين العموميين فيه، ومدى اتصال هذا التداخل بالبيان الخاص بالإقرار والموافقة المنسوبين كذبا إلى المدعى بالحقوق المدنية، سواء بالتحقق من صحة هذه البيانات أو بالموافقة على صحتها أو تمهيدا لتوقيع الموظف العمومى عليها حتى تنسحب رسمية تلك الورقة على جميع ما دون بها قبل تقديمها إلى الموظف أو الموظفين العموميين مما كان يقتضى من الحكم أن يبين من هو الموظف أو الموظفين العمومين الذين تداخلوا فى المحرر، واختصاص كل منهم فى هذا التداخل ومداه وسنده حتى يكون الحكم كاشفا عن أن المحرر الذى كان عرفيا فى أول الأمر قد انقلب إلى محرر رسمى بهذا التداخل وأن رسميته تنسحب إلى البيانات التى حررت به منذ وقت تحريره. أما وقد خلا الحكم من ذلك، فإنه يكون معيبا القصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على حقيقته واقعة الدعوى ويحول بينها وبين أن تقول كلمتها فى شأن انقضاء أو عدم انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة.
3- يوجب الشارع فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلا. والمراد بالتسبيب المعتبر قانونا هو تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها الحكم والمنتجة فيما انتهى إليه سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنه فى يوم أول ديسمبر سنة 1965 بدائرة قسم بنها محافظة القليوبية (أولا) ارتكب تزويرا فى محرر رسمى هو طلب تجديد ترخيص السلاح رقم ......... باسم .......... بأن اصطنع إقرار بأن المذكور يعمل خفيرا خصوصيا بدائرة ورثة المرحوم ....... وموافقته على تجديد السلاح ونسب هذا الإقرار وتلك الموافقة زورا إلى أحد الورثة ووقع بإمضاء مزورة نسبها إلى المذكور وذلك على خلاف الحقيقة وقد اكتسب الطلب المذكور صفته الرسمية باعتماده والتوقيع عليه من الموظفين المختصين (ثانيا) اشترك بطريق المساعدة مع آخر حسن النية هو الخفير الخصوصى ........ فى استعمال المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن أعطاه إياه للاحتجاج به وتقديمه لجهة الإدارة المختصة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 40/ 3 و41 و211 و 21 و214 و 215 من قانون العقوبات. فقرر ذلك فى 17 مارس سنة 1970، وادعى ........ مدنيا قبل المتهم بمبلغ مائتين وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا بتاريخ 9 مارس سنة 1972 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهمتين المسندتين إليه وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائتين وخمسين جنيها على سبيل التعويض المدنى المؤقت مع المصاريف ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماه. فطعنت الوكيلة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية تزوير فى محرر رسمى والاشتراك فى استعماله قد شابه الخطأ فى القانون، ذلك بأن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة تزوير فى ورقة عرفية انقضت الدعوى الجنائية فيها بمضى المدة لعدم اتخاذ أى إجراء قاطع للتقادم من تاريخ وقوعها فى 4 من ديسمبر سنة 1965 حتى 24 مايو سنة 1969 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بالنسبة للطاعن بما مجمله أنه تصدى إلى طلب تجديد ترخيص السلاح النارى الصادر للمتهم الثانى فاصطنع الإقرار والموافقة عليه باعتبار المتهم الثانى ما زال يعمل لدى المجنى عليه خفيرا خصوصيا ومهر الطلب والموافقة فى 1/ 12/ 1965 بتوقيع مزور نسبه إلى المجنى عليه وذلك بنية استعمال طلب التجديد فيما زور من أجله والاحتجاج به على اعتبار أن الإقرار والموافقة صحيحان فكان أن قدم الطلب إلى الجهة الإدارية المختصة وتداخل فيه الموظفون العموميون المختصون بالتأشير عليه بالموافقة على التجديد فى حدود وظائفهم وبالتوقيع منهم على ذلك، ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال المدعى بالحقوق المدنية وأقوال الطاعن نفسه ومطالعة رخصة السلاح الصادرة والطلب المزور والحكم الصادر فى الدعوى رقم 74 سنة 1968 مستعجل بنها والدعوى رقم 266 سنة 1967 مدنى كلى بنها، وكان من بين ما استقاه الحكم من أقوال المدعى بالحقوق المدنية أنه بمناسبة تقديم المتهم الثانى شكوى إلى هيئة التأمينات الاجتماعية مدعيا فيها قيام رابطة عمل بينهما ومن أجل إثبات الشاكى هذه الرابطة تقدم بترخيص سلاح صادر له وخطاب موجه من جهة الإدارة يفيد بأن الرخصة جددت بناء على طلبه (أى المدعى بالحقوق المدنية) فانتقل إلى بندر بنها واطلع على طلب تجديد ترخيص السلاح فتبين أن الإقرار والموافقة المنسوبتين إليه قد حررا بخط الطاعن الذى وقع عليهما بتوقيع مزور نسبة إليه مقلدا توقيعه باللغتين العربية والأجنبية، وأورد الحكم فى خصوص مطالعة طلب التجديد المزور قوله "وثبت من مطالعة طلب التجديد المزور أنه موجه إلى مأمور بندر بنها باسم المتهم الثانى وتوقيعه فى 1/ 12/ 1965 برجاء تجديد رخصة البندقية الخرطوش رقم 26073 A ورقم 1208 عن سنة 1966 وذيل هذا الطلب بعبارة تفيد أن المتهم الثانى يعمل خفيرا خصوصيا لدى المدعى بالحقوق المدنية بزمام كفر مناقر بندر بنها وتتضمن العبارة كذلك رجاء الموافقة على تجديد رخصة حمل السلاح المبين أعلاه ومهرت هذه العبارة بامضاء لـ ......... على شكل فرمة تحتها حرفا. M.F وأرخت 1/ 12/ 1965"، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن الذى يثيره بوجه النعى وأطرحه بقوله "ومتى كان ذلك فإن اصطناع المتهم الأول للاقرار والموافقة المنسوبة إلى المالك فى طلب التجديد ذاك ثم توقيعه بامضاء مزور منسوب إلى المدعى بالحق المدنى، كل هذا يعد تزويرا فى محرر رسمى"، وأورد الحكم فى موضع آخر قوله "وإذا كان طلب التجديد حرر فى الأصل بمعرفة الأفراد إلا أن هذا المحرر يعتبر ورقة رسمية مآ لا لتداخل الموظف العمومى المختص بتجديد رخص السلاح ببندر بنها فى هذه الورقة والتأشير عليها مع التوقيع بالبيانات اللازمة للتجديد". لما كان ذلك، فإنه وإن كان من المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى أن يكون هذا المحرر قد صدر من موظف عمومى من أول الأمر، فقد يكون عرفيا فى أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمى بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته، ففى هذه الحالة يعتبر واقعا فى محرر رسمى بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق من الإجراءات، إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر لا بما كان عليه فى أول الأمر، إلا أنه لما كان الشارع يوجب فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلا، والمراد بالتسبيب المعتبر قانونا هو تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها الحكم والمنتجة فيما انتهى إليه سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون , وأنه يجب للادانة فى جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحرر المقول بتزويره وما انطوى عليه من بيانات ليكشف عن ماهية تغيير الحقيقة فيه وإلا كان باطلا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عند إثباته ما تبين من الاطلاع على المحرر المزور وإيراد أقوال المدعى بالحقوق المدنية لم يكشف إلا عن المحرر عندما كان عرفيا فى أول الأمر وذلك باصطناع الطاعن محررا نسب صدوره زورا إلى المدعى بالحقوق المدنية عن إقراره بأن مقدم الطلب (الخفير الخصوصى) مستمر فى العمل بالدائرة التى ورث المدعى بالحقوق المدنية بعض الأطيان التى تتكون منها وأنه يوافق على تجديد الترخيص له بحيازة السلاح النارى، وأما ما جاء تاليا لذلك فلم يفصح عنه الحكم، فلم يبين الحكم الصورة التى تداخل بها أحد الموظفين العمومين فيه، ومدى اتصال هذا التداخل بالبيان الخاص بالإقرار والموافقة المنسوبين كذبا إلى المدعى بالحقوق المدنية، سواء بالتحقق من صحة هذه البيانات أو بالموافقة على صحتها أو تمهيدا لتوقيع الموظف العمومى عليها حتى تنسحب رسمية تلك الورقة على جميع ما دون بها قبل تقديمها إلى الموظف أو الموظفين العموميين، مما كان يقتضى من الحكم أن يبين من هو الموظف أو الموظفين العموميين الذين تداخلوا فى المحرر، واختصاص كل منهم فى هذا التداخل ومداه وسنده حتى يكون الحكم كاشفا عن أن المحرر الذى كان عرفيا فى أول الأمر قد انقلب إلى محرر رسمى بهذا التداخل وأن رسميته تنسحب إلى البيانات التى حررت به منذ وقت تحريره، أما وقد خلا الحكم من ذلك فإنه يكون معيبا بالقصور الذى يعجزه محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على حقيقة واقعة الدعوى ويحول بينها وبين أن تقول كلمتها فى شأن انقضاء أو عدم انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.