أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 798

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1974

برئاسة المستشار السيد/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين السادة: أنور أحمد خلف، وحسن على المغربى، ومحمد عبد الواحد الديب، وعادل برهان نور.

(172)
الطعن رقم 1019 لسنة 44 القضائية

(1) قتل عمد. سبق إصرار. قصد جنائي. ارتباط. سرقة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجمع بين جريمة القتل عمدا مع سبق الإصرار. وجريمة القتل عمدا المرتبط بجنحة. لا يخالف القانون.
(2) فاعل أصلى. شريك. قتل عمد. قصد جنائى. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى يعد المتهم فاعلا أصليا فى الجريمة ؟
(3) عقوبة. "العقوبة المبررة". "تقدير العقوبة". فاعل أصلى. شريك. وصف التهمة. نقض. "المصلحة فى الطعن".
عدم جدوى النعى على الحكم تغير صفة المتهم من شريك فى الجريمة إلى فاعل أصلى فيها. ما دام أنه عاقب الطاعن بالعقوبة المقررة للشريك.
تقدير العقوبة. مرده الواقعة الجنائية وما أحاط بها من ظروف. لا الوصف القانونى لها.
(4) إثبات. "خبرة. بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
إنتهاء المحكمة إلى عدم قدرة أحد المتهمين على ارتكاب القتل وحده. استنادا إلى تقرير طبى يؤيد ذلك. كفايته ردا على قالة ارتكاب ذلك المتهم الجريمة وحده.
(5) محكمة الموضوع. "سلتطها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. من سائر العناصر المطروحة على بساط البحث. منوط بمحكمة الموضوع. ما دام سائغا فى العقل والمنطق.
(6) إثبات. "إعتراف". "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأخذ بقول متهم. دليلا على آخر. صحيح فى القانون.
التعويل على اعتراف المتهم. فى أى دور من أدوار التحقيق. ولو عدل عنه. مرجعه إلى محكمة الموضوع.
تجزئة الدليل. ولو كان اعترافا. حق لمحكمة الموضوع.
(7) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". "شهادة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول النعى على الحكم خطأه فى الإسناد. متى أقيم على ماله أصل فى الأوراق.
(8 و9) عقوبة. إعدام. نقض. "إتصال المحكمة بالدعوى". محكمة النقض. "سلطتها فى إقرار حكم الإعدام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(8) الميعاد المنصوص عليه فى المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 – تنظيمى.
إتصال محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 من القانون المذكور (9) متى يتعين إقرار الحكم الصادر بالإعدام.
1 - لا يوجد فى القانون ما يحول دون الجمع بين جريمة القتل عمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها فى المادتين 230 و231 من قانون العقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 234 من القانون، متى توافرت أركانها.
2 - متى كان ما أثبته الحكم كافيا بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنة الثالثة مع باقى المتهمين على قتل المجنى عليها من معيتهم فى الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعا وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلا منهم قصد الآخر فى إيقاعها، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعنة المذكورة فاعلة أصلية فى الجريمة.
3 - إذا كانت العقوبة المقضى بها على الطاعنة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك، فإن مجادلتها فيما أثبته الحكم من وصف الجريمة بالنسبة لها باعتبارها فاعلة أصلية لا يكون له محل، ولا مصلحة لها منها، ولا يغير من ذلك القول بأن المحكمة قد أخذتها بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذى أعطته للواقعة بالنسبة لها، إذ أن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التى قارفها الجانى وما أحاط بها من ظروف لا الوصف القانونى الذى تعطيه المحكمة لها، ومن ثم فإن النعى على الحكم بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير سديد.
4 - ما يثيره الطاعنان بشأن قدرة الطاعن الأول على خنق المجنى عليها، مردود بأن ما أورده الحكم من أدلة على أنه يستعصى على هذا الطاعن إرتكاب هذا الفعل بنفسه، سائغ ومعقول بعد أن تبين من الإصابات التى أثبتها تقرير الصفة التشريحية أن الخنق تم باليدين معا، وقد قطع كبير الأطباء الشرعيين بأن كلا من ذراع الطاعن الأيسر ويده اليسرى معطل عن الاستعمال تماما من شلل قديم يرتد إلى ما قبل الحادث.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح على ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وهى فى ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة، بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت فى وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق.
6 - من المقرر أن من حق المحكمة أن تعول فى تكوين معتقدها على قول متهم آخر متى اطمأنت إليها، وأن لها أن تأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه، كما أن لها أن تجزئ أى دليل ولو كان اعترافا والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
7 - متى كان ما نقله الحكم المطعون فيه بشأن أقوال الطاعنين الأول والثانى والثالثة سواء بمحضر الشرطة أو تحقيق النيابة له صداه وأصله الثابت فى الأوراق، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم بدعوى الخطأ فى الإسناد لا يكون له محل بما تنحل معه منازعتها فى سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة فى الدعوى إلى جدل موضوعى حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى ومصادرتها فى عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لئن كانت النيابة العامة قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم عملا بنص المادة 47 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوما المنصوص عليها فى المادة 34 من هذا القانون، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك أن المشرع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحا إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض فى كل الأحوال متى صدر الحكم حضوريا. وعلى أى الأحوال فان محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده.
9 - إذا كان يبين أعمالا لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دين بها المحكوم عليه بالإعدام وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة قتلوا عمدا مع سبق الإصرار...... بأن بيتوا النية على قتلها واستدرجوها إلى مسكن المتهم الثانى تنفيذا لمقصودهم وقاموا بمهاجمتها وكتم أنفاسها بالضغط بالأيدي على عنقها قاصدين من ذلك قتلها فأصيبت بأسفكسيا الخنق والإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وكان ذلك بقصد سرقة مبلغ مائتى جنيه والمصاغ المبين الوصف القيمة بالتحقيقات للمجنى عليها سالفة الذكر وتم لهم بذلك سرقته منها ومن منزلها وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قررت بإجماع الآراء إحالة الأوراق بالنسبة إلى الطاعنين الثانى والرابع إلى مفتى الجمهورية وأجلت النطق بالحكم لجلسة 28 مارس سنة 1974وبالجلسة الأخيرة قضت حضوريا وبإجماع الآراء عملا بالمواد 230 و231 و234 و317/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين جميعا مع تطبيق المادة 17 من ذلك القانون بالنسبة للمتهمين الأول والثالثة بمعاقبة كل من........ و......... بالإعدام ومعاقبة كل من........ بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض، الثانى والرابع والثالثة والأول ولم يقدم المحكوم عليهما الأول والثانى أسبابا لطعنيهما. وبتاريخ 6 مايو سنة 1974 قدم المحامى عن الطاعنين الثالثة والرابع تقريرا بالأسباب موقعا عليه منه. ثم قدمت الطاعنة الثالثة تقريرا آخر موقعا عليه من المحامى عنها كما عرضت النيابة العامة القضية على المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الأولين......... و......... وإن قررا بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسبابا لطعنيهما فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلا لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثالثة والرابع........ ,....... قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان هذين الطاعنين بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والمرتبط بجنحة سرقة قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد، ذلك بأن الحكم جمع بين ظرفى سبق الإصرار والارتباط بالجنحة فى جريمة القتل العمد ودان الطاعنين بالمواد 230 و231 و234 و317/ 1 من قانون العقوبات مع استحالة الجمع بين المادة 230 التى تستلزم توافر ظرف سبق الاصرار والمادة 234 التى تستلزم انتفاء هذا الظرف وفضلا عن ذلك فان الحكم عاقب الطاعنة الثالثة بوصفها فاعلة أصلية مع أن ما أسند إليها من أفعال لا يتجاوز الاشتراك فى الجريمة بما كان يستتبع نزول المحكمة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التى عاقبتها بها إلى ما دون ذلك فى حدود ما ترسمه المادة 17 من قانون العقوبات التى أعملتها المحكمة ثم ان الحكم قد اضطرب فى إثبات الوقائع التى أوردها فى أكثر من موضع إذ أورد فى مدوناته لدى استعراضه أقوال الطاعن الأول أن الطاعنين الثانى والرابع هما اللذان خرجا بجثة المجنى عليها وألقياها في الطريق ثم عاد فى موضع آخر وأورد أن الطاعنين الأول والرابع هما اللذان قاما بذلك وأورد أيضا أن الطاعنين الثالثة والرابع هما اللذان كانا على علم بشقة المجنى عليها وما تحتويه ورغم ذلك خلص إلى أن الطاعن الثانى هو الذى فتح النملية الموجودة بردهة الشقة وسرق منها مائتى جنيه كما استخلص الحكم من التقرير الطبى الشرعى الموقع على الطاعن الأول ما ينفى عنه ما قاله الطاعن الثانى من أنه الذى خنق المجنى عليها مع أن التقرير انتهى فقط إلى أن جسم الطاعن الأول معطل فى ناحية وسليم فى الناحية الأخرى، وأخيرا فان الحكم المطعون فيه أثبت أن أقوال الطاعن الثانى بمحضر الشرطة جاءت مؤيدة لدور الطاعنة الثالثة مع قيامها مع الطاعن الأول باستدراج المجنى عليها إلى المكان الذى تم فيه قتلها مع أن الطاعن الثانى نسب إلى الطاعنة الثالثة بمحضر الشرطة دور آخر هو قيامها بمساعدة الطاعن الأول فى خنق المجنى عليها بينما يقول الطاعن الأول أن الطاعنة الثالثة اشتركت معه فى عملية الاستدراج وأن الطاعن الثانى هو الذى خنق المجنى عليها. كما أورد الحكم خلافا للثابت بالأوراق أن الطاعنة الثالثة اعترفت بمحضر الشرطة بارتكاب الحادث على النحو الذى ورد بأقوال الطاعن الأول واعترفت بتحقيق النيابة أنها والطاعن الأول قد صحبا المجنى عليها إلى الغرفة التى وقع فيها القتل وأن الطاعنين الأول والثانى اصطحباها إلى حى الصاغة بعد قتلها وسرقة مصاغها. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنين جميعا اتفقوا فيما بينهم على قتل المجني عليها لسرقة بعض أموالها وعهدوا إلى الطاعن الأول والطاعنة الثالثة باستدراج المجني عليها من منزلها إلى غرفة الطاعن الثاني حيث تواجدوا فيها جميعا وقام الطاعن الثاني بخنقها بعد أن أطبق بيديه على عنقها وضغط بشدة بينما أمسك الطاعن الرابع بيدي المجني عليها لشل مقاومتها بينما كانت الطاعنة الثالثة تقف خلف باب الغرفة موصدة إياه يظهرها ثم قام الطاعن الثاني بربط قطعة قماش حول رقبة المجني عليها ليستوثق من الإجهاز عليها وانتزاع ثلاثة أساور ذهبية كانت تتحلى بها المجنى عليها من ساعدها وناولها للطاعنة الثالثة وتوجه الطاعنون الثلاثة الأول إلى شارع الموسكى حيث قام الطاعنان الثانى والثالثة ببيع المصوغات المسروقة إلى....... وبعد أن قام الطاعنون الأول والثانى والرابع بالخلاص من الجثة والقائها بالطريق بعيدا عن الغرفة توجهوا جميعا إلى مسكن المجنى عليها بعد فتحه بمفتاح كانت تحتفظ به المجنى عليها بحقيبة يد كانت تحملها وقت الإجهاز عليها وقام الطاعن الثانى بسرقة مبلغ مائتى جنيه من نملية بردهة الشقة ومذياعا وقام الطاعن الأول بسرقة مذياع آخر ثم توجه الطاعنون الأربعة إلى منزل الطاعن الأخير حيث اقتسموا جميعا النقود المسروقة فيما بينهم وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها مستمدة من اعترافات الطاعنين بمحضر ضبط الواقعة وتحقيقات النيابة ومن مناظرتهم وما جاء بأقوال الشهود والتقارير الطبية والمعاينة وخلص الحكم إلى إدانة الطاعنين جميعا بوصفهم فاعلين أصليين فى ارتكاب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى كان القصد منها ارتكاب جنحة السرقة وأنزل عليهم العقاب المنصوص عليه فى المواد 230 و231 و234 من قانون العقوبات لما كان ذلك، وكان لا يوجد فى القانون ما يحول دون الجمع بين جريمة القتل عمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها فى المادتين 230 و231 من قانون العقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 234 من القانون متى توافرت أركانها، وكان ما أثبته الحكم كافيا بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنة الثالثة مع باقى المتهمين على قتل المجني عليها من معيتهم فى الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعا وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلا منهم قصد الآخر فى إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعنة الثالثة فاعلة أصلية فى الجريمة وفضلا عن ذلك فانه لما كانت العقوبة المقضي بها على هذه الطاعنة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك فإن مجادلتها فيما أثبته الحكم من وصف الجريمة بالنسبة لها باعتبارها فاعلة أصلية لا يكون لها محل ولا مصلحة لها منها ولا يغير من ذلك القول بأن المحكمة قد أخذتها بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذى أعطته للواقعة بالنسبة لها إذ أن تقدير المحكمة للعقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني وما أحاط بها من ظروف لا الوصف القانوني تعطيه المحكمة لها ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير سديد، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين الثانى والرابع حملا الجثة وخرجا بها من الغرفة ولحق بهما الطاعن الأول بعد أن أغلق باب الحجرة ولم يورد فى مدوناته ما يدعيه الطاعن من أن الطاعنين الأول والرابع هما اللذان حملا الجثة وألقياها فى الطريق، وكان ما استخلصه الحكم من أن الطاعن الثانى هو الذى فتح نملية بردهة مسكن المجنى عليها واستولى منها على مبلغ مائتي جنيه لا يتعارض البتة وما حصله من أن الطاعنين الثالثة والرابع بحكم صلتهما بالمجني عليها على علم بشقة المجنى عليها وما تحتويه بعد أن حصل الطاعنين الأربعة كانوا جميعا بداخل الشقة يفتشونها بحثا عما يبغون من مسروقات فان ما ينعاه الطاعنان على الحكم فى هذا الصدد بقالة الفساد فى الاستدلال يكون على غير أساس. أما ما يثيره الطاعنان بشأن قدرة الطاعن الأول على خنق المجنى عليها فمردود بأن ما أورده الحكم من أدلة على أنه يستعصى على هذا الطاعن ارتكاب هذا الفعل بنفسه سائغ ومعقول بعد أن تبين من الإصابات التي أثبتها تقرير الصفة التشريحية أن الخنق تم باليدين معا وقد قطع كبير الأطباء الشرعيين بأن كلا من ذراع الطاعن الأيسر ويده اليسرى معطل عن الاستعمال تماما من شلل قديم يرتد إلى ما قبل الحادث. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق وهى فى ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت فى وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، وكان من المقرر أن من حق المحكمة أن تعول فى تكوين معتقدها على قول متهم آخر متى اطمأنت إليها وأن لها أن تأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه كما أن لها أن تجزئ أي دليل ولو كان اعترافا والأخذ بما تطمئن إليه واطراح ما عداه. لما كان ذلك، وكان ما نقله الحكم المطعون فيه بشأن أقوال الطاعنين الأول والثانى والثالثة سواء بمحضر الشرطة أو تحقيق النيابة له صداه وأصله الثابت فى الأوراق فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم بدعوى الخطأ فى الإسناد لا يكون له محل بما تنحل معه منازعتها فى سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة فى الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى ومصادرتها فى عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا. وحيث أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم عملا بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوما المنصوص عليها فى المادة 34 من هذا القانون إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحا إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض فى كل الأحوال متى صدر الحكم حضوريا. وعلى أى الأحوال فان محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. لما كان ذلك، وكان يبين إعمالا لنص المادة 35 من القانون المذكور أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دين بها المحكوم عليهما بالإعدام بها وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.


[(*)] نفس المبدأ بالنسبة 19ع 2ص 75.

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 798

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1974

برئاسة المستشار السيد/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين السادة: أنور أحمد خلف، وحسن على المغربى، ومحمد عبد الواحد الديب، وعادل برهان نور.

(172)
الطعن رقم 1019 لسنة 44 القضائية

(1) قتل عمد. سبق إصرار. قصد جنائي. ارتباط. سرقة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجمع بين جريمة القتل عمدا مع سبق الإصرار. وجريمة القتل عمدا المرتبط بجنحة. لا يخالف القانون.
(2) فاعل أصلى. شريك. قتل عمد. قصد جنائى. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى يعد المتهم فاعلا أصليا فى الجريمة ؟
(3) عقوبة. "العقوبة المبررة". "تقدير العقوبة". فاعل أصلى. شريك. وصف التهمة. نقض. "المصلحة فى الطعن".
عدم جدوى النعى على الحكم تغير صفة المتهم من شريك فى الجريمة إلى فاعل أصلى فيها. ما دام أنه عاقب الطاعن بالعقوبة المقررة للشريك.
تقدير العقوبة. مرده الواقعة الجنائية وما أحاط بها من ظروف. لا الوصف القانونى لها.
(4) إثبات. "خبرة. بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
إنتهاء المحكمة إلى عدم قدرة أحد المتهمين على ارتكاب القتل وحده. استنادا إلى تقرير طبى يؤيد ذلك. كفايته ردا على قالة ارتكاب ذلك المتهم الجريمة وحده.
(5) محكمة الموضوع. "سلتطها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. من سائر العناصر المطروحة على بساط البحث. منوط بمحكمة الموضوع. ما دام سائغا فى العقل والمنطق.
(6) إثبات. "إعتراف". "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأخذ بقول متهم. دليلا على آخر. صحيح فى القانون.
التعويل على اعتراف المتهم. فى أى دور من أدوار التحقيق. ولو عدل عنه. مرجعه إلى محكمة الموضوع.
تجزئة الدليل. ولو كان اعترافا. حق لمحكمة الموضوع.
(7) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". "شهادة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول النعى على الحكم خطأه فى الإسناد. متى أقيم على ماله أصل فى الأوراق.
(8 و9) عقوبة. إعدام. نقض. "إتصال المحكمة بالدعوى". محكمة النقض. "سلطتها فى إقرار حكم الإعدام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(8) الميعاد المنصوص عليه فى المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 – تنظيمى.
إتصال محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 من القانون المذكور (9) متى يتعين إقرار الحكم الصادر بالإعدام.
1 - لا يوجد فى القانون ما يحول دون الجمع بين جريمة القتل عمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها فى المادتين 230 و231 من قانون العقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 234 من القانون، متى توافرت أركانها.
2 - متى كان ما أثبته الحكم كافيا بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنة الثالثة مع باقى المتهمين على قتل المجنى عليها من معيتهم فى الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعا وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلا منهم قصد الآخر فى إيقاعها، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعنة المذكورة فاعلة أصلية فى الجريمة.
3 - إذا كانت العقوبة المقضى بها على الطاعنة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك، فإن مجادلتها فيما أثبته الحكم من وصف الجريمة بالنسبة لها باعتبارها فاعلة أصلية لا يكون له محل، ولا مصلحة لها منها، ولا يغير من ذلك القول بأن المحكمة قد أخذتها بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذى أعطته للواقعة بالنسبة لها، إذ أن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التى قارفها الجانى وما أحاط بها من ظروف لا الوصف القانونى الذى تعطيه المحكمة لها، ومن ثم فإن النعى على الحكم بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير سديد.
4 - ما يثيره الطاعنان بشأن قدرة الطاعن الأول على خنق المجنى عليها، مردود بأن ما أورده الحكم من أدلة على أنه يستعصى على هذا الطاعن إرتكاب هذا الفعل بنفسه، سائغ ومعقول بعد أن تبين من الإصابات التى أثبتها تقرير الصفة التشريحية أن الخنق تم باليدين معا، وقد قطع كبير الأطباء الشرعيين بأن كلا من ذراع الطاعن الأيسر ويده اليسرى معطل عن الاستعمال تماما من شلل قديم يرتد إلى ما قبل الحادث.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح على ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وهى فى ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة، بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت فى وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق.
6 - من المقرر أن من حق المحكمة أن تعول فى تكوين معتقدها على قول متهم آخر متى اطمأنت إليها، وأن لها أن تأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه، كما أن لها أن تجزئ أى دليل ولو كان اعترافا والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
7 - متى كان ما نقله الحكم المطعون فيه بشأن أقوال الطاعنين الأول والثانى والثالثة سواء بمحضر الشرطة أو تحقيق النيابة له صداه وأصله الثابت فى الأوراق، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم بدعوى الخطأ فى الإسناد لا يكون له محل بما تنحل معه منازعتها فى سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة فى الدعوى إلى جدل موضوعى حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى ومصادرتها فى عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لئن كانت النيابة العامة قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم عملا بنص المادة 47 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوما المنصوص عليها فى المادة 34 من هذا القانون، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك أن المشرع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحا إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض فى كل الأحوال متى صدر الحكم حضوريا. وعلى أى الأحوال فان محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده.
9 - إذا كان يبين أعمالا لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دين بها المحكوم عليه بالإعدام وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة قتلوا عمدا مع سبق الإصرار...... بأن بيتوا النية على قتلها واستدرجوها إلى مسكن المتهم الثانى تنفيذا لمقصودهم وقاموا بمهاجمتها وكتم أنفاسها بالضغط بالأيدي على عنقها قاصدين من ذلك قتلها فأصيبت بأسفكسيا الخنق والإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وكان ذلك بقصد سرقة مبلغ مائتى جنيه والمصاغ المبين الوصف القيمة بالتحقيقات للمجنى عليها سالفة الذكر وتم لهم بذلك سرقته منها ومن منزلها وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قررت بإجماع الآراء إحالة الأوراق بالنسبة إلى الطاعنين الثانى والرابع إلى مفتى الجمهورية وأجلت النطق بالحكم لجلسة 28 مارس سنة 1974وبالجلسة الأخيرة قضت حضوريا وبإجماع الآراء عملا بالمواد 230 و231 و234 و317/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين جميعا مع تطبيق المادة 17 من ذلك القانون بالنسبة للمتهمين الأول والثالثة بمعاقبة كل من........ و......... بالإعدام ومعاقبة كل من........ بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض، الثانى والرابع والثالثة والأول ولم يقدم المحكوم عليهما الأول والثانى أسبابا لطعنيهما. وبتاريخ 6 مايو سنة 1974 قدم المحامى عن الطاعنين الثالثة والرابع تقريرا بالأسباب موقعا عليه منه. ثم قدمت الطاعنة الثالثة تقريرا آخر موقعا عليه من المحامى عنها كما عرضت النيابة العامة القضية على المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الأولين......... و......... وإن قررا بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسبابا لطعنيهما فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلا لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثالثة والرابع........ ,....... قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان هذين الطاعنين بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والمرتبط بجنحة سرقة قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد، ذلك بأن الحكم جمع بين ظرفى سبق الإصرار والارتباط بالجنحة فى جريمة القتل العمد ودان الطاعنين بالمواد 230 و231 و234 و317/ 1 من قانون العقوبات مع استحالة الجمع بين المادة 230 التى تستلزم توافر ظرف سبق الاصرار والمادة 234 التى تستلزم انتفاء هذا الظرف وفضلا عن ذلك فان الحكم عاقب الطاعنة الثالثة بوصفها فاعلة أصلية مع أن ما أسند إليها من أفعال لا يتجاوز الاشتراك فى الجريمة بما كان يستتبع نزول المحكمة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التى عاقبتها بها إلى ما دون ذلك فى حدود ما ترسمه المادة 17 من قانون العقوبات التى أعملتها المحكمة ثم ان الحكم قد اضطرب فى إثبات الوقائع التى أوردها فى أكثر من موضع إذ أورد فى مدوناته لدى استعراضه أقوال الطاعن الأول أن الطاعنين الثانى والرابع هما اللذان خرجا بجثة المجنى عليها وألقياها في الطريق ثم عاد فى موضع آخر وأورد أن الطاعنين الأول والرابع هما اللذان قاما بذلك وأورد أيضا أن الطاعنين الثالثة والرابع هما اللذان كانا على علم بشقة المجنى عليها وما تحتويه ورغم ذلك خلص إلى أن الطاعن الثانى هو الذى فتح النملية الموجودة بردهة الشقة وسرق منها مائتى جنيه كما استخلص الحكم من التقرير الطبى الشرعى الموقع على الطاعن الأول ما ينفى عنه ما قاله الطاعن الثانى من أنه الذى خنق المجنى عليها مع أن التقرير انتهى فقط إلى أن جسم الطاعن الأول معطل فى ناحية وسليم فى الناحية الأخرى، وأخيرا فان الحكم المطعون فيه أثبت أن أقوال الطاعن الثانى بمحضر الشرطة جاءت مؤيدة لدور الطاعنة الثالثة مع قيامها مع الطاعن الأول باستدراج المجنى عليها إلى المكان الذى تم فيه قتلها مع أن الطاعن الثانى نسب إلى الطاعنة الثالثة بمحضر الشرطة دور آخر هو قيامها بمساعدة الطاعن الأول فى خنق المجنى عليها بينما يقول الطاعن الأول أن الطاعنة الثالثة اشتركت معه فى عملية الاستدراج وأن الطاعن الثانى هو الذى خنق المجنى عليها. كما أورد الحكم خلافا للثابت بالأوراق أن الطاعنة الثالثة اعترفت بمحضر الشرطة بارتكاب الحادث على النحو الذى ورد بأقوال الطاعن الأول واعترفت بتحقيق النيابة أنها والطاعن الأول قد صحبا المجنى عليها إلى الغرفة التى وقع فيها القتل وأن الطاعنين الأول والثانى اصطحباها إلى حى الصاغة بعد قتلها وسرقة مصاغها. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنين جميعا اتفقوا فيما بينهم على قتل المجني عليها لسرقة بعض أموالها وعهدوا إلى الطاعن الأول والطاعنة الثالثة باستدراج المجني عليها من منزلها إلى غرفة الطاعن الثاني حيث تواجدوا فيها جميعا وقام الطاعن الثاني بخنقها بعد أن أطبق بيديه على عنقها وضغط بشدة بينما أمسك الطاعن الرابع بيدي المجني عليها لشل مقاومتها بينما كانت الطاعنة الثالثة تقف خلف باب الغرفة موصدة إياه يظهرها ثم قام الطاعن الثاني بربط قطعة قماش حول رقبة المجني عليها ليستوثق من الإجهاز عليها وانتزاع ثلاثة أساور ذهبية كانت تتحلى بها المجنى عليها من ساعدها وناولها للطاعنة الثالثة وتوجه الطاعنون الثلاثة الأول إلى شارع الموسكى حيث قام الطاعنان الثانى والثالثة ببيع المصوغات المسروقة إلى....... وبعد أن قام الطاعنون الأول والثانى والرابع بالخلاص من الجثة والقائها بالطريق بعيدا عن الغرفة توجهوا جميعا إلى مسكن المجنى عليها بعد فتحه بمفتاح كانت تحتفظ به المجنى عليها بحقيبة يد كانت تحملها وقت الإجهاز عليها وقام الطاعن الثانى بسرقة مبلغ مائتى جنيه من نملية بردهة الشقة ومذياعا وقام الطاعن الأول بسرقة مذياع آخر ثم توجه الطاعنون الأربعة إلى منزل الطاعن الأخير حيث اقتسموا جميعا النقود المسروقة فيما بينهم وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها مستمدة من اعترافات الطاعنين بمحضر ضبط الواقعة وتحقيقات النيابة ومن مناظرتهم وما جاء بأقوال الشهود والتقارير الطبية والمعاينة وخلص الحكم إلى إدانة الطاعنين جميعا بوصفهم فاعلين أصليين فى ارتكاب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى كان القصد منها ارتكاب جنحة السرقة وأنزل عليهم العقاب المنصوص عليه فى المواد 230 و231 و234 من قانون العقوبات لما كان ذلك، وكان لا يوجد فى القانون ما يحول دون الجمع بين جريمة القتل عمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها فى المادتين 230 و231 من قانون العقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 234 من القانون متى توافرت أركانها، وكان ما أثبته الحكم كافيا بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنة الثالثة مع باقى المتهمين على قتل المجني عليها من معيتهم فى الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعا وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلا منهم قصد الآخر فى إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعنة الثالثة فاعلة أصلية فى الجريمة وفضلا عن ذلك فانه لما كانت العقوبة المقضي بها على هذه الطاعنة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك فإن مجادلتها فيما أثبته الحكم من وصف الجريمة بالنسبة لها باعتبارها فاعلة أصلية لا يكون لها محل ولا مصلحة لها منها ولا يغير من ذلك القول بأن المحكمة قد أخذتها بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذى أعطته للواقعة بالنسبة لها إذ أن تقدير المحكمة للعقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني وما أحاط بها من ظروف لا الوصف القانوني تعطيه المحكمة لها ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير سديد، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين الثانى والرابع حملا الجثة وخرجا بها من الغرفة ولحق بهما الطاعن الأول بعد أن أغلق باب الحجرة ولم يورد فى مدوناته ما يدعيه الطاعن من أن الطاعنين الأول والرابع هما اللذان حملا الجثة وألقياها فى الطريق، وكان ما استخلصه الحكم من أن الطاعن الثانى هو الذى فتح نملية بردهة مسكن المجنى عليها واستولى منها على مبلغ مائتي جنيه لا يتعارض البتة وما حصله من أن الطاعنين الثالثة والرابع بحكم صلتهما بالمجني عليها على علم بشقة المجنى عليها وما تحتويه بعد أن حصل الطاعنين الأربعة كانوا جميعا بداخل الشقة يفتشونها بحثا عما يبغون من مسروقات فان ما ينعاه الطاعنان على الحكم فى هذا الصدد بقالة الفساد فى الاستدلال يكون على غير أساس. أما ما يثيره الطاعنان بشأن قدرة الطاعن الأول على خنق المجنى عليها فمردود بأن ما أورده الحكم من أدلة على أنه يستعصى على هذا الطاعن ارتكاب هذا الفعل بنفسه سائغ ومعقول بعد أن تبين من الإصابات التي أثبتها تقرير الصفة التشريحية أن الخنق تم باليدين معا وقد قطع كبير الأطباء الشرعيين بأن كلا من ذراع الطاعن الأيسر ويده اليسرى معطل عن الاستعمال تماما من شلل قديم يرتد إلى ما قبل الحادث. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق وهى فى ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت فى وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، وكان من المقرر أن من حق المحكمة أن تعول فى تكوين معتقدها على قول متهم آخر متى اطمأنت إليها وأن لها أن تأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه كما أن لها أن تجزئ أي دليل ولو كان اعترافا والأخذ بما تطمئن إليه واطراح ما عداه. لما كان ذلك، وكان ما نقله الحكم المطعون فيه بشأن أقوال الطاعنين الأول والثانى والثالثة سواء بمحضر الشرطة أو تحقيق النيابة له صداه وأصله الثابت فى الأوراق فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم بدعوى الخطأ فى الإسناد لا يكون له محل بما تنحل معه منازعتها فى سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة فى الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى ومصادرتها فى عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا. وحيث أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم عملا بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوما المنصوص عليها فى المادة 34 من هذا القانون إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحا إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض فى كل الأحوال متى صدر الحكم حضوريا. وعلى أى الأحوال فان محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. لما كان ذلك، وكان يبين إعمالا لنص المادة 35 من القانون المذكور أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دين بها المحكوم عليهما بالإعدام بها وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.


[(*)] نفس المبدأ بالنسبة 19ع 2ص 75.