أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 146

جلسة 11 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وحسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفة، وطه الصديق دنانة.

(31)
[(1)] الطعن رقم 245 لسنة 42 القضائية

(1) خطأ. قتل خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. الاخلال بحق الدفاع. "ما يوفره". جريمة. "أركانها".
الخطأ فى الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لها. وجوب بيان عنصر الخطأ وإيراد الدليل عليه. تمسك الطاعن بمستندات فى نفى ركن الخطأ يعد دفاعا هاما. سكوت الحكم عنها. قصور. مثال.
(2) رابطة سببية. قتل خطأ. إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إغفال الحكم بيان إصابات المجنى عليه وكيف أنها أدت إلى وفاته من واقع تقرير فنى قصور.
1 - من المقرر أن الخطأ فى الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم، ويجب لسلامة الحكم بالإدانة فى جريمة القتل الخطأ أن يبين فضلا عن مؤدى الأدلة التى اعتمد عليها فى ثبوت الواقعة – عنصر الخطأ وأن يورد الدليل عليه مردودا إلى أصل صحيح ثابت فى الأوراق. ولما كان البين من الحكم ومن الاطلاع على المفردات المضمومة أن دفاع الطاعن الذى أبداه بصدد نفى ركن الخطأ عنه يرتكز على أنه يشغل وظيفة إدارية هى مدير إدارة شئون الديوان الذى يشمل مبانى محافظة القاهرة، وأنه ليس من عمله القيام بتنفيذ أعمال الصيانة وإنما يتلقى الإخطارات فى شأنها من المسئولين بكل مبنى ويبلغها إلى الإدارات الفنية المختصة التابعة للمحافظة حسب كل نوع من أعمال الصيانات لإجراء اللازم فى حدود الميزانية وأنه فى شأن المبنى محل الحادث قد أخطر مدير إدارة المشروعات بالمحافظة فى تاريخ سابق على الحادث بأن أبواب المصعد غير مركبة فى أماكنها وأنه يخشى سقوط أحد منها أو حصول حادث نتيجة لذلك، وقدم لمحكمة ثانى درجة حافظة حوت المستندات المؤيدة لدفاعه ومنها كتاب السيد وكيل الوزارة بالمحافظة ببيان اختصاصه الوظيفى والكتب المتبادلة بينه وبين مدير إدارة المشروعات، وتمسك بدلالة هذه المستندات فى نفى ركن الخطأ عنه، فإن هذا الدفاع المبدى من الطاعن يعد دفاعا هاما فى الدعوى ومؤثرا فى مصيره، وإذا لم تلق المحكمة بالا إلى هذا الدفاع فى جوهره، ولم تواجهه على حقيقته ولم تفطن إلى فحواه ولم تقسطه حقه وتعنى بتمحيصه بلوغا إلى غاية الأمر فيه بل سكتت عنه إيرادا له وردا عليه ولم تتحدث عن تلك المستندات مع ما يكون لها من دلالة فى نفى عنصر الخطأ، ولو أنها عنيت ببحثها لجاز أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى، وإذا اتخذ الحكم من مجرد كون الطاعن مديرا لشئون الديوان مبررا لمساءلته – وهو ما لا يجوز أن يصح فى العقل عده لذاته خطأ مستوجبا للمسئولية – دون أن تستظهر مدى الحيطة الكافية التى ساءله عن قصوره عن اتخاذها والإجراءات التى كان يتعين عليه القيام بها مما يدخل فى اختصاصه الوظيفى كما تحدده القوانين و اللوائح، فإنه يكون معيبا بالقصور المبطل له.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أغفل بيان إصابات المجنى عليه وكيف أنها أدت إلى وفاته من واقع تقرير فنى، فإنه يكون مشوبا بالقصور فى استظهار رابطة السببية بما يوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة وآخرين بأنهم فى يوم 17/ 2/ 1969 بدائرة قسم عابدين: بوصف المتهم الأول مدير الإدارة لشئون الديوان بمحافظة القاهرة والمتهم الثانى معاونا لمبنى هذه المحافظة والمتهم الأول المشرف على أعمال المصاعد بالمحافظة المذكورة تسببوا بغير قصد ولا تعمد فى قتل المجنى عليه....... وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم فى آداء الأعمال المنوط لكل منهم وعدم اتخاذهم الحيطة الكافية لمنع وقوع أى خطر من المصعد المعطل والكائن بمبنى الإيرادات لمحافظة القاهرة فلم يقوموا باتخاذ ما يلزم لسد فتحات أبواب هذا المصعد بطريقة محكمة ومانعة من السقوط منها ومراعاة استمرار بقائها محكمة الغلق على هذا النحو بل تركوها مفتوحة كما لم يقم المتهمان الأول والثانى بإعداد الإضاءة الكافية للمبنى المذكور مما أدى إلى سقوط المجنى عليه من فتحة المصعد الكائنة بالطابق الثانى فحدثت له إصاباته المبينة بالتقرير الطبي والتى أودت بحياته، وطلبت عقابهم بالمادة 238 من قانون العقوبات، وادعى كل من....... والسيدة....... مدنيا بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين متضامنين وقبل السيد/ محافظ القاهرة بصفته مسئولا عن الحقوق المدنية، ومحكمة جنح عابدين الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 15/ 11/ 1970 عملا بمادة الاتهام بالنسبة إلى المتهمين الأول والثانى والمادة 304/ أ من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الثالث. (أولا) بتغريم المتهمين الأول والثانى 100 ج لكل منهما وإلزامهما والمسئول بالحقوق المدنية السيد محافظ القاهرة متضامنين بأن يؤدوا للمدعين بالحق المدنى مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثانيا) براءة المتهم الثالث مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وإلزام رافعها المصروفات بالنسبة له. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بتاريخ 19/ 3/ 1972 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه الأول (الطاعن) فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث أن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه قصور فى التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعن قام أساسا على أنه يشغل وظيفة إدارية هى مدير إدارة شئون الديوان، وإنه ليس من عمله القيام بتنفيذ أعمال الصيانة اللازمة للمبنى محل الحادث. بل أنه يتلقى الإخطارات من المسئولين من موظفى المبنى ويقوم بتبليغها إلى الإدارات الفنية المختصة التابعة للمحافظة لإجراء اللازم فى حدود الميزانية، وقد قدم للمحكمة المستندات المؤيدة لدفاعه إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بما لا سند له من الأوراق وبما يخالف الثابت بكتاب وكيل الوزارة لشئون المحافظة عن بيان اختصاص الطاعن، وخلص إلى تقرير مسئوليته دون أن يوضح الإجراءات التى كان عليه اتخاذها لتفادى وقوع الحادث وأساسها من القوانين واللوائح.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى الأدلة التى عول عليها فى قضائه، رد على دفاع الطاعن مستخلصا إدانته فى قوله: "وأما عن القول بأنه مدير إدارة شئون الديوان وأن مواعيد عملة الرسمية من الساعة 8 ص إلى الساعة 2 م وغير مكلف بالحضور فى الفترة المسائية وليس من عمله تنفيذ أعمال الصيانات فإنه مردود عليه أنه كمدير لإدارة شئون الديوان يكون على عاتقه اتخاذ كافة الإحتياطات اللازمة لمنع وقوع حوادث بالمبنى الذى يشغله مع باقى موظفيه ولا ينفى ذلك كونه غير ملزم بالحضور وفى فترات العمل المسائية ولا يكفى من المتهم ما ذهب إليه من أنه أرسل خطابا للجهة المختصة لكى تقوم بالإصلاحات فكان يتعين عليه أن يتخذ فورا الإجراءات الكفيلة بمنع وقوع أى حادث حتى تتم الإصلاحات الفنية بمعرفة الجهة المنوط بها ذلك... " لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ فى الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم، فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة فى جريمة القتل الخطأ أن يبين فضلا عن مؤدى الأدلة التى اعتمد عليها فى ثبوت الواقعة – عنصر الخطأ وأن يورد الدليل عليه مردودا إلى أصل صحيح ثابت فى الأوراق، ولما كان البين من الحكم ومن الاطلاع على المفردات المضمومة أن دفاع الطاعن الذى أبداه بصدد نفى ركن الخطأ عنه يرتكز على أنه يشغل وظيفة إدارية هى مدير إدارة شئون الديوان الذى يشمل مبانى محافظة القاهرة، وأنه ليس من عمله القيام بتنفيذ أعمال الصيانة وإنما يتلقى الإخطارات فى شأنها من المسئولين بكل مبنى ويبلغها إلى الإدارات الفنية المختصة التابعة للمحافظة حسب كل نوع من أعمال الصيانات لإجراء اللازم فى حدود الميزانية وأنه فى شأن المبنى محل الحادث قد أخطر مدير إدارة المشروعات بالمحافظة فى تاريخ سابق على الحادث بأن أبواب المصعد غير مركبة فى أماكنها وأنه يخشى سقوط أحد منها أو حصول حادث نتيجة لذلك، وقدم لمحكمة ثانى درجة حافظة حوت المستندات المؤيدة لدفاعه ومنها كتاب السيد وكيل الوزارة بالمحافظة ببيان إختصاصه الوظيفى والكتب المتبادلة بينه وبين مدير إدارة المشروعات، وتمسك بدلالة هذه المستندات فى نفى ركن الخطأ عنه فإن هذا الدفاع المبدى من الطاعن يعد دفاعا هاما فى الدعوى ومؤثرا فى مصيرها. وإذ لم تلق المحكمة بالا إلى هذا الدفاع فى جوهره، ولم تواجهه على حقيقته، ولم تفطن إلى فحواه ولم تقسطه حقه وتعنى بتمحيص بلوغا إلى غاية الأمر فيه بل سكتت عنه إيرادا له وردا عليه ولم تتحدث عن تلك المستندات مع ما قد يكون لها من دلالة فى نفى عنصر الخطأ، ولو أنها عنيت ببحثها لجاز أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى، وإذا اتخذ الحكم من مجرد كون الطاعن مدير لشئون الديوان مبررا لمساءلته – وهو ما لا يجوز أن يصح فى العقل عده لذاته خطأ مستوجبا للمسئولية – دون أن يستظهر مدى الحيطة الكافية التى ساءله عن قصوره عن اتخاذها والإجراءات التى كان يتعين عليه القيام بها مما يدخل فى اختصاصه الوظيفى كما تحدده القوانين واللوائح، فإنه يكون معيبا بالقصور المبطل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بيان إصابات المجنى عليه وكيف أنها أدت إلى وفاته من واقع تقرير فنى، فإنه يكون مشوبا بالقصور فى استظهار رابطة السببية – وهو ما يتسع له وجه الطعن – بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه الآخر – وإن لم يقرر بالطعن لوحدة الواقعة – ولحسن سير العدالة وذلك دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.


[(1)] راجع أيضا الطعن رقم 158 لسنة 42 ق جلسة 29/ 1/ 1973 "لم ينشر" لصورة إهمال (حارس قضائي) في صيانة مصعد واستعماله أدى إلى وقوع جريمة قتل خطأ.