أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 782

جلسة أول ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، وصلاح الرشيدى، وقصدى اسكندر عزت.

(169)
الطعن رقم 988 لسنة 44 القضائية

(1و2) تفتيش. "التفتيش بغير إذن". بطلان. "بطلان التفتيش". جمارك. مأمورو الضبط القضائى. إثبات. "بوجه عام". "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
(1) حق موظفى الجمارك ممن لهم صفة الضبط القضائى. تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل. داخل الدائرة الجمركية. أو نطاق الرقابة الجمركية. عند قيام شبهة.
الشبهة فى معنى القانون 66 لسنة 1963. معناها. تقديرها ؟
ظهور أمارات الاضطراب على المتهم أثر مطالبته بإبراز جواز سفره وأوراقه الجمركية. تفتيش رجال الجمرك له فى هذه الحالة. صحيح.
(2) بطلان التفتيش. لا يحول دون الأخذ بعناصر الإثبات المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التى أسفر عنها.
(3و4) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "اعتراف. دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه.
(3) حق المحكمة فى الاعراض عن تحقيق دفاع المتهم. مشروط بوضوح الواقعة أو كون التحقيق المطلوب غير منتج. وان تبين علة أعراضها.
(4) عدم تمسك الطاعن بأن اعترافه كان وليد إكراه. يعيبه على المحكمة عدم إجراء تحقيق فى هذا الشأن. غير مقبول. أساس ذلك ؟
1 - يؤخذ من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية، إذا ما قامت لديهم دواعى الشك فى البضائع أو الأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، ولم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية، بل يكفى أن تقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش بتلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركى فى الحدود المعروف بها فى القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها، والشبهة المقصودة فى هذا المقام هى حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها فى العقل القول بقيام مظنة التهريب عند شخص موجود فى حدود دائرة المراقبة الجمركية، وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن التفتيش الذى وقع على الطاعن إنما تم فى نطاق الدائرة الجمركية وبعد أن ظهرت عليه أمارات الاضطراب فور مطالبته بإبراز جواز سفره وأوراقه الجمركية، مما أثار شبهة رجال الجمرك ودعاهم إلى الاعتقاد بأنه يحاول تهريب بضائع غير مشروعة، فإنه يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان التفتيش.
2 - إن بطلان التفتيش لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التى أسفرعنها التفتيش، ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بحيازته ذات المخدر الذى ظهر من التفتيش وجوده لديه، ومن ثم فإن مصلحة فيما يثيره من بطلان التفتيش تكون منتفية.
3 - لئن أوجب القانون سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه، إلا أن للمحكمة إذا كانت قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى أن يعرض عن ذلك بشرط أن تبين علة إطراحها هذا الطلب وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إحضار صديرية الذى كان يرتديه وقت الضبط لإجراء تجربته عليه أمام المحكمة وأطرحه للأسباب السائغة التى أوردها، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة.
4 - إذا كان الطاعن لم يدفع بأن اعترافه كان وليد إكراه وقع عليه من رجال الشرطة، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 23 مارس سنة 1972 بدائرة قسم المنيا محافظة الإسكندرية: جلب إلى أراضى جمهورية مصر العربية جوهرا مخدرا "حشيشا" دون الحصول على ترخيص كتابى بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و3 و33/ 3 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند/ 12 من الجدول/ 1 الملحق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه خمسة آلاف جنيه وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة جلب جوهر مخدر إلى أراضى الجمهورية قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إجراءات تفتيشه ذاتيا بواسطة رجال الجمرك لعدم توافر دواعى الشك أو مظنة التهريب إلا أن رد الحكم على هذا الدفع جاء قاصرا، كما طلب الطاعن إحضار الصديرى الذى كان يرتديه وقت الضبط لإجراء تجربته عليه أمام المحكمة إلا أنها لم تستجب لهذا الطلب وردت عليه بما لا يسوغه. هذا إلى أن الحكم أغفل الرد على ما دفع به الطاعن من أن اعترافه كان وليد اكراه وقع عليه من رجال الشرطة – ولم تعن المحكمة بتحقيق ذلك الدفاع بلوغا إلى غاية الأمر فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب المخدر التى دان الطاعن بها، وأقام عليها فى حقه أدلة سائغة تؤدى إلى مارتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يؤخذ من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعى الشك فى البضائع أو الأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ولم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل يكفى أن تقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش بتلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركى فى الحدود المعروف بها فى القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها. والشبهة المقصودة فى هذا المقام هى حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها فى العقل القول بقيام مظنة التهريب عن شخص موجود فى حدود دائرة المراقبة الجمركية، وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كان الحكم قد أثبت أن التفتيش الذى وقع على الطاعن إنما تم فى نطاق الدائرة الجمركية وبعد أن ظهرت عليه أمارات الاضطراب فور مطالبته بإبراز جواز سفره وأوراقه الجمركية مما أثار شبهة رجال الجمرك ودعاهم إلى الاعتقاد بأنه يحاول تهريب بضائع غير مشروعة، فإنه لا يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان التفتيش. ولما كان الحكم قد عول ضمن ما عول عليه من أدلة الثبوت على اعتراف الطاعن شفاهة أمام النيابة بجلبه للمخدر من بيروت، وكان بطلان التفتيش ـ بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التى أسفرعنها التفتيش ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بحيازته ذات المخدر الذى ظهر من التفتيش وجوده لديه، فإن مصلحة الطاعن فيما يثيره من بطلان التفتيش تكون منتفية. لما كان ذلك، وكان القانون وإن أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه إلا أن المحكمة إذا كانت قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين علة اطراحها هذا الطلب. ولما كان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إحضار صديرية الذى كان يرتديه وقت الضبط لإجراء تجربته عليه أمام المحكمة وأطرحه للأسباب السائغة التى أوردها فان دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بأن اعترافه كان وليد إكراه وقع عليه من رجال الشرطة فإنه ليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.