أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 573

جلسة 9 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(122)
الطعن رقم 582 لسنة 44 القضائية

(1، 2) محكمة الموضوع."سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
(1) كفاية الشك فى صحة اسناد التهمة. مبررا للقضاء بالبراءة. ما دام القاضى قد أحاط بالدعوى من بصر وبصيرة.
(2) النعى على المحكمة قضاءها بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها. لا يصح.
(3) تبديد. خيانة أمانة. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التقيد بقواعد الإثبات المدنية. عند القضاء بالبراءة فى جريمة خيانة الأمانة.
1 - يكفى فى المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى بالبراءة، إذ أن مرجع ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل، ما دام الظاهر فى الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
2 – لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها، وما يطمئن إليه، ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله.
3 - إن المحكمة فى جريمة خيانة الأمانة فى حل من التقيد بقواعد الإثبات المدنية عند القضاء بالبراءة لأن القانون لا يقيدها بتلك القواعد إلا عند الإدانة فى خصوص إثبات عقد الأمانة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 8 فبراير سنة 1969 بدائرة قسم مصر القديمة: بدد المنقولات المبينة بالمحضر والمملوكة........ وطلبت معاقبته بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعت المجنى عليها مدنيا قبل المتهم بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة مصر القديمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرا مع الشغل وكفالة مائتى قرش وإلزامه أن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات. فاستأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. فطعن الأستاذ....... المحامى عن المدعية بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن المدعية بالحقوق المدنية تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة التبديد ورفض الدعوى المدنية قد خالف الثابت بالأوراق وشابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على أن الطاعنة قد تسلمت منقولاتها المبينة بالقائمة ولم يقم دليل بالأوراق على استلام زوجها المطعون ضده المنقولات الأخرى المدعى بتبديدها فى حين أن الثابت بالأوراق أنه سبق تقديم المطعون ضده للمحاكمة بتهمة تبديد الثلاجة وانتهت الدعوى صلحا بعقد مؤرخ 23/ 12/ 1964 أرفق به بيان شامل لمنقولات الطاعنة التى أودعتها منزل الزوجية وتركتها به عندما غادرته فى 8/ 2/ 1969 أثر اعتداء المطعون ضده عليها كما افتراض الحكم احتمال استلام الطاعنة لهذه المنقولات خلال الخمس سنوات التى مضت على تحرير عقد الصلح والقائمة وهو فرض جدلى لا يسوغ أن ينبنى عليه قضاء. هذا فضلا عن مخالفة الحكم للقانون إذ أجاز نفى واقعة اختلاس المنقولات بغير الدليل الكتابى رغم أن استلام المطعون ضده لها ثابت بالكتابة، وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث أنه لما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أنه بتاريخ 19/ 6/ 1969 استلمت الطاعنة كافة المنقولات المبينة بالقائمة المؤرخة 17/ 12/ 1964 من منزل زوجها المطعون ضده نفاذا للأمر الصادر من النيابة العامة بذلك، وأن الأوراق خالية من الدليل على استلام المطعون ضده المنقولات الأخرى موضوع الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه على ذلك لا يكون مخالفا للثابت بالأوراق ويكون النعى عليه بهذا الوجه فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالبراءة رفض الدعوى المدنية على أساس عدم ثبوت الواقعة فى حق المطعون ضده، وكان يكفى فى المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة إذ أن مرجع ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل، ما دام الظاهر فى الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة، وكان لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله، فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الصدد لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة فى جريمة خيانة الأمانة فى حل من التقيد بقواعد الإثبات المدنية عند القضاء بالبراءة لأن القانون لا يقيدها بتلك القواعد إلا عند الإدانة فى خصوص إثبات عقد الأمانة. فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم بدعوى مخالفة القانون يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعنة المصاريف المدنية.