أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 750

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أنور أحمد خلف، وإبراهيم أحمد الديواني، ومحمد عبد الواحد الديب، وعادل برهان نور.

(162)
الطعن رقم 867 لسنة 44 القضائية

(1) إثبات. "شهود". إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة ثانى درجة.
حق المحكمة فى الاستغناء عن سماع الشهود بقبول المتهم أو المدافع عن ذلك صراحة أو ضمنا. مثال.
محكمة ثانى درجة. قضاؤها. فى الأصل على مقتضى الأوراق.
(2) إختصاص. "الاختصاص الولائى". قضاء عسكرى. دعارة. دفوع. "الدفع بعدم الاختصاص". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". فاعل أصلى.
اشتراك مدنى مع جندى بالقوات المسلحة فى جريمة لم تقع بسبب تأدية الأخير وظيفته. اختصاص القضاء العام بمحاكمتهما. أساس ذلك ؟ مثال فى جريمة دعارة.
(3) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصر الطاعن مرافعته على الدفع دون موضوع الدعوى. عدم جواز اتخاذه سندا للنعى على الحكم الإخلال بحقه فى الدفاع. ما دام لا يدعى أن المحكمة منعته عن المرافعة فى الموضوع.
1 - تخول المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية – المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1957 – المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذ قبل المتهم أو المدافع عن ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان المدافع عن الطاعن لم يتمسك فى ختام مرافعته (أمام المحكمة الاستئنافية) بطلب سماع الشهود، فلا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن إجابة طلب لم يصر عليه مقدمه، وخاصة أن الأصل أن المحكمة الاستئنافية تقضى على مقتضى الأوراق المطروحة ولا تلتزم بإجراء تحقيق إلا ما ترى هى لزوما لإجرائه.
2 - بينت المادة 4 من القانون رقم 25 لسنة 1966، الخاص بالأحكام العسكرية، الأشخاص الخاضعين لأحكامه، ثم نصت المادة الخامسة منه – المعدلة بالقانون رقم 5 لسنة 1968 – على أنه "تسرى أحكام هذا القانون على كل من يرتكب إحدى الجرائم الآتية (1) الجرائم التى تقع فى المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو الأماكن أو المحلات التى يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة إينما وجدت (ب) الجرائم التى تقع على معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة". كما نصت المادة السابعة من القانون المذكور على أنه "تسرى أحكام هذا القانون أيضا على ما يأتى: (1) كافة الجرائم التى ترتكب من أو ضد الأشخاص الخاضعين لأحكامه متى وقعت بسبب تأدية وظائفهم (2) كافة الجرائم التى ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون". لما كان ذلك، وكانت التهم المسندة إلى الطاعن وهى إدارة مكان للدعارة وتسهيل واستغلال دعارة الغير – ليست من الجرائم المنصوص عليها فى المادة الخامسة من القانون، ولم تقع بسبب تأديته أعمال وظيفته، ومن ثم فان الاختصاص بمحاكمته – وإن كان من ضابط الصف بالقوات المسلحة – إنما ينعقد للقضاء العادى طبقا للمادة 7/ 2 من قانون الأحكام العسكرية إذ يوجب معه – فى تهمتى تسهيل واستغلال دعارة الغير والمرتبطتان بالتهمة الأولى – مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون، ومن ثم فان الحكم المطعون فيه، إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لهذا السبب قد أصاب صحيح القانون.
3 - من المقرر أن سكوت الطاعن ومحاميه عن المرافعة فى موضوع الدعوى – واقتصار الدفاع على المرافعة فى الدفع دون الموضوع – لا يجوز أن يبنى عليه الطعن على الحكم بالإخلال بحق الدفاع، ما دام الطاعن لا يدعى أن المحكمة منعته من المرافعة فى الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 25 من فبراير سنة 1970 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة: المتهم الأول (الطاعن) (أولا) أدار المكان المبين بالمحضر للدعارة بأن سمح لـ......... و.......... بارتكاب الفحشاء فيه على النحو المبين بالمحضر. (ثانيا) سهل دعارة المتهمتين الثانية والثالثة على النحو المبين بالمحضر حالة كونه ممن لهم سلطة على المتهمة الثانية (مخدومته). (ثالثا) استغل بغاء المتهمتين آنفتى الذكر على النحو المبين بالمحضر. المتهمتين الثانية والثالثة. 1 - اعتادتا ممارسة الدعارة مع الناس بدون تميز. 2 - أقامتا فى منزل يدار للدعارة مع علمهما بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و4 و6 و8 و9/ حـ و13 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة جنح آداب القاهرة الجزئية قضت حضوريا للأول وحضوريا اعتباريا للثانية والثالثة عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات. (أولا) بحبس المتهم الأول سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيها لإيقاف التنفيذ وغرامة مائة جنيه وبوضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المقضى بها وغلق الشقة ومصادرة الأثاث والمصاريف الجنائية. (ثانيا) بحبس كل من المتهمين الثانية الثالثة سنة مع الشغل والنفاذ ووضعهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمد العقوبة وبوضعهما بعد تنفيذ عقوبة الحبس فى إصلاحية خاصة إلى أن تأمر الجهة الإدارية بإخراجهما وإلزامهما بالمصاريف الجنائية. فاستأنف المتهمان الأول والثانية، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا (أولا) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. (ثانيا) بقبول استئناف المتهم الأول شكلا، وفى الموضوع بمعاقبة المتهم الأول بالحبس سنة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وبوضعه تحت مراقبة الشرطة مثل مدة الحبس وغلق الشقة موضوع الاتهام ومصادرة ما بها من أثاث وبحبس المتهمة الثانية ثلاثة أشهر مع الشغل ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لهذه المدة وإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لها فيما عدا ذلك. فطعن الوكيل فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إدارة مكان للدعارة وتسهيل دعارة الغير قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ فى تطبيق القانون وقصور فى التسبيب، ذلك بأنه تمسك أمام محكمة ثانى درجة بسماع شهود الإثبات كما دفع بالجلسة الأخيرة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لاختصاص القضاء العسكرى بنظرها، غير أنها التفتت عن طلب سماع الشهود وقضت برفض الدفاع المشار إليه رغم أنه من النظام العام، ثم فصلت فى موضوع الدعوى دون أن تقرر ضم الدفع للموضوع فصادرت بذلك حق الطاعن فى إبداء دفاعه الموضوعى على النحو الثابت بمحضر تلك الجلسة، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن محامى الطاعن طلب بجلسة 30 من أكتوبر سنة 1971 التأجيل لتقديم مذكرة بدفاعه واحتياطيا لمناقشة شاهدى الإثبات، غير أنه أمسك من بعد عن إبداء طلبه الأخير بالجلسات التالية. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1957 تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذ قبل المتهم أو المدافع عن ذلك، ويستوى أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، وكان المدافع عن الطاعن – على ما سلف بيانه – لم يتمسك فى ختام مرافعته بطلب سماع الشهود، فلا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن إجابة طلب لم يصر عليه مقدمه، وخاصة أن الأصل أن المحكمة الاستئنافية تقضى على مقتضى الأوراق المطروحة ولا تلتزم باجراء تحقيق إلا ما ترى هى لزوما لإجرائه، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشق من الطعن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 4 من القانون رقم 25 لسنة 1966 الخاص بالأحكام العسكرية بينت الأشخاص الخاضعين لأحكامه، ثم نصت المادة الخامسة منه – والمعدلة بالقانون رقم 5 لسنة 1968 – على أنه "تسرى أحكام هذا القانون على كل من يرتكب إحدى الجرائم الآتية: (1) الجرائم التى تقع فى المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو الأماكن أو المحلات التى يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة إينما وجدت (ب) الجرائم التى تقع على معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة ". كما نصت المادة السابعة من القانون المذكور على أنه "تسرى أحكام هذا القانون أيضا على ما يأتى: - كافة الجرائم التى ترتكب من أو ضد الأشخاص الخاضعين لأحكامه متى وقعت بسبب تأدية وظائفهم 1 - كافة الجرائم التى ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون"، ولما كان ذلك، وكانت التهم المسندة إلى الطاعن – وهى إدارة مكان للدعارة وتسهيل واستغلال دعارة الغير ليست من الجرائم المنصوص عليها فى المادة الخامسة من القانون، ولم تقع بسبب تأديته أعمال وظيفته، ومن ثم فإن الاختصاص بمحاكمته – وإن كان من ضباط الصف بالقوات المسلحة – إنما ينعقد للقضاء العادى طبقا للمادة 7/ 2 من قانون الأحكام العسكرية إذ يوجد معه – فى تهمتى تسهيل واستغلال دعارة الغير والمرتبطتان بالتهمة الأول – مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون ومن ثم فان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لهذا السبب قد أصاب صحيح القانون ويكون النعى عليه لذلك فى غير محله متعينا رفضه. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة أول أبريل سنة 1972 التى صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، فقررت المحكمة ضم الدفع للموضوع وشرح الحاضر مع المتهم الأول – الطاعن – وقائع الدعوى ودفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات والتمس البراءة للمتهم. فان دعوى الطاعن من بعد بأن المحكمة قد فوتت عليه إبداء دفاعه الموضوعى تكون على نقيض الثابت من الأوراق، ومن ثم عارية عن سندها واجبة الرفض، فضلا عما هو مقرر من أن سكوت الطاعن ومحاميه عن المرافعة فى موضوع الدعوى – واقتصار الدفاع على المرافعة فى الدفع دون الموضوع – لا يجوز أن يبنى عليه الطعن على الحكم بالإخلال بحق الدفاع، ما دام الطاعن لا يدعى أن المحكمة منعته من المرافعة فى الموضوع. لما كان ما تقدم جميعه، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.