أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 436

جلسة 27 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

(82)
الطعن رقم 2084 لسنة 36 القضائية

ربا فاحش. إثبات. " إثبات بوجه عام".
عقد القرض بالربا الفاحش لا ينفك عن جريمة الربا التي تنشأ منه وتلازمه. اعتباره في جملته واقعة واحدة يتكون منها الفعل الجنائي المعاقب عليه. جواز إثباتها وإثبات الاعتياد عليها بكافة طرق الإثبات.
إن عقد القرض بالربا الفاحش لا ينفك عن جريمة الربا لأنها تنشأ منه وتلازمه، فعقود القرض بهذه المثابة تعتبر في جملتها واقعة واحدة ومنها يتكون الفعل الجنائي المعاقب عليه بمقتضى المادة 339/ 3 من قانون العقوبات فتجري عليها ما يجري على نظائرها من المسائل الجنائية من طرق الإثبات ويجوز إذن إثباتها وإثبات الاعتياد عليها بكافة الطرق القانونية دون ما قيد على ذلك من القيود الخاصة بالإثبات في المواد المدنية فلا يلزم من بعد توافر القرائن القوية التي تعزز الادعاء بأن الدليل الكتابي يتضمن تحايلا على القانون أو مخالفة للنظام العام حتى يجوز الإثبات بالبينة والقرائن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 25 مارس سنة 1965 بدائرة قسم قصر النيل: اعتادت على إقراض نقود تزيد عن الحد الأقصى الممكن الإتفاق عليه. وطلبت عقابها بالمادة 339/ 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح قصر النيل الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 24 يونيه سنة 1965 عملا بمواد الاتهام بحبس المتهمة سنتين مع الشغل وكفالة 100 ج وتغريمها 100 ج بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت المتهمة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة إستئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة الحبس وتأييده فيما قضى به من عقوبة الغرامة. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الاعتياد على إقراض نقود بفائدة تزيد عن الحد الأقصى للفائدة الممكن الإتفاق عليها قانونا قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه القصور والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استند في قضائه برفض الدفع المبدي من الطاعنة بعدم جواز الإثبات بالبينة على أن واقعة الإقراض بالربا الفاحش تكون ذات الركن المادي للجريمة فيجوز إثباتها بكافة الطرق مع أن الركن المادي لجريمة الاعتياد إنما يتكون من ثبوت الاعتياد على الإقراض بربا فاحش لا من مجرد القرض الربوي الذي لا يعدو أن يكون تصرفا مدنيا يخضع لقواعد الإثبات المدنية التي لا تجيز إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة بالبينة إلا إذا كان السند الكتابي ينطوي على أمور غير مشروعة أو تحايلا على القانون وبشرط توافر قرائن قوية دالة عليه وتنبئ عن أن الظاهر يخالف القانون، وعلى الرغم من أن الدفاع عن الطاعنة قد تمسك أمام محكمة الدرجة الثانية بأن قرائن الأحوال في الدعوى تكشف عن كذب المقترضين وأنهم إنما يكيدون للطاعنة، فإن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد على هذا الدفاع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان الطاعنة بها عرض للدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة ورد عليه في قوله. " ومن حيث إنه من المقرر قانونا أن واقعة الإقراض بربا فاحش هي نفس الركن المادي المكون للجريمة ولذلك فإنها تثبت بكل الطرق ولو بشهادة الشهود طبقا للقاعدة العامة في الإثبات الجنائي فالأدلة إقناعية في القانون الجنائي ولا تسري في هذه الحالة قواعد الإثبات المدنية ". وما انتهى إليه الحكم من جواز الإثبات بالبينة سديد في القانون، ذلك بأن عقد الإقراض بالربا الفاحش لا ينفك عن جريمة الربا فهي تنشأ منه وتلازمه وهو بهذه المثابة يعتبر في جملته واقعة واحدة ومنها يتكون الفعل الجنائي المعاقب عليه بمقتضى المادة 339/ 3 من قانون العقوبات فتجري عليها ما يجري على نظائرها من المسائل الجنائية من طرق الإثبات ويجوز إذن إثباتها وإثبات الاعتياد عليها بكافة الطرق القانونية دون ما قيد على ذلك من القيود الخاصة بالإثبات في المواد المدنية فلا يلزم - من بعد - توافر القرائن القوية التي تعزز الإدعاء بأن الدليل الكتابي يتضمن تحايلا على القانون أو مخالفة للنظام العام حتى يجوز الإثبات بالبينة والقرائن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعنة استنادا إلى أقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها ووثق بها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير أن تكون مطالبة ببيان أسباب ذلك وهي غير ملزمة من بعد بأن تتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وحسبها في هذا الشأن أن تقيم الأدلة على مقارفته للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها كما هو الحال في هذه الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.