أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 95

جلسة 22 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن علي المغربى.

(23)
الطعن رقم 1415 لسنة 42 القضائية

(1و 2) دفاع. "حق الدفاع. كفالته". إجراءات المحاكمة. تحقيق. "التحقيق بمعرفة المحكمة".
(1) المحاكمة هى الوقت الذى كفل فيه القانون لكل متهم حقه فى أن يدلى بطلبات التحقيق وأوجه الدفاع. وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب. استعمال المتهم حقه فى الدفاع. لا يصح نعته بعدم الجدية ولا بأنه جاء متأخرا.
(2) التأخر فى الادلاء بالدفاع. لا يدل حتما على عدم جديته.
(3) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات المحاكمة. نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". تزوير. إختلاس. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". تحقيق. "التحقيق بمعرفة المحكمة".
رفض المحكمة طلب المتهم بالاختلاس استكتابه وإجراء المضاهاة بين الاستكتاب وبين الأوراق المدعى بتزويرها بحجة عدم جديته للتأخر فى إبدائه. يعيب الحكم.
1 - من المقرر أن استعمال المتهم حقه المشروع فى الدفاع عن نفسه فى مجلس القضاء لا يصح البته أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخرا لأن المحاكمة هى وقته المناسب الذى كفل فيه القانون لكل متهم حقه فى أن يدلى بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع، وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية إلى الصواب.
2 - من المقرر أن التأخر فى الإدلاء بالدفاع لا يدل حتما على عدم جديته ما دام منتجا من شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير وجه الرأى فى الدعوى.
3 - متى كان الدفاع عن الطاعن طلب بجلسة المحاكمة براءته مما أسند إليه كما طلب استكتابه ومضاهاة هذا الاستكتاب على الأوراق المقول بتزويرها، وكان الحكم قد صادر الطاعن فى دفاعه المشار إليه بدعوى أنه غير جاد فيه لأنه تأخر فى الادلاء به مع أن الثابت من مدونات الحكم ذاتها أن الطاعن لم يدل بدفاع أمام جهة التحقيق لأنه لم يستدل عليه بعد اكتشاف وقائع الاختلاس – عدا أولها – لسؤاله عنها ولما مثل أمام المحكمة طلب الدفاع عنه اتخاذ إجراء المضاهاة. ولما كان الدفاع المسوق من الطاعن يعد – فى صورة الدعوى المطروحة – دفاعا جوهريا لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم فى الدعوى ويترتب عليه، لو صح، تغيير وجه الرأى فيها، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتعنى بتحقيقه بلوغا إلى غاية الأمر فيه، واقتصرت فى هذا الشأن على ما أوردته فى حكمها لإطراح ذلك الدفاع من أسباب لا تؤدى إلى النتيجة التى رتبت عليها، فإن الحكم يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى الفترة من 20 فبراير سنة 1965 إلى 12 من أغسطس سنة 1965 بدائرة قسمى السيدة زينب والأزبكية محافظة القاهرة: (أولا) بصفته موظفا عموميا (محصل بمكتب بريد مجلس الأمة ورمسيس) ارتكب تزويرا فى محررات رسمية هى دفاتر 2 ج واستمارات أ د - ج بريد حال تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت فى المحررات سالفة الذكر مبالغ أقل من تلك التى حصلها بمقتضى الحوالات البريدية بالأرقام 7/ 39610 و43/ 52834 و48/ 52829 (ثانيا) بصفته موظفا عموميا ومن مأمورى التحصيل بمكتب بريد مجلس الأمة ورمسيس اختلس مبلغ 302 ج و990 م سلم إليه بصفته سالفة الذكر. وطلبت إلى مستشار الإحالة إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك فى 25 يناير سنة 1967. ومحكمة جنايات القاهرة قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 13 مايو سنة 1972 عملا بالمواد 112/ 1 –2 و118 و119 و213 و32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن مدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه وبعزله من وظيفته وإلزامه برد باقى المبلغ المختلس وقدره مائتان واثنان وسبعون جنيها وستمائة وتسعون مليما. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمتى إختلاس أموال أميرية وتزوير فى محررات رسمية قد شابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن طلب من المحكمة إرسال الأوراق المسند إليه تزويرها مع استكتابه إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى لتبين محرر العبارات التى أنكر الطاعن تحريرها بخطه إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب رغم جوهريته وردت عليه برد غير سائغ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أنه بمناسبة اتهام الطاعن باختلاس مبلغ من مكتب البريد الذى يعمل به فقد كلفت لجنة بمراجعة عمله وجرد عهدته الذى أسفر عن اكتشاف اختلاسه مبلغ 292 ج و890 م سدد منه مبلغ 20 ج و200 م وفى سبيل التوصل إلى الاختلاس ارتكب تزويرا فى أوراق رسمية بأن كان يستلم قيمة الحوالة من المرسل ويعطيه إيصالا بما استلمه ثم يثبت فى الدفتر 2 ج والاستمارة 11 ج قيمة أقل مما سلم إليه هى التى يوردها لهيئة البريد ويختلس الفرق كما كان يسقط سحب حوالات بأكملها ولا يثبت توريد قيمتها فى الدفتر والاستمارة المشار إليها ويختلس هذه القيمة، ثم بعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعن مستمدة من أقوال من اكتشفوا وقائع الاختلاس والتزوير، وما تبين من الاطلاع على الدفاتر والاستمارات والحوالات، أشار إلى إنكار الطاعن إختلاسه لمبلغ العشرين جنيها الذى اكتشف اختلاسه له فى بادئ الأمر مرجعا ذلك إلى خطأ حسابى وقام بسداده، ثم لما تكشفت باقى وقائع الاختلاس لم يمكن العثور عليه لسؤاله، وأن الدفاع عنه طلب بجلسة المحاكمة براءته مما أسند إليه كما طلب استكتابه ومضاهاة هذا الاستكتاب على الأوراق المقول بتزويرها، وقد أطرح الحكم هذا الطلب بقوله "وتلتفت المحكمة عن طلب الدفاع عنه باستكتابه وإجراء المضاهاة بينه وبين الأوراق المقول بتزويرها، وذلك لأنه لو كان جادا فى هذا الطلب لبادر بإبدائه عند سؤاله فى أول الأمر.......". لما كان ذلك، وكان الحكم قد صادر الطاعن فى دفاعه المشار إليه بدعوى أنه غير جاد فيه، لأنه تأخر فى الادلاء به، مع أنه فضلا عن أن الثابت من مدونات الحكم ذاتها أن الطاعن لم يدل بدفاع أمام جهة التحقيق لأنه لم يستدل عليه بعد اكتشاف وقائع الاختلاس – عدا أولها – لسؤاله عنها، ولما مثل أمام المحكمة طلب الدفاع عنه اتخاذ إجراء المضاهاة، فإن التأخير فى الادلاء بالدفاع لا يدل حتما على عدم جديته ما دام منتجا من شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير وجه الرأى فى الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع فى الدفاع عن نفسه فى مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخرا لأن المحاكمة هى وقته المناسب الذى كفل فيه القانون لكل متهم حقه فى أن يدلى بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع، وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية إلى الصواب. ولما كان الدفاع المسوق من الطاعن – يعد فى صورة الدعوى المطروحة دفاعا جوهريا لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم فى الدعوى ويترتب عليه – لو صح – تغيير وجه الرأى فيها، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتعنى بتحقيقه بلوغا إلى غاية الأمر فيه، واقتصرت فى هذا الشأن على ما أوردته فى حكمها لإطراح ذلك الدفاع من أسباب لا تؤدى إلى النتيجة التى رتبت عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.