أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 408

جلسة 26 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطيه، وابراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الحميد محمد الشربينى.

(85)
الطعن رقم 107 لسنة 43 القضائية

(1، 2) مسئولية جنائية. ضرب. "أفضى إلى الموت". أمر بألا وجه. إثبات. "خبرة". رابطة السببية. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". "نظره والحكم فيه". مستشار الإحالة.
(1) مسئولية المتهم عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى.
(2) إثبات الأمر. قطع التقرير الطبى بأن ما صاحب الحادث من انفعال نفسانى ومجهود جسمانى نبه العصب السمبتاوى مما مهد وعجل بظهور نوبة هبوط القلب التى انتهت بالوفاة. كفايته لإثبات توافر رابطة السببية. امكان حصول النوبة ذاتيا. لا يغير من ذلك. إذ كان من واجب المتهم أن يتوقع حصول هذه النتيجة. مجانية الأمر هذا النظر. فساد فى الاستدلال يوجب النقض مع إعادة القضية إلى مستشار الإحالة لإحالتها إلى محكمة الجنايات.
1 - الأصل أن المتهم لا يسأل إلا عن الفعل الذى ارتكبه أو اشترك فى ارتكابه متى وقع ذلك الفعل، إلا أن الشارع وقد توقع حصول نتائج غير مقصودة لذاتها وفقا للمجرى العادة للأمور، خرج عن ذلك الأصل وجعل المتهم مسئولا عن النتائج المحتملة لعمله متى كان فى مقدوره أو كان من واجبة أن يتوقع حصولها على أساس أن إرادة الفاعل لابد أن تكون قد توجهت نحو الفعل ونتائجه الطبيعية. ولذا بات من المقرر أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى، ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجانى والنتيجة.
2 - متى كان التقرير الطبى – على ما أورده الأمر المطعون فيه – جاء قاطعا فى أن ما صاحب الحادث من انفعال نفسانى ومجهود جسمانى قد أدى إلى تنبيه العصب السمبتاوى مما ألقى عبئا جسيما على حالة القلب والدورة الدموية التى كانت متوترة بالحالة المرضية المزمنة مما مهد وعجل بظهور نوبة هبوط القلب التى انتهت بالوفاة. وكان ما أورده الأمر من ذلك يكفى لبيان رابطة السببية خلافا لما ذهب إليه فى قضائه اعتمادا على ما ذكره التقرير الطبى من أن نوبة هبوط القلب كان يمكن أن تظهر ذاتيا إذ أن ما جاء بالتقرير الطبى فى هذا الخصوص لا يؤثر على ما أبرزه وقطع به من أن ما صاحب التعدى من انفعال نفسانى لدى المجنى عليها كان سببا مهد وعجل بحصول نوبة هبوط القلب التى انتهت بوفاتها، مما جعل المتهم مسئولا عن تلك النتيجة التى كان من واجبه أن يتوقع حصولها. لما كان ذلك، فإن الأمر المطعون فيه يكون معيبا بالفساد فى الاستدلال بما يبطله ويستوجب نقضه وإعادة القضية إلى مستشار الإحالة لإحالتها إلى محكمة جنايات الجيزة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 21 أغسطس سنة 1970 بدائرة قسم إمبابة محافظة الجيزة: ضرب عمدا...... فى وجهها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موتها، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات، فأمر بتاريخ 4 مارس سنة 1972 بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم. فطعنت النيابة العامة فى هذا الأمر بطريق النقض …. الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الأمر المطعون فيه – إذ قضى بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على المطعون ضده – قد شابه الفساد فى الإستدلال، ذلك بأنه حصل واقعة الدعوى بما يفيد أن اعتداء المطعون ضده على المجنى عليها أدى إلى حدوث إنفعال نفسانى ومجهود جسمانى أديا بدورهما إلى التمهيد والتعجيل بوفاتها، وهو ما يكفى فى القانون لمساءلته عن وفاة المجنى عليها، غير أنه اتخذ مما ثبت من أنها كانت تعانى من حالة مرضية بالقلب يمكن بذاتها أن تؤدى إلى الوفاة، تكئة للقول بانقطاع علاقة السببية بين القتل الذى وقع من المطعون ضده وبين وفاة المجنى عليها، مما يعد فسادا فى الإستدلال بما يعيب الأمر ويستوجب نقضه.
وحيث إن الأمر المطعون فيه حصل واقعة الدعوى أخذا بما استقاه من أقوال شاهد الإثبات فى أنه أثناء تواجد الشاهد بسوق الخضر صحبة والدته المجنى عليها حدثت مشادة بينها وبين المتهم (المطعون ضده) قام الأخير على أثرها بلكم المجنى عليها بقبضة يده فى وجهها فوقعت على الأرض ثم نهضت وتوجهت إلى المكان الذى تعرض فيه الخضر للبيع حيث توفيت بعد مضى نحو ساعة – ثم أورد الأمر مؤدى التقرير الطبى الشرعى "قد ثبت من التقرير الطبى الشرعى بوجود تغييرات رضية بالقلب على هيئة استحالة شحمية وتليف بعضلته والصمام المترالى وأن من شأن وجود هذه الحالة المرضية المتقدمة بالقلب أن تعرض المجنى عليها لحدوث نوبات قلبية حادة قد تنتهى بالوفاة وأن يكون ظهور هذه النوبات إما ذاتيا أو لمؤثر خارجى بسيط" واستطرد الأمر بعد ذلك إلى قوله "انه وإن كان قد جاء بالتقرير الطبى أن ما صاحب الحادث من انفعال نفسانى ومجهود جسمانى أدى إلى تنبيه العصب السمبتاوى مما ألقى عبئا جسيما على حالة القلب والدورة الدموية التى كانت متوترة بالحالة المرضية المزمنة مما مهد وعجل بظهور نوبة هبوط القلب والتى انتهت بالوفاة، إلا أنه جاء بنهاية التقرير أنه كان يمكن أن تظهر هذه النوبات ذاتيا دون أى مؤثر خارجى ومن ثم يبين أن التقرير الطبى الشرعى لم يؤكد أن المشادة هى التى أدت إلى الوفاة – وأن الوفاة كان يمكن حدوثها دون أى مؤثر خارجى للحالة المرضية التى أشار إليها التقرير". لما كان ذلك، وكان الأصل أن المتهم لا يسأل إلا عن الفعل الذى ارتكبه أو اشترك فى ارتكابه متى وقع ذلك الفعل، إلا أن الشارع وقد توقع حصول نتائج غير مقصودة لذاتها وفقا للمجرى العادى للأمور خرج عن ذلك الأصل وجعل المتهم مسئولا عن النتائج المحتملة لعمله متى كان فى مقدوره أو كان من واجبه أن يتوقع حصولها على أساس أن إرادة الفاعل لا بد أن تكون قد توجهت نحو الفعل ونتائجه الطبيعية. ولذا بات من المقرر أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامى، ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجانى والنتيجة. وإذ كان التقرير الطبى – على ما أورده الأمر المطعون فيه – جاء قاطعا فى أن ما صاحب الحادث من إنفعال نفسانى ومجهود جسمانى قد أدى إلى تنبيه العصب السمبتاوى مما ألقى عبئا جسميا على حالة القلب والدورة الدموية التى كانت متوترة بالحالة المرضية المزمنة مما مهد وعجل بظهور نوبة هبوط القلب التى انتهت بالوفاة وكان ما أورده الأمر من ذلك يكفى لبيان رابطة السببية خلافا لما ذهب إليه فى قضائه إعتمادا على ما ذكره إذ أن ما جاء بالتقرير الطبى من أن نوبة هبوط القلب كان يمكن أن تظهر ذاتيا إذ أن ما جاء بالتقرير الطبي فى هذا الخصوص لا يؤثر على ما أبرزه وقطع به من أن ما صاحب التعدى من إنفعال نفسانى لدى المجنى عليها كان سببا مهد وعجل بحصول نوبة هبوط القلب التى انتهت بوفاتها، مما يجعل المتهم مسئولا عن تلك النتيجة التى كان من واجبه أن يتوقع حصولها. لما كان ما تقدم، فإن الأمر المطعون فيه يكون معيبا بالفساد فى الإستدلال بما يبطله ويستوجب نقضه وإعادة القضية إلى مستشار الإحالة لإحالتها إلى محكمة جنايات الجيزة.