أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 298

جلسة 5 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وإبراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وحسن علي المغربى.

(65)
الطعن رقم 18 لسنة 43 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "خبرة" دفاع. "الاخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إطراح الحكم طلب الدفاع سؤال كبير الأطباء الشرعيين. إستنادا إلى التصوير الذى اعتنقه للحادث. دون بيان سنده فى هذا التصور. سواء من التقرير الطبى أو من شهادة الشاهد. قصور.
متى كان الدفاع عن الطاعنين نازع فى مقدرة المجنى عليه السير من المكان الذى قرر شاهد الإثبات بأنه أطلقت عليه فيه الأعيرة النارية إلى حيث وجدت جثته، وطلب الرجوع فى ذلك إلى كبير الأطباء الشرعيين – وكان الحكم المطعون فيه استند فى إطراح هذا الطلب إلى ما قاله من أن المجنى عليه أصيب أولا فى أذنه ثم أصيب إصابة سطحية فى عنقه وهما إصابتان لم تحولا بينه وبين السير إلى زراعة الفول حيث أطلقت عليه الأعيرة الأربعة الأخرى، وذلك دون أن يبين الحكم سنده فى هذا التصور الذى اعتنقه للحادث سواء من التقرير الطبى الشرعى الذى لم يرد به ذكر لترتيب الإصابات وتسلسلها أو مما أخذ به من أقوال ابن المجنى عليه الذى شهد بأن الأعيرة النارية ظلت تنهال صوبهما دون فارق زمنى، فإنه يكون قد بنى قضاءه على ما ليس له أصل ثابت فى الأوراق.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم 19 يناير سنة 1970 بدائرة مركز أبنوب محافظة أسيوط (أولا): قتلا ...... عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن عقدا العزم على قتله وأعد كل منهما لذلك سلاحا ناريا وترصدا له فى طريق مروره وما أن ظفرا به حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. (ثانيا) أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا (بندقية) (ثالثا) أحرز كل منهما بغير ترخيص ذخيرة (طلقات) مما تستعمل فى السلاح سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له في حيازة السلاح أو إحرازه. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للمواد 45 و46 و231 و232/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 – 4 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 سنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول 3 الملحق، فقرر ذلك فى 5 أبريل سنة 1971. ومحكمة جنايات أسيوط قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 12 فبراير سنة 1972 عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة عما نسب إليه. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه القصور فى التسبيب، ذلك بأن الدفاع عن الطاعنين تمسك بأنه من شأن إصابات المجنى عليه التى أثبتها التقرير الطبى الشرعى فى القلب والرئة والكبد والأمعاء أن تحول دون إمكانه السير مسافة ثمانين مترا وهى المسافة بين المرتفع الترابى الذى قرر شاهد الإثبات بأنه أطلقت عليه فيه الأعيرة النارية والمكان الذى وجدت به الجثة فى زراعة الفول مما يقطع بأن الشاهد لم يكن موجودا وقت ارتكاب الجريمة وأن القتل حصل فى زراعة الفول، وقد طلب الدفاع الرجوع إلى كبير الأطباء الشرعيين لاستجلاء ما إذا كانت حالة المجنى عليه تسمح له بالسير تلك المسافة من عدمه، إلا أن المحكمة رفضت تحقيق هذا الدفاع وقطعت فى مسألة فنية مستندة إلى افتراضات لا سند لها من الأوراق.
وحيث إن الدفاع عن الطاعنين ـ حسبما هو ثابت بمحضر الجلسة – نازع
فى مقدرة المجنى عليه السير من المكان الذى قرر شاهد الإثبات بأنه أطلقت عليه فيه الأعيرة النارية إلى زراعة الفول حيث وجدت جثته وطلب الرجوع فى ذلك إلى كبير الأطباء الشرعيين، وقد رد الحكم على هذا الدفاع بقوله: "أما عن طلب استفتاء كبير الأطباء الشرعيين فيما إذا كانت إصابات المجنى عليه الثابتة بتقرير الصفة التشريحية تسمح له بالاستمرار فى السير من عدمه، فإن المحكمة ترى فى تقرير الصفة التشريحية المقدم من الطبيب الشرعى بملف الدعوى كل الكفاية والوضوح للرد على الدفاع فإن الثابت به – كما سلف القول – إصابة المجنى عليه فى أذنه وهى التى قرر الشاهد أنه سمع والده يقول عنها، فهى والإصابة السطحية الثانية ما كانتا تمنعان المجنى عليه من محاولة الهروب ولم يقل الدفاع عنهما شيئا. أما الإصابات الناتجة عن العيارات الأربعة الأخرى – فقد سقط المجنى عليه وتلقى العيارات وهو ملقى فى زراعة الفول بدليل ما أثبته بالتقرير عن أن اتجاهها جميعا كان من أعلى إلى أسفل". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال ابن المجنى عليه بما مفاده أنه بمجرد رؤيته للطاعنين متجهين نحوه ونحو أبيه استدارا للعودة إلى البلدة وإنه كان يجرى أمام والده عندما أطلق الطاعنان النار وسمع المجنى عليه يصيح بأنه أصيب فى أذنه ولم يشأ الالتفات خلفه خوفا من إصابته بالأعيرة النارية التى استمرت تنهال صوبهما وظل يجرى حتى وصل إلى وكيل شيخ الخفراء وأبلغه بمقتل والده. لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف أن الحكم المطعون فيه استند فى إطراح طلب الدفاع استطلاع رأى كبير الأطباء الشرعيين إلى ما قاله من أن المجنى عليه أصيب أولا فى أذنه ثم أصيب إصابة سطحية فى عنقه وهما إصابتان لم تحولا بينه وبين السير إلى زراعة الفول حيث أطلقت عليه الأعيرة الأربعة الأخرى وذلك دون أن يبين الحكم سنده فى هذا التصور الذى اعتنقه للحادث سواء من التقرير الطبى الشرعى الذى لم يرد به ذكر لترتيب الاصابات وتسلسلها أو مما أخذ به من أقوال ابن المجنى عليه الذى شهد بأن الأعيرة النارية ظلت تنهال صوبهما دون فارق زمنى، فإنه يكون قد بنى قضاؤه على ما ليس له أصل ثابت فى الأوراق بما يبطله ويوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.