أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 792

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين السادة: أنور أحمد خلف، وابراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربى، ومحمد عبد الواحد الديب.

(171)
الطعن رقم 1018 لسنة 44 القضائية

(1 و2 و3) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. قتل خطأ. خطأ. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) تقدير الخطأ المستوجب المسئولية مرتكبة. جنائيا أو مدنيا. موضوعى. مثال.
(2) استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. مرده إلى محكمة الموضوع. متى استندت إلى أدلة سائغة.
(3) كفاية تشكك القاضى فى صحة التهمة. سند لتبرئة المتهم. ما دام قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(4) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. إستئناف. "نظره والحكم فيه". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
تحقق مسئولية المتبوع عن التعويض. رهن بثبوت الوقائع المسندة إلى المتهم.
تبرئة المتهم لعدم ثبوت التهمة. وجوب رفض الدعوى المدنية قبله. وقبل المسئول عن الحقوق المدنية. ولو كان الإستئناف من المتهم وحده.
(5) طعن. "المصلحة فى الطعن". نقض. "المصلحة فى الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المصلحة الشخصية. شرط لقبول وجه الطعن. مثال.
1 - إذا كان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى، وكانت المحكمة الاستئنافية قد استخلصت من الأدلة السائغة التى أوردتها أن الحادث يرجع إلى خطأ المجنى عليه وحده بنزوله من السيارة قبل وقوفها، وأن المتهم لم يرتكب ثمة خطأ يستوجب مساءلته، إذ كان يقود السيارة ولم ير المجنى عليه عند مغادرته لها لإنشغاله بقيادتها، ولم يأخذ بتصوير محكمة أول درجة من أن المتهم أخطأ بتمكينه المجنى عليه من أن يقوم بفتح الباب أثناء سير السيارة، لما استبانته من صحة أقوال المتهم ومفتش التذاكر من أن نزول المجنى عليه كان بغير إذن المتهم ودون أن يكون فى استطاعته منعه لإنشغاله بالقيادة فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض.
2 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث، الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغا ومستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
3 - يكفى أن يتشكك القاضى فى صحة اسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل، ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه من أن الحادث يرجع إلى خطأ المجنى عليه وحده، كافيا فى ذاته للرد على ما أورده الحكم المستأنف من أسباب الإدانة، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان استئناف المتهم على استقلال يفيد منه المسئول عن الحقوق المدنية إذا كسبه، بطريق التبعية واللزوم، وكانت الدعوى المدنية المرفوعة على المسئول عن الحقوق المدنية لم ترفع إلا باعتبارها تابعة للدعوى الجنائية المقامة قبل المتهم، فإن القضاء بالبراءة لعدم ثبوت التهمة يقتضى رفض الدعوى المدنية قبل المسئول عن الحقوق المدنية، إذ أن مسئولية المتبوع عن التعويض مترتبة على ثبوت الواقعة ذاتها المرفوعة بها الدعوى الجنائية ضد المتهم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية لعدم ثبوت تهمة القتل خطأ ضد المتهم لا يكون قد أخطأ فى شئ ولا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الصدد.
5 - الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم، إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن من بطلان إجراءات المحاكمة لعدم إشعار المسئول عن الحقوق المدنية لا يكون مقبولا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة رشيد محافظة البحيرة: تسبب خطأ فى موت........ وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فأوقع المجنى عليه تحت العجل وصدمه وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238/1 من قانون العقوبات/ وادعى...... "الطاعن" مدنيا بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة شركة النيل العامة. ومحكمة جنح رشيد الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الإتهام (أولا) فى الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ (ثانيا) وفى الدعوى المدنية بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعى بالحق المدنى مبلغ واحد وخمسين جنيها والمصروفات ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصاريف عن الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة بلا مصاريف جنائية. فطعن المحامى عن المدعى بالحق المدنى فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن المدعى بالحقوق المدنية ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض الدعوى المدنية تأسيسا على قضائه بالبراءة قد شابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على بطلان فى الاجراءات ذلك بأنه أخذ بتصوير للحادث مستمد من أقوال المتهم (المطعون ضده) ومفتش التذاكر يخالف ما أسفرت عنه معاينة الشرطة وما قال به محصل السيارة ولا يتفق مع حقيقة الحادث من أن المتهم حاول الوقوف بالسيارة قبل المحطة بقيل تفاديا للازدحام وقام بفتح باب السيارة الأمامى وسمح للركاب بالنزول ومن بينهم المجنى عليه فأدى ذلك الخطأ فى سقوط هذا الأخير وإصابته بالإصابات التى أودت بحياته كما أطرح الحكم ما أقر به المتهم – وعول عليه الحكم المستأنف فى إدانته – من أنه مكن المجنى عليه من أن يقوم بفتح الباب الأمامى ويغادر السيارة أثناء سيرها حالة كونه المتحكم فى فتح الباب وإغلاقه كما أن الحكم تعرض للدعوى المدنية وألغى التعويض المقضى به بالنسبة للمتهم والشركة والمسئولة عن الحقوق المدنية رغم أن الأخيرة قبلت هذا الحكم ولم تستأنفه وقد أغفلت المحكمة التحقق من أشعارها عند نظر الاستئناف مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى واستعرض أقوال التهم والشاهدين خلص فى قوله. "وحيث إن الثابت فى أقوال المتهم المؤيدة بأقوال......... مفتش التذاكر أن المجنى عليه هو الذى جذب اليد التى تفتح باب السيارة وكان ذلك دون إذن أو موافقة المتهم ونزل المجنى عليه حال سيرها وقبل وقوفها فى المحطة فأدى ذلك إلى اصطدام مؤخرة السيارة به وإصابته ووفاته نتيجة لذلك ولم يرد فى أوراق التحقيقات تصوير يخالف ذلك وتستخلص منه المحكمة أن الحادث نجم عن خطأ المجنى عليه ورعونته إذ فتح باب السيارة ونزل منها حال سيرها وأدى ذلك إلى اصطدامه بعجلات السيارة الخلفية وإصابته ووفاته ولم يكن فى مكنة السائق المتهم أن يمنعه من ذلك وهو مشغول بقيادة السيارة ومن ثم فليس فى الواقعة من خطأ يمكن اسناده للمتهم ويتعين لذلك الغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة المتهم وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها مصروفاتها عن الدرجتين. " لما كان ذلك. وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى، وكانت المحكمة الاستئنافية قد استخلصت من الأدلة السائغة التى أور دتها أن الحادث يرجع إلى خطأ المجنى عليه وحده بنزوله من السيارة قبل وقوفها وأن المتهم لم يرتكب ثمة خطأ يستوجب مساءلته إذ كان يقود السيارة ولم ير المجنى عليه عند مغادرته لها لإنشغاله بقيادتها، ولم تأخذ بتصوير محكمة أول درجة من أن المتهم أخطأ بتمكينه المجنى عليه من أن يقوم بفتح الباب أثناء سير السيارة لما استبانته من صحة أقوال المتهم ومفتش التذاكر من أن نزول المجنى عليه كان بغير إذن المتهم ودون أن يكون فى استطاعته منعه لإنشغاله بالقيادة. ولما كان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق – كما هى واقع الحال فى الدعوى المطروحة – فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان يكفى أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه من أن الحادث يرجع إلى خطأ المجنى عليه وحده كافيا فى ذاته للرد على ما أورده الحكم المستأنف من أسباب الإدانة فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان استئناف المتهم على استقلال يفيد منه المسئول عن الحقوق المدنية إذا كسبه بطريق التبعية واللزوم وكانت الدعوى المدنية المرفوعة على المسئول عن الحقوق المدنية لم ترفع إلا باعتبارها تابعة للدعوى الجنائية المقامة قبل المتهم فان القضاء بالبراءة لعدم ثبوت التهمة يقتضى رفض الدعوى المدنية قبل المسئول عن الحقوق المدنية إذ أن مسئولية المتبوع عن التعويض مترتبة قبل على ثبوت الواقعة ذاتها المرفوعة بها الدعوى الجنائية ضد المتهم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية لعدم ثبوت تهمة القتل خطأ ضد المتهم لا يكون قد أخطأ فى شئ ولا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الصدد. ولما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن عن بطلان إجراءات المحاكمة لعدم إشعار المسئول عن الحقوق المدنية لا يكون مقبولا، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.