أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 527

جلسة 2 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(113)
الطعن رقم 548 لسنة 44 القضائية

(1) نقض. "أسباب الطعن". محكمة النقض. "حقها فى الرجوع عن أحكامها".
حق محكمة النقض الرجوع عن قضائها بعد قبول الطعن شكلا استنادا إلى عدم تقديم أسباب الطعن. إذا تبين بعدئذ أن أسبابه قدمت ولم تعرض عليها.
(2 ،3 ،4) إثبات. "شهادة". "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
(2) تقدير أقوال الشهود. موضوعى.
(3) عدم اشتراط تطابق أقوال الشهود مع الحقيقة بجميع تفاصيلها. كفاية أدية الشهادة إلى الحقيقة باستنتاج تتلاءم به مع عناصر الإثبات الأخرى.
(4) استخلاص الإدانة من أقوال الشهود بما لا تناقض فيه. لا يعيب الحكم.
(5) مواد مخدرة. موانع العقاب. وصف التهمة. حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية جنائية" الإعفاء منها".
قصر الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها. على العقوبات الواردة بالمادة 33 ،34 ،35 منه. تصدى المحكمة للاعفاء. يكون بعد اسباغها الوصف الصحيح على واقعة الدعوى.
1 - إذا كانت محكمة النقض سبق أن قضت بعدم قبول الطعن شكلا إستنادا إلى أن الطاعن لم يقدم أسبابا لطعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت ولم تعرض على المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن، فانه يكون من المتعين الرجوع فى ذلك الحكم السابق.
2 - تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع، وهى تملك حرية تكوين عقيدتها مما ترتاح إليهم من أقوالهم، وإذ كان ذلك، وكان المستفاد من الحكم أن المحكمة لم تجد فى أقوال شهود النفى ما تطمئن إلى صحته، فلا عليها أن هى أطرحتها.
3 - الأصل أنه لا يشترط أن تطابق أقوال الشهود الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى أن يكون من شأنها أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذى رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
4 - أن التناقض فى أقوال الشهود، لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
5 - الأصل وفقا للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها. المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33 ،34 ،35 من ذلك القانون، وكان تصدى المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانونى الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى، وأعمل فى حقه المادتين 37 ،38 من القانون سالف الذكر – وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره – فإن دعوى الإعفاء تكون غير مقبولة بما يضحى معه النعى على الحكم بقالة الخطأ فى تطبيق القانون غير سديد.


الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم 68 سنة 1969 المقيدة بالجدول الكلى برقم 3029 سنة 1969 بأنه فى يوم 21 سبتمبر سنة 1969 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "حشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1970 عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق به بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى اليوم التالى لصدوره. وبتاريخ 14 يونيه سنة 1971 قضت محكمة النقض بعدم قبول الطعن شكلا إستنادا إلى أن الطاعن لم يقدم أسبابا لطعنه، غير أنه تبين بعد ذلك أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب نيابة شمال القاهرة بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1970 موقعا عليها من المحامى عنه. فأعيد الطعن لنظره بجلسة 2 يونيه سنة 1974 وفى هذا الجلسة سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة 14 من يونيه سنة 1971 بعدم قبول الطعن شكلا استنادا إلى أن الطاعن لم يقدم أسبابا لطعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب نيابة شمال القاهرة ولم تعرض على المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن – على ما هو ثابت من مذكرة رئيس القلم الجنائى المرفقة – لما كان ما تقدم، فانه يكون من المتعين الرجوع فى ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة 14 من يونيه سنة 1971 بالنسبة إلى الطاعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر قد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أن الشقة التى ضبط بها المخدر مؤجرة من الباطن إلى شخص فلسطينى وهو الحائز لها، وأشهد على ذلك شهودا عديدين صادقوه على روايته، إلا أن المحكمة ردت شهاداتهم بأسباب غير سائغة وعولت على أقوال شهود الإثبات مع ما شابها من تناقض واختلاف فى وقائع جوهرية بما ينبئ عن كذبها. كما دفع الطاعن بأن إكراها وقع عليه من رجال الشرطة، وقد رد الحكم على هذا الدفع بما لا يسوغ به الرد عليه. هذا إلى أنه بافتراض تسلسل الوقائع كما يرددها الحكم بما تحمل من واقعة إرشاد الطاعن عن الشقة التى ضبط بها المخدر، فان ذلك مما يخوله الحق فى التمتع بالإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز الجوهر المخدر التى دان الطاعن بها، وأقام عليها فى حقه أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير مصلحة الطب الشرعى، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع وهى تملك حرية تكوين عقيدتها مما ترتاح إليهم من أقوالهم، وكان المستفاد من الحكم أن المحكمة لم تجد فى أقوال شهود النفى ما تطمئن إلى صحته، فلا عليها أن هى أطرحتها. وإذ كانت قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة الثبوت فى الدعوى، واستخلصت للأسباب السائغة التى أوردتها أن الشقة – التى ضبط بها المخدر – للطاعن وفى حوزته، فان ما يثيره فى هذا الشأن ينحل إلى جدل فى مسائل واقعية وفى تقدير الدليل مما لايجوز مصادرة المحكمة فى عقيدتها بشأنه أو الخوض فيه أمام النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يشترط أن تطابق أقوال الشهود الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأنها أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذى رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان التناقض فى أقوال الشهود –على فرض وجوده – لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، فان منعى الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد فند دفاع الطاعن بأن إكراها وقع عليه من رجال الشرطة، وأورد من الاعتبارات السائغة ما يبرر التفاته، عنه، فإنه يكون بريئا من قالة القصور فى التسبيب. لما كان ذلك، وكان الأصل وفقا للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33 ،34 ،35 من ذلك القانون، وكان تصدى المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانونى الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصي، وأعمل فى حقه المادتين 37 و38 من القانون سالف الذكر – وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره – فإن دعوى الإعفاء تكون غير مقبولة بما يضحى معه النعى على الحكم بقالة الخطأ فى تطبيق القانون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.