أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 635

جلسة 24 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، وابراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(137)
الطعن رقم 652 لسنة 44 القضائية

(1و2) حكم. "وصف الحكم". محكمة الجنايات. "بطلان أحكامها".
(1) العبرة فى وصف الأحكام. بحقيقة الواقع.
لا يكون الحكم حضوريا. إلا لمن تهيأت له فرصة الدفاع كاملة.
(2) عدم أخذ الشارع بنظام الحكم الحضورى الاعتبارى فى الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات فى مواد الجنايات. ولو وصف الحكم بأنه حضورى.
سماع المحكمة الشاهد ومناقشته فى غيبة المتهم ثم الحكم فى الدعوى. إعتبار الحكم غيابيا.
(3) حكم. "بطلانه.سقوطه". وصف التهمة. دعوى جنائية. محكمة الجنايات. "سقوط أحكامها". نقض. "إعتبار الطعن غير ذى موضوع". بطلان.
المناط فى اعتبار الحكم صادرا فى جناية أو جنحة. هو بالوصف الذى رفعت به الدعوى.
إقامة الدعوى أمام محكمة الجنايات بوصف الجناية. سريان حكم المادة 395 إجراءات. على حكمها. ولو وصفتها المحكمة بأنها جنحة.
بطلان الحكم الغيابى الصادر من محكمة الجنايات. فيه معنى سقوطه. أثر ذلك: إعتبار الطعن فيه بالنقض غير ذى موضوع.
1 - من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن العبرة فى وصف الأحكام هى بحقيقة الواقع، فلا يعتبر الحكم حضوريا بالنسبة للخصم إلا إذا حضر وتهيأت له الفرصة لإبداء دفاعه كاملا.
2 - إن الشارع عند وضع قانون الإجراءات الجنائية لم يأخذ بنظام الحكم الحضورى الاعتبارى فيما يتعلق بالأحكام التى تصدر فى مواد الجنايات من محكمة الجنايات كما فعل بالنسبة للجنح والمخالفات، وإذ كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده لم يحضر جلسة المرافعة الأخيرة التى سمعت فيها المحكمة أقوال الطبيب الشرعى وناقشته فى غيبته ثم أصدرت حكمها المطعون فيه، فإن ما ذهبت إليه المحكمة من وصف الحكم بأنه حضورى اعتبارى يكون غير صحيح فى القانون لأنه فى حقيقة الأمر حكم غيابى برغم الوصف.
3 - لما كانت المحكمة إذا اعتبرت الحكم الذى صدر على المطعون ضده فى غيبته حكما حضوريا اعتباريا صادرا فى جنحة وقابلا للمعارضة، قد أخطأت فى تطبيق القانون، ذلك أن مناط التفرقة فى مثل هذه الحالة هو الوصف الذى ترفع به الدعوى، فإذا رفعت بوصفها جناية – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – سرى فى حقها حكم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان مؤدى تلك المادة هو تقرير بطلان الحكم الصادر فى غيبة المتهم واعتباره كأن لم يكن إذا حضر أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضى المدة ولما كان هذا البطلان الذى أصاب الحكم الغيابى الصادر من محكمة الجنايات فى الجناية المنسوبة إلى المطعون ضده فيه معنى سقوط الحكم مما يجعل الطعن غير ذى موضوع، ومن ثم فإن الطعن من النيابة العامة عنه يعتبر ساقطا بسقوطه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 2 من يونيه سنة 1971 بدائرة مركز ميت غمر محافظة الدقهلية: ضرب......... عمدا فأحدث به الإصابات والأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمواد المبينة بأمر الإحالة. فقرر ذلك فى 29 فبراير سنة 1972. ومحكمة جنايات المنصورة قضت فى الدعوى حضوريا اعتباريا عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بتغريم المتهم ثلاثة جنيهات باعتبار أن الواقعة تشكل جنحة الضرب البسيط . فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تعيب على الحكم المطعون فيه اعتباره الواقعة المسندة إلى المطعون ضده جريمة ضرب بسيط وفقا للفقرة الأولى من المادة 242 من قانون العقوبات فى حين أن الثابت من تقرير الصفة التشريحية ومن المناقشة التى دارت بالجلسة أن تشابك المطعون ضده مع المجنى عليه وما صحب ذلك من اعتداء ولد لدى المجنى عليه انفعالا نفسيا مهد وعجل بحصول النوبة القلبية التى أدت إلى وفاته فيكون المطعون ضده مسئولا عن تلك النتيجة المحتمله التى ترتبت على سلوكه الإجرامى مما يشوب الحكم بالفساد فى الاستدلال ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المتهم – المطعون ضده – بوصف أنه ضرب المجنى عليه عمدا فأحدث به الإصابات والأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته، وقضت محكمة جنايات المنصورة حضوريا إعتباريا بتغريمه ثلاثة جنيهات تأسيسا على أنه لا يمكن الجزم بأن الوفاة كانت نتيجة للفعل الذى قارفه واعتبرت أن الواقعة تشكل جنحة الضرب البسيط وفقا لنص الفقرة الأولى من المادة 242 من قانون العقوبات. وعارض المطعون ضده ومثل أمام المحكمة فقضت فى معارضته بتاريخ 21 من مارس سنة 1973 بقبولها شكلا وتأييد الحكم المعارض فيه واقصر طعن النيابة العامة على الحكم الأول.
وحيث إنه يبين من مطالعة محاضر الجلسات أن المطعون ضده حضر جلسة المحاكمة الأولى وترافع المدافع عنه وتأجل نظر الدعوى إلى جلسة 21 من نوفمبر سنة 1972 لمناقشة الطبيب الشرعى الذى تخلف عن الحضور فى الجلسات اللاحقه إلى أن مثل أمام المحكمة بجلسة 22 من يناير سنة 1973 وسمعت أقواله وناقشته المحكمة فى غيبة المطعون ضده وصدر الحكم المطعون فيه فى هذه الجلسة الأخيرة لما كان ذلك، وكان من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن العبرة فى وصف الأحكام هى بحقيقة الواقع فلا يعتبر الحكم حضوريا بالنسبة للخصم إلا إذا حضر وتهيأت له الفرصة لإبداء دفاعه كاملا، وكان من المقرر أيضا أن الشارع عند وضع قانون الإجراءات الجنائية لم يأخذ بنظام الحكم الحضورى الاعتبارى فيما يتعلق بالأحكام التى تصدر فى مواد الجنايات من محكمة الجنايات كما فعل بالنسبة للجنح والمخالفات، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده لم يحضر جلسة المرافعة الأخيرة التى سمعت فيها المحكمة أقوال الطبيب الشرعى ومناقشته فى غيبته ثم أصدرت حكمها المطعون فيه. فإن ما ذهبت إليه المحكمة من وصف الحكم بأنه حضورى اعتبارى يكون غير صحيح فى القانون لأنه فى حقيقة الأمر حكم غيابى برغم الوصف. لما كان ذلك، فانه وإن كان قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد أجاز فى المادة 33 منه للنيابة العامة والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها كل فيما يختص به الطعن بطريق النقض فى الحكم الصادر من محكمة الجنايات فى غيبة المتهم بجناية، وكانت المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية تجرى على أنه "إذا حضر المحكوم علية فى غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضى المدة يبطل حتما الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة. وإذا كان الحكم السابق بالتضمينات قد نفد بأمر المحكمة برد المبالغ المتحصله كلها أو بعضها.. ". لما كان ذلك، وكانت المحكمة إذا اعتبرت الحكم الذى صدر على المطعون ضده فى غيبته حكما حضوريا اعتباريا صادرا فى جنحة وقابلا للمعارضة قد أخطأت فى تطبيق القانون، ذلك أن مناط التفرقة فى مثل هذه الحالة هو الوصف الذى ترفع به الدعوى فإذا رفعت بوصفها جناية – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – سرى فى حقها حكم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان مؤدى تلك المادة هو تقرير بطلان الحكم الصادر فى غيبة المتهم وإعتباره كأن لم يكن، ولما كان هذا البطلان الذى أصاب الحكم الغيابى الصادر من محكمة الجنايات فى الجناية المنسوبة إلى المطعون ضده فيه معنى سقوط هذا الحكم مما يجعل الطعن فيه غير ذى موضوع، ومن ثم فان الطعن المقدم من النيابة العامة عنه يعتبر ساقطا بسقوطه.