أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 348

جلسة 19 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطيه، وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن علي المغربى.

(75)
الطعن رقم 1351 لسنة 42 القضائية

(1 و 2) غش. جريمة. "أركان الجريمة". زيوت سيارات. قانون. "تفسيره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مسئولية جنائية.
1 - الغش كما عينته المادة 2 من القانون رقم 48 لسنة 1941. تعريفه.
2 - إثبات الحكم خلط المتهم زيت السيارات بزيت مكرر. وعرضه إياه للبيع. كفايته لإثبات توافر الغش المنصوص عليه فى المادة 2 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل.
النعى بعدم صدور قرار وزارى بتحديد مواصفات الزيت. غير مجد. ما دام الحكم قد أثبت تعمد المتهم تضليل المشترين بتزييف الزيت.
(3) حكم. "حجيته". علامات تجارية. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حجية الأحكام. ترد على منطوقها دون أسبابها. إلا ما كان منها مرتبطا بالمنطوق بحيث لا يكون له قوام بغيرها. مثال.
1 - الغش كما عينته المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 قد يقع بإضافة مادة غربية إلى السلعة أو بانتزاع شئ من عناصرها النافعة كما يتحقق أيضا بإخفاء البضاعة تحت مظهر خادع من شأن غش المشترى ويتحقق كذلك بالخلط أو الإضافة بمادة مغايرة لطبيعة البضاعة أو من نفس طبيعتها ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن الخليط لا شائبة فيه أو بقصد إخفاء رداءة البضاعة وإظهارها فى صورة أجود مما هى عليه فى الحقيقة.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اقتناع المحكمة بحصول عملية الغش التى تنطوى على العرض للبيع زيتا باسم زيت اكتيول (1) من إنتاج شركة أسو ستاندرد حالة كون العبوة لا تطابق مواصفات هذا الزيت بالصورة التى تنتجه بها الشركة سالفة الذكر، وأضاف الحكم أنه ليس شرطا ان تكون مواصفات المادة المغشوشة قد صدر بها قرار وزارى معين ويكفى أن تعطى اسما لا يتفق مع الحقيقة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد خلط زيت السيارات الوارد من شركة أسو بزيت مكرر، وأنه عرض هذا الزيت للبيع، فإن الحكم بما أثبته يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الغش المنصوص عنها فى المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل ولا يقبل من الطاعن – فى صورة هذه الدعوى – أن يتحدى بعدم صدور مرسوم بتعيين مواصفات الزيت ما دام الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حقه بما أورده من أدلة سائغة أنه عمد إلى تضليل المشترين بتزييف حقيقة السلعة بما يتوافر به الغش فى حكم المادة آنفة الذكر.
3 - من المقرر أن الأصل فى الأحكام الا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا لما يكون مكملا للمنطوق ومرتبطا به ارتباطا وثيقا غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام إلا به. ولما كان ما أورده الحكم فى خصوص عرض زيت عليه علامة مقلدة لم يطبقه فى حق الطاعن ولم يعاقبه عليه بل انتهى فى منطوقه إلى تأييد ما قضى به الحكم المستأنف بالنسبة للطاعن عن التهمة الأولى، وهى تهمة عرض زيت اكتيول مغشوش وبراءته من التهمة الثانية، فإن ما ينعاه الطاعن فى خصوص إدانته عن هذه التهمة الأخيرة دون لفت نظر الدفاع لا يكون له محل.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة كلا من الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 13 يونيه سنة 1967 بدائرة قسم الوايلى محافظة القاهرة – المتهمون الثلاثة: عرضوا للبيع زيت اكتيول مغشوشا مع علمهم بغشه. المتهم الأول أيضا. عرض للبيع زيت اكتيول عليه علامة مقلدة مع علمه بذلك، وطلبت عقابهم بالمواد 1 و2 و3 و37/ 1 و36 و40 من القانون رقم 57 لسنة 1939 و2 و3 و5 و7 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941، ومحكمة الوايلى الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا للأول والثانى وحضوريا اعتباريا للثالث بتاريخ 21 يناير سنة 1971 عملا بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين عشرة جنيهات عن كل تهمة والمصادرة. فاستأنف المتهمون هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الإبتدائية – بهيئة استئنافية – قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 22 يناير سنة 1972 (أولا) بقبول استئناف المتهمين الأول (الطاعن) والثالث شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لكل منهما عن التهمة الأولى وإلغائه وبراءة المتهم الأول من التهمة الثانية المسندة إليه (ثانيا) بعدم قبول استئناف المتهم الثانى شكلا للتقرير به بعد الميعاد، فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه، إذ دان الطاعن بجريمة عرض زيت اكتيول مغشوش للبيع مع علمه بغشه، قد أخطأ فى تطبيق القانون، واعتراه إخلال بحق الدفاع وشابه قصور فى التسبيب، ذلك بأن المواد التى طلبت النيابة العامة تطبيقها ومنها المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 لا تنطبق على واقعة الدعوى فضلا عن أن المحكمة أدانته بجريمة وضع بيانات لا تتفق مع حقيقة العبوة إعمالا للقانون رقم 57 لسنة 1939 دون لفت نظر الدفاع هذا علاوة على خلو الحكم المطعون فيه من بيان مواد القانون التى طبقها فى حق الطاعن بالنسبة لهذه التهمة الأخيرة، وأخيرا فإن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن الجوهرى الذى تضمنته مذكرته، ومن أن عملية التحليل لم تتم عن عينة من محتويات برميلين مغلفين وجدا بمحله أثناء الضبط وهما من البراميل التى يحصل عليها الطاعن من شركة أسو ليعيد تعبئتها فى صفائح وقد أرشد المحقق عنهما كى يستبين أن محتوياتهم هى نفس محتويات الصفائح المعبأة وبالتالى تنتفى جريمة الغش المنسوبة إليه.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن بوصف أنه عرض للبيع زيت اكتيول مغشوشا مع علمه بغشه، وعرض للبيع زيت اكتيول عليه علامة مقلدة مع علمه بذلك، وطلبت معاقبته بالمواد 1 و2 و3 و33 و36 و40 من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية والمواد 2 و3 و5 و7 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل والخاص بقمع التدليس والغش. وقضت محكمة أول درجة بتغريم الطاعن عشرة جنيهات عن كل تهمة والمصادرة، فاستأنف هذا الحكم وقضت محكمة ثانى درجة بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للطاعن والمحكوم عليهم عن التهمة الأولى وإلغائه وبراءة الطاعن من التهمة الثانية المسندة إليه، وقد حصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما مفاده أن رئيس مباحث وتموين شرق القاهرة سطر محضرا فى يونيه 1967 أثبت فيه ما أبلغ به أحد العاملين لدى الطاعن من أن زيت السيارات الوارد من شركة اسو استاندارد يتم غشه فى مصنع الطاعن بتفريغه وخلطه بزيت مكرر ثم إعادة تعبئته فى صفائح تلصق عليها بطاقات تحمل اسم الشركة المشار إليها، وأن بالمصنع تسعين صفيحة منها معدة للبيع، وأنه انتقل على أثر البلاغ وضبط تلك الصفائح وسال عنها الطاعن صاحب المصنع فأجابه بأن البطاقات الخاصة بالشركة مسلمة إليه من رئيس مبيعاتها للصقها على الصفائح التى يعبئها من زيت الشركة بسبب نقص الصفيح لدى الأخيرة، وقرر رئيس مبيعات الشركة بأن الطاعن مصرح له بالتعبئة منذ عام 1965 إلا أن الزيت المضبوط تم تعبئته دون علم الشركة وهو غير متوفر بها منذ عام سابق. كما أن البطاقات الملصقة لا تطابق بطاقات الشركة وقرر الطاعن بأن الزيت المعبأ متبق لديه من براميل سبق حصوله عليها من الشركة. ثم أورد الحكم ما انتهى إليه تقرير المعامل من أن الزيت المضبوط لا يطابق زيت اكتيول/ 40 من حيث المواصفات وساق ما تضمنته مذكرة دفاع الطاعن من عدم انطباق القانون رقم 48 لسنة 1941 أو غيره من مواد الاتهام على الواقعة. وخلص الحكم بعد ذلك – إلى ثبوت واقعة تعبئته لزيت سيارات باسم "زيت اكتيول/ 40" فى مصنع الطاعن من براميل الشركة التى تنتج الزيت المشار إليه وإلى أن محتويات الصفائح المعبأة والمضبوطة لا تطابق مواصفات هذا الزيت على النحو الذى يتم به تصنيعه فى الشركة المنتجة له رغم وضع بطاقات العبوات تحمل إسمه ثم أورد الحكم ما قال به العامل المبلغ من أن تلك العبوات تخلط بزيت آخر غير الوارد من شركة اسو. ثم أفصح الحكم المطعون فيه عن اقتناع المحكمة بحصول عملية الغش التى تنطوى على العرض للبيع زيتا باسم زيت اكتيول ا من إنتاج شركة اسو استاندارد حالة كون العبوة لا تطابق مواصفات هذا الزيت بالصورة التى تنتجه بها الشركة سالفة الذكر وأضاف الحكم أنه ليس شرطا أن تكون مواصفات المادة المغشوشة قد صدر بها قرار وزارى معين، ويكفى أن تعطى إسما لا يتفق مع الحقيقة وان هذا الأمر معاقب عليه أيضا بمواد القانون رقم 57 لسنة 1939 من حيث وضع بيانات لا تتفق مع حقيقة العبوة. فضلا عن المواد 2 و3 و5 و7 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941 وأنه يتعين عقابه هو وباقى المحكوم عليهم طبقا لما تقدم. لما كان ذلك، وكان الغش كما عينته المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 قد يقع باضافة مادة غريبة إلى السلعة أو بانتزاع شئ من عناصرها النافعة كما يتحقق أيضا باخفاء البضاعة تحت مظهر خادع من شأنه غش المشترى، ويتحقق كذلك بالخلط أو الإضافة بمادة مغايرة لطبيعة البضاعة أو من نفس طبيعتها ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن الخليط لا شائبة فيه، أو بقصد إخفاء رداءة البضاعة وإظهارها فى صورة أجود مما هى عليه فى الحقيقة. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء المادة 2 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانونين رقمى 522 لسنة 1955، 80 لسنة 1963 والمذكرة المرفوعة لمجلس الوزارء من وزيرى الصحة والتجارة والصناعة عن مشروع القانون سالف الذكر أن هذه المذكرة الأخيرة قد أفصحت عن أن وزارة التجارة والصناعة أعدت مشروع قانون لمكافحة التدليس والغش التجارى فى جميع السلع والمنتجات سواء كانت من المواد المعدة لغذاء الانسان أم الحيوان أو من العقاقير الطبية أم من المنتجات المستعملة فى الزراعة كالمخصبات والبذور أم من المنتجات الصناعية كالمنسوجات والأسمنت والصابون، أم من المنتجات الطبيعية كالمياه المعدنية وغيرها وقد اشتمل المشروع على جميع حالات الغش وحدد لها العقوبات الزاجرة وكانت وزارة الصحة من جهتها قد وضعت مشروع قانون بقمع التدليس والغش فى المواد الغذائية فقط وقد رؤى بموافقة وزارتى الصحة والصناعة أن يدمج المشروعان فى مشروع واحد يعنى بتحقيق الأغراض التى تنشدها الوزارتين، مع مراعاة سد الثغرة الموجودة فى قانون العقوبات الذى اقتصرت أحكامه فى المادتين 266 و347 على معاقبة الغش فى المواد الغذائية أو الطبية دون سواها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد خلط زيت السيارات الوارد من شركة اسو بزيت مكرر وأنه عرض هذا الزيت للبيع، فإن الحكم بما أثبته يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الغش المنصوص عنها فى المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل ولا يقبل من الطاعن فى صورة هذه الدعوى أن يتحدى بعدم صدور مرسوم بتعيين مواصفات الزيت ما دام الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حقه بما أورده من أدلة سائغة أنه عمد إلى تضليل المشترين بتزييف حقيقة السلعة بما يتوافر به الغش فى حكم المادة آنفة الذكر. لما كان ذلك، وكان الثابت من الرجوع إلى مدونات الحكم على الوجه سالف البيان أن ما أورده فى خصوص جريمة عرض زيت عليه علامة مقلدة لم يطبقه فى حق الطاعن ولم يعاقبه عليه بل انتهى فى منطوقه إلى تأييد ما قضى به الحكم المستأنف بالنسبة للطاعن عن التهمة الأولى، وهى تهمة عرض زيت اكتيول مغشوش وبراءته من التهمة الثانية، وكان الأصل فى الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا لما يكون مكملا للمنطوق ومرتبطا به ارتباطا وثيقا غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام إلا به، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان كل ما يثيره الطاعن فى خصوص أن عملية التحليل لم تتم عن عينة من محتويات البراميل التى يحصل عليها من شركة أسو ليعيد تعبئتها فى صفائح فمردود بأنه تبين من مراجعة المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا للطعن أن ما أثاره الطاعن فى هذا الوجه ليس له أصل ثابت فى الأوراق وإذ لم يثبت المحقق وجود برميلين مغلقين من براميل شركة أسو أرشد عنهما الطاعن وطلب أخذ عينة منهما حسب دعواه، ومن ثم فإنه لا يقبل منه أن ينعى على المحكمة نكولها عن التصدى إلى دفاع لم يثره. لما كان ما تقدم، فان الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة.