أحكام النقض – المكتب الفني- جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 427

جلسة 26 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وإبراهيم أحمد الديوانى، و عبد الحميد محمد الشربينى، وحسن علي المغربى.

(89)
الطعن رقم 113 لسنة 43 القضائية

(1) استجواب. إجراءات المحاكمة. دفاع. "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تحقيق. "بمعرفة المحكمة".
الاستجواب المحظور فى مرحلة المحاكمة. تعريفه. متى يصح ؟ حظره مقرر لمصلحة المتهم. له التنازل عنه صراحة أو ضمنا. عدم اعتراضه على الأسئلة التى وجهت إليه وإجابته عليها مفاده التنازل.
مثال لإستيضاح مما لا يندرج فى مفهوم الاستجواب المحظور.
(2 و3 و4) قصد جنائى. قتل عمد. سبق إصرار. باعث. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". جريمة. "أركان الجريمة". حكم. "تسيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "بوجه عام".
2 - قصد القتل. أمر خفى. يستخلصه قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية.
3 - سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم فى نفس الجانى. استخلاص توافره. موضوعى.
4 - الباعث. ليس من أركان الجريمة. عدم بيانه تفصيلا أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله كلية. لا يقدح فى سلامة الحكم.
(5) فاعل أصلى. شريك. مسئولية جنائية. قتل عمد. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سبق إصرار. اتفاق.
مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين. يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف بنفسه الجريمة من المصرين عليها.
عدم التزام المحكمة ببيان وقائع خاصة لإثبات الاتفاق غير ما تبينه مما يفيد سبق الإصرار.
إثبات الحكم تصميم المتهمين. ومن بينهم الطاعن. على قتل المجنى عليه بما يرتب تضامنا فى المسئولية. كفايته لمؤاخذة الطاعن بوصفه فاعلا أصليا. سواء كان الفعل الذى قارفه محددا بالذات أم غير محدد. وبصرف النظر عن مساهمة هذا الفعل فى النتيجة.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
العبرة فى المحاكمات الجنائية. باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه.
(7) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إجراءات المحاكمة. تحقيق. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره. "
تعييب التحقيق الابتدائى. أمام النقض. غير جائز. مثال. العبرة فى الأحكام بالإجراءات والتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة.
1- الاستجواب المحظور قانونا فى طور المحاكمة وفقا لنص المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية هو مناقشة المتهم على وجه مفصل فى الأدلة القائمة فى الدعوى إثباتا ونفيا فى أثناء نظرها – سواء أكان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو من المدافعين عنهم – لما له من خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم نفسه يبديه فى الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته. أما مجرد الاستيضاح – كما هو واقع الحال فى الدعوى حين استفسرت المحكمة من الطاعن إذا كانت له صلة بأحد الشهود وما إذا كان قد توجه إليه بمنزله – فليس فيه أى خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع. ومع ذلك فان هذا الحظر إنما قصد به مصلحة المتهم وحده فله أن يتنازل عنه صراحة أو ضمنا إما بطلبه صراحة من المحكمة أن تستجوبه أو بعدم اعتراضه هو أو المدافعون عنه على الاستجواب وإجابته على الأسئلة التى توجهها إليه المحكمة. ولما كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعن أو المدافع عنه قد اعترض على هذا الإجراء. فإن هذا يدل على أن مصلحة الطاعن – فى تقديره – لم تضار بهذا الاستجواب ولا يجوز له من بعد أن يدعى بطلان الإجراءات.
2 - ان قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه. واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية.
3 - سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم فى نفس الجانى، قد لا يكون له فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج.
4 - لا يضير الحكم أن يكون قد أشار على أن الباعث على الجريمة هو الرغبة فى الأخذ بالثأر دون توضيح للصلة بين من اقترفوا القتل وبين من يراد الثأر له والرابطة بين المجنى عليه وبين من يراد الثأر منه، لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنا من أركانها أو عنصرا من عناصرها، فلا يقدح فى سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلا أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة.
5 - من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الإشتراك بالإتفاق بالنسبة لمن لم يقارف بنفسه الجريمة من المصرين عليها، وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينته من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت تصميم المتهمين على قتل المجنى عليه بما يرتب تضامنا فى المسئولية، يستوى فى ذلك أن يكون الفعل الذى قارفه كل منهم محددا بالذات أو غير محدد، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل فى النتيجة المترتبة عليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى مؤاخذة الطاعن بوصفه فاعلا أصليا فى جريمة القتل التى وقعت تنفيذا لذلك التصميم، لا يكون قد أخطأ فى شئ.
6 - العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانه المتهم أو ببراءته ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون دليل، كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى أن تستمد إقتناعها من أى دليل تطمئن إليه طالما أن له مأخذا صحيحا من أوراق الدعوى كما أن لها أن تعول فى تكوين معتقدها على أقوال متهم على آخر متى اطمأنت إليها، ومن حقها كذلك أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما أنها لم تستند إليها فى قضائها. وإذا كان ما أورده الحكم يعتبر سائغا فى الرد على دفاع الطاعن وكان ما يثيره الطاعن بشأنه لا يعدو أن يكون جدلا فى تقدير أدلة الثبوت فى الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز أن تصادر فى اعتقادها بشأنه، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل.
7 - من المقرر أن العبرة فى الأحكام هى بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة. ولما كان ما ينعاه الطاعن بقالة الفساد فى الإستدلال والإخلال بحقه فى الدفاع لإغفال عرضه على شاهد الإثبات وعدم مواجهته بالمتهمين الأول والثالث مردودا بأنه لا يعدو أن يكون تعيبا للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم – وكانت المحكمة قد اطمانت إلى أن (الطاعن) هو المعنى بأقوال شاهد الإثبات والمتهمين المذكورين، فان ما يثيره فى هذا الصدد ينحل فى حقيقته إلى جدل موضوعى مما لا يجوز التحدى به أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى ليلة 28 مارس سنة 1965 بدائرة قسم حلوان محافظة القاهرة: قتلوا ...... عمدا ومع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك آلات حادة "سكاكين" واستدرجوه بعيدا عن مسكنه وانهالوا عليه طعنا بالسكاكين قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بتقرير الإتهام، فقرر ذلك فى 20 أكتوبر سنة 1966. ومحكمة جنايات القاهرة قضت بتاريخ 11 يناير سنة 1970 غيابيا بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأول وحضوريا بالنسبة للمتهم الرابع (الطاعن) عملا بالمواد 230، 231، 30 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة الأدوات المضبوطة. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار قد بنى على إجراءات باطلة وشابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة استجوبت الطاعن بغير موافقته أو موافقة الدفاع، ولم تدلل تدليلا كافيا على توافر نية القتل وسبق الإصرار لدى الطاعن فقد استندت إلى وجود ثأر بين عائلة المتهمين – ومنهم الطاعن – وبين عائلة المجنى عليه غير أنها لم تبين طرفى هذا الثأر وصلة المتهمين والمجنى عليه به، كما لم تبين الدور الذى قام به كل من المتهمين ومن منهم الذى طعن المجنى عليه وأحدث به الإصابات التى وجدت به، ولم تستظهر كذلك توافر الإتفاق الجنائى بين الطاعن وباقى المتهمين، هذا فضلا عن أن الطاعن أقام دفاعه منذ بداية الأمر على أنه كان بعيدا عن مسرح الجريمة وأنه قبض عليه ببلدته بالصعيد وأشهد شاهدين ظاهره مضمون أقوالهما إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغه، وأخيرا فإن الطاعن لم يعرض على الشاهد الوحيد الذى شهد ضده أو يواجه بالمتهمين الأول والثالث لمعرفة ما إذا كان هو المعنى بأقوالهم أم أنه شخص آخر يشابهه فى الاسم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن (المتهم الرابع) بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما قرره المتهمان الأول والثالث ومما ثبت من المعاينة ومن تقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة من شانها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الاستجواب المحظور قانونا فى طور المحاكمة وفقا لنص المادة 247 من قانون الاجراءات الجنائية هو مناقشة المتهم على وجه مفصل فى الأدلة القائمة فى الدعوى إثباتا ونفيا فى أثناء نظرها – سواء أكان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو من المدافعين عنهم – لما له من خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم نفسه يبديه فى الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته – أما مجرد الاستيضاح – كما هو واقع الحال فى الدعوى حين استفسرت المحكمة من الطاعن عما إذا كانت له صلة بأحد الشهود وما إذا كان قد توجه إليه بمنزله – فليس فيه أى خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع – ومع ذلك فإن هذا الحظر إنما قصد به مصلحة المتهم وحده فله أن يتنازل عنه صراحة أو ضمنا إما بطلبه صراحة من المحكمة أن تستجوبه أو بعدم اعتراضه هو أو المدافع عنه على الاستجواب وإجابته على الأسئلة التى توجهها إليه المحكمة، ولما كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعن أو المدافع عنه قد اعترض على هذا الاجراء، فان ذلك يدل على أن مصلحة الطاعن – فى تقديره – لم تضار بهذا الاستجواب ولا يجوز له من بعد أن يدعى بطلان الإجراءات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل فى حق الطاعن (وباقى المتهمين فى الدعوى) بقوله "وحيث إن نية القتل قائمة لدى المتهمين جميعا على النحو السالف البيان من وجود الثأر بين عائلتهم والعائلة التى ينتمى إليها المجنى عليه وقام المتهم الأول باستدعاء المجنى عليه ومصاحبة جميع المتهمين له إلى مسرح الجريمة وطعنهم له تسع عشرة إصابة بآلات حادة بعضها نافذ إلى التجويف الصدرى والبطنى وهذه الإصابات على وفق ما أثبته تقرير الصفة التشريحية تعتبر خطيرة وفى مقتل أدت إلى وفاة المجنى عليه". وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما أورده الحكم تدليلا على قيام نية القتل هو مما يكفى ويسوغ به الاستدلال عليها، وكان الحكم قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار فى قوله: "وحيث إن سبق الإصرار ثابت من وقائع الدعوى وظروفها فى حق المتهمين وآية ذلك قيام الثأر بين عائلتهم وعائلة المجني عليه الأمر الذي دفعهم إلى إزهاق روحه أخذا بهذا الثأر ثم اكتمال عقدهم باجتماعهم فى حجرة المتهم الأول التى تقع مع الحجرة التى يسكنها المجنى عليه فى منزل واحد واتخاذهم من هذه الجيرة بين المجنى عليه والمتهم الأول فرصة لاختيار هذا الأخير لإحضار المجنى عليه وخروجهم معه إلى مكان مصرعه. وتقطع هذه الظروف والملابسات جميعا فى أن المتهمين فكروا فى جريمتهم ودبروا أمرها وصمموا عليها عن رؤية قبل مقارفتها بإجهازهم على المجنى عليه "، وما ساقه الحكم فيما سلف سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به فى القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج، وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره. ولا يضير الحكم أنه يكون قد أشار إلى أن الباعث على الجريمة هو الرغبة فى الأخذ بالثأر دون توضيح للصلة بين من اقترفوا القتل وبين من يراد الثأر له والرابطة بين المجنى عليه وبين من يراد الثأر منه لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنا من أركانها أو عنصرا من عناصرها، فلا يقدح فى سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلا أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة، ومن ثم يكون النعى على الحكم فى هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن يقارف بنفسه الجريمة من المصرين عليها، وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينته من الوقائع المقيدة لسبق الإصرار، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تصميم المتهمين على قتل المجنى عليه بما يرتب بينهم تضامنا فى المسئولية، يستوى فى ذلك أن يكون الفعل الذى قارفه كل منهم محددا بالذات أو غير محدد، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل فى النتيجة المترتبة عليه، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى مؤاخذة الطاعن بوصفه فاعلا أصليا فى جريمة القتل التى وقعت تنفيذا لذلك التصميم، لا يكون قد أخطأ فى شئ. لما كان ذلك، وكانت العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون دليل، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه طالما أن له مأخذ صحيح من أوراق الدعوى كما أن لها أن تعول فى تكوين معتقدها على أقوال متهم على آخر متى اطمأنت إليها، ومن حقها كذلك أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما أنها لم تستند إليها فى قضائها، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وأطرحه بقوله: "وحيث إن المتهم الرابع أنكر التهمة المسندة إليه مدعيا وجوده فى بلدته فى الصعيد وعدم حضوره إلى القاهرة إلا مع رجال الشرطة إثر ضبطه كما دفعها المدافع الحاضر معه بانعدام العلاقة بينه والجريمة التى تفتقر إلى دليل يؤدى إلى ثبوتها قبله، إلا أن المحكمة تلتفت عن هذا الدفاع بعد أن ثبت لديها مما شهد به .... ومما قرر به المتهمان الأول والثالث بعد أن اطمأنت إلى أقوالهم من أن هذا المتهم كان موجودا مع باقى المتهمين كما أنه كان مرافقا لهم عند خروجهم مع المجنى عليه إلى مسرح الجريمة والقضاء عليه أما إنكاره ومحاولته الابتعاد بنفسه عن بقية المتهمين لا يعدو أن يكون محاولة فاشلة للافلات من العقاب"، وإذ كان ما أورده الحكم يعتبر سائغا فى الرد على دفاع الطاعن، وكان ما يثيره الطاعن بشأنه لا يعدو أن يكون جدلا فى تقدير أدلة الثبوت فى الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز أن تصادر فى اعتقادها بشأنه، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن بقالة الفساد فى الاستدلال والإخلال بحقه فى الدفاع لإغفال عرضه على شاهد الإثبات وعدم مواجهته بالمتهمين الأول والثالث مردودا بأنه لا يعدو أن يكون تعيبا للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، إذ العبرة فى الأحكام هى بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة، ولما كانت المحكمة قد أطمأنت إلى أنه هو المعنى بأقوال شاهد الإثبات والمتهمين المذكورين، فإن ما يثيره فى هذا الصدد ينحل فى حقيقته إلى جدل موضوعى، مما لا يجوز التحدى به أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.