أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 580

جلسة 10 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(124)
الطعن رقم 477 لسنة 44 القضائية

(1 و2 و3 و4و5 و6) إثبات. "إعتراف". "شهادة". "قرائن". "بوجه عام". زنا. تلبس. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
(1) إدلاء المتهم أقوالا فيما معنى الإقرار بالتهمة المسندة إليه. تسمية الحكم لها اعترافا. انحسار دعوى الخطأ فى الإسناد عنه. مثال فى جريمة زنا.
(2) تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الإثبات. موضوعى.
(3) تحديد الأدلة قبل شريك المرأة الزانية. عدم اشتراط كون هذه الأدلة مؤدية بالذات مباشرة إلى ثبوت الزنا. كفاية استخلاص وقوع الزنا بما يسوغه.
(4) استكمال الدليل اهتداء بالعقل والمنطق. حق لمحكمة الموضوع.
(5) تحقق التلبس بجريمة الزنا. بمشاهدة ارتكاب الزنا بالفعل. أو بمشاهدة المتهم فى ظروف تنبئ بذاتها من وقوع هذا الفعل.
(6) صحة الأخذ بأقوال الشاهد. ولو تأخر فى الإبلاغ. ما دامت المحكمة كانت على بينة من ذلك.
تقدير الدليل. موضوعي.
(7 و8) إثبات. "خبرة". "أوراق عرفية". "بوجه عام". زنا. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(7) تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. منوط بمحكمة الموضوع.
(8) إقامة الحكم قضاءه بأن الزنا قد وقع بالفعل. استنادا إلى العبارات الدالة على حصول الوطء نقلا من مكاتيب بخط المتهمة الأولى. مع باقى أدلة الثبوت الأخرى. كفايته ردا على الدفاع ينفى التهمة.
(9) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "شهادة". محكمة ثانى درجة "الإجراءات أمامها". إجراءات المحاكمة.
سكوت الدفاع عن طلب سماع الشهود ومواصلته المرافعة. اعتباره تنازلا عن طلب سماعهم محكمة ثانى درجة. الإجراءات أمامها.
1 - إذا كان ما حصله الحكم المطعون فيه من أن الطاعن الثانى اعترف أمام قاضى المعارضات، له صداه فى محضر جلسة نظر المعارضة فى أمر الحبس مما أدلى به الطاعن المذكور من أقوال تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من معنى الإقرار بوقوع فعل الوقاع بمنزل الزوجية، مما يجعل الحكم سليما فيما إنتهى إليه ومبنيا على فهم صحيح الواقعة كما كشفت عنها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه أن أطلق على هذه الأقوال أنها اعتراف، وبذلك ينحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الاسناد.
2 - أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف، فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الإعبتارات التى ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها.
3 - أن القانون فى المادة 276 عقوبات بتحديده الأدلة التى لا يقبل الإثبات بغيرها على الرجل الذى يزنى مع المرأة المتزوجة لا يشترط أن تكون الأدلة مؤدية بذاتها ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا، فمتى توافر قيام دليل من هذه الأدلة المعينة كالتلبس والمكاتيب، يصح للقاضى أن يعتمد عليه فى ثبوت الزنا ولو لم يكن صريحا فى الدلالة عليه ومنصبا على حصوله، وذلك متى اطمأن بناء عليه إلى أن فعل الزنا، قد وقع فعلا، وفى هذه الحالة لا تقبل مناقشة القاضى فيما إنتهى إليه على هذه الصورة، إلا إذا كان الدليل الذى اعتمد عليه ليس من شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى وصل إليها.
4 - أنه بمقتضى القواعد العامة لا يجب أن يكون الدليل الذى بنى عليه الحكم مباشرا، بل لمحكمة الموضوع – وهذا من أخص خصائص وظيفتها – أن تكمل الدليل مستعينة بالعقل والمنطق، وتستخلص منه ما ترى أنه لا بد مؤد إليه.
5 - لا يشترط فى التلبس بجريمة الزنا أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل، بل يكفى أن يكون قد شوهد فى ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالا للشك فى أن جريمة الزنا قد أرتكبت بالفعل.
6 - إن تأخر المجنى عليه فى الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التى أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون مقبولا لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
7 - الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعة إلى محكمة الموضوع، إذ هو متعلق بسلطتها فى تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه.
8 - متى كان منعى الطاعنين على الحكم من أنه لم يعن بابراز العبارات التى وردت فى الخطابات المحررة بخط الطاعنة الأولى، وأن ما أورده منها ينفى حصول الوطء وهو الركن المادى لجريمة الزنا، مردود بأن العبارات التى نقلها الحكم عن الخطابات المشار إليها أصلها الثابت فى الأوراق – على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة – وهى كافية فى الافصاح مع باقى أدلة الثبوت الأخرى التى عول عليها الحكم من أن الزنا قد وقع فعلا.
9 - ما يثيره الطاعنان من أعراض محكمة أول درجة عن سماع شهود الإثبات الذين طالبا فى المذكرة المقدمة فى فترة حجز الدعوى للحكم مناقشتهم، والتفات محكمة الدرجة الثانية عن هذا الطلب، مردود بأنه لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة أن الطاعنين لم يطلبا سماع الشهود، وأن المحكمة بعد أن سمعت مرافعة الدفاع الشفوية أمرت باقفال بابها وحجزت القضية للحكم، ومن ثم فهى لا تلتزم بإجابة طلب التحقيق الذى يبديه الدفاع أو الرد عليه من بعد حجز الدعوى للحكم ولو طلب ذلك فى مذكرة مصرح له بتقديمها، ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة، ذلك بأن سكوت الدفاع عن طلب سماع الشهود ومواصلة المرافعة دون إصرار على سماعهم، إنما يفيد نزوله عن هذا الطلب ضمنا، ومن ثم فهو لا يستأهل ردا ولا تعقيبا، وإذ كان الأصل أن المحكمة الإستئنافية، تحكم على مقتضى الأوراق ولا تحقيقا إلا ما ترى هى لزوما لإجرائه، وكان الطاعنان لم يتمسكا أمامها بطلب سماع شهود الإثبات ولم تر هى من جانبها حاجة إلى سماعهم، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم أول مايو سنة 1972 بدائرة مركز دمياط محافظة دمياط (المتهمة الأولى) ارتكبت جريمة الزنا مع المتهم الثانى حالة كونها زوجة.......... (المتهم الثانى) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمة الأولى....... فى ارتكاب جريمة الزنا بأن اتفق معها وساعدها على ارتكابها بأن توجه إليها فى منزلها وفى غيبة زوجها وواقعها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت عقابهما بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و273 و274 و275 و276 من قانون العقوبات. وادعى......... (زوج المتهمة) مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح دمياط الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين سنتين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدنى مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. فأستأنف المحكوم عليهما الحكم ومحكمة دمياط الابتدائية بهيئة استئنافية قضت فى الدعوى حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتعديل العقوبة المقضى بها، وذلك بالاكتفاء بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به فى الدعوى المدنية. فطعن المحامى عن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دان الطاعنة الأولى بجريمة الزنا ودان الثانى بالاشتراك معها فى هذه الجريمة قد شابه البطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطا فى تطبيق القانون كما انطوى على خطأ فى الإسناد وعلى إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن كلا من الحكم الابتدائى والحكم الاستئنافى ومحاضر الجلسات فى درجتى التقاضى قد خلت جميعا من بيان اسم ممثل النيابة العامة فضلا عن خلو الحكم المطعون فيه من الإشارة إلى مواد القانون التى عاقب الطاعنين بمقتضاها، وقد اعتمد هذا الحكم فى قضائه بالإدانة على أدلة من بينها اعتراف الطاعن الثانى فى التحقيقات وفى محضر جلسة 22 من مايو سنة 1972 أمام قاضى المعارضات فى حين أن الثابت من المحضر الأخير أن الطاعن نفى حصول الوطء ودفع بأن اعترافه المكتوب كان وليد إكراه وقع عليه وردد المدافع عنه هذا الدفع فى مذكراته المقدمة فى كل من درجتى التقاضى بيد أن المحكمة التفتت عن تحقيق دفاعه وأطرحته استنادا إلى رد غير سائغ. هذا فضلا عن أن الحكم الابتدائى المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه لم يفصح عن مضمون الإقرار الصادر من الطاعن الثانى الذى وصفه بأنه اعتراف بالجريمة مع إنه يتضمن نفيا لحصول الوقاع وما يفيد أنه فوجئ بالمجنى عليه قبل الشروع فيه – كما برر الحكم تراخى هذا الأخير فى الإبلاغ بسعيه لجمع الأدلة القاطعة على اقتراف الطاعنين الجريمة بما مؤداه أنه لم يشهد الواقعة أو يضبط الطاعنين متلبسين بها وقد عول الحكم على أقوال المجنى عليه رغم قصورها، كما استند إلى تقرير الخبير رغم فساد عملية المضاهاة، واستدل على قيام جريمة الزنا التى دان الطاعنين بها بما تضمنته الخطابات المنسوبة للطاعنة الأولى من عبارات لم يعن بإيرادها وإيراد مؤداها – فى حين أن مفهومها ينفى حصول الوطء فعلا. وعلى الرغم من طلب الدفاع فى مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة سماع شهود الدعوى فإن المحكمة الاستئنافية لم تسمعهم تحقيقا لشفوية المرافعة – وكل ذلك من شأنه أن يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.
وحيث انه لما كان الثابت من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها ومن مطالعة الحكمين الابتدائى والاستئنافى المطعون فيه أنه قد أثبت فيها جميعا اسم عضو النيابة العامة الذى مثلها لدى نظر الدعوى ابتدائيا واستئنافيا وكان الثابت أيضا من الاطلاع على الحكم الابتدائى أنه أشار إلى مواد الاتهام التى طلبت النيابة تطبيقها وخلص إلى معاقبة الطاعنين طبقا لأحكامها، كما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد اعتنق أسباب الحكم المستأنف مما يعتبر بيانا كافيا لمواد القانون التى عوقب الطاعنين بمقتضاها فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المجنى عليه عاد إلى مسكنه فى الساعة العاشرة من مساء يوم الحادث ففوجئ بالطاعن الثانى يجلس بجوار الطاعنة الأولى على سرير بغرفة النوم وكان يحتضنان بعضهما ويتبادلان القبلات وقد طلبا منه التستر على جريمتهما فاقتاد زوجته إلى منزل ذويها ثم أخذ يبحث عن مكاتبات متبادلة بينهما فعثر على خطابات قد له الطاعن الثانى بعضها تبين من مطالعتها أنها تفيد قيام علاقة غير شرعية بينهما، ومن ثم فقد أبلغ المجنى عليه عن الحادث وقدم لدى إجراء التحقيق إقرارا موقعا عليه من الطاعن الثانى يفيد ارتكابه لجريمة الزنا كما قدم خطابات أخرى ثبتت قيام تلك العلاقة، وأورد الحكم أن الطاعن الثانى أنكر اقترافه الجريمة ثم عاد واعترف تفصيلا فى محضر الشرطة المؤرخ فى 20 من مايو سنة 1972 كما اعترف فى التحقيقات مقررا أنه واقع الطاعنة الأولى مرتين فى منزل الزوجية، كما نقل الحكم عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى أن نتيجة المضاهاة أسفرت عن أن الخطابات المنسوبة إلى الطاعنة الأولى مكتوبة بخطها، وبعد أن استعرض الحكم تلك الأدلة خلص إلى أن التهمة ثابتة قبل الطاعنين من أقوال المجنى عليه ومن اعتراف الطاعن الثانى ومن المكاتيب التى ثبت صدورها من الطاعنة الأولى وأن وجود الطاعن الثانى مع الطاعنة الأولى منفردين فى مخدع المجنى عليه على الصورة السابق الإشارة إليها مما ينبئ عن أن الزنا قد وقع فعلا ثم عرض الحكم لدفاع الطاعنة الأولى المؤسس على التشكيك فى أقوال المجنى عليه لتراخيه عن الإبلاغ فور الحادث، فأطرحه استنادا إلى أن التأخير فى الإبلاغ لا ينال من اطمئنان المحكمة للدليل المستمد من أقوال المجنى عليه وخاصة أنه قد عثر على المكاتيب المحررة بخط الطاعنة الأولى فى اليوم السابق على التبليغ مباشرة، كما أطرح الحكم ما دفعت به الطاعنة الأولى من أن الاعتراف الصادر من الطاعن الثانى جاء بتحريض من أهله وذويه كى يتخلص الزوج من زوجته ورد على هذا الدفاع بأن اعتراف الطاعن المذكور فى التحقيقات كان مفصلا ومتضمنا وصفا لفعل الوطء وتأكيدا بأن كان مختارا فى الادلاء به ونفيا لصدور الاعتراف نتيجة لتعويض أى شخص، واستخلص الحكم من سياق العبارات التى وردت فى بعض الخطابات المكتوبة بخط الطاعنة الأولى أنها تدل دلالة واضحة على حصول الفعل المادى لجريمة الزنا، ثم عرض الحكم لما دفع به الطاعن الثانى من أن اعترافه كان بايحاء من المجنى عليه نفسه وأطرح هذا الدفاع مستندا إلى ذات الأسباب التى استند إليها فى إطراح دفاع الطاعنة الأولى فى هذا الصدد – لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – فيما سلف بيانه – له معينه الصحيح من أوراق الدعوى على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة وكان ما حصله الحكم المطعون فيه من أن الطاعن الثانى اعترف أمام قاضى المعارضات له صداه فى محضر جلسة نظر المعارضة فى أمر الحبس بما أدلى به الطاعن المذكور من أقوال تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من معنى التسليم والإقرار بوقوع فعل الوقاع بمنزل الزوجية مما يجعل الحكم سليما فيما انتهى إليه ومبنيا على فهم صحيح للواقعة إذ المحكمة ليست ملزمة فى أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم به نصه وظاهره بل لها أن تستنبط الحقيقة كما كشفت عنها ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه أن أطلق على هذه الأقوال اعترافا وبذلك ينحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الإسناد - لما كان ذلك، وكان الإعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الإعبتارات التى ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها، لما كان ذلك، وكان القانون فى المادة 276 من قانون عقوبات بتحديده الأدلة التى لا يقبل الإثبات بغيرها على الرجل الذى يزنى مع المرأة المتزوجة لا يشترط أن تكون الأدلة مؤدية بذاتها فورا ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا، فمتى توافر قيام دليل من هذه الأدلة المعينة كالتلبس والمكاتيب يصح للقاضى أن يعتمد عليه فى ثبوت الزنا ولو لم يكن صريحا فى الدلالة عليه ومنصبا على حصوله وذلك متى اطمأن بناء عليه إلى أن فعل الزنا، قد وقع فعلا، وفى هذه الحالة لا تقبل مناقشة القاضى فيما إنتهى إليه على هذه الصورة إلا إذا كان الدليل الذى اعتمد عليه ليس من شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى وصل إليها ذلك لأنه بمقتضى القواعد العامة لايجب أن يكون الدليل الذى بنى عليه الحكم مباشرا بل لمحكمة الموضوع – وهذا من أخص خصائص وظيفتها – أن تكمل الدليل مستعينة بالعقل والمنطق وتستخلص منه ما ترى أنه لا بد مؤد إليه – وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه تقديره – لما كان ذلك، وكانت الأدلة التى استخلصت منها المحكمة وقوع الزنا من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان لا يشترط فى التلبس بجريمة الزنا أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل. بل يكفى أن يكون قد شوهد فى ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالا للشك فى أن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلا.
وكان تأخر المجنى عليه فى الإبلاغ عن الحادث لا يمنع لمحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التى أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعنان فى هذا الخصوص لا يكون مقبولا لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كان ما يثيره الطاعنان من جدل حول كفاية أقوال المجنى عليها كدليل من أدلة الثبوت التى عول عليها الحكم فى الإدانة ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير أدلة الدعوى بما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع إذ هو متعلق بسلطتها فى تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه وكانت المحكمة قد طمأنت إلى ما جاء بتقرير المضاهاة وكان منعى الطاعنين على الحكم من أنه لم يعن بابراز العبارات التى وردت فى الخطابات المحررة بخط الطاعنة الأولى وأن ما أورده منها ينفى حصول الوطء وهو الركن المادى لجريمة الزنا مردود بأن العبارات التى نقلها الحكم عن الخطابات المشار إليها أصلها الثابت فى الأوراق – على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة – وهى كافية فى الافصاح مع باقى أدلة الثبوت الأخرى التى عول عليها الحكم عن أن الزنا قد وقع فعلا. أما ما يثيره الطاعنان من اعراض محكمة أول درجة عن سماع شهود الإثبات الذين طلبا فى المذكرة المقدمة فى فترة حجز الدعوى للحكم مناقشتهم والتفات محكمة الدرجة الثانية من هذا الطلب، فمردود بأنه لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة أن الطاعنين لم يطلبا سماع الشهود وأن المحكمة بعد أن سمعت مرافعة الدفاع الشفوية أمرت باقفال بابها وحجزت القضية للحكم، ومن ثم فهى لا تلتزم بإجابة طلب التحقيق الذى يبديه الدفاع أو الرد عليه من بعد حجز الدعوى للحكم ولو طلب ذلك فى مذكرة مصرح له بتقديمها ما دام أنه لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة، ذلك بأن سكوت الدفاع عن طلب سماع الشهود ومواصلة المرافعة دون إصرار على سماعهم إنما يفيد نزوله عن هذا الطلب ضمنيا ومن ثم فهو لا يستأهل ردا ولا تعقيبا ولما كان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق ولا تحري تحقيقا إلا ما ترى هى لزوما لإجرائه وكان الطاعنان لم يتمسكا أمامها بطلب سماع شهود الإثبات ولم ترى هى من جانبها حاجة إلى سماعهم فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد، لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.