أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 217

جلسة 18 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه الصديق دنانة.

(47)
الطعن رقم 1562 لسنة 42 القضائية

قصد جنائى. قصد احتمالى. رابطة السببية. ضرب أفضى إلى موت. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
مسئولية المتهم عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامى ما لم تتداخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية بين الفعل والنتيجة. مثال لتسبيب معيب فى ضرب أفضى إلى موت.
الأصل أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامى ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجانى والنتيجة، كما أنه يسأل بصفته فاعلا فى جريمة الضرب المفضى إلى الموت إذا كان هو الذى أحدث الضربة أو الضربات المفضية إلى الوفاة أو التى ساهمت فى ذلك. وإذ كان الثابت مما أورده الحكم عن التقرير الطبى الشرعى أن كلا الجرحين – المسند إلى المطعون ضدهما إحداثهما بالمجنى عليه – قد تضاعف بالتقيح الذى امتد إلى داخل الجمجمة عن طريق الأوردة الثاقبة ونجم عن ذلك التهاب سحائى قيحى تسبب فى وفاة المجنى عليه، فإن كان يتعين على المحكمة أن تستظهر ذلك وتحققه لاستجلاء حقيقة ما إذا كان التقيح قد نشأ من إصابتى المجنى عليه معا أم لا إذ أن من شأن حصوله نتيجة الإصابتين معا – إن صح – أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما وثالث بأنهم فى يوم 2 مارس سنة 1969 بدائرة مركز كوم حمادة محافظة البحيرة: المتهمان الأول والثانى (المطعون ضدهما) ضربا عمدا ...... فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى ولم يقصدا من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته. المتهمان الثانى والثالث: تضاربا فأحدث كل منهما بالآخر الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاج كل منهما مدة لا تزيد على عشرين يوما، وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الأول والثانى (المطعون ضدهما) والمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الثانى والثالث. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا بتاريخ 17 فبراير سنة 1972 عملا بالمادة 242/ 1 عقوبات (أولا) بمعاقبة المتهمين الأول والثانى (المطعون ضدهما) بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عن واقعة ضرب ....... (ثانيا) ببراءة المتهم الثانى عن تهمة ضرب ...... (ثالثا) بمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر عن التهمة المسندة إليه وأمرت بوقف تنفيذ هذه العقوبة بالنسبة لهذا المتهم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ اعتبر الواقعة جنحة ضرب بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات ورفع عن المطعون ضدهما مسئولية الضرب المفضى إلى الموت قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب ذلك بأن الثابت أن كلا منهما أحدث بالمجنى عليه إصابة فى رأسه وقد أسهمت كلتا الإصابتين فى إحداث الوفاة نتيجة مضاعفات محتملة أثناء العلاج يساءل عنها المطعون ضدهما، ولم يناقش الحكم ما ورد بالتقرير الطبى الشرعى من أن الوفاة حدثت نتيجة تضاعف كلا الجرحين بالتقيح الذى أدى إلى الإلتهاب السحائى المسبب للوفاة أو أن ذلك التقيح نتيجة عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين الفعل والنتيجة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد أن المطعون ضدهما تعديا على المجنى عليه ..... بالضرب فأحدثا به إصابتين فى رأسه، ونقل عن التقرير الطبى الابتدائى أن برأس المجنى عليه جرحين رضيين بمؤخر فروة الرأس إلى اليسار وجرح رضى متهتك بمؤخرة فروة الرأس، كما نقل عن التقرير الطبى الشرعى أنه قد تضاعف كلا الجرحين بالتقيح الذى امتد لداخل الجمجمة عن طريق الأوردة الثاقبة ونجم عن ذلك التهاب سحائى قيحى تسبب فى وفاة المجنى عليه، وأنه من المتعذر فنيا تحديد سبب تلوث الجرحين، ثم خلص الحكم إلى أنه من غير الثابت أن أيا من الإصابتين قد نجم عنها الوفاة، وانتهى إلى عدم مساءلة المطعون ضدهما عن جريمة الضرب المفضى إلى الموت وقصر مسئوليتهما على جريمة الضرب طبقا للمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامى ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجانى والنتيجة، كما أنه يسأل بصفته فاعلا فى جريمة الضرب المفضى إلى الموت إذا كان هو الذى أحدث الضربة أو الضربات المفضية إلى الوفاة أو التى ساهمت فى ذلك، وإذا كان الثابت مما أورده الحكم عن التقرير الطبى الشرعى أن كلا الجرحين قد تضاعف بالتقيح الذى امتد لداخل الجمجمة عن طريق الأوردة الثاقبة ونجم عن ذلك التهاب سحائى قيحى تسبب فى وفاة المجنى عليه، فإنه كان يتعين على المحكمة أن تستظهر ذلك وتحققه لاستجلاء حقيقة ما إذا كان التقيح قد نشأ عن إصابتى المجنى عليه معا أم لا إذ أن من شأن حصوله نتيجة الإصابتين معا – إن صح – أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى، أما وأنها لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا بالقصور المستوجب لنقضه والإحالة.