أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 206

جلسة 18 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسن أبو الفتوح الشربينى، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، و محمد عبد المجيد سلامة، وطه الصديق دنانة، ومحمد عادل مرزوق.

(44)
الطعن رقم 1190 لسنة 42 القضائية

(1، 2، 3) [(1)] براءة اختراع. إختراع. تقليد. جريمة. "أركانها". قانون.
(1) الجديد فى الابتكار هو التطبيق الجديد لوسيلة صناعية ولو كانت مقررة من قبل.
(2) صدور براءة الاختراع لجهاز قبل ظهور الجهاز المقلد يضفى على الأول الحماية القانونية لبراءة الاختراع.
(3) تسجيل الجهاز كنموذج صناعى ليس من شأنه أن يغير من الحماية التى يقررها القانون لبراءة الاختراع ولا يؤثر فى قيام جريمتى المادة 48 من القانون 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية.
1 - لا يغير من اعتبار جهاز المجنى عليه (دماسة كهربائية) ابتكارا جديدا ما قال به المتهم من أن فكرة التسخين الكهربائى معروفة من قبل، ذلك بأن الجديد فى جهاز المجنى عليه – موضوع الدعوى – هو التطبيق الجديد لوسيلة صناعية ولو كانت مقررة من قبل.
2 - لا محل لما يثيره المتهم من أن المجنى عليه حسن من جهازه بحيث أصبح مماثلا لجهازه هو مادام أن المجنى عليه هو الذى صدرت له براءة الاختراع قبل أن يظهر جهاز المتهم (المقلد) فى الأسواق وقبل تسجيله إياه فاستحق الحماية التى يقررها القانون لبراءة الاختراع الممنوحة عن جهازه.
3 - لا يشفع للمتهم بجريمتى تقليد اختراع منحت عنه براءة وعرض منتجات مقلدة للبيع المعاقب عليهما بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية – أن يكون قد سجل جهازه كنموذج صناعى ذلك أن القانون يحمى الاختراع بالبراءة التى تحمى ملكيته وليس من شأن ذلك التسجيل أن يغير من الحماية التى يقررها القانون لبراءة الاختراع.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية هذه الدعوى بالطريق المباشر ضد المطعون ضده أمام محكمة جنح باب الشعرية الجزئية متهما إياه بأنه فى أكتوبر سنة 1963 قلد موضوع اختراع منحت عنه براءة وعرض للبيع منتجات مقلدة، وطلب عقابه بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 وإلزامه أن يدفع له مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1966 عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة للفصل فيها، فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 20 من أبريل سنة 1969 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 12 أبريل سنة 1970 قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى، والمحكمة المذكورة سمعت الدعوى من جديد، وقضت حضوريا بتاريخ 10 يناير سنة 1971 عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية"، وبجلسة 2 يناير سنة 1972 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع..... الخ.


المحكمة

حيث إن الدعوى الجنائية رفعت ضد المتهم بالطريق المباشر بتهمتى تقليد موضوع اختراع منحت عن براءة وعرض منتجات مقلدة للبيع فقضت محكمة جنح باب الشعرية حضوريا بتغريم المتهم مائة جنيه، واستأنف المتهم هذا الحكم فأصدرت محكمة الجنح المستأنفة حكمها المنقوض فى 12/ 4/ 1970 ثم حكمها المنقوض للمرة الثانية بتاريخ 2/ 1/ 1972 والذى قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه، فقررت محكمة النقض نظر الموضوع. وبجلسة 2/ 4/ 1972 أصدرت المحكمة قرارا بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لأداء المأمورية المبينة فى ذلك القرار.
وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل فيما قال به المجنى عليه – المهندس محمد عبد الوهاب خليل – من أنه بناء على طلبه المؤرخ 15 و16/ 4/ 1959 والذى تقرر قبوله فى 4/ 3/ 1961 منح براءة الاختراع رقم 2429 عن جهاز لتدميس الفول عهد بمهمة إنتاجه إلى شركة "الكتريكا" التى عهدت بدورها إلى المتهم بمهمة توريد غطاء وقدر يتم فيه تركيب جهاز التسخين الكهربى الداخلى مما أتاح للمتهم فرصة الاطلاع على سر الاختراع واستخدام فكرته فى "دماسة" تحمل اسمه طرحها للبيع فى الأسواق مما ألحق به أضرارا – وقد قام دفاع المتهم على أنه سجل جهازه كنموذج صناعى برقم 1284 سنة 1963 وعرضه للبيع فى السوق وأن جهاز المجنى عليه لا يعتبر جديدا وإنما يرجع إلى فكرة التسخين الكهربائى المعروفة من قديم فضلا عن أنه تنقصه التجارب وغير قابل للاستغلال الصناعى وغير متكامل بخلاف جهازه الذى لا يوجد بينه وبين جهاز المجنى عليه أوجه شبه إلا بتسخين مخلوط الفول والماء بواسطة الكهرباء بواسطة جسم كهربى مغمور وهى وسيلة معروفة من قبل.
وحيث إن تقرير مكتب الخبراء انتهى إلى أنه تبين من الاطلاع على براءة الاختراع الممنوحة للمجنى عليه ومن معاينته جهازه أن الجهاز يتكون من إناء له غطاء مركب فيه سخان غاطس ينفذ منه إلى داخل الإناء حتى يكاد يصل طرفه إلى قاع إناء التدميس و أنه يعتبر تطبيقا جديدا لوسيلة تدميس الفول وهى وسيلة لم تكن معروفة أو مستخدمة فى مصر قبل تقديم طلب البراءة من المجنى عليه وأن جهاز المجنى عليه والمتهم متشابهان تماما بالنسبة إلى العناصر الثلاثة التى طلب المجنى عليه حمايتها بالبراءة وهى (أ) أن يستخدم جهاز للتدميس بواسطة الكهرباء وقد ركب جسم التسخين فى غطائه (ب) أن جسم التسخين الكهربى يكون منغمسا فى مخلوط التدميس حتى يقترب الجزء الأسفل منه من قاع إناء التدميس (ج) وأن الحرارة المولدة مركزه فى الجزء الأسفل من جسم التسخين – وأضاف التقرير أن جهاز المتهم يطابق مطابقة تامة للجهاز المصنع بواسطة الكتريكا الخاص بالمجنى عليه طبقا لبراءة الاختراع والذى كانت قد نشرت صورته فى مجلة آخر ساعة فى العدد 1421 بتاريخ 17/ 1/ 1962، كما أنه لم يسبق استعمال مثل اختراع المجنى عليه فى مصر ولم يشهر عنه فى نشرات واضحة تمكن من استغلاله وأن أحدا لم يسبقه فى الحصول على براءة اختراع فى نفس الموضوع أو فى جزء منه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة ترى فيما ساقه الخبير أن جهاز التدميس الخاص بالمجنى عليه يعتبر تطبيقا جديدا لوسيلة تدميس الفول ومن ثم فهو ابتكار جديد لم يسبقه عليه أحد ولم يستعمل أو ينشر عنه فى مصر ولم تمنح لغيره براءة اختراع عن مثله أو عن جزء منه، ولا يغير من ذلك ما قال به المتهم من أن فكرة التسخين الكهربائى معروفة من قبل ذلك بأن الجديد فى جهاز المجنى عليه – موضوع الدعوى – هو التطبيق الجديد لوسيلة صناعية ولو كانت مقررة من قبل، ولا قوله بأنه استمد جهازه من جهاز التسخين الألمانى "شورت" فذلك مردود بما أورده الخبير من أن جهاز "شورت" من الأجهزة الشائعة الاستعمال فى الخارج للتسخين السريع للسوائل ولغلى الشاى ولا يصلح للتدميس، ولا ترى المحكمة فيما جاء بالتقريرين الاستشاريين المقدمين من المتهم ما يغير اقتناعها بتقرير مكتب الخبراء وسلامة الأسس التى قام عليها – كما أنه لا محل لما يثيره المتهم من أن المجنى عليه حسن من جهازه بحيث أصبح مماثلا لجهازه هو ما دام أن المجنى عليه هو الذى صدرت له براءة الإختراع قبل أن يظهر جهاز المتهم فى الأسواق وقبل تسجيله إياه فاستحق الحماية التى يقررها القانون لبراءة الاختراع الممنوحة عن جهازه. لما كان ذلك، فإنه يكون قد توافر لجهاز المجنى عليه عنصرا الابتكار والجدة ويكون المتهم بصنعه جهازا مماثلا منتهزا فرصة إسناد توريد الإناء والغطاء إلى شركة الكتريكا، وطرحه للبيع فى الأسواق، قد ارتكب جريمتى تقليد اختراع منحت عنه براءة وعرض منتجات مقلده للبيع المعاقب عليهما بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية، ولا يشفع للمتهم أن يكون قد سجل جهازه كنموذج صناعى ذلك أن القانون يحمى الاختراع بالبراءة التى تحمى ملكيته وليس من شأن ذلك التسجيل أن يغير من الحماية التى يقررها القانون لبراءة الاختراع. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المستأنف يكون سليما ويتعين تأييده.


[(1)] راجع السنة الثالثة والعشرين ق 110 ص 449