أحكام النقض – المكتب الفني- جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 201

جلسة 12 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح, نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية, وابراهيم أحمد الديواني, ومصطفى محمود الأسيوطي, وحسن علي المغربي

(43)
[(1)] الطعن رقم 1509 لسنة 42 القضائية

(1) دعوى جنائية. "تحريكها. إنقضاؤها". جمارك. إستيراد. تصالح. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون. نظره والحكم فيه". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إقامة الدعوى عن تهمة التهريب الجمركي بناء على طلب مدير الجمرك دون الجريمة الاستيرادية التي كونتها الواقعة ذاتها إستجابة لقرار مدير عام الاستيراد في شأنها بالاكتفاء بمصادرة المضبوطات إداريا. إعتبار هذا القرار سحبا للاذن برفع الدعوى والقضاء بعدم جواز رفعها عن الجريمة الجمركية. خطأ في تطبيق القانون حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى. وجوب النقض والإحالة.
(2) إرتباط. دعوى جنائية. "انقضاؤها". "تحريكها". استيراد.
مناط الارتباط. رهن بكون الجريمة المرتبطة قائمة لم يجر على أحدها حكم من الأحكام المعفية من العقاب أو المسئولية.
قيام الارتباط بين جريمتي التهريب الجمركي والاستيراد. لا يوجب انقضاء الدعوى الجنائية عن أي منهما تبعا لانقضائها بالنسبة للأخرى. ولا يقتضي انسحاب أثر التصالح في واحدة منهما إلى الأخرى.
1- اختصت المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 مدير الجمارك أو من ينيبه بطلب رفع الدعوى الجنائية في جرائم التهريب الجمركي وخولته وحده التصالح بشأنها, كما أن القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد الذي حكم الجرائم الاستيرادية أناط بوزير الاقتصاد أو من ينيبه طلب رفع الدعوى الجنائية وخوله الاكتفاء بمصادرة السلع المستوردة إداريا أو التصالح عن هذه الجرائم. لما كان ذلك, وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتبرت قرار مدير عام الاستيراد بالاكتفاء بمصادرة المضبوطات إداريا بمثابة سحب للإذن برفع الدعوى الجنائية, دون أن تتفطن إلى أن الدعوى قد رفعت عن جريمة شروع في تهريب جمركي بناء على طلب مدير جمرك ميناء القاهرة الجوي نائبا عن مدير الجمارك الذي يملك وحده التصالح بشأنها طبقا لنص المادة 124 من القانون 66 سنة 1963 المتقدم ذكره, وإلى أن قرار مدير عام الاستيراد لا ينصب إلا عن الجريمة الاستيرادية التي لم ترفع بها الدعوى أصلا استجابة لهذا القرار. لما كان ذلك, فإن الحكم المطعون فيه, إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى يكون قد انبنى على خطأ في تطبيق القانون مما يعيبه بما يستوجب نقضه. ولما كان الخطأ في تطبيق القانون الذي تردى فيه الحكم قد حجب المحكمة عن نظر الدعوى وتقدير أدلتها, فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
2 - من المقرر أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم تجر على أحدهما حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأخرى لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتا ونفيا – ومن ثم فإن الدعوى قيام الارتباط بين كل من جريمة الشروع في التهريب الجمركي (موضوع الدعوى المطروحة) وبين الجريمة الاستيرادية (التي لم ترفع بها الدعوى لتصالح مدير عام الاستيراد عنها) لا توجب البتة الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية عن أي منهما تبعا لانقضائها بالنسبة للجريمة الأخرى للتصالح ولا تقتضي بداهة انسحاب أثر الصلح في الجريمة الثانية إلى هذه الجريمة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها في يوم 26 يوليه سنة 1969 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة: شرعت في تهريب البضائع المبينة بالمحضر من أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها بأن عمدت إلى إدخالها إلى جمهورية مصر العربية المتحدة بطريقة غير مشروعة دون أداء تلك الضرائب وبالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتها فيه هو ضبطها قبل تمامها. وطلبت عقابها بالمادتين 121 و122 من القانون رقم 66 لسنة 1963 والمادتين 45 و47 من قانون العقوبات. ومحكمة الجرائم المالية قضت غيابيا بتاريخ 27 يناير سنة 1970 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهمة عشرين جنيه وإلزامها بتعويض جمركي قدره 154 ج و880 م ومصادرة المضبوطات بلا مصاريف جنائية. عارضت, وقضى في معارضتها بتاريخ 28 أبريل سنة 1970 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنفت المحكوم عليها هذا الحكم, ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بتاريخ 26 فبراير سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بعدم جواز رفع الدعوى. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأن المطعون ضدها – إذ شرعت في أن تدخل إلى البلاد بضائع لها صفة الإتجار بغير أداء لرسوم جمركية – قد قارفت جريمتين: إحداهما جمركية وهي الشروع في تهريب بضائع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1963 والأخرى إستيرادية يحكمها القانون رقم 9 لسنة 1959. وقد رفعت الدعوى الجنائية على المطعون ضدها عن الجريمة الأولى وحدها, وبالتالي فإن تصالح مدير عام الاستيراد الذي ينصب على الجريمة الثانية لا شأن له بالجريمة الجمركية التي لم يتم فيها التصالح – الذي لا يملكه سوى مدير عام الجمارك وحده, ويكون الحكم بقضائه بعدم جواز نظر الدعوى قد خالف صحيح القانون.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن واقعة الدعوى – على ما حصلها الحكم المطعون فيه – تجمل فيما أثبته مأمور جمرك ميناء القاهرة الجوي من أنه بتاريخ 26 من يوليه سنة 1969 ضبطت المطعون ضدها ومعها بضائع لها صفة الاتجار أحضرتها معها عند قدومها من الخارج. وطبقا لنص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك – واستنادا إلى طلب مدير جمرك ميناء القاهرة الجوي إقامة الدعوى العمومية – قدمت النيابة العامة المطعون ضدها إلى محكمة القاهرة للجرائم المالية بتهمة الشروع في تهريب بضائع دون أداء الضرائب الجمركية وطلبت عقابها طبقا للمواد 121 و123 من قانون الجمارك المشار إليه, 45, 47 من قانون العقوبات. وقد قضت المحكمة غيابيا بتغريمها عشرين جنيه وإلزامها بتعويض مقداره 154 ج و880 م ومصادرة المضبوطات, فعارضت وقضى في المعارضة برفضها. فاستأنفت الحكم المعارض فيه وقضت المحكمة الاستئنافية في حكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بعدم جواز رفع الدعوى وأسست قضائها على قولها: "وحيث أنه بتاريخ 3/ 8/ 1969 صدر الإذن برفع الدعوى وفي 1/12/ 1969 قرر مدير عام الاستيراد الاكتفاء بمصادرة المضبوطات مما مفاده سحب ذلك الاذن. ولما كانت المتهمة قدمت للمحاكمة بعد هذا التاريخ في 6/ 12/ 1969 فان الدعوى تكون قد رفعت بغير إذن ويتعين بالتالي الحكم بعدم جواز رفعها". لما كان ذلك, وكان يبين من مراجعة نص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 باصدار قانون الجمارك أنها اختصت مدير الجمارك أو من ينيبه بطلب رفع الدعوى الجنائية في جرائم التهريب الجمركي وخولته وحده حق التصالح بشأنها, كما يبين من مطالعة القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد الذي يحكم الجرائم الاستيرادية أنه أناط بوزير الاقتصاد أو من ينيبه طلب رفع الدعوى الجنائية وخوله الاكتفاء بمصادرة السلع المستوردة إداريا بعد سداد الرسوم المستحقة أو التصالح عن هذه الجرائم. لما كان ذلك, وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتبرت قرار مدير عام الاستيراد بالاكتفاء بمصادرة المضبوطات إداريا بمثابة سحب للاذن برفع الدعوى الجنائية, دون أن تتفطن إلى أن الدعوى قد رفعت عن جريمة شروع في تهريب جمركي بناء على طلب مدير جمرك ميناء القاهرة الجوي نائبا عن مدير الجمارك الذي يملك وحده التصالح بشأنها طبقا لنص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المتقدم ذكره. وإلى أن قرار مدير عام الاستيراد لا ينصب إلا على الجريمة الاستيرادية التي لم ترفع بها الدعوى أصلا استجابة لهذا القرار. لما كان ذلك, فان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى يكون قد انبنى على خطأ في تطبيق القانون مما يعيبه بما يستوجب نقضه. ولا يغير من هذا النظر أن يكون هناك ثمة ارتباط بين كلا من جريمة الشروع في التهريب الجمركي (موضوع الدعوى المطروحة) والجريمة الاستيرادية (التي لم ترفع بها الدعوى لتصالح مدير عام الاستيراد عنها), ذلك أن دعوى قيام الارتباط – أيا ما كان وصفه بين هاتين الجريمتين لا توجب البتة الحكم بانقضاء الدعوى الحنائية عن أى منها تبعا لانقضائها بالنسبة للجريمة الأخرى للتصالح ولا تقتضى بداهة انسحاب أثر الصلح في الجريمة الثانية إلى هذه الجريمة, لما هو مقرر من أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على أحدهما حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب, لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأخرى لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتا ونفيا. لما كان ما تقدم, وكان الخطأ في تطبيق القانون الذي تردى فيه الحكم قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وتقدير أدلتها فانه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


[(1)] (راجع أيضا: الطعن رقم 110 لسنة 43 ق الصادر بجلسة 26 مارس 1973.