أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 674

جلسة 13 من أكتوبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام نائب رئيس المحكمة، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، وقصدى اسكندر عزت . 

(145)
الطعن رقم 927 لسنة 44 القضائية

(1 - 4) استيلاء على مال للدولة. رشوة. تزوير. "أوراق عرفية". جريمة. "أركانها". إثبات. "إعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". موانع العقاب. "حالة الضرورة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إرتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". "عقوبة مبررة". نقض. "المصلحة فى الطعن". محكمة النقض. "سلطتها فى نظر الطعن".
(1) جناية الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه فى المادة 113 عقوبات. تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة بقصد ضياع المال على ربه. مثال.
(2) محكمة الموضوع. حقها فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه على غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إليه.
(3) الدفع بقيام حالة الضرورة. عدم جواز أبدائه لأول مرة أمام محكمة النقض. أساس ذلك ؟ طاعة الرئيس لا تمتد بأى حال إلى ارتكاب الجرائم.
(4) قصور الحكم فى التدليل على ثبوت جريمة الاشتراك فى التزوير فى حق الطاعنين. عدم جدواه ما دام قد طبق المادة 22/ 2 عقوبات وأوقع عليهما عقوبة تدفو عن العقوبة المقررة للجريمة الأشد الى دانهما بها.
عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه.
1 - لما كانت جناية الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه فى المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه – وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المحكوم عليه الأول كان بوصفه مندوبا للبيع فى الشركة يحتجز لنفسه نوعا من الأقمشة تنتجه الشركة بأن يعمل على خلق أسماء وهمية لعملاء يطلبون ذلك النوع من القماش ويصطنع محررات اتفق مع مجهول على التوقيع عليها بأسماء هؤلاء العملاء بما يفيد استلامها ثم يقوم بمعاونة الطاعنين – الحمالين بالشركة – بنقل الأقمشة المستولى عليها إلى منزله مع علمهما بعمله غير المشروع مقابل مبالغ من الرشوة كانا يتقاضيانها منه وقد ترتب على ذلك استيلاؤه على مبلغ 6600 ج و557م للشركة فانه لامراء فى أن ما أتاه المحكوم عليه الأول على النحو آنف الذكر للحصول على الأقمشة قد انطوى على حيلة توصل بها إلى الاستيلاء على الأقمشة بغير حق فان ما أورده الحكم من وقائع الدعوى تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الشركات التى تساهم الدولة فى مالها التى دان الطاعنين بتسهيل ارتكابهما للمحكوم عليه الأول بما يضحى معه منعاهما فى هذا الشأن غير سديد.
2 - لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع – لما كان ذلك – فان ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد ينحل فى الواقع إلى جدل فى تقدير الدليل مما لايقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين إثارا دفاعا مؤداه أنهما كانا فى حالة ضرورة ألجاتهما إلى ارتكاب ما أسند إليهما من جرائم إذ كانا يأتمران بأمر المحكوم عليه الأول بوصفه رئيسهما فانه لا يقبل منهما إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. فضلا عن أنه مردود بما هو مقرر من أن طاعة الرئيس لا تمتد بأى حال إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.
4 - قصور الحكم فى التدليل على ثبوت جريمة الاشتراك فى التزوير فى حق الطاعنين لا يوجب نقضه ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32/ 2 من قانون العقوبات ولئن كانت قد أخطأت فى ذلك لأن العقوبة الأشد التى كان يتعين توقيعها هى المقررة لجريمة الرشوة المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات – والتى كانت من بين المواد التى طبقها الحكم، إلا أنه لا محل لتصحيحه لأن النيابة العامة لم تطعن عليه ولا يصح أن يضار الطاعنان بطعنهما.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة كلا من (1)......... (2).......... (الطاعن الأول)، (3)......... (الطاعن الثانى) بأنهم فى خلال الثلاث أعوام السابقة على يوم 4 من يوليه سنة 1967 بدائرة قسم شبرا الخيمة محافظة القليوبية (المتهم الأول) (1) بصفته مستخدما باحدى الشركات التى تساهم الدولة فى مالها – مندوب بيع وتحصيل بشركة القاهرة للمنسوجات الحريرية – استولى بغير حق وبنية التملك على الأقمشة المبينة وصفا بالأوراق والبالغ قيمتها 6600 ج و557 م والمملوكة للشركة سالفة البيان. (2) عرض رشوة على مستخدمين فى الشركة سالفة الذكر – (المتهمين الثانى والثالث) للإخلال بواجبات وظيفتهما وذلك بأن قدم لهما المبالغ المالية المبينة بالتحقيقات على سبيل الرشوة باعتبارهما المسئولين عن تسليم الأقمشة المرسلة من الشركة للعملاء مقابل قيامهما بتسليم تلك الأقمشة له بدلا من تسليمها إلى العملاء. (3) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع مجهول فى ارتكاب تزوير محررات الشركة سالفة الذكر وهى أذونات الاستلام الخاصة بالأقمشة المختلسة والموضحة بالتحقيقات وكان ذلك بتغيير المحررات ووضع إمضاءات مزورة بأن اتفق مع ذلك المجهول على أن يقوم على إذون الاستلام الخاصة بالأقمشة محل الدعوى وإملاه اسماء فأثبتها وذيل تلك الأذونات بتوقيعات نسبها زورا إلى العميل المختص صاحب الحق فى هذه الأقمشة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة – المتهمان الثانى والثالث – الطاعنان). (1) سهلا للمتهم الأول الاستيلاء بغير حق على الأقمشة بوصف التهمة الأولى بأن اتفق معه على تسليمه تلك الأقمشة بدلا من تسليهما لعملاء الشركة المبينة أسماؤهم باذن التسليم فقاما بذلك فتمكن المتهم الأول بهذا من الاستيلاء على تلك الأقمشة. (2) بصفتهما مستخدمين فى إحدى الشركات التى تساهم الدولة فى مالها (حمالين بشركة القاهرة للمنسوجات الحريرية) قبلا واخذا مبالغ مالية على سبيل الرشوة من المتهم الأول للإخلال بواجبات وظيفتهما وذلك بأن قبلا من المتهم الأول المبالغ المالية المثبتة بالتحقيقات مقابل قيامهما بتسليم الأقمشة المسلمة إليهما بحكم وظيفتهما بدلا من تسليمها لعملاء الشركة المثبتة أسماؤهم بأذون التسليم أو باعادتها للشركة حال عدم الاستدلال على هؤلاء العملاء. (3) اشتركا بطريق الاتفاق مع المتهم الأول فى ارتكاب تزوير فى محررات الشركة سالفة الذكر أذونات تسليم الأقمشة المختلسة المثبتة بالتحقيقات بأن اتفق معهما المتهم الأول على قبول توقيعات ذلك المجهول على أذون تسليم الأقمشة باعتبارها توقيعات صادرة من العملاء أصحاب الحق فى الاستلام على خلاف الحقيقة فقاما بذلك وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. (4) استعملا المحررات المزورة المبينة بوصف التهمة الثالثة المسندة للمتهم الأول مع علمهما بتزويرها بأن تقدموا بها إلى الإدارة التجارية بالشركة دليلا على صحة قيامهما بتسليم الأقمشة المبينة بتلك الأذون للعملاء المثبتة أسماؤهم بها وبقيام هؤلاء العملاء بالتوقيع بما يفيد استلامهم لها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للمواد الموضحة بتقرير الاتهام. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات بنها قضت غيابيا للمتهم الأول وحضوريا للاخرين (الطاعنين) عملا بالمواد 40/ 2 – 3 و41 و103 و104 و107 مكرر و111/6 و113 و118 و119 و211 و212 و214 مكرر من قانون العقوبات والمادتين 17 و32/ 1 من ذلك القانون بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات وتغريمه مبلغ ألف جنيه وعزله من وظيفته ومعاقبة كل من المتهمين الآخرين (الطاعنين) بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما ألف جنيه وعزلهما من وظيفتهما مع إلزام المتهمين جميعا متضامنين برد مبلغ 6600 ج و557م وتغريمهم متضامنين مبلغ مساو لهذا المبلغ وذلك عن التهم المسندة إليهم. فطعن المحكوم عليهما حضوريا فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم تسهيلهما الاستيلاء بغير حق على مال (أقمشة) مملوك لاحدى الشركات التى تساهم الدولة فى مالها وقبولهما وأخذهما منه مبالغ على سبيل الرشوة واشتراكهما فى ارتكاب تزوير فى محررات الشركة واستعمالهما إياها قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب ذلك بأن الواقعة كما أوردها الحكم لا تتوافر بها العناصر القانونية لجريمة الاستيلاء. كما أنه عول فى قضائه بادانة الطاعنين على اعتراف المحكوم عليه الأول مع ما شاب أقواله من تردد ودون أن يتأيد ذلك الاعتراف بأى دليل آخر هذا إلى أن الثابت أن الطاعنين كانا يأتمران بأمر المحكوم عليه الأول فى توصيل الأقمشة إلى أى مكان دون البحث عن صاحبه. وأخيرا فقد دان الحكم الطاعنين بجريمة الاشتراك فى التزوير دون أن يورد الأدلة على قيامها وثبوتها فى حقهما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المحكوم عليه الأول كان بوصفه مندوبا للبيع فى الشركة يحتجز لنفسه نوعا من الأقمشة تنتجه الشركة بأن يعمل على خلق أسماء وهمية لعملاء يطلبون ذلك النوع من القماش ويصطنع محررات اتفق مع مجهول على التوقيع عليها بأسماء هؤلاء العملاء بما يفيد استلامها ثم يقوم بمعاونة الطاعنين – الحمالين بالشركة – بنقل الأقمشة المستولى عليها إلى منزله مع علمهما بعمله غير المشروع مقابل مبالغ من الرشوة كانا يتقاضيانها منه وقد ترتب على ذلك استيلاؤه بغير حق على مبلغ 6600 ج و557 م للشركة. لما كان ذلك وكانت جناية الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه فى المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه، وكان لامراء فى أن ما أتاه المحكوم عليه الأول على النحو آنف الذكر للحصول على الأقمشة قد انطوى على حيلة توصل بها إلى الاستيلاء على الأقمشة بغير حق، فإن ما أورده الحكم من وقائع الدعوى تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الشركات التى تساهم الدولة فى مالها التى تساهم الدولة في مالها التي دان الطاعنين بتسهيل ارتكابهما للمحكوم عليه الأول بما يضحى معه منعاهما فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع فان ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد ينحل فى الواقع إلى جدل فى تقدير الدليل مما لايقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين إثارا دفاعا مؤداه أنهما كان فى حالة ضرورة ألجاتهما إلى ارتكاب ما أسند إليهما من جرائم إذ كانا يأتمران بأمر المحكوم عليه الأول بوصفه رئيسهما، فانه لا يقبل منهما إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. فضلا عن أنه مردود بما هو مقرر من أن طاعة الرئيس لا تمتد بأى حال إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه. لما كان ذلك، وكان قصور الحكم فى التدليل على ثبوت جريمة الاشتراك فى التزوير فى حق الطاعنين لا يوجب نقضه ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32/ 2 من قانون العقوبات ولئن كانت قد أخطأت فى ذلك لأن العقوبة الأشد التى كان يتعين توقيعها هى المقررة لجريمة الرشوة المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات – والتى كانت من بين المواد التى طبقها الحكم، إلا أنه لا محل لتصحيحه لأن النيابة العامة لم تطعن عليه ولا يصح أن يضار الطاعنان بطعنهما. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.