أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 333

جلسة 18 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، ومحمد عادل مرزوق.

(72)
الطعن رقم 56 لسنة 43 القضائية

(1) بطلان. استئناف. حكم. "بياناته". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إشتمال الحكم المطعون فيه على مقوماته المستقلة بذاتها مع قضائه بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من حبس، يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الأخير.
(2و 3) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". "مبدأ الثبوت بالكتابة".
(2) صلاحية كل كتابة صادرة من الخصم أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة أيا كان شأنها أو الغرض منها. ما دام من شأنها أن تجعل الأمر المواد إثباته قريب الاحتمال. تقدير ذلك. موضوعى.
(3) حق محكمة الموضوع فى الأخذ بما ترتاح إليه من أدلة الثبوت وإطراح ما عداها دون التزام بالرد على كل دليل.
1- إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه – الذى قضى بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل – أنه قد أنشأ أسبابا ومنطوقا جديدين وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، ووقع عليه العقوبة مكتفيا بحبسه شهرا واحد مع الشغل، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها، غير متصل أو منعطف على الحكم المستأنف مما يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الأخير.
كل كتابة تصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة أيا كان شكلها وأيا كان الغرض منها ما دام من شأنها أن تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال وتقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة هو مما يستقل به قاضى الموضوع.
3- من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من أدلة الثبوت وتطرح ما عداها دون أن تكون ملزمة بالرد على كل دليل على حدة ما دام ردها مستفادا ضمنا من قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 14 فبراير سنة 1967 بدائرة قسم الزيتون محافظة القاهرة: بدد المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لزوجته ...... والتى كانت قد سلمت إليه على سبيل عارية الاستعمال فاختلسها لنفسه. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعت المجنى عليها مدنيا وطلبت القضاء لها قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة الزيتون الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 20 يونيه سنة 1967 عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى مبلغ 1 قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ 100 مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فعارض، وقضى فى معارضته بتاريخ 17 ديسمبر سنة 1970 بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 21 مارس سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل. فطعن وكيل المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه البطلان والقصور فى التسبيب، ذلك بأنه قضى بتأييد الحكم المستأنف الصادر فى معارضته الابتدائية برفضها وتأييد الحكم الغيابى الابتدائى رغم بطلان هذين الحكمين، وأغفل الرد على الدفع الذى أبداه بعدم جواز الإثبات بالبينة ولم يعرض للمستندات المقدمة منه للمحكمة الاستئنافية والمثبتة لملكيته للمنقولات محل الاتهام، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ لقضائه أسبابا ومنطوقا جديدين وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، ووقع عليه العقوبة مكتفيا بحبسه شهرا واحدا مع الشغل، فان الحكم المطعون فيه يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها، غير متصل أو منعطف على الحكم المستأنف مما يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الأخير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم جواز الاثبات بالبينة ورد عليه بما مؤداه أن البرقية والخطاب المرسلين من الطاعن إلى والد زوجته المجنى عليها بطلب المنقولات المنزلية والشكر على ما وصل منها يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز الاثبات بالبينة فيما لا تجوز فيه ما دام أن الطاعن لم يجحدهما. وإذ كان تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من جهة كونها تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال أو لا تجعله هو مما يستقل به قاضى الموضوع. وكانت كل كتابة تصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة أيا كان شكلها وأيا كان الغرض منها، فإن النعى على الحكم المطعون فيه قصوره عن الرد على هذا الدفع يكون غير سديد ولا محل له. ولما كان الثابت من مدونات الحكم أنها تضمنت بيانا للمستندات المقدمة من الطاعن لإثبات ملكيته للمنقولات محل الاتهام مما مفاده أن المحكمة أحاطت بها عن بصر وبصيرة، فإن حسب الحكم للرد عليها أن أورد على ثبوت تلك الملكية للمجنى عليها – فضلا عن مبدأ الثبوت بالكتابة – أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشاهدين .....، ...... اللذين اتفقت كلمتهما على هذه الملكية ومن إقرار الطاعن بها فى محضر الشرطة، لما هو مقرر من أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من أدلة الثبوت وتطرح ما عداها دون أن تكون ملزمة بالرد على كل دليل على حدة ما دام ردها مستفادا ضمنا من قضائها بالإدانة إستنادا إلى أدلة الثبوت، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن حول ذلك يعد من قبيل الجدل الموضوعى فى تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها فى عقيدتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.