أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 22

جلسة 2 من يناير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان, وجمال المرصفاوي, وحسين سامح, ومحمود العمراوي.

(1)
الطعن رقم 1751 لسنة 36 القضائية

(أ)تموين. تسعير جبري.
تعديل الجدول الملحق بالمرسوم بقانون 163 لسنة 1950 سواء بالحذف أو بالإضافة يكون بقرار يصدر من وزير التموين. مجرد إغفال لجنة التسعير تعيين أقصى السعر لصنف معين أو عدم إدراجه في الجدول الأسبوعي الذي تصدره. لا يغني عن ذلك.
(ب)تموين. تسعير جبري. مسئولية جنائية.
مسئولية صاحب المحل عن كل ما يقع فيه من مخالفات لأحكام المرسوم بقانون 163 لسنة 1950. معاقبته بالحبس والغرامة معا أو إحداهما. في حالة ثبوت غيابه أو استحالة مراقبته تكون العقوبة قاصرة على الغرامة وجوبا لا تخيير فيه.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على أوجه الدفاع الموضوعية استقلالا. كفاية الرد الضمني.
(د) إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
المحاكمة الجنائية. العبرة فيها باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. لا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه إلا إذا قيده القانون بذلك.
1 - مؤدي نص المادتين الأولى والثانية من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح أن تعديل الجدول الملحق بالمرسوم بقانون المذكور سواء بالحذف أو بالإضافة إنما يكون بقرار يصدر من وزير التموين, ولا يغني عن ذلك مجرد إغفال لجنة التسعير تعيين أقصى السعر لصنف معين أو عدم إدراجه في الجدول الأسبوعي الذي تصدره إذ يظل هذا الصنف سلعة مسعرة تخضع لأحكام ذلك المرسوم بقانون حتى يصدر قرار في شأنها من الوزير المختص.
2 - مفاد نص المادة الخامسة عشرة من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 أن القانون يحمل صاحب المحل مسئولية كل ما يقع فيه من مخالفات ويعاقبه بعقوبتي الحبس والغرامة معا أو بإحداهما ما لم يثبت هو أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة, وفي هذه الحالة لا تسقط عنه المسئولية وإنما تقتصر العقوبة على الغرامة دون الحبس وجوبا لا تخيير فيه. ومن ثم فإنه لا جدوى للطاعن مما ينعاه - بفرض صحته - من خطأ الحكم فيما أسنده إلى المبلغ من شرائه العنب من الطاعن مع أن قوله اقتصر على شرائه من محله دون تحديد لشخص البائع له, طالما أن الطاعن مسئول بحسب الأصل - بصفته صاحب المحل - عن كافة ما يقع فيه من مخالفات, وما دام أنه لم يدع بجلسات المحاكمة غيابه عن المحل أو استحالة المراقبة فيه.
3 - لا يعيب الحكم المطعون فيه سكوته عن الرد على ما اشتملت عليه مذكرة الطاعن التي قال بتقديمها لمحكمة الدرجة الثانية من وجوه دفاع موضوعية تفنيدا للأسباب التي أوردها الحكم المستأنف, إذ هو مما لا تلتزم المحكمة بالرد عليه استقلالا بل الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
4 - العبرة في المحاكمة الجنائية هى باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه, فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25/ 8/ 1964 بدائرة قسم روض الفرج: 1 - باع سلعة مسعرة (عنب) بأزيد من السعر المقرر قانونا. 2 - بصفته تاجر جملة لم يقدم للمشتري فاتورة معتمدة بها البيانات اللازمة حالة كون السلعة مسعرة. وطلبت معاقبته بمواد القانون رقم 163 سنة 1950. ومحكمة روض الفرج الجزئية قضت حضوريا في 31 مارس سنة 1965 عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وذلك عن التهمتين المسندتين إليه مع المصادرة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا في 16/ 2/ 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي بيع سلعة مسعرة "عنب" بأزيد من السعر المقرر وعدم تقديمه بصفته تاجر جملة إلى المشتري فاتورة معتمدة بها البيانات اللازمة حالة كون السلعة مسعرة, قد أخطأ في الإسناد وانطوى على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه عول في إدانة الطاعن على أقوال المبلغ عبد الرحمن عيسى بالتحقيق الذي أجراه مفتش التموين وحصلها بأن الطاعن باعه العنب بأزيد من السعر المقرر في حين أنه لم يحدد في بلاغه أو بهذه التحقيقات شخص البائع واقتصر قوله على شرائه العنب من محل الطاعن وقطع أمام محكمة الدرجة الثانية بأن البائع له يدعي رضوان المنوفي, كذلك فإن ما أورده الحكم تبريرا لاطراح دفاع الطاعن من قوله إنه من المستبعد أن يبيع رضوان المنوفي نصف ما اشتراه من العنب للمبلغ بأقل من السعر الجبري, هو فهم خاطئ لمحصل أقوال الشاهد الصريحة في بيعه له بالسعر الجبري, ولا محل لما وصف به الحكم أقوال المبلغ بالجلسة بأنها عدول عن أقواله السابقة إذ ليس له قول سابق في شأن تحديد شخص البائع له. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على دفاع الطاعن الجوهري الذي ضمنه المذكرة المصرح له بتقديمها للمحكمة الاستئنافية وفند فيه ما استند إليه الحكم الابتدائي في اطراح دفاعه والمستندات التي قدمها, وأخيرا فإن الحكم لم يعامله بمقتضى القانون الأصلح حيث صدر قرار بإخراج العنب من الجدول الملحق بالمرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 وهو ما كان يقتضي تبرئة الطاعن.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما, وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, عرض لدفاع الطاعن من إنكاره للتهمة وإسنادها إلى من يدعي رضوان المنوفي ومؤازرة هذا الأخير له ورد عليه وفنده مبديا عدم ثقته بهذا الإنكار وبأقوال هذا الشاهد وباقي شهود النفي وكشف عن عدم اطمئنانه إلى ما قدمه الطاعن من كشوف ومستندات وبرر عدم ثقته باعتراف رضوان المنوفي بأنه أراد به إفتداء الطاعن وأبدى اطمئنانه إلى اقوال المبلغ الأولى معرضا عن أقواله الأخيرة بمحضر الجلسة ثم خلص إلى اطراح دفاع الطاعن وانتهى إلى إدانته. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن مفاد نص المادة الخامسة عشرة من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح أن القانون يحمل صاحب المحل مسئولية كل ما يقع فيه من مخالفات ويعاقبه بعقوبتي الحبس والغرامة معا أو بإحداهما ما لم يثبت هو أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة وفي هذه الحالة لا تسقط عنه المسئولية وإنما تقتصر العقوبة على الغرامة دون الحبس وجوبا لا تخيير فيه, ومن ثم فإنه لا جدوى للطاعن مما ينعاه - بفرض صحته - من خطأ الحكم فيما أسنده إلى المبلغ من شرائه العنب من الطاعن مع أن قوله اقتصر على شرائه من محله دون تحديد لشخص البائع له, طالما أن الطاعن مسئول بحسب الأصل - بصفته صاحب المحل - عن كافة ما يقع فيه من مخالفات وما دام أنه لم يدع بجلسات المحاكمة غيابه عن المحل أو استحالة المراقبة فيه. لما كان ذلك, وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هى باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه, فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك فلا جناح على الحكم إذ هو أطرح إعتراف رضوان المنوفي من أنه هو البائع للعنب للمبلغ ولما قرره هذا الأخير تأييدا لهذا الاعتراف وتعويله في إدانة الطاعن على أقوال المبلغ الأولى من شرائه العنب من محل الطاعن متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة أقواله ومطابقتها للحقيقة والواقع. لما كان ذلك, وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه سكوته عن الرد على ما اشتملت عليه مذكرة الطاعن التي قال بتقديمها لمحكمة الدرجة الثانية من وجوه دفاع موضوعية تفنيدا للأسباب التي أوردها الحكم المستأنف - بفرض صحة دعواه في هذا الشأن - إذ هو مما لا تلتزم المحكمة بالرد عليه استقلالا بل الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ذلك, وكانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 قد نصت "يكون في كل محافظة وفي كل عاصمة مديرية لجنة برياسة المحافظ أو المدير تسمى (لجنة التسعيرة) وتؤلف هذه اللجان بقرار من وزير التجارة والصناعة بالاتفاق مع وزير الداخلية" ونصت المادة الثانية "تقوم اللجنة بتعيين أقصى الأسعار للأصناف الغذائية والمواد المبينة بالجدول الملحق بهذا المرسوم بقانون. ولوزير التجارة والصناعة بقرار يصدره تعديل هذا الجدول بالحذف أو بالإضافة" وقد أحل المرسوم بقانون الصادر بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1951 وزير التموين في هذا الإختصاص. ولما كان صريح النص أن تعديل الجدول الملحق بالمرسوم بقانون الخاص بالتسعير سواء بالحذف أو بالإضافة إنما يكون بقرار يصدر من وزير التموين ولا يغني عن ذلك مجرد إغفال لجنة التسعير تعيين أقصى السعر لصنف معين أو عدم إدراجه في الجدول الأسبوعي الذي تصدره إذ يظل هذا الصنف سلعة مسعرة تخضع لأحكام ذلك المرسوم بقانون حتى يصدر قرار في شأنها من الوزير المختص. لما كان ذلك, وكانت الفواكه المحلية بجميع أنواعها ومنها العنب قد أدرجت بالجدول الملحق بالمرسوم بقانون المشار إليه بمقتضى القرار الوزاري رقم 150 لسنة 1952, وكان الثابت من كتاب إدارة التسعير بوزارة التموين المرفق بالأوراق - أنه لم يصدر أي قرار وزاري خاص بإخراج أي نوع من العنب من ذلك الجدول, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إغفاله إعمال قانون أصلح لما يصدر لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم, يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.