أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 272

جلسة 4 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، ومحمد عادل مرزوق.

(60)
الطعن رقم 9 لسنة 43 القضائية

(1) تموين. مسئولية جنائية. قانون.
المادة 58 من القانون 95 لسنة 1945. مسئولية صاحب المحل عن جرائم التموين مسئولية فرضية أساسها افتراض اشرافه على المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه. يكفى لقيامها أن تثبت ملكيته للمحل كاملة أو مشتركة.
(2) محكمة استئنافية. دفاع. "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة.
التفات المحكمة الاستئنافية عن طلب ضم حافظة مستندات سبق تقديمها إلى محكمة أول درجة. لا يعيب الحكم. لعدم تمسك الطاعن بالطلب فى الجلسة الأخيرة أمام المحكمة الاستئنافية. ولكونها لا تعدو صور أحكام سبق صدورها فى قضايا مماثلة.
(3) تموين. خبز. قرارات وزارية. إثبات. "بوجه عام".
القرارات الوزارية المنظمة لوزن الرغيف لا أثر لها على حرية القاضى فى الاقتناع.
(4) محكمة استئنافية. اجراءات المحاكمة. دفاع. "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
طلب سماع محرر المحضر. إبداؤه أمام محكمة أول درجة على سبيل الاحتياط وعدم الاصرار عليه فى ختام المرافعة أمام محكمة ثانى درجة. الالتفات عنه وعدم الرد عليه لا يعيب الحكم.
(5) خبز. تموين. قرارات وزارية. دفاع. "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه تسبيب غير معيب".
المادة 23 من قرار التموين 90 سنة 1957 المعدل بالقرار 282 سنة 1965 بما حددته من نسبة الرطوبة لا شأن لها بما أوجبته المادة 24 من أوزان للرغيف لا ينقص عنها. التفات الحكم عن طلب تحليل عينات من الخبز المضبوط البيان نسبة الرطوبة لا يعيبه.
(6) خبز. تموين. جريمة. "أركانها". قصد جنائى.
جريمة انتاج خبز ناقص الوزن لا تتطلب قصدا جنائيا خاصا. توافرها قانونا بمجرد انتاجه مهما ضؤل مقدار النقض فيه.
1 - من المقرر أنه يكفى فى قيام مسئولية صاحب المحل عن جرائم التموين طبقا للمادة 58 من القانون رقم 95 لسنة 1945 أن تثبت ملكيته له، يستوى فى ذلك أن تكون الملكية كاملة أو مشتركة، وهى مسئولية فرضية تقوم على أساس افتراض اشرافه على المحل ووقوع الجريمة بإسمه ولحسابه.
2 - لا يقدح فى سلامة الحكم المطعون فيه التفات المحكمة الاستئنافية عن طلب ضم إحدى حوافظ مستندات الطاعن السابق تقديمها إلى محكمة أول درجة ذلك إنه فضلا عن عدم تمسك الطاعن بهذا الطلب فى الجلسة الأخيرة أمام المحكمة الاستئنافية بما يعد تنازلا ضمنيا عن تمسكه بدلالة ما حوته تلك الحافظة من مستندات فى تأييد دفاعه، فإن الثابت أن حكم محكمة أول درجة قد أورد فحوى ما اشتملت عليه تلك الحافظة بما لا يعدو أن تكون صورا لأحكام سبق صدورها فى قضايا مماثلة رأى الطاعن أن يدعم بها دفاعه. ومن ثم فهى لا تعتبر دليلا من أدلة الدعوى يمكن القول بأنه تعلق بدفاع جوهرى للطاعن كان على المحكمة أن تعنى بتحقيقه وتقسطه حقه من البحث والتمحيص.
3 - من المقرر – فى قضاء النقض – أن النص فى القرارات الوزارية على إجراءات وزن الخبز وكيفية حصوله هو من قبيل الارشاد والتوجيه للموظفين المنوط بهم المراقبة وإثبات المخالفة ليتم عملهم على وجه سليم ودقيق دون أن تؤثر هذه القرارات على الحق المقرر للقاضى بمقتضى القانون فى استمداد عقيدته من عناصر الإثبات المطروحة أمامه ودون أن يتقيد بدليل معين. وإذ رد الحكم على ما أبداه الطاعن من دفاع فى هذا الصدد بما يتفق وهذا النظر، فإن النعى عليه بقالة القصور فى التسبيب ومخالفة القانون، يكون على غير أساس.
4 - الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضى على مقتضى الأوراق المطروحة عليها، وهى ليست ملزمة بإجراء تحقيق إلا ما تستكمل به النقص الذى شاب إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أو إذا ارتأت هى لزوما لإجرائه. وإذا كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يبد طلبه سماع محرر المحضر أمام محكمة أول درجة إلا على سبيل الاحتياط، كما أنه وإن تمسك به أمام محكمة ثانى درجة إلا أنه لم يصر عليه فى ختام مرافعته، فإنه لا على هذه إن هى التفتت عن ذلك الطلب ولم ترد عليه لما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع باحابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك والاصرار عليه فى طلباته الختامية.
5 - لما كان العجز فى وزن الرغيف البلدى الذى يؤثمه القانون يتحقق بعد أن تكون قد مرت على تهويته ثلاث ساعات وهو ما كشف الحكم عن ثبوته، وكانت نسبة الرطوبة التى حددتها المادة 23 من قرار وزير التموين رقم 90 سنة 1957 المعدل بالقرار رقم 282 سنة 1965 لا شأن لها بما أوجبته المادة 24 من ذات القرار من أوزان للخبز لا ينقص عنها فإنه لا جناح على المحكمة إن هى التفتت عن طلب تحليل عينات من الخبز المضبوط لبيان نسبة الرطوبة فيه.
6 - جريمة انتاج خبز ناقص الوزن تتوافر قانونا بمجرد انتاجه مهما ضؤل مقدار النقص فيه ولا تتطلب قصدا جنائيا خاصا.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين، بأنهم فى يوم 21 مارس سنة 1969 بدائرة قسم الظاهر محافظة القاهرة (أولا) المتهمون الثلاثة: انتجوا خبزا بلديا يقل وزنه عن الوزن المقرر قانونا (ثانيا) المتهمان الأول والثانى: لم يمسكا سجلا للمخبز لإثبات البيانات المقررة قانونا. وطلبت معاقبتهم بالمواد 4/ 1 و26 و27 و28/ 3 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1959 المعدل بالقرارات أرقام 109 سنة 1959 و63 سنة 1960 و74 سنة 1961 و138 سنة 1961 و282 سنة 1965 و24 سنة 1968 والمواد 1 و8 و56 و57 و58 و61 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 250 لسنة 1952. ومحكمة القاهرة المستعجلة الجزئية قضت بتاريخ 31 مارس سنة 1971 حضوريا للمتهم الأول وغيابيا للمتهمين الثانى والثالث بحبس كل من المتهمين الثانى والثالث ستة أشهر وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وبتغريم كل من المتهمين الأول والثانى والثالث مائة جنيها والمصادرة ونشر ملخص الحكم لمدة ستة أشهر عن التهمة الأولى وبراءة المتهمين الأول والثانى من التهمة الثانية. فاستأنف المتهم الأول هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 19 ديسمبر سنة 1971 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إنتاج خبز بلدى يقل عن الوزن المقرر قانونا، قد شابه قصور فى التسبيب وخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن قدم للمحكمة المستندات الرسمية الدالة على عدم ثبوت اشتراكه فى ملكية المخبز وانقطاع صلته به بعد عزله بحكم قضائى من إدارته – إلا أن المحكمة لم تمحص هذه المستندات ولم تقل كلمتها فيها بل إن المحكمة الاستئنافية قضت فى الدعوى دون أن يكون تحت بصرها الحافظة الثالثة التى حوت بعض مستندات الطاعن والسابق تقديمها إلى محكمة أول درجة، كما دفع الطاعن ببطلان إجراءات محرر المحضر لمخالفتها للقرارات والتعليمات الوزارية الصادرة من وزارة التموين فى شأن الإجراءات المنظمة لعملية ضبط الخبز، وتمسك بطلب سماع محرر المحضر وباقى شهود الإثبات والنفى، وطلب تحليل عينات من الخبز المضبوط لبيان نسبة الرطوبة فيه لما لهذه النسبة من أثر فى وزنه، إلا أن الحكم سكت عن هذه الطلبات إيراد لها وردا عليها. هذا إلى خلوه من بيان زنة كل رغيف وإلى ما تكشف عنه ضآلة مقدار العجز من عدم توافر القصد الجنائى لدى الطاعن.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه و المكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إنتاج خبز يقل عن الوزن المقرر قانونا التى دان الطاعن بها، وأقام عليها فى حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم أنه دان الطاعن بوصفه شريكا فى ملكية المخبز، واستند فى ثبوت هذه الملكية إلى أدلة لها أصلها الثابت بالأوراق – على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة – فإنه يكون قد أصاب محجة الصواب فى تقرير مسئوليته لما هو مقرر من أنه يكفى فى قيام مسئولية صاحب المحل عن جرائم التموين طبقا للمادة 58 من القانون رقم 95 لسنة 1954 أن تثبت ملكيته له، يستوى فى ذلك أن تكون الملكية كاملة أو مشتركة، وهى مسئولية فرضية تقوم على أساس افتراض إشرافه على المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه. وإذ حصل الحكم دفاع الطاعن فى هذا الشأن وأورد مؤدى ما حوته المستندات المقدمة منه ورد عليها بما يدحضها ويتفق وصحيح القانون، فإن النعى على الحكم بالقصور والخطأ فى تطبيق القانون لا يكون سديدا. ولا يقدح فى سلامته التفات المحكمة الاستئنافية عن طلب ضم إحدى حوافظ مستندات الطاعن السابق تقديمها إلى محكمة أول درجة ذلك أنه فضلا عن عدم تمسك الطاعن بهذا الطلب فى الجلسة الأخيرة أمام المحكمة الاستئنافية بما يعد تنازلا ضمنيا عن تمسكه بدلالة ما حوته تلك الحافظة من مستندات فى تأييد دفاعه، فإن الثابت أن حكم محكمة أول درجة قد أورد فحوى ما اشتملت عليه تلك الحافظة بما لا يعدو أن تكون صور الأحكام سبق صدورها فى قضايا مماثلة رأى الطاعن أن يدعم بها دفاعه. ومن ثم فهى لا تعتبر دليلا من أدلة الدعوى يمكن القول بأنه تعلق بدفاع جوهرى للطاعن كان على المحكمة أن تعنى بتحقيقه وتقسطه حقه من البحث والتمحيص. على أن اطمئنان المحكمة إلى الأدلة التى عولت عليها فى قضائها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن مفتش التموين قد اكتشف عجزا فى وزن الرغيف وهو ساخن وأنه قام بجمع 162 رغيفا من الخبز المنتج فى حضوره وبعد تهويتها المدة القانونية ووزنها على ميزان حساس اتضح أن جملة وزنها 22.230 كيلو جراما وأن متوسط وزن الرغيف 137.2 جراما ومقدار العجز فى الرغيف 2.5 جراما وانتهى إلى القول بأن المحكمة تطمئن تماما للإجراءات التى باشرها مفتش التموين والتى أثبتها تفصيلا فى محضره بما تتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة إنتاج خبز يقل عن الوزن المقرر قانونا، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن فى شأنه مخالفة محرر المحضر للقرارات والمنشورات الصادرة من وزارة التموين فى خصوص عملية ضبط الخبز وكيفية وزنه لما هو مقرر – فى قضاء هذه المحكمة – من أن النص فى القرارات الوزارية على إجراءات وزن الخبز وكيفية حصوله هو من قبيل الإرشاد والتوجيه للموظفين المنوط بهم المراقبة وإثبات المخالفة ليتم عملهم على وجه سليم ودقيق دون أن تؤثر هذه القرارات على الحق المقرر للقاضى بمقتضى القانون فى استمداد عقيدته من عناصر الإثبات المطروحة أمامه ودن أن يتقيد بدليل معين. وإذ رد الحكم على ما أبداه الطاعن من دفاع فى هذا الصدد بما يتفق وهذا النظر، فإن النعى عليه بقالة القصور فى التسبيب ومخالفة القانون يكون على غير أساس. أما ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع لعدم إجابة الطاعن إلى طلبه سماع محرر المحضر فإنه مردود بأن الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضى على مقتضى الأوراق المطروحة عليها، وهى ليست ملزمة بإجراء تحقيق إلا ما تستكمل به النقض الذى شاب إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أو إذا ارتأت هى لزوما لإجرائه. وإذا كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يبد طلبه سماع محرر المحضر أمام محكمة أول درجة إلا على سبيل الاحتياط، كما أنه وإن تمسك به أمام محكمة ثانى درجة إلا أنه لم يصر عليه فى ختام مرافعته، فإنه لا على هذه المحكمة إن هى التفتت عن ذلك الطلب ولم ترد عليه لما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو لرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه فى طلباته الختامية. لما كان ذلك، وكان العجز فى وزن الرغيف البلدى الذى يؤثمه القانون يتحقق بعد أن تكون قد مرت على تهويته ثلاث ساعات وهو ما كشف الحكم عن ثبوته، وكانت نسبة الرطوبة التى حددتها المادة 23 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 282 لسنة 1965 لا شأن لها بما أوجبته المادة 24 من ذات القرار من أوزان للخبز لا ينقص عنها، فإنه لا جناح على المحكمة إن هى التفتت عن طلب تحليل عينات من الخبز المضبوط لبيان نسبة الرطوبة فيه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن فى شأن ضآلة مقدار العجز فى الرغيف الواحد والاستدلال بذلك على انتفاء القصد الجنائى لدى الطاعن مردود بأن جريمة إنتاج خبز ناقص الوزن تتوافر قانونا بمجرد إنتاجه مهما ضوئل مقدار النقص فيه، ولا تتطلب قصدا جنائيا خاصا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة.