أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين - صـ 514

جلسة 26 من مايو سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام ، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(110)
الطعن رقم 486 لسنة 44 القضائية

(1و2) اتلاف. محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى جنائية. نظرها والفصل فيها".
(1) للمحكمة الاستغناء. عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك. صراحة أو ضمنا. المادة 289 إجراءات جنائية. الاعتماد على أقوالهم فى التحقيقات. ما دامت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة. لا عيب.
(2) عدم إجابة المحكمة طلب إعادة الدعوى للمرافعة – بعد حجزها للحكم – لتحقيق دفاع لم يبد به الطالب أمامها بالجلسة. لا إخلال.
(3 - 5) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". "شهود". نقض. "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
(3) استخلاص الحكم مبناه من شهادة الشهود بما لا تناقض فيه. لا عيب.
(4) الفعل الجنائى. جواز إثارته بكافة الطرق القانونية. تضمن ذلك فى ذات الوقت اثبات تصرف مدتى يجاوز نصاب الإثبات بالبينة. لاعيب.
(5) الجدل الموضوعى. عدم جواز إثباته أمام محكمة النقض.
(6) أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفادها: اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها.
1 - تخول المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون 113 لسنة 1957 للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك. ويستوى فى ذلك أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا، ولا يحول عدم سماعهم أمام المحكمة من أن تعتمد فى حكمها على أقوالهم فى التحقيقات ما دامت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة لما كان ذلك – وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة الدرجة الثانية مناقشة شهود الإثبات أو سماع شهود نفى بل أبدى دفاعه فى مرحلتى التقاضى دون أن يطلب إجراء أى تحقيق فى الدعوى فإن النعى على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.
2 - من المقرر أنه ما دامت المحكمة قد سمعت مرافعة الدفاع وأمرت باقفال باب المرافعة وحجزت الدعوى للحكم فهى غير ملزمة بإجابة طلب فتح باب المرافعة لتحقيق دفاع لم يطلب منها بالجلسة أو سماع دفاع من المتهم كان فى مقدوره إبداؤه حين حضر أمامها إذ لا يجوز أن يبنى على سكوت المتهم عن المرافعة فى الجلسة الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع.
3 - تعويل الحكم على أقوال الشهود بما لا ينطوي على ما يثيره الطاعن من تناقض بينها لا يعيبه.
4 - جرى قضاء محكمة النقض على أنه يجوز إثبات الفعل الجنائى بكل الطرق القانونية بما فيها شهادة الشهود ففى جريمة استلام سند قيمته تجاوز نصاب الإثبات بالبينة إذا اعتمد الحكم فى وجود السند وتمزيقه على شهادة الشهود فلا غبار عليه، لأن إثبات الفعل الجنائى وهو تمزيق السند هو فى الوقت ذاته إثبات لوجود ذات السند وهما فى هذه الجريمة أمران متلازمان لا انفصام لأحدهما عن الآخر.
5 - لا تجوز مصادرة محكمة الموضوع فى عقيدتها أو مجادلتها أمام محكمة النقض فيما اطمأنت إليه مما يدخل فى سلطتها فى تقدير الدليل – لما كان ذلك – وكان ما يقول به الطاعن من التفات المحكمة عما يكذب إدعاء المجنى عليها والشهود بشأن العلة فى تمزيق العقد وهى الحيلولة بينها وبين تقديمه للشهر العقارى لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى أدلة الثبوت التى عول الحكم المطعون فيه عليها فانه لا يقبل إثارته أمام هذه المحكمة.
6 - أخذ المحكمة بأقوال الشاهد مفاده اطراحه جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع على عدم الأخذ.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجنحة رقم 1354 سنة 1971 بأنه فى يوم 20 سنة 1970 بدائرة مركز منيا القمح: أتلف عمدا عقد البيع المبين بالتحقيقات والمحرر من والده......... إلى......... بأن مزقه بعد أن استلمه من والدها....... حالة كون ذلك يترتب عليه ضررا لها. وطلبت معاقبته بالمادة 265 من قانون العقوبات. وادعت........ – المجنى عليها – مدنيا قبل المتهم بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة منيا القمح الجزئية قضت حضوريا بتاريخ أول فبراير سنة 1972 عملا بمادة الإتهام بتغريم المتهم عشرين جنيها وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف، ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض. موقعا عليها من محاميه.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اتلافه عمدا لعقد بيع لأرملة والده قد خالف القانون وأخل بحقه فى الدفاع وشابه فساد فى الاستدلال ذلك بأن المحكمة أخلت بقاعدة شفوية المرافعة إذ اكتفت بالتحقيقات الأولية ولم تسمع شهود الإثبات أو تمكنه من إحضار شهود نفى ولم تستجب لطلب فتح باب المرافعة لما قام لدى المدافع عن الطاعن من عذر تمثل فى وفاة وكيله الأول وسفر المدافع الذى حل محله لأداء العمرة مما لم يتمكن معه هذا الأخير من تقديم أوجه لدفاعه. كما عولت المحكمة على أقوال الشهود على الرغم مما قام بينها من تناقض وأثبتت قيام عقد البيع بالبينة مع أن قيمته تجاوزت النصاب الذى يجوز فيه الإثبات عن هذا الطريق والتفتت عما تضمنته الأوراق من دليل على كذب أرملة والد الطاعن ذلك بأن العقد العرفى ليس من بين المستندات التى تقدم لإشهار البيع وإنما الذى يقدم هو مستند الملكية ومن ثم لا يكون صحيحا ما قالت به صاحبة العقد من أن أحد الشهود كان يحتفظ به لتقديمه للشهر العقارى وكل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة ثانى درجة مناقشة شهود الإثبات أو سماع شهود نفى بل أبدى دفاعه فى مرحلتى التقاضى دون أن يطلب إجراء أى تحقيق فى الدعوى وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية – بعد تعديلها بالقانون 113 لسنة 1957 – تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوى فى ذلك أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا، ولا يحول عدم سماعهم أمام المحكمة من أن تعتمد فى حكمها على أقوالهم فى التحقيقات ما دامت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة. ومن ثم فان النعى على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. أما ما يثيره الطاعن بشأن عدم استجابة المحكمة لطلب إعادة الدعوى إلى المرافعة بعد حجزها للحكم فمردود بما هو مقرر من أنه ما دامت المحكمة قد سمعت مرافعة الدفاع وأمرت باقفال باب المرافعة وحجزت الدعوى للحكم، فهى غير ملزمة بإجابة طلب فتح باب المرافعة لتحقيق دفاع لم يطلب منها بالجلسة أو سماع دفاع من المتهم كان فى مقدوره إبداؤه حين حضر أمامها إذ لا يجوز أن ينبى على سكوت المتهم عن الواقعة فى الجلسة الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع – أما ما قيل بشأن التناقض فى أقوال الشهود فحسب الحكم فى ذلك أنه أورد أقوالهم – التى عول عليها بما لا ينطوى على ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد. أما ما ينعاه بشأن عدم جواز إثبات وجود عقد البيع بالبينة لتجاوز قيمته النصاب الجائز إثباته بها فمردود بما جرى به قضاء محكمة النقض أنه ما دام يجوز إثبات الفعل الجنائى بكل الطرق القانونية بما فيها شهادة الشهود ففى جريمة استلام سند قيمته تجاوز نصاب الإثبات بالبينة إذا اعتمد الحكم فى وجود السند وتمزيقه على شهادة الشهود فلا غبار عليه، لأن إثبات الفعل الجنائى وهو تمزيق السند هو فى الوقت ذاته إثبات لوجود ذات السند، وهما فى هذه الجريمة أمران متلازمان لا انفصام لأحدهما عن الآخر، أما ما يقول به الطاعن من التفات المحكمة عما يكذب إدعاء المجنى عليها والشهود بشأن العلة فى تمزيق العقد وهى الحيلولة بينها وبين تقديمه للشهر العقارى فإنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى أدلة الثبوت التى عول الحكم المطعون فيه عليها مما لا يقبل إثارته أمام هذه المحكمة ذلك لأنه لا تجوز مصادرة محكمة الموضوع فى عقيدتها أو مجادلتها أمام محكمة النقض فيما اطمأنت إليه مما يدخل فى سلطتها فى تقدير الدليل، كما أن أخذ المحكمة بأقوال الشاهد مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعا.