أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 270

جلسة 27 من فبراير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(52)
الطعن رقم 1452 لسنة 36 القضائية

دعوى جنائية. "تحريكها". زنا. جريمة. " الجريمة الوقتية ".
تعليق الشارع رفع الدعوى الجنائية في جريمة الزنا على شكوى الزوج. عدم قبول تلك الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها.
جريمة الزنا جريمة وقتية. قد تكون متتابعة الأفعال وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة في رباط زمني متصل جريمة واحدة في نظر الشارع. سريان بدء ميعاد سقوط الحق في الشكوى من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع.
المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية في جريمة الزنا المنصوص عليها في المادتين 274 و275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج، نصت في فقرتها الأخيرة على أنه: " لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ". وجريمة الزنا، جريمة الأصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادي المكون لها وهو الوطء فعل مؤقت، على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا ارتبط الزوج امرأة أجنبية يزني بها، أو ارتبط أجنبي الزوجة لغرض الزنا، وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة في رباط زمني متصل جريمة واحدة في نظر الشارع كما هو المستفاد من نص المادة 218 من قانون الإجراءات الجنائية اعتبارا بأنها وإن نفذت بأفعال متلاحقة كل منها يصدق عليه في القانون وصف الجريمة إلا أنه وقد انتظمها وحدة المشروع الإجرامي ووحدة الجاني والحق المعتدي عليه كانت جريمة واحدة. ولما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة فإن مدة الثلاثة الأشهر تسري حتما من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع إذ لا يصح الخلط بين بدء سريان التقادم الذي يحتسب من انتهاء النشاط الإجرامي وبين بدء الميعاد سقوط الحق في الشكوى الذي يرتد إلى العلم بوقوع الفصل المؤثم لأن مدة السقوط أجراها الشارع في نصوصه بعامة من وقت قيام موجب الشكوى بصرف النظر عن تتابع الأفعال الجنائية. ولا شك في أن علم المجني عليه بالعلاقة الآثمة من بدايتها يوفر له العلم الكافي بالجريمة وبمرتكبها ويتيح له فرصة الالتجاء إلى القضاء ولا يضيف إطراد العلاقة إلى علمه اليقيني جديدا ولا يتوقف حقه في الشكوى على إرادة الجاني في إطراد تلك العلاقة. والقول بغير ذلك يخالف قصد الشارع الذي جعل من مضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه طوال هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحا للتهديد أو الابتزاز أو النكاية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في خلال شهر فبراير سنة 1961 بدائرة قسم عابدين: (الأولي) باعتبارها زوجة محمد توفيق زنت بالمتهم الثاني (الثاني) اشترك مع الأولى في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بطريقي الاتفاق والمساعدة فوقعت الجريمة بناء على ذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 40 و41 و274 و275 من قانون العقوبات. وادعى محمد توفيق مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت ثم عدل طلباته إلى ثلاثة آلاف جنيه تعويضا مدنيا قبلهما متضامنين. ومحكمة عابدين الجزئية قضت في 18 مارس سنة 1962 بوقف الدعوى الجنائية حتى يتم الفصل في دعوى إثبات الطلاق ثم أعيدت الدعوى إلى المرافعة وتداولت بالجلسات وعدل تاريخ التهمة إلى الفترة من شهر فبراير سنة 1961 حتى 23 يوليه سنة 1963 ثم قضت المحكمة بتاريخ 9 من مايو سنة 1965 حضوريا اعتباريا للأولى وحضوريا للثاني بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية وألزمت المدعى بالحق المدني المصروفات المدنية وأمرت بالمقاصة بين الطرفين في أتعاب المحاماة. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1965 بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف (المدعى المدني) المصروفات الاستئنافية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في جريمة الزنا المرفوعة قبل المطعون ضدهما بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على أن الزوج لم يتقدم بشكواه إلا بعد مضي ثلاثة أشهر من يوم علمه اليقيني بأول فعل من أفعال الزنا، الذي كان قد تم في 29 من أكتوبر سنة 1959 حين أرسل خطابا إلى شقيقه زوجته أقر فيه بعلمه بتلك العلاقة، في حين أن العلاقة استمرت بين المتهمين - المطعون ضدهما - مدة من الزمن تكررت فيه وقائع الزنا، ومن ثم كان من حق الزوج أن يطلب إقامة الدعوى الجنائية عن الأفعال التالية ما دام لم تنقض مدة الثلاثة الأشهر من تاريخ علمه بها وبمرتكبها طبقا للمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، أما والحكم المطعون فيه قضى بما يخالف هذا النظر فإنه يكون واجب النقض.
وحيث إن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية في جريمة الزنا المنصوص عليها في المادتين 274 و275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج, نصت في فقرتها الأخيرة على أنه " لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ". وجريمة الزنا، جريمة الأصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادي المكون لها وهو الوطء فعل مؤقت، على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا ارتبط الزوج امرأة أجنبية يزني بها، أو ارتبط أجنبي الزوجة لغرض الزنا، وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة في رباط زمني متصل جريمة واحدة في نظر الشارع كما هو المستفاد من نص المادة 218 من قانون الإجراءات الجنائية اعتبارا بأنها وإن نفذت بأفعال متلاحقة كل منها يصدق عليه في القانون وصف الجريمة إلا أنه وقد انتظمها وحدة المشروع الإجرامي ووحدة الجاني والحق المعتدى عليه كانت جريمة واحدة هي الجريمة الوقتية المتتابعة. ولما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة، فإن مدة الثلاثة أشهر تسري حتما من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع إذ لا يصح الخلط بين بدء سريان التقادم الذي يحتسب من انتهاء النشاط الإجرامي وبين بدء ميعاد سقوط الحق في الشكوى الذي يرتد إلى العلم بوقوع الفعل المؤثم لأن مدة السقوط أجراها الشارع في نصوصه بعامة من وقت قيام موجب الشكوى بصرف النظر عن تتابع الأفعال الجنائية. ولا شك في أن علم المجني عليه بالعلاقة الآثمة من بدايتها يوفر له العلم الكافي بالجريمة وبمرتكبها ويتيح له فرصة الإلتجاء إلى القضاء ولا يضيف اطراد العلاقة إلى علمه اليقيني جديدا ولا يتوقف حقه في الشكوى على إرادة الجاني في اطراد تلك العلاقة. والقول بغير ذلك يخالف قصد الشارع الذي جعل من مضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه طوال هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتآها، حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحا للتهديد أو الابتزاز أو النكاية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت - بغير معقب - علم الزوج علما يقينيا بالعلاقة الآثمة التي نشأت وأطردت بين المطعون ضدهما في تاريخ معين هو يوم 19 أكتوبر سنة 1959 وأنه سكت عن التبليغ مدة تزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ ذلك العلم اليقيني مما لا تنازع فيه الطاعنة، وأجرى على ذلك لازمه من سقوط حق الزوج في الشكوى، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقا صحيحا ويتعين لذلك رفض الطعن.