أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 260

جلسة 21 من فبراير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، وجمال المرصفاوي، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(50)
الطعن رقم 1802 لسنة 36 القضائية

(1) نقض. " أسباب الطعن ". نظام عام.
اتصال محكمة النقض بالحكم المطعون فيه لا يكون إلا من الوجوه التي بني عليها الطعن والمقدمة في الميعاد.
إثارة سبب من الأسباب المتعلقة بالنظام العام المحددة بالمادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959. للطاعن التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، ولهذه المحكمة الأخذ به من تلقاء نفسها لصالح المتهم. شرط ذلك: أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم المطعون فيه أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي.
(ب) حكم. " إصداره " بطلان. نقض." أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ". محكمة استئنافية.
تأجيل المحكمة الاستئنافية نظر الدعوى لمانع لديها. إصدارها الحكم المطعون فيه بالجلسة التي أجلت إليها الدعوى بذات تشكيلها السابق. ثبوت أن ممثل النيابة العامة في الجلسة التي صدر فيها الحكم لم يكن هو نفسه الذي حضر الجلسة الأولي, ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه من بطلان الحكم لصدوره من محكمة ممنوعة قانونا من الفصل في الدعوى. غير مقبول. علة ذلك ؟ اقتضاؤه تحقيق ما إذا كان المانع قد قام لدى أحد قضاة الهيئة أو لدى عضو النيابة الممثل لها بالجلسة, وهو ما يخرج عن وظيفة محكمة النقض.
(ج) إخفاء أشياء مسروقة.
ركن العلم في جريمة إخفاء أشياء متحصله من سرقة. للمحكمة استخلاصه من ظروف الدعوى.
(د) إثبات." إثبات بوجه عام". حكم." تسبيبه. تسبيب غير معيب ". الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
(هـ) محضر الجلسة. حكم. "بياناته".
محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص بيان أسماء أعضاء الهيئة التي أصدرته.
(و) محكمة الموضوع." سلطتها في تقدير الدليل ". حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب "
لمحكمة الموضوع الأخذ بما ترتاح إليه من أدلة. لها التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو عدل عنها.
1 - لا تتصل محكمة النقض بالحكم المطعون فيه إلا من الوجوه التي بنى عليها الطعن التي حصل تقديمها في الميعاد ما لم تثر أسباب متعلقة بالنظام العام حددتها الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض, فيجوز عندئذ للطاعن أن يتمسك بها لأول مرة أمامها بل إنه يجوز للمحكمة أن تأخذ بها من تلقاء نفسها لصالح المتهم, غير أنه يشترط لذلك أن تكون مقوماتها واضحة في مدونات الحكم المطعون فيه أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلي إجراء تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفتها.
2 - إنه وإن كان صحيحا أن المحكمة الاستئنافية بعد أن قررت تأجيل نظر الدعوى لمانع لديها, عادت بتشكيلها التي كانت عليه فأصدرت في الجلسة التي أجلت إليها الدعوى حكمها المطعون فيه, إلا أنه يبين من الإطلاع على محاضر جلسات هذه المحكمة أن ممثل النيابة العامة في الجلسة التي صدر فيها الحكم لم يكن هو نفسه الذي حضر الجلسة الأولى. ولما كان ممثل النيابة عضوا متمما لتشكيل المحكمة الجنائية, فإن ما يثيره الطاعن - من بطلان الحكم لصدوره من محكمة ممنوعة قانونا من الفصل في الدعوى - يقتضي في هذه الحالة تحقيق ما إذا كان المانع قد قام لدى أحد قضاة الهيئة أو لدى عضو النيابة الممثل لها بالجلسة وهو ما يخرج عن وظيفة محكمة النقض.
3 - ركن العلم في جريمة إخفاء أشياء متحصله من سرقة مسألة نفسية لا تستفاد من أقوال الشهود فحسب بل للمحكمة أن تتبينها من ظروف الدعوى.
4 - الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية, ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى, ومن ثم فبحسب المحكمة إن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمنا أنها لم تأخذ بدفاعه.
5 - من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص بيان أسماء أعضاء الهيئة التي أصدرته. ولما كان يبين من محاضر جلسات محكمة أول درجة أنه أثبت بها إسم القاضي الذي أصدر الحكم واسم ممثل النيابة, فإنه لا يعيب الحكم الإبتدائي - الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - خلو ديباجته من هذا البيان.
6 - لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وأن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو عدل عنها في مرحلة أخرى.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة 17 من أبريل سنة 1965 بدائرة قسم العرب: أخفى إطارين مسروقين مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمادتين 44/ 1 مكرر و317/ 4-5 من قانون العقوبات ومحكمة العرب الجزئية قضت حضوريا اعتباريا في 15 نوفمبر سنة 1965 عملا بمادتي الإتهام بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ. فأستأنف هذا الحكم. ومحكمة بورسعيد الإبتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 3 مايو سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ


المحكمة

حيث إن مجمل تقريري أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إخفاء أشياء مسروقة مع علمه بسرقتها قد صدر باطلا وشابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد, ذلك بأنه لم يتحدث عن علم الطاعن بأن الإطارين المضبوطين مسروقان, وما ساقه من أن هذا العلم متوافر في حقه من واقعة هروبه على إثر الضبط لا يعتبر بيانا كافيا في مقام التدليل عليه. كما قدم الطاعن شهادة رسمية من دفتر المرور تفيد أن السيارة النقل رقم 127 بورسعيد التي يملكها قد مرت بنقطة مرور الفردان الساعة 12 و45 دقيقة صباح يوم الحادث - أي قبل واقعة ضبط الإطارين موضوع الدعوى - مما ينتفي معه قول الشاهد حسن رمضان البربري من أنها كانت معطلة في الطريق وأن الطاعن كلفه بنقل الإطارين المسروقين إليها, ومع أن الحكم نوه عن هذه الشهادة في مدوناته إلا أنه لم يقطع برأي فيها فأغفل بذلك الرد علي دفاع جوهري للطاعن وأسند الحكم إلي الشرطي إبراهيم عوض إبراهيم الذي اسند إليه في قضائه أنه قرر بمحضر جمع الاستدلالات أنه رأى الطاعن في السيارة - التي ضبط بها الإطاران - يجلس إلي جوار سائقها وأنه لاذ بالفرار عند إستيقافه السيارة مع أن أقوال هذا الشاهد في محضر تحقيق النيابة صريحة في أن الوقت كان ظلاما وأنه لذلك لم يستطع تبين وجه الشخص الذي كان يجلس إلي جوار السائق, وقد عجز ذلك الشاهد فعلا عن التعرف علي الطاعن عند عرضه عليه. هذا إلي أن الحكم المطعون فيه أيد حكم محكمة أول درجة الذي خلا من بيان إسم القاضي الذي أصدر الحكم وإسم ممثل النيابة مما يجعله باطلا بطلانا جوهريا.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إخفاء أشياء مسروقة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشرطي إبراهيم عوض إبراهيم والسائق حسن رمضان, وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان ركن العلم - في جريمة إخفاء أشياء متحصله من سرقة - مسألة نفسية لا تستفاد من أقوال الشهود فحسب بل للمحكمة أن تتبينها من ظروف الدعوى, وكان الحكم قد أستخلص توافر هذا العلم لدى الطاعن من هروبه من السيارة التي كان يستقلها والتي كان بها الإطاران المسروقان, وهو استخلاص سائغ وكاف لحمل قضائه, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان لا ينال من سلامة الحكم إطراحه الشهادة الرسمية الصادرة من جهة المرور والتي قدمها الطاعن للتدليل على كذب أقوال الشاهد حسن رمضان, ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى. ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمنا أنها لم تأخذ بدفاعه. لما كان ذلك, وكان يبين من الإطلاع على المفردات المضمونة أن الشرطي إبراهيم عوض إبراهيم قرر صراحة في محضر جمع الإستدلالات أنه يعرف الطاعن من قبل وأنه كان يجلس وقت ضبط الإطارين بالسيارة الأجرة إلى جوار سائقها حسن رمضان البربري وأنه لاذ بالفرار على إثر مواجهته السائق بأن الإطارين المضبوطين مسروقان، فلا على المحكمة إن هي أخذت بهذه الأقوال واطمأنت إليها ولو أن الشاهد عدل عنها في تحقيقات النيابة، لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وأن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو عدل عنها في مرحلة أخرى. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة محاضر جلسات محكمة أول درجة أنه أثبت بها اسم القاضي الذي أصدر الحكم واسم ممثل النيابة فإنه لا يعيب الحكم الإبتدائي - الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - خلو ديباجته من هذا البيان، لما هو مقرر من أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص بيان أسماء أعضاء الهيئة التي أصدرته - التي لا يحاج الطاعن أن هذه الهيئة هي غير تلك التي سمعت المرافعة.
وحيث إن الدفاع عن الطاعن أثار أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - منعي آخر على الحكم المطعون فيه متعلقا بالنظام العام مبناه بطلان الحكم لصدوره من محكمة ممنوعة قانونا من الفصل في الدعوى على إعتبار أن الهيئة الاستئنافية التي أصدرت الحكم كانت قد قررت بجلسة سابقة تأجيل نظر الدعوى لمانع لديها، غير أنها عادت فأصدرت الحكم المطعون فيه بتشكيلها نفسه.
وحيث إن محكمة النقض لا تتصل بالحكم المطعون فيه إلا من الوجوه التي بني عليها الطعن التي حصل تقديمها في الميعاد ما لم تثر أسباب متعلقة بالنظام العام حددتها الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فيجوز عندئذ للطاعن أن يتمسك بها لأول مرة أمامها بل إنه يجوز للمحكمة أن تأخذ بها من تلقاء نفسها لصالح المتهم، غير أنه يشترط لذلك أن تكون مقوماتها واضحة في مدونات الحكم المطعون فيه أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان صحيحا أن المحكمة الاستئنافية بعد أن قررت بجلسة 22 مارس 1966 تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة 3 مايو سنة 1966 لمانع لديها، عادت بتشكيلها التي كانت عليه فأصدرت - في الجلسة التي أجلت إليها الدعوى - حكمها المطعون فيه إلا أنه يبين من الإطلاع على محضري هاتين الجلستين أن ممثل النيابة العامة في الجلسة التي صدر فيها الحكم لم يكن هو نفسه الذي حضر الجلسة الأولى. ولما كان ممثل النيابة عضوا متمما لتشكيل المحكمة الجنائية فإن مما يثيره الطاعن يقتضي في هذه الحالة تحقيق ما إذا كان المانع قد قام لدى أحد قضاة الهيئة أو لدى عضو النيابة الممثل لها بالجلسة وهو ما يخرج عن وظيفته محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.