أحكام النقض – المكتب الفني- جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 102

جلسة 28 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسن أبو الفتوح الشربينى، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه الصديق دنانة، ومحمد عادل مرزوق.

(25)
الطعن رقم 1393 لسنة 42 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير التحريات". تفتيش. "التفتيش بإذن" مواد مخدرة.
سلطة المحكمة فى الأخذ بالتحريات كمسوغ للاذن بالتفتيش ورفضها الأخذ بها فى صدد الغرض من الاحراز.
(2) مواد مخدرة. حكم. "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل". إثبات. "بوجه عام".
النعى على الحكم بعدم إرسال الصديرى للتحليل. لا يجدى. ما دام الحكم لم يعول على وجود آثار للمخدر بجيب الصديرى. وجود المخدر مجردا لا يلزم تخلف آثار منه بالجيب.
(3و 4) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "إعتراف". "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
3 - سلطة محكمة الموضوع فى التعويل على شهادة شهود الإثبات والاعراض عن أقوال شهود النفى.
4 - سلطة محكمة الموضوع فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه. تعييب الاعتراف بالاكراه لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) إجراءات المحاكمة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "بوجه عام".
طلب إجراء تحقيق عن حالة الضوء وإمكان الرؤية. لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(6) دفاع. "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
تجريح أقوال الشاهد إشارة إلى تلفيق التهمة. من أوجه الدفاع. الموضوعية التى لا تستوجب ردا.
(7) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تحقيق. إجراءات المحاكمة.
تعييب إجراءات تحقيق الشرطة لا يصح سببا للطعن على الحكم بالنقض ما دام قد جرى فى مرحلة سابقة على المحاكمة.
(8) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم بيان الحكم للغرض من إحراز المخدر لا يعيبه طالما قد دان الطاعن بالمادة 38 من القانون رقم 182 سنة 1960.
1- من سلطة المحكمة التقديرية أن ترى فى تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة.
2- إذا كان الحكم لم يعول فى قضائه على وجود آثار للمخدر فى جيب صديرى الطاعن فإنه لا يجديه النعى بعدم إرسال الصديرى للتحليل إذ أنه فضلا عما أورده الحكم من أن المخدر المضبوط وجد مغلفا فإنه بفرض وجوده مجرد فإنه لا يلزم بالضرورة تخلف آثار منه بالجيب.
3- لمحكمة الموضوع أن تعول على شهادة شهود الإثبات وتعرض عن أقوال شهود النفى ما دامت لا تثق فيما شهدوا به.
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يشر إلى اعتراف الطاعن أو إلى أنه كان وليد إكراه ولم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأنه، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
5- إذا كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق عن حالة الضوء وإمكان الرؤية خارج المقهى، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض.
6- إذا كان الحكم قد أطمأن إلى أدلة الثبوت فى الدعوى، ومن بينها شهادة الضابط، فإن ما يثيره الطاعن وما يسوقه من قرائن لتجريح أقوال الضابط مما يشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التى تستوجب ردا صريحا من المحكمة بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
7- لا يصح أن يكون ما ينعاه الطاعن بشأن إجراءات تحقيق الشرطة سببا للطعن على الحكم بالنقض ما دام أن هذا التحقيق جرى فى مرحلة سابقة على المحاكمة.
8- لما كان الشارع قد استهدف بما نص عليه فى المادة 38 من القانون رقم 182 سنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها – من معاقبة كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو استخرج أو فصل أو صنع جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى – أن يحيط بكافة الحالات التى يتصور أن تحدث عملا وقد يفلت منها حائز المادة المخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطى من العقاب، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من أن الحكم لم يبين الغرض من الإحراز.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 6 ديسمبر سنة 1971 بناحية مركز امبابة محافظة الجيزة: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (حشيشا) وذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للوصف والمواد الواردة بأمر الاحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا بتاريخ 30 من أبريل سنة 1972 عملا بالمواد 1/ 1 و2 و37/ 1 - 2 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 12 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. وذلك على اعتبار أن المتهم أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى جواهر مخدرا (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى قد انطوى على قصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد فى الاستدلال وشابه التناقض – ذلك أن التحريات جاءت باطلة وغير جدية ومبتورة، فقد حرر الضابط محضره فى الساعة الثانية عشرة وعشرة دقائق مساء وحصل على إذن النيابة بعد نصف ساعة وهى فترة قصيرة لا تكفى للقيام بالتحريات ولا تدل على سلامتها وجديتها كما تضمنت أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة مع أن التفتيش لم يسفر إلا عن قطعة صغيرة يمكن دسها عليه، كما أن الحكم لم يلتفت إلى ما أثاره الدفاع من قصور اعتور التحقيق وهو تحليل جيب صديرى الطاعن الذى قيل بأنه كان يحوى المخدر، وأطرح شهادة الشاهد ....... الذى نفى عن الطاعن ضبط المخدر معه، وعول على اعتراف الطاعن رغم بطلانه لأنه كان وليد إكراه وتعذيب ومع أنه أنكره فى تحقيقات النيابة مما كان يقتضى المحكمة تمحيصه.
هذا فضلا عن التفات المحكمة عن تحقيق حالة الضوء خارج المقهى وإمكان الرؤية فى ذلك الوقت. وذلك إلى أن الحكم عول على شهادة الضابط وهو فى معرض الخصومة مع الطاعن ويسعى لإلصاق التهمة به، وأن سبق الحكم على الطاعن أو ضبط مبلغ من المال معه لا ينهض أيهما قرينة على اتهامه وأن الإجراءات البوليسية خاطئة ويتعين أخذها بالحيطة والحذر، كما أن الحكم إذ دان الطاعن بجريمة الإحراز لم يحدد الغرض من هذا الإحراز لبيان ما إذا كان مخالفا للقانون من عدمه. وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدرا الحشيش بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى التى دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الرائد ..... رئيس مباحث مركز إمبابه والشرطيين ...... و....... ومن تقرير التحليل، وكان الحكم قد حصل ما جاء بمحضر التحريات بما لا ينازع الطاعن فى صحة ما نقله عنه، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع صراحة ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وإنما اقتصر على التشكيك فى الواقعة بالتعرض لمضمون التحريات، ولما كان من سلطة المحكمة التقديرية أن ترى فى تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك، فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان التحريات لا يعدو أن يكون عودا إلى المجادلة فى أدلة الدعوى التى استنبطت منها معتقدها فى حدود سلطتها الموضوعية – لما كان ذلك، وكان الحكم لم يعول فى قضائه على وجود آثار للمخدر فى جيب صديرى الطاعن فإنه لا يجديه النعى بعدم إرسال الصديرى للتحليل إذ أنه فضلا عما أورده الحكم من أن المخدر المضبوط وجد مغلفا فإنه بفرض وجوده مجردا فإنه لا يلزم بالضرورة تخلف آثار منه بالجيب. ولما كان لمحكمة الموضوع أن تعول على شهادة شهود الإثبات وتعرض عن أقوال شهود النفى ما دامت لا تثق فيما شهدوا به فلا على المحكمة إن هى أطرحت شهادة شاهد النفى ..... ما دامت لم تطمئن إلى أقواله ويضحى النعى فى هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يشر إلى اعتراف الطاعن أو إلى أنه كان وليد إكراه ولم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأنه فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض – وإذ كان الثابت كذلك من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق عن حالة الضوء وإمكان الرؤية خارج المقهى فإنه لا يحق له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان الحكم قد اطمأن إلى أدلة الثبوت فى الدعوى ومن بينها شهادة الضابط، فإن ما يثيره الطاعن وما يسوقه من قرائن لتجريح أقوال الضابط مما يشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب ردا صريحا من المحكمة بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، أما ما ينعاه الطاعن بشأن تعيب إجراءات تحقيق الشرطة فلا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم بالنقض ما دام أن هذا التحقيق جرى فى مرحلة سابقة على المحاكمة. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول فى قضائه بالإدانة على سبق الحكم على الطاعن أو العثور على مبلغ من المال معه فإنه لا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الشأن. ولما كان الشارع قد استهدف بما نص عليه فى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها – من معاقبة كل من حاز أو أحراز واشترى أو سلم أو نقل أو استخرج أو فصل أو صنع جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى – أن يحيط بكافة الحالات التى يتصور أن تحدث عملا وقد يفلت منها حائز المادة المخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطى من العقاب، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من أن الحكم لم يبين الغرض من الإحراز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.