أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 504

جلسة 20 من مايو سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(108)
الطعن رقم 476 لسنة 44 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". تزوير. "تزوير الأوراق الرسمية". إشتراك. إثبات. "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقتناع المحكمة بما لها من سلطة استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة. بأن التزوير تم بإضافة كلمة قبل المبلغ مقدار الدين المثبت أصلا بالمحرر. لا يعيب الحكم. من بعد خطؤه فى ذكر مقدار الدين الأصلى الذى لم يشمله التغيير.
(2) إجراءات المحاكمة. إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على المحكمة عدم إجرائها تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها. لا يقبل. مثال.
(3) اشتراك. جريمة. "أركان الجريمة". تزوير. "تزوير الأوراق الرسمية". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. اعتقاد المحكمة توافره من ظروف الدعوى وملابساتها لأسباب سائغة. كفايته. مثال.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر عناصر الدعوى المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغا متفقا مع العقل والمنطق. ولما كان الحكم المطعون فيه قد حصل من أقوال المجنى عليه أنه قرر فى الشكوى رقم... إداري بأن ذمته مشغولة بمبلغ خمسين جنيها للطاعن وأنه فوجئ بتزوير هذا الرقم فأصبح خمسمائة وخمسين جنيها، كما حصل من أقوال الشاهد الثانى – وهو رجل الشرطة الذى تولى جمع الاستدلالات فى الشكوى – أن المجنى عليه أقر أمامه بأن قيمة الدين خمسون أو ستون جنيها، ثم نقل الحكم عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى أن نتيجة الفحص أسفرت عن أن أصل المبلغ الوراد فى الشكوى على لسان المجنى عليه هو خمسون جنيها وهذا التعديل إلى أى من الطرفين أو إلى شخص آخر، وخلص الحكم إلى أن الطاعن هو الذى أجرى التزوير عن طريق شخص مجهول ليحصل على سند بالمبلغ المعدل بدلالة إقامته دعوى مدنية ضد المجنى عليه مطالبا بهذا المبلغ الأخير – ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت بأدلة سائغة ومنطق سليم أن الطاعن ارتكب جريمتى الاشتراك فى تزوير محرر رسمى واستعماله، وكان مقدار الدين الأصلى المثبت فى أوراق الشكوى سواء كان خمسين أو ستين جنيها لا أثر له فى ثبوت الجريمتين اللتين دين الطاعن بارتكابهما، إذ أن موضوع التزوير هو الكلمة المضافة هى خمسمائة جنيه، وقد اقتنعت المحكمة استنادا إلى الأدلة السائغة التى ساقتها بتزوير هذه الكلمة بطريق الإضافة فلا يؤثر فى ذلك حقيقة الدين الأصلى الخارج عن نطاق التزوير الذى لم يشمله التغيير فى المحرر ويضحى الخطأ فى ذكر مقداره – بفرض حصوله – غير مؤثر فى سلامة الحكم.
2 - متى كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة سماع شهود أو إجراء تحقيق معين بصدد ما ورد بصورتى الشكوى المقدمتين منه لمستشار الإحالة، بل الثابت أنه تنازل عن سماع شاهدى الإثبات اكتفاء بتلاوته أقوالهما فى التحقيقات، فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها.
3 - يتم الاشتراك فى الجريمة، غالبا، دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ويكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغا تبرره الوقائع التى أثبتها الحكم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقى الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلى مجهول فى اقتراف جريمة تزوير فى المحرر الرسمى وأطرح دفاع الطاعن فى شأن تلفيق الاتهام مستندا إلى إقامته الدعوى المدنية بمطالبة المجنى عليه بالمبلغ المزور، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور فى بيان عناصر الاشتراك فى التزوير والرد على دفاع الطاعن.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 28 يونيه سنة 1971 بدائرة قسم امبابة محافظة الجيزة (أولا) اشترك بطريق التحريض والمساعدة مع مجهول فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو محضر الشكوى رقم 3163 سنة 1970 إدارى قسم امبابة المتضمن إقرارا على........ بانشغال ذمته بمبلغ خمسين جنيها مستحقة له بأن حرض هذا المجهول واتفق معه على تغيير بعض عبارات إقراره الواردة بالشكوى بتعديل البيان الدال على قيمة المبلغ المتبقى بذمته باضافة لفظ خمسمائة إليه فأصبح خمسمائة وخمسين جنيها بدلا من خمسين جنيها وساعده على الأعمال المتممة للجريمة فتمت بناء على هذا التحريض والاتفاق وتلك المساعدة. (ثانيا) استعمل المحرر الرسمى المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن استخرج منه صورة رسمية قدمها إلى السيد رئيس محكمة الجيزة الابتدائية لاستصدار أمر أداء بالدين المزور الوارد به مع علمه بتزويره. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة – فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا بتاريخ 7 فبراير سنة 1974 بالمواد 40/ 2 – 3 و41 و211 و212 و214 و17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل ستة شهور. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه، إذ دان الطاعن بجريمتى الاشتراك فى تزوير محرر رسمى واستعماله مع علمه بتزويره قد شابه قصور فى التسبيب وتناقض وإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ فى الإسناد، ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول فى قضائه على الدليلين القولى والفنى معا على الرغم من تناقضهما، وحصل من أقوال الشاهد الأول أنه قرر بأن مقدار الدين الأصلى خمسون جنيها فى حين أن أقواله في كافة مراحل الدعوي جرت علي أن الدين ستون جنيها، كما حصل من أقوال الشاهد الثاني أن مقدار الدين خمسون أو ستون جنيها في حين أن أقواله في محضر جمع الاستدلالات لا تؤدى إلى ما حصله الحكم منها وقد انتهى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير إلى أن المبلغ الثابت فى أوراق الشكوى الإدارية كان خمسين جنيها ثم أصبح خمسمائة وخمسين، وسكت الحكم عن التعرض لهذا التناقض على الرغم من تمسك الطاعن به فى دفاعه المكتوب المقدم لمستشار الإحالة. كما أغفل الحكم دلالة تقديم الطاعن صورتين رسميتين من الشكوى الإدارية ثبت فيهما أن مقدار الدين خمسمائة وخمسين جنيها، ومع أن طلب سماع أقوال كل من سبق سؤاله فى الشكوى الإدارية، فإن المحكمة لم تلتفت لدفاعه أو تعرض له بأى رد. وأخيرا فان الحكم لم يستظهر طريقة اشتراك الطاعن فى التزوير أو يقيم الدليل عليه مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتى الاشتراك فى تزوير محرر رسمى واستعماله مع علمه بتزويره اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شاهدى الإثبات. ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، حصل من أقوال المجنى عليه أنه قرر فى محضر الشكوى رقم 3763 سنة 1970 إدارى قسم امبابة بأن ذمته مشغولة بمبلغ خمسين جنيها للطاعن وأنه فوجئ بتزويرها هذا الرقم فأصبح خمسمائة وخمسين جنيها كما حصل من أقوال الشاهد الثانى وهو رجل الشرطة الذى تولى جمع الاستدلالات فى الشكوى – أن المجنى عليه أقر أمامه بأن قيمة الدين خمسون أو ستون جنيها، ثم نقل الحكم عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى أن نتيجة الفحص أسفرت عن أن أصل المبلغ الوارد فى الشكوى على لسان المجنى عليه هو خمسون جنيها، ثم عدل إلى خمسمائة وخمسين باضافة كلمة "خمسمائة" وأنه يتعذر نسبه أو نفى إحداث هذا التعديل إلى أى من الطرفين أو إلى شخص آخر وخلص الحكم إلى أن الطاعن هو الذى أجرى التزوير عن طريق شخص مجهول ليحصل على سند بالمبلغ المعدل بدلالة إقامته دعوى مدنية ضد المجنى عليه مطالبا بهذا المبلغ الأخير. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر عناصر الدعوى المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغا متفقا مع العقل والمنطق، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت بأدلة سائغة ومنطق سليم أن الطاعن ارتكب جريمتى الاشتراك فى تزوير محرر رسمى واستعماله، وكان مقدار الدين الأصلى المثبت فى أوراق الشكوى سواء كان خمسين أو ستين جنيها لا أثر له فى ثبوت الجريمتين اللتين دين الطاعن بارتكابهما، إذ أن موضوع التزوير هو الكلمة المضافة هى خمسمائة جنيه، وقد اقتنعت المحكمة استنادا إلى الأدلة السائغة التى ساقتها إلي تزوير هذه الكلمة بطريق الإضافة فلا يؤثر فى ذلك حقيقة الدين الأصلى الخارج عن نطاق التزوير والذى لم يشمله التغيير فى المحرر ويضحى الخطأ فى ذكر مقداره بفرض حصوله – غير مؤثر فى سلامة الحكم – لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة سماع شهود أو إجراء تحقيق معين بصدد ماورد بصورتى الشكوى المقدمتين منه لمستشار الإحالة، بل الثابت أنه تنازل عن سماع شاهدى الإثبات اكتفاء بتلاوة أقوالهما فى التحقيقات. ومن ثم فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، وكان الاشتراك فى الجريمة يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فإنه يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعقتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغا تبرره الوقائع التى أثبتها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقى الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلى مجهول فى اقتراف جريمة تزوير فى المحرر الرسمى وأطرح دفاع الطاعن فى شأن تلفيق الإتهام مستندا إلى إقامته الدعوى المدنية بمطالبة المجنى عليه بالمبلغ المزور، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور فى بيان عناصر الاشتراك فى التزوير والرد على دفاع الطاعن – لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.