أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 240

جلسة 20 من فبراير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(45)
الطعن رقم 2023 لسنة 36 القضائية

(أ) دعارة. ارتباط. عقوبة. نقض. " حالات الطعن بالنقض ". الخطأ في تطبيق القانون.
ارتكاب الطاعنة جرائم تسهيل الدعارة لأخرى ومعاونتها عليها واستغلال بغاء تلك المتهمة وإدارة محل لممارسة الدعارة يتحقق به معنى الارتباط الوارد بالمادة 22/ 2 عقوبات. وجوب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها.
(ب) دعارة. إثبات. " إثبات بوجه عام ". حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
عدم استلزام القانون لثبوت العادة في استعمال مكان لارتكاب الدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات. لا تثريب على المحكمة إذا ما عولت في ذلك على شهادة الشهود.
(ج) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. كفاية أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
(د) دفوع. حكم. " إصداره ". نقض. " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
الدفع ببطلان الحكم المستأنف لعدم التوقيع عليه خلال ثلاثين يوما عن تاريخ صدوره عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(هـ) دفوع. تفتيش. " إذن التفتيش ". نقض. " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
الدفع ببطلان إذن التفتيش. طبيعته. دفع قانوني مختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(و) إكراه. نقض. " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
عدم جواز إثارة أمر إكراه الشاهد لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ز) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد بالتحقيقات وإن خالفت أقواله بجلسة المحاكمة دون إبداء الأسباب.
1 - متى كان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى التي أثبتها في حق الطاعنة من أنها سهلت للمتهمة الثانية ارتكاب الدعارة وعاونتها عليها واستغلت بغاء تلك المتهمة وأدارت محلا لممارسة الدعارة - يتحقق به معنى الارتباط الوارد بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات، لأن الجرائم الأربعة المسندة إلى الطاعنة وقعت جميعها لغرض واحد كما أنها مرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعقوبة مستقلة عن التهمة الرابعة الخاصة بإدارة المنزل للدعارة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يقتضي نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه وفقا للقانون.
2 - من المقرر أن القانون لا يستلزم لثبوت العادة في استعمال مكان لارتكاب الدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات، وأنه لا تثريب على المحكمة إذا ما عولت في ذلك على شهادة الشهود.
3 - لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل أن يكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
4 - لا يقبل إثارة الدفع ببطلان الحكم المستأنف لعدم التوقيع عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي تقتضي تحقيقا موضوعيا، فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - لا يجوز للطاعن إثارة أمر إكراه الشاهد لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد بالتحقيقات وإن خالفت أقواله بجلسة المحاكمة، وهي في ذلك غير ملزمة بإبداء الأسباب إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وأخرى بأنهما في يوم 10 مارس سنة 1963 بدائرة بندر المحلة الكبرى: (الأولى) 1 - سهلت للثانية ارتكاب الدعارة و2 - عاونت أنثى على ارتكاب الدعارة و3 - استغلت بغاء الثانية و4 - أدارت محلا لممارسة الدعارة. (والثانية) اعتادت ممارسة الدعارة. وطلبت عقابهما بالمواد 1/ 1 و6/ 1 - 3 و8/ 1 و9/ ج و10 و15 من القانون 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة. ومحكمة بندر المحلة الكبرى قضت بتاريخ 14 نوفمبر سنة 1965 عملا بمواد الاتهام حضوريا للأولى وغيابيا للثانية بحبس الأولى سنة مع الشغل وتغريمها مائة جنيه عن التهم الأولى والثانية والثالثة وبحبسها سنة مع الشغل وتغريمها مائة جنيه عن التهمة الرابعة ووضعها تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين وإغلاق المنزل مكان الجريمة ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود به وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وبراءة المتهمة الثانية بلا مصروفات جنائية. فاستأنفت المحكوم عليها هذا الحكم في 16 فبراير سنة 1965. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 21 مارس سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم إدارة محل لممارسة الدعارة ومعاونتها لأنثى على ارتكاب الدعارة وتسهيل الجريمة لها واستغلالها بغاء تلك الأنثى قد شابه قصور وتناقض في التسبيب كما انطوى على خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أخذ بأسباب الحكم المستأنف دون أن يرد على الدفع ببطلانه لعدم التوقيع عليه في الميعاد القانوني. كما لم يلق بالا لبطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بتفتيش مسكن الطاعنة وما ترتب عليه لابتنائه على تحريات غير جدية وصدوره لضبط جريمة لم تكن قد وقعت بعد. كما وقع الحكم في تناقض يعيبه إذ أخذ بأقوال الشاهد عبد الحميد أحمد العبد في التحقيقات وأهدر قوله أمام المحكمة دون بيان لعلة ذلك وعلى الرغم مما دفعه به وهو بصدد إطراحه لأقواله بجلسة المحاكمة من أنه ممن يسهل التأثير عليهم وقعد عن الرد على ما أثاره الشاهد تبريرا لما قال به في التحقيقات من أنه كان وليد تهديد المأمور له وضربه إياه واعتمد الحكم ضمن ما اعتمد عليه في ثبوت تهمة إدارة المنزل للدعارة في حق الطاعنة على ما ثبت من العثور على مواد منوية بسروال المرأة التي قيل بأنها أتت الفاحشة على الرغم من أنه لم يثبت على وجه اليقين أن شخصا أتاها بالمنزل المذكور كما لم يثبت أن المني للشاهد المزعوم. كما أخطأ الحكم حين قضى بعقوبة مستقلة عن التهمة الرابعة مع أنها مرتبطة ببقية التهم ارتباطا لا يقبل التجزئة ووقعت لغرض واحد مما يقتضي وجوب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها طبقا للمادة 32 من قانون العقوبات هذا فضلا عن عدم توافر ركن العادة في حق الطاعنة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات محكمة ثاني درجة والمذكرة المقدمة من محامي الطاعن لها أنه لم يدفع ببطلان الحكم المستأنف لعدم التوقيع عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره، ومن ثم فلا يقبل من الطاعنة أن تثير هذا المطعن لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان الثابت أيضا أن الطاعنة لم تثر شيئا عن بطلان إذن التفتيش سواء أمام المحكمة الاستئنافية أو في مذكرتها المقدمة إليها، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا مما تدعيه، فإنه لا يقبل منها أن تثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع ويقتضي تحقيقا موضوعيا مما لا شأن لهذه المحكمة به. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن شاهد الإثبات عبد الحميد أحمد العبد قد عدل عن أقواله الأولى في التحقيقات مقتصرا على القول بأن ضباط مكتب حماية الآداب كان قد أملاها عليه دون أن يدعي بأنها صدرت عنه تحت تأثير إكراه أو تهديد ولم تدع الطاعنة أنها أثارت أمر إكراه الشاهد أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لها التمسك به أمام محكمة النقض. ولما كان الحكم قد عرض لعدول الشاهد عن أقواله في التحقيقات وأهدره اطمئنانها منه إلى تلك الأقوال فلا معقب عليه في هذا الشأن لما هو مقرر من أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد بالتحقيقات وإن خالفت أقواله بجلسة المحاكمة وهي في ذلك غير ملزمة بإبداء الأسباب إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يستلزم لثبوت العادة في استعمال مكان لارتكاب الدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات وأنه لا تثريب على المحكمة إذا ما عولت في ذلك على شهادة الشهود، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعنة أنها اعتادت على إدارة منزلها للدعارة مما استخلصه من أقوال شاهد الإثبات عبد الحميد العبد بالتحقيقات من سابقة تردده على المنزل المذكور لارتكاب الفحشاء مع من تقدمهن الطاعنة من النسوة الساقطات لقاء أجر تتقاضاه ومما دلت عليه التحريات وأسفر عنه تفتيش المسكن من ضبط الشاهد المشار إليه يأتي الفاحشة مع المتهمة الثانية وإقراره بأن الطاعنة هي التي قدمتها إليه لمواقعتها نظير أجر تقاضته يوم الحادث وقد تأيد ذلك بالعثور على مواد منوية بسروال تلك المتهمة الذي ضبط يوم الواقعة. وكان ما أثبته الحكم فيما سلف سائغا وتتوافر به العناصر القانونية لجريمة إدارة منزل للدعارة على ما هي معرفة به في القانون. وكان ما تثيره الطاعنة من أن مجرد وجود مواد منوية بسروال المتهمة الأخرى لا يكفي لاستخلاص أن المنزل يدار للبغاء مردودا بما هو مقرر من أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وهو أمر لم تخطئ المحكمة تقديره، ومن ثم فيكون ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ما تقدم، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى التي أثبتها في حق الطاعنة من أنها سهلت للمتهمة الثانية ارتكاب الدعارة وعاونتها عليها واستغلت بغاء تلك المتهمة وأدارت محلا لممارسة الدعارة يتحقق به معنى الارتباط الوارد بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات لأن الجرائم الأربعة المسندة إلى الطاعنة وقعت جميعها لغرض واحد كما أنها مرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعقوبة مستقلة عن التهمة الرابعة الخاصة بإدارة المنزل للدعارة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يقتضي نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه وفقا للقانون.