أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 158

جلسة 11 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وحسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفه، ومحمد عبد المجيد سلامه.

(34)
الطعن رقم 1469 لسنة 42 القضائية

(1) إثبات. "معاينة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". هتك عرض.
حق المحكمة فى الإعراض عن طلب الدفاع إذا كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى بشرط بيان العلة.
مثال لتسبيب سائغ فى إطراح معاينة لمكان الحادث فى هتك عرض.
(2) دفاع: "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
الطلب الذى لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة. دفاع موضوعى لا تلتزم المحكمة بإجابته.
(3) حكم: "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل". إثبات. "معاينة".
الخطأ فى الإسناد فى وصف مكان الحادث لا يعيب الحكم ما دام لم يكن ذا أثر فى منطق الحكم ولم يتناول أدلة تؤثر فى عقيدة المحكمة.
(4) محكمة الموضوع: "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها.
(5) وزن أقوال الشاهد مرجعه محكمة الموضوع. تقدير الدليل من سلطتها وحدها.
(6) الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل تستقبل به محكمة الموضوع. لا تجوز مجادلتها فى شأنه أمام النقض.
(7) هتك عرض. إكراه. جريمة. "أركانها".
رضاء المجنى عليه فى هتك العرض مسألة موضوعية. لا رقابة فيها لمحكمة النقض طالما أن الأدلة تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم. مثال لتدليل سائغ على توافر ركن القوة فى جريمة المادة 268 عقوبات.
1 - من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. وإذ عرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن طلب إجراء معاينة لمكان الحادث وأطرحه في قوله" وحيث إن طلب الدفاع عن المتهم معاينة الجهة التى وقع فيها لأنها لا تحوى أى مكان خرب هذا الطلب غير مجد فى الدعوى ذلك أن الثابت بأقوال المجنى عليه التى تطمئن المحكمة إلى صحتها أن الإعتداء الذى وقع عليه من المتهم كان ليلا وفى مكان مظلم داخل زقاق ضيق تصادف خلوه من المارة وقت وقوعه فأيا كان وصف ذلك المكان خربا أو معمورا فإن وقوع الحادث فيه مع تلك الظروف جائز ويمكن تصديقه ولا ينال من ذلك وجود محلات تجارية قرب ذلك المكان ما دام الثابت بقول المجنى عليه أن المكان نفسه كان مظلما ومقفرا وأن المتهم كم فاه فاستحال عليه الإستغاثة ولم يصل صوته إلى أحد من الناس" فإن ما أوضحه الحكم يستقيم به إطراح ذلك الدفاع الذى أبداه الطاعن.
2 - إذا كان الطلب الذى أبداه الدفاع لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به إثارة الشبهة فى الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته.
3 - الخطأ فى الإسناد فى خصوص وصف مكان الحادث لا يعيب الحكم فى شئ ما دام وصف ذلك المكان لم يكن بذى أثر فى منطق الحكم ولم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة.
4 - من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشاهد وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إلى اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
5 - وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت أقوال شاهد فان ذلك يفيد أطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن تقدير الدليل من سلطتها وحدها.
6 - الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل هو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
7 - مساءلة رضاء المجنى عليه أو عدم رضائه فى جريمة هتك عرضه مسالة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائيا وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها فى هذا الشأن طالما أن الأدلة والإعتبارات التى ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن خلو الواقعة من عنصر الإكراه وأطرحه فى قوله "جاءت أقوال المجنى عليه مؤكدة وفوع الفعل من المتهم كرها عنه فقد ألقى به على الأرض وأمسك بيديه وجثم فوقه وكم فاه ليحبس صوته فشل بذلك مقاومته وتمكن بهذا القدر الهائل من الإكراه من هتك عرضه وقد بادر بإبلاغ والدته عن المتهم لما رأت حاله مما لا يسوغ معه القول بوقع ذلك الفعل برضائه ولا ينال من صحة هذه الأقوال عدم وجود إصابات بالمجنى عليه فى موضع آخر من جسمه إذ العنف الذى أتاه المتهم معه لم يكن من شأنه أنه يترك به آثار جروح أو إصابات وإن شل مقاومته فقد كان المجنى عليه غض العود واهن البنية مما يتوافر معه عنصر الإكراه اللازم توافره فى حكم المادة 268 من قانون العقوبات". وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه فيما سلف بيانه يتوافر به ركن القوة فى هذه الجريمة وكانت الأدلة التى ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 22/ 12/ 1968 بدائرة قسم محرم بك محافظة الاسكندرية: هتك عرض...... الذى لم يبلغ السادسة عشرة من عمره بالقوة بان ضربه وطرحه على وجهه وخلع عنه ملابسه وأولج قضيبه فى دبره. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 268/ 1 –2 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات اسكندرية قضت حضوريا بتاريخ 13/ 2/ 1972 عملا بمادة الإتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى.... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض المجنى عليه بالقوة قد شابه إخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ فى الاسناد وفساد فى الاستدلال، ذلك بأن المحكمة لم تستجب لما طلبه المدافع عن الطاعن بشأن إجراء معاينة للمكان الذى ادعى المجنى عليه بوقوع الحادث فيه حتى يتضح كذب تصويره من أنه مكان خرب إذ لا توجد أرض فضاء بالمكان المذكور فضلا عن أن المحكمة وصفته بغير ما ذهب إليه المجنى عليه ووالدته وعولت على أقوال المجنى عليه التى صورت الواقعة على نحو لا يعين على إمكان إرتكابها وفق ذلك التصوير، هذا ولم يبادر المجنى عليه بإبلاغ والدته بما حدث كما لم يتضح وجود آثار عنف به مما ينفى وقوع الحادث بالاكراه، وكل هذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها والأدلة السائغة على ثبوتها فى حقه عرض لدفاعه بشأن طلب إجراء معاينة لمكان الحادث واطرحه فى قوله: "وحيث أن طلب الدفاع عن المتهم معاينة الجهة التى وقع فيها الحادث لأنها لا تحوى أى مكان خرب هذا الطلب غير مجد فى الدعوى ذلك أن الثابت بأقوال المجنى عليه التى تطمئن المحكمة إلى صحتها أن الإعتداء الذى وقع عليه من المتهم كان ليلا وفى مكان مظلم داخل زقاق ضيق تصادف خلوه من المارة وقت وقوعه فأيا كان وصف ذلك المكان خربا أو معمورا فإن وقوع الحادث فيه مع تلك الظروف جائز ويمكن تصديقه، ولا ينال من ذلك وجود محلات تجارية قرب ذلك المكان ما دام الثابت بقول المجنى عليه أن المكان نفسه كان مظلما ومقفرا وأن المتهم كم فاه فاستحال عليه الإستغاثة ولم يصل صوته إلى أحد من الناس". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة وهو ما أوضحه الحكم بما يستقيم به إطراح ذلك الدفاع الذى أبداه الطاعن هذا فضلا عن أن هذا الطلب لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة – كما رواها المجنى عليه ووالدته – بل كان المقصود به إثارة الشبهة فى الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته. كما أن الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن وصف مكان الحادث لم يكن بذى أثر فى منطقه وأنه لم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة، ومن ثم فإن الخطأ فى الاسناد فى خصوص وصف ذلك المكان – بفرض صحته – لا يعيب الحكم فى شئ. لما كان ما تقدم، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشاهد وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق كما هو الحال فى الدعوى المطروحة، كما أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إليها تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، وأنها متى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن تقدير الدليل من سلطتها وحدها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن خلو الواقعة من عنصر الإكراه وأطرحه فى قوله: "جاءت أقوال المجنى عليه مؤكدة وقوع الفعل من المتهم كرها عنه فقد ألقى به على الأرض وأمسك بيديه وجثم فوقه وكم فاه ليحبس صوته فشل بذلك مقاومته، وتمكن بهذا القدر الهائل من الإكراه من هتك عرضه، وقد بادر بإبلاغ والدته عن المتهم لما رأت حاله مما لا يسوغ معه القول بوقوع ذلك الفعل برضائه، ولا ينال من صحة هذه الأقوال عدم وجود إصابات المجنى عليه فى موضع آخر من جسمه إذ العنف الذى أتاه المتهم معه لم يكن من شأنه أن يترك به آثار جروح أو إصابات وإن شل مقاومته فقد كان المجنى عليه غض العود واهن البنية مما يتوافر معه عنصر الإكراه اللازم توافره فى حكم المادة 268 من قانون العقوبات". وكانت مسألة رضاء المجنى عليه أو عدم رضائه فى جريمة هتك عرضه، مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائيا وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها فى هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التى ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه فيما سلف بيانه يتوافر فيه ركن القوة فى هذه الجريمة، وكانت الأدلة التى ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، ويتعين رفضه موضوعا.